أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - تحسين الفردوسي - فوبيا العين














المزيد.....

فوبيا العين


تحسين الفردوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 25 - 22:09
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


فوبيا العين

تحسين الفردوسي



للعين أمنيةٌ ليست صعبةٌ, لكنها مستحيلةٌ! لأن نظراتها ترفد القلب, بما يدمي أو ينعش؛ كلُ أملها أن لا تقرأ خبراً, يجعل غيوم الدمع تحجب الرؤيا عنها, أو ترى منظراً من شدةِ هولهِ تختبئ‘ بجفنها كي لا تراه .
غفت العين المتعبة, متوسدةً رموشها الرطبة, إثر نزف دمعها السرمدي, أبحرت وهي منهكة, لعلها تجد ما يعيد لها كلَّ ألوانها, أو تعثر على نهر الرفاهيةِ, الذي تغتسل فيهِ غسل الكرامةِ والشموخ, لكنها حطت رحالها في مدينةٍ غريبة الأطوار, فاقدةَ الأسوار.

عند دخولها تلك المدينةِ, حلَّ الظلام في وسط النهار, من غير كسوفٍ يذكر؛ فسرعان ما أنتقل بها الفضول بين أزقةَ تلك المدينة, التي كان حمام السلام فيها, غربان شرٍ, قد صبغوا ريشها باللون الأبيض, ليوهمُ الناس بسلامها, عندها أخذت عيني, ترى العجب تلوى العجب.
كانت مدارسهم لها خوارٌ, والصبيةَ في هذهِ المدينةِ, يلعبون بالرصاص ويقفزون على النار, والنساء يتعطرنَ بالبارود, ويتخضبنَ بدماءِ القتلى, رأت الأطباء يكنسون الشوارع بزيهم, والذين يكنسون الشوارع, ذهبوا ليسرقوا أحشاءَ المرضى, ليتاجروا بها, والأسواق تعجُ بالبائعين ولا يوجد من يشتري, وتتعالى فيها أصواتهم: هنا كبدٌ, هنا قلبٌ, هنا عقلٌ, هنا ضميرٌ.
رأت شرطياً عجباً, يمنح القاتل رخصةَ حمل السلاح, ويزج المقتول بالسجن المؤبد, في حين الضابط يقف متحيراً, أمام أربطةِ بسطالهِ, عاجزاً عن فكِ رموزها؛ ومجرمين محترمين يشيعون جريمتهم, ويتباكون عليها,
في المحكمةِ رأت عيني, ميزان العدالةِ بكفةٍ واحدةٍ, والكفة الأخرى بيدِ القاضي, الذي كان قرصان بحرٍ متمرد, وسفارات المقابر تكتظ بالصفاتِ الحميدةِ, التي تطالب بالهجرةِ أو طلب اللجوءِ لها.
رأت كلاباً غير جائعةً, ينبشون القبور ويخرجون الرفات, ويلعبون بالجماجم؛ وفي نواديهم أشباه رجالٍ, يحتسون بكؤوسِ جماجم الصبيةَ, التي خمروا أجسادهم ليحتسوا من دمهم, ونساءً يرقصنَ بالعلن, من دون سترٍ أو ورع, ونساءً في حجابهنَّ كالنعامةِ, تخفي رأسها وتلقي جسمها خارجاً.
رأت عيني أُناساً, يأكلون بعضهم بعضاً, ويأنسونَ لذلك, ويشربونَ من نهرٍ أحمرٍ, قد صبغوهُ بدمائهم, ولا يدفنونَ جثثهم, فهي إما تحرق أو تغرق.
أعتلى المشاهدين خشبةَ المسرح, والممثلين جلسوا ليتفرجوا, ودخل المشجعين إلى الملعب, و وقف اللاعبين على المدرجات يهتفوا لهم, والمساجد علقت شهادةً مبتورةً, كتب فيها (لا إله), وبغبائهم يكبرون, وإلى أرذلهم يأتمرون.

رأت عيني عرسَ جنازةٍ, وفلاحاً يحرثُ أرضَ عمرهِ, لينثرَ فيها بذورَ الصبر لكي يحصد الأمل, فيبيعهُ في سوق اليأس.
في نهايةِ تلكَ المدينة, أدركت عيني أنها سجينةَ أحلام اليقظة.



#تحسين_الفردوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقم العربي الأشتراكي


المزيد.....




- متى تحين جنازة حسن نصرالله ومن يقود حزب الله وسط الحرب؟ أسئل ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر جديدة بإخلاء قرى جنوب لبنان
- إيران تلغي الرحلات الجوية الليلية وسط ترقب لرد إسرائيلي محتم ...
- ميقاتي: رهاننا كان ولا يزال على الحل الدبلوماسي
- -لن أذهب إلى كانوسا-.. هكذا رد الرئيس الجزائري على الزيارة ا ...
- إخماد حريق مساحته 700 متر مربع في مركز تسوق بمدينة كاسبيسك ا ...
- الجيش الإسرائيلي يُفجِّر مسجدا في جنوب لبنان
- انطلاق مهرجان الصيد الدولي في قيرغيزستان
- عام على 7 أكتوبر/تشرين الأول: ما الكلفة الإنسانية التي تكبدت ...
- روايات جديدة تكشف كيف سقطت القاعدة الإسرائيلية بيد حماس في 7 ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - تحسين الفردوسي - فوبيا العين