أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رهان القيمري - اللامساواة الاجتماعية الطبقية في المجتمع الفلسطيني















المزيد.....



اللامساواة الاجتماعية الطبقية في المجتمع الفلسطيني


رهان القيمري

الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 20:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


-;- اللامساواة الاجتماعية الطبقية في المجتمع الفلسطيني :
مقدمة :
انطلاقا من أن الانقسامات الطبقية التي تشكل مولداً رئيسياً للامساواة في المجتمع ،أكد الصوراني في كتابه التحولات الاجتماعية والطبقية في الضفة الغربية وقطاع غزة على أن فهم بنية الضفة الغربية وغزة يعود لركيزتين ،
وهما : التوزيع الديموغرافي والطبقات الاجتماعية ، حيث يعتبر في فلسطين لا يوجد طبقات واضحة ( عدم تبلور طبقي محدد وواضح ) والذي سماها بحالة السيولة الطبقية ، وكل ما هناك نخب مسيطرة ومسيطر عليها نشأت في ظل أوضاع اجتماعية طبقية غير مستقرة وغير ثابتة أوجدها الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة ، فالأحداث والمتغيرات والتطورات التي واكبت تطور مجتمعنا الفلسطيني تفرض علينا أن نأخذ بعين الاعتبار هذه الخصوصية ، لأنها كانت عاملا أساسيا من عوامل تشوه وتميع الوضع الطبقي الفلسطيني والتي من خلالها تزايدت فيها عوامل الانقسام المجتمعي الفلسطيني وتراجعت فيها عوامل وحدته الجغرافية وهويته الوطنية علاوة على تراجع امكانية ولادة دولة فلسطينية مستقلة طالما بقيت هذه العوامل والظروف الفلسطينية وعلى حالها الراهن . ويؤكد البروفيسور جلبير الأشقر على أن المجتمع الفلسطيني في الضفة وغزة هو مجتمع نتج عن الاقتلاع الجزئي الذي نتج من هذه الأحداث والمتغيرات والتطورات ابتداءاً من النكبة الأولى عام 1948، التي شردت الشعب الفلسطيني ودمرت قاعدته الإنتاجية -التي وُصفت بالشبه الإقطاعية /شبه القبلية/شبه الرأسمالية آنذاك - ومجمل بنيته الطبقية والمجتمعية ، ثم ضم وإلحاق الضفة الفلسطينية إلى الأردن لتصبح جزءا من اقتصاده ومجتمعه ، ووضع قطاع غزة تحت الوصاية المصرية ، وتكريس التباعد الجغرافي والسياسي بينهما الذي عمق التباعد الاجتماعي-الاقتصادي بين أبناء الشعب الواحد حتى الاحتلال عام 1967 ، الذي قام بإلحاق اقتصاد كل من الضفة والقطاع بالاقتصاد الإسرائيلي ، وتكريس التباعد الجغرافي والسياسي بينهما الذي عمق التباعد الاجتماعي-الاقتصادي بين أبناء الشعب الواحد حتى الاحتلال عام 1967 ، الذي قام بإلحاق اقتصاد كل من الضفة والقطاع بالاقتصاد الإسرائيلي ، ومنذ توقيع اتفاق باريس الاقتصادي (نيسان 1994) يعيش الاقتصاد الفلسطيني حالة من التبعية الكاملة –من حيث السوق والوحدة الجمركية والأسعار- للاقتصاد الإسرائيلي، إلى جانب ما سيتعرض له من المزيد من عوامل الضعف والانكشاف الناجمة عن خطة الفصل أو اعادة الانتشار من قطاع غزة الذي أدى الى خلق كيانين اقتصاديين منفصلين في كل من الضفة والقطاع عند نشوء حالة الانقسام والصراع عام 2007 بين فتح وحماس في ظل الاحتلال الذي ساهم في زعزعة وتفكيك وإضعاف وعي الشعب الفلسطيني بأفكاره التوحيديه الوطنية . وما سينتج عن ذلك من علاقات وأوضاع اجتماعية تتزايد فيها عوامل الانقسام المجتمعي الفلسطيني وتتراجع عبرها عوامل وحدته الجغرافية وهويته الوطنية علاوة على تراجع امكانية ولادة دولة مستقلة طالما بقيت هذه العوامل والظروف الفلسطينية على حالها الراهن. (الصوراني ، 2010 ، ص9-28)
وكل هذه المؤشرات تقود إلى تحديد الطبيعة / البنية الطبقية في فلسطين ، بأنها طبيعة مملوءة بالتعقيدات النظرية إلى جانب التعقيدات في مكوناتها، أو خارطتها الطبقية .
ومن هنا نشير إلى أن البنية الاجتماعية الفلسطينية تُعتبر هي بنية متعددة المظاهر والأشكال داخل النمط الرأسمالي التابع ، فهي غير مستقلة في لحظة نشوئها وصيرورتها ،وبالتالي فهذه البنية خاضعة لنظام إمبريالي عالمي يُحكِم ضبطها في وضعية كولونيالية مع استعمار استيطاني اسرائيلي ، شتّت أفراد هذه البنية ومنعت تشكّل دولتها المستقلة ، الأمر الذي دمّر كل مرتكزات البنية العامة ، شعباً ودولةً وجغرافية ، باعتبارها من أهم الأسس لبناء الدولة ، فأصبح من غير الممكن تشكيل الدولة الفلسطينية ولذلك فعند التحليل الداخلي أو الطبقي في مجتمعنا الفلسطيني نجد بأن هنالك بنية اجتماعية طبقية مشوهة ومتميعة امتزجت فيها كل الانماط /العلاقات الاجتماعية القديمة والمستحدثة داخلها (المرتبطة بالمظاهر الحداثية ) معاً ، والتي انتجتها عوامل خارجية و داخلية مهيمنة ، حيث كرس داخله تقاطب طبقي من خلال فرز / بلورة طبقات بالمعنى الحقيقي ، أي "طبقات بذاتها" تستطيع التعبير عن مصالحها الاقتصادية و السياسية ، و تدافع عنها ككتلة طبقية موحدة مدركة لوجودها الموضوعي استمرار سيطرة الأنماط القديمة عليها ، مما ساهم ذلك في نشوء نخب طبقية بيروقراطية- كمبرادوية زادت فيها حالة من الاستبداد والقمع والركود الاقتصادي والسلوكيات الأنانية التي تتسم بمفاهيم الصراع والمصالح وبالثروات الشخصية على قاعدة أن السلطة الفلسطينية هي مصدر الثروة وليست مصدراً للنظام والقانون والعدالة، وتزايدت الولاءات الشخصية والعشائرية ، إضافة إلى العجز الفاضح في تحقيق الحد الأدنى من النظام الداخلي و التماسك المجتمعي وهذا يبدو واضحا اليوم من خلال استمرار وجود و تأثير العلاقات الحمائلية و العائلية والطائفية ، و العلاقات شبه الإقطاعية التي اختلطت بالعلاقات الاجتماعية الرأسمالية الحديثة _ أي نمو شرائح اجتماعية جديدة تتمتع بإمتيازات اقتصادية وبنفوذ سياسي _ وبالتالي فإن الحديث عن هذا المزيج أو التشكل الطبقي المشوه و السائد داخله دل على وجود مجتمع شبه "رأسمالي شبه قبلي شبه اقطاعي" غير متساوِ اجتماعيا و الذي أنتج ما يسمى بظاهرة " المجتمع العصبوي " الذي يقوم على إعادة تأكيد الانتماء إلى العائلة أو العشيرة ، أو "الجهاز" أو "العصابة" نتيجة انعدام الدور القوي للدولة أو السلطة المركزية .وبالتالي فالتركيبة الطبقية الفلسطينية لم تتبلور بصورة نهائية بعد ، بسبب استمرار التداخل و التقاطع للأشكال الحديثة للتقسيم الاجتماعي للعمل ، مع الأشكال القديمة المتوارثة .
ففي كتاب غازي الصوراني المشهد الفلسطيني الراهن الذي تناول فيه متابعة التركيب الطبقي الاجتماعي لفلسطين ورصد من خلاله أوضاع الطبقات الاجتماعية المختلفة ( البرجوازية الكبيرة و البرجوازية الصغيرة أو ما يطلق عليها البرجوازية المتوسطة إلى جانب طبقيتي العمال والفلاحين ) في الضفة الغربية وقطاع غزة وما طرأ عليها من تحولات منذ عام 1967 حتى يومنا ويشير الصواني في هذ الكتاب ، وانعكاسات ذلك على المجتمع الفلسطيني. ( الصواني ،2011،ص82)
فقد أكد الصوراني في هذا الكتاب بأن إطار العلاقات الرأسمالية الظاهرية ، هو في حقيقته إطارا شبه رأسمالي يحمل في ثناياه العديد من ملامح القديم بما يعيق عملية الفرز الطبقي المحدد داخل التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية الفلسطينية القائمة ، التي ما زالت عملية غير مكتملة بل ومشوهه على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والأيديولوجية ، نظرا لهذا التداخل أو التشابك في العلاقات الاجتماعية الاقتصادية وفي العديد من الطبقات والفئات الاجتماعية ، ونظرا لأن فئات واسعة من السكان في المجتمع الفلسطيني لا تزال تعيش أوضاع انتقالية بحيث لم يتحدد انتماؤها الطبقي تحديدا مستقرا ونهائيا ، حيث نلاحظ أن معظم الأثرياء الجدد (أفرادا وجماعات) مرتبكين بين انتماءاتهم الطبقية-الاجتماعية في سياق تجربتهم الوطنية السابقة ، وبين أوضاعهم الطارئة الثرية المحدثة / الحداثية ، لا يشعرون باستقرارهم ، كما لا يشعرون بعمق انتماءهم الجديد ، فالمتغيرات الراهنة والقادمة هي التي تحدد دورهم بالمعنى الاجتماعي و الاقتصادي والسياسي ، كما ستحدد مستقبلهم أن كان لهؤلاء ثمة مستقبل.فصورة التحول الطبقي تتضح في ما يتحدث الصوراني عن الطبقات الحداثية المرتبطة بالتمويل الدولي كالطبقة البرجوازية بشرائحها المختلفة (كومبرادورية ، عقارية صناعية مصرفية ، طفيلية ، ريفية) في فلسطين ولهذا فهي تُعتبر برجوازية رثة تهيمن عليها شريحة الكمبرادور التي استغلت موقعها فأثرت وصارت جزءاً من البرجوازية المرتبطة مصالحها بمصالح الاحتلال ، وهي طبقة غير متبلورة ، اتخذت في فلسطين سياقا أو إطارا بحكم تبعيتها صورة مغايرة للبرجوازية الأوروبية ، ولهذا فهي موجودة في فلسطين بصورة برجوازية رأسمالية رثة والتي استغلت موقعها للمحافظة على التمويل الدولي وهي على شكل شريحة بنكهة الطبقة الوسطى ولكنها لا تتمتع بوعي الطبقة الوسطى للتغيير نحو العدالة الاجتماعية ، حيث ولدت كما غيرها من الطبقات الحديثة في أحضان الأنماط والعلاقات ما قبل الرأسمالية ، وبالتالي فليس مستغربا أن لا تتطلع هذه الشرائح الرأسمالية البرجوازية إلى دور قيادي في عملية التحرر الوطني أو البناء الاجتماعي الداخلي بسبب استنادها من حيث الولادة والتكون إلى عوامل داخلية مشوهه ومتخلفة ، وعوامل خارجية حددت دورها ووظيفتها ومسارها وتبعيتها للآخر ، فالمعروف أن نواة البرجوازية في بلادنا لم تتشكل في داخل البنية الاجتماعية التحتية ، وبالتالي لم تحمل مشروعا نهضويا أو تنويريا ، كما لم تكن نقيضا للطبقة السائدة (شبه الإقطاعية) بل كانت امتدادا "عصريا" لها ، وتابعا مخلصا للسوق الرأسمالي العالمي عبر تطورها إلى برجوازية كمبرادورية . ( الصوراني ، 2011، ص20،21، 77،78)
أما بالنسبة للبرجوازية الصغيرة ، فهي الطبقة الأكبر التي تعيش حالة من التذبذب في أوضاعها ومواقعها ومواقفها ، فالأوضاع الإقتصادية لمعظم أفرادها حوالي (93%) هي في حالة سيئة حالها حال أوضاع العمال والفلاحين . (الصوراني ،2010، ص68)
أمابالنسبة للطبقة العاملة في المجتمع الفلسطيني ، فهي لم تتبلور بعد كطبقة تعبر عن نفسها بصورة مستقلة ، حيث نلاحظ اليوم ، التفاوت الواسع لشرائح هذه الطبقة ، من حيث وعي أفرادها وتكوينها ودورها وعلاقاتها الاجتماعية وأكثر مثال على ذلك التفاصيل اليومية للواقع المعاش للعمال الفلسطينيين و معاناتهم في الضفة والقطاع ، فالعاملين في كافة الانشطة الاقتصادية ، وفي القطاع الخاص بالذات ، يتعرضون للعديد من الاستغلال الطبقي على اختلاف تفاوته ويتجلى ذلك من خلال استغلال صاحب العمل لهم مقابل أجور بالكاد تكفي لاعالتهم وتأمين الحد الأدنى لحياة ،وما يؤكد لنا –وبصورة موضوعية مرتبطة بدرجة التطور المشوه لمجتمعنا- حالة التفاوت بين هذه الشرائح العمالية من جهة ، وبين العلاقات الإنتاجية التي يمارسون أعمالهم من خلالها ، وهي وإن كانت تبدو ظاهريا علاقات رأسمالية (عبر علاقة الأجرة) إلا أنها ليست كذلك بحكم تخلف القطاع الإنتاجي نفسه (الزراعي أو الصناعي أو الخدمات) ، أو بحكم استمرار هيمنة الأنماط القديمة المادية والغيبية القدرية على عقل ومكونات هذه الشرائح العمالية ، وبالتالي فلا غرابة من ضعف وعيهم بالظلم الطبقي بصورة مباشرة ، حيث يشكل هذا الوعي الشرط الأول للتغيير .(الصواني ، مجلة الحوار المتمدن العدد 821، 2004)

-;- مظاهر اللامساواة الاجتماعية الطبقية داخل المجتمع الفلسطيني :

وفي هذه الدراسة سوف يتم تلخيص لبعض مظاهر والمتغيرات في سياق التطور الاجتماعي ، الذي اظهر مجموعة من الحقائق والمؤشرات والمظاهر الدالة على طبيعة التشكل الطبقي اللامتساوِ اجتماعياً في المجتمع الفلسطيني :

أولاً- غياب الاستراتيجية الوطنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية الواضحة في المجتمع الفلسطيني والذي يظهر هذا الغياب جليا من خلال مظاهر التفكك والانقسام في النظام السياسي للسلطة إلى جانب مظاهر التخلف والانحطاط الاجتماعي ، بحيث تطورت العلاقات الاجتماعية في هذا المجتمع باتجاه تبلور مجتمع طبقي مشوه كمي تراكمي ( برجزة القيادة السياسية ) أدى إلى إثراء / ثراء العديد من القيادات السياسية في السلطة الفاحش و تزايد أصحاب ورموز الثروات غير المشروعة ،الطفيلية، وتراجع العلاقات القائمة على أساس المشروع الوطني والعمل الحزبي المنظم– وتراجع دور الأحزاب الوطنية عموما – لحساب العشيرة و العائلة و الولاءات الشخصية .(الصوراني ، مجلة المستقبل العربي ، العدد318، 2005 ،ص 107)
كل ذلك ساهم بانتشار عدة مظاهر سلبية :
- كالفردنة ( الفردية) في الحكم .
-غياب سيادة القانون و النظام العام وغياب تطبيق النظام الدستوري مما ساهم في انتشار الجرائم والانحرافات بكل أنواعها الأخلاقية والمجتمعية التي لم يعرفها مجتمعنا من قبل والتي كانت نتيجة انتشار السلاح بصورة فوضوية ، وضعف الرقابة و صمت الأجهزة الأمنية وتخاذلها أحياناً أخرى في مواجهة هذه الجرائم قانونيا ،
- الى جانب تغييب الأهداف الوطنية وثوابتها لحساب المصالح الأنانية والشرائح البيروقراطية الطفيلية والثروات الشخصية الغير المشروعة.
- وتراكم /تعميق مظاهر الفوضى والفساد المالي والإداري على جميع المستويات ، فالفساد أصبح ظاهرة منتشرة في المجتمع الفلسطيني والتي تتجلى بوضوح بتحول الشأن العام للجماعة الى شأن خاص لفرد او افراد او لجماعة صغرى و اغتصاب السلطة العامة لتحقيق مصلحة خاصة التي ازدادت أمام نظم مالية و سياسية تغيب فيها الشفافية وتغيب رقابة الرأي العام ، و تغيب فيها المحاسبة في كثير من الأحيان و يسيطر على القرار فيها مجموعة أفراد لكننا نتوقف عند فساد القرارات.وهيمنة ثقافة الانتهازية والمحسوبية .
وهنا نستخلص آليتين رئيسيتين الفساد داخل المجتمع الفلسطيني :
1-آلية دفع " الرشوة " و " العمولة " على الموظفين والمسئولين (الفساد الصغير) .
2-الرشوة المقنعة أو "العينية " في شكل وضع اليد على " المال العام " والحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأصهار والأقارب في الجهاز الوظيفي (الفساد الكبير) الأعمـال ، " نخبـة معولمـة" : ترتبط مصالحها بالترويج لبرنامج المؤسسات الدولية وهيئات المعونة الاجنبية في مجالات محددة مثل : الخصخصة ، وتحرير التجارة ودمج الاقتصاد العربي ببنية الاقتصاد العالمي وشبكة المعاملات المالية الدولية . ( المصري ،2010،ص31)

ثانياً- تعاظم دور الكمبرادور ، والشرائح الرأسمالية الطبقية الطفيلية الجديدة الآخذة بالنمو في المجتمع الفلسطيني كنمو شريحة جديدة من الطبقة الوسطى الحديثة في مجال التعليم والصحة وفي ادارات المنظمات الغير حكومية وفي توسع صفوف ذوي الاختصاص وأصحاب المهن الحرة ، وذلك بالتحالف مع بيروقراطية السلطة (المدنية والعسكرية) وكبار الملاك والرأسمالية التقليدية القديمة، في الصناعة والزراعة والخدمات، بحيث أن رموز هذا التحالف يشكلون اليوم القاعدة الأساسية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي للسلطة السياسية . وهذه الشرائح ولدت كما غيرها من الطبقات الحديثة وتشكلت من خلال عوامل داخلية مشوهه وعوامل خارجية حددت دورها ووظيفتها ومسارها وتبعيتها للآخر حيث ارتهنت بالتمويل الأمريكي الأروبي ، فالمعروف أن نواة البرجوازية في المجتمع الفلسطيني لم تتشكل في داخل البنية الاجتماعية التحتية ، كما لم تكن نقيضا للطبقة السائدة (شبه الإقطاعية) بل كانت امتدادا عصريا لها ، وتابعا مخلصا للسوق الرأسمالي العالمي عبر تطورها إلى برجوازية كمبرادورية . ( الصوراني ،2010 ، ص29)

ثالثاً- الانتشار الواضح للثقافات/ النزعة الإستهلاكية حيث أن المستهلك الفلسطيني مفرط جدا في الاستهلاك فهو يستهلك 150% من حجم الاستهلاك وهذا أدي إلى عدم تحمل المواطن الفلسطيني اى ضغط أو تقشف فهو تعود علي الرفاهية والإنفاق المفرط، واعتماد هذا المواطن على الأنماط المعيشية المرتبطة بنماذج «العيش الاقراضي» ، والتي بدورها ساهمت في غرق المجتمع الفلسطيني في الديون للبنوك من خلال فتح باب القروض بحيث أصبح فيها الشغل الشاغل للمواطنين هو الحصول على شقة وسيارة مدعمة بسياسات مصرفية تجعل مقترضين ، مما يؤثر على الرؤى الاجتماعية والمجتمعية والوطنية التي أصبحت مرتبطة بالتشوه الطبقي للواقع الفلسطيني الذي تشكل في ظل غياب المؤسسات الوطنية وغياب البرنامج وطني، وغياب المرجعيات والاستراتيجيات التنموية ، مما ساهم ذلك لوجود صراعات بين شرائح طبقية يبدو عليها مظاهر القوة والاستبداد والتفرد واللامبالاة وتحاول الارتكاز على حالات الاجتماعية على الصعيد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من أجل بلورة مشاريع جديدة. ( حمدان ، مركز بيسان ، 2012)
رابعا- ازدياد الفجوة في توزيع الدخل و الثروة التي ساهمت بدورها في تدهور مستويات المعيشة ، و تضاؤل القدرة الاستيعابية و التشغيلية للاقتصاد الفلسطيني ، إلى جانب الغلاء المعيشي و ارتفاع وتضخم الأسعار ، مما ساهم ذلك بوجود فجوة واسعة في السُلَّم الطبقي أو الاجتماعي والذي يتجلى ذلك من خلال التوزيع السكاني الغير متكافئ ( اللامتساوِ) في توزيع الثروة والدخل بين القلة من الأغنياء ، والأغلبية الساحقة من الفقراء.
بحيث اصبحت الأوضاع عندنا وفي المجتمع الفلسطيني ، بالغة التردي والتعاسة، في ظل استشراء تراكم عوامل ومظاهر الخلل الفساد الاقتصادي في عملية توزيع الدخل و الثروة و السلطة، وعجز الاقتصاد المحلي الفلسطيني على خلق فرص عمل جديدة وتراجع قدرته على التشغيل واستيعاب العمالة الفلسطينية، الأمر الذي أدى إلى تنامي ظاهرة البطالة بشكليها الظاهر والمقنع (يدخل إلى سوق العمل الفلسطيني سنوياً حوالي 40 ألف شاب معظمهم من الجامعيين ، ولا تتجاوز قدرة استيعاب السوق أو فرص العمل الجديدة أكثر من 5 ألاف فقط).
وأظهرت البيانات الصادرة عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني ووزارة الشؤون الاجتماعية إلى استمرار وتزايد الفقر بصورة أكبر مما كان في السابق فغالبية المجتمع الفلسطيني غارق في الفقر والبطالة ( حيث يبلغ معدل الفقر في الضفة الغربية حوالي24% وفي غزة حوالي 56% ، بينما تبلغ نسبةالبطالة في الضفة حوالي 20% وفي غزة حوالي 40%) . ( حمدان ،2012)
فالفقر لم يتوقف عند الفقر المادي ( فقر الدخل ) بل تخطى ذلك الحدود إلى الفقر بالقانون والنظام والقيم ،
ويشير الصوراني إلى بروز مؤشرات سلبية ومظاهر خطيرة عند العاطلين بسبب فقدانهم للأمن الاجتماعي وفقدانهم الثقة بالآخرين وتزايد حدة توترهم العائلي مما أدى ذلك إلى مشاكل نفسية اجتماعية عائلية اقتصادية – فحين يعجز الأب عن تأمين احتياجات أسرته وأطفاله يشعر بفقدانه لقيمته الإجتماعية كأب مما يؤثر على الآخرين.مثل السرقات و الجرائم وانتشار المخدرات ، الانحرافات الخلقية ، بالإضافة سعي القسم الأكبر من الشباب للهجرة للخارج . (الصوراني ،2005،ص132،139)

إضافة إلى استمرار الفجوات واللامساواة في المجتمع الفلسطيني حسب:
- النوع الاجتماعي : استمرار التفاوت الاجتماعي بين الجنسين لصالح الذكورة بصورة واضحة .
- التوزيع الديمغرافي : حيث يتزايد التفاوت اتساعا بين مستويات المعيشة وخاصة في مناطق شمال وجنوب الضفة ويعطي مثل حول ذلك ( مدينتي طولكرم وجنين ) وفي جنوب القطاع ( خاصة خانيوس ورفح )
-الفئات العمرية : وتشير مجلة الطفولة والتنمية إلى وجود استغلال للأطفال دون الخامسة عشر في المجتمع الفلسطيني ويظهر ذلك في ظاهرة عمالة الأطفال وتفاقمها إلى انتشار ظاهرة التسول المباشرة والغير مباشرة في الشوارع للأطفال دون الخامسة عشر ( اليازجي ،2002 ، ص 177) ،ويؤكد الصوراني على مدى انعكاس الآثار السلبية للحصار والعدوان الاسرائيلي على الأطفال بحيث أصبح غالبيتهم يعانون من مشاكل اجتماعية وصحية ونفسية وخاصة في قطاع غزة . (الصوراني ،2010 ، 125)

رابعاً- العجز الواضح في تحقيق الحد الأدنى من الخدمات / الاحتياجات الأساسية ( كالصحة والتعليم والعمل والرعاية الاجتماعية ) لقطاعات واسعة للمجتمع الفلسطيني كمياً ونوعياً فعلى سبيل المثال تشير المعطيات الصحية – في الضفة و القطاع – على استمرار محدودية عدد الأطباء بالنسبة لإجمالي عدد السكان الذي لا يتجاوز ( 150 ) طبيب لكل مائة ألف من السكان ، وهو أمر له انعكاساته ومدلولاته الاجتماعية الخطيرة خاصة في ظل حرمان الفقراء من التأمين الصحي ( بسبب ارتفاع كلفته عليهم ) إذ لا تزيد نسبة الأسر المغطاة بالتأمين الصحي الحكومي في عام 2010 عن 52 % في الضفة وقطاع غزة ، و هذا يعني أن نسبة 48% من الأسر الفلسطينية محرومة من التأمين الصحي الحكومي، بالرغم من وجود التامين العسكري بنسبة 3% ، وتامين الوكالة الغوث الدولية الذي يغطي 33% من الأسر الفلسطينية وحوالي 5% تأمينات أخرى .(الصوراني ،2011،ص313)
خامساً- وجود العديد من السياسات الاقتصادية التي تخلت فيها السلطة الفلسطينية مسئولياتها لصالح القطاع الخاص والتي شكلت عبئاً إضافياً على ذوي الدخول المنخفضة كخصخصة وتحويل الخدمات الأساسية إلى خدمات مسبقة الدفع كنظام جباية وتحويلها إلى سلع وهو نوع من محاصرة المواطن و السيطرة عليه فالمستفيدين وخاصة الفقراء يدفعون ثمن بؤسهم ( مثال على ذلك " الحرب على ثقافة البلاش " : كخصخصة الشوارع في رام الله التي تقاسمتها الشرطة والبلدية ، فالأول وضع خطوط حمراء لمنع التوقف والثاني دهن الشوارع بالخطوط الزرقاء كإشارة إلى منطقة الدفع المسبق ، و خصخصة خدمات قطاع الكهرباء الممول من البنك الدولي وتحويلها إلى خدمة مسبقة الدخل وذلك من خلال بطاقات شحن ، فهذا المثال هو من الأمثلة الحية على تحويل الخدمات الأساسية إلى خدمات مسبقة الدفع والتي ستشكل عبئا إضافيا على المواطن الفلسطيني ) وتحويل المشاريع الخدماتية إلى القطاع الخاص ( ومن الأمثلة على ذلك مجمعات مواقف السيارات والباصات المركزية التي أصبحت تخضع ادارتها إلى شركة قطاع خاص ) ، فالسلطة الفلسطينية هنا سلمت مواطنيها للشركات القطاع الخاص ( التي هدفها بالنهاية الربح ) و التي هي بدورها تقدم خدمات لهم والتي بدورها أصبحت لديها الصلاحيات بالتحكم بالمواطن الفلسطيني وبالتالي فهي أخرجت هذه الخدمات من مسئوليات البلديات ( الرياحي ، 2011،ص4،5)، فأنا أوافق الرأي الكاتب رمزي زكي في كتابه الليبرالية المستبدة بأن الخصخصة هي إعادة توزيع الثروة لصالح البرجوازية المحلية والأجنبية حيث يتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الإنتاجية إلى القطاع بغض النظر عن هوية جنسيته .(زكي، 1993 ، ص153 ) .
سادساً- انتشار ثقافة الاستسلام المجتمعي لأفراد الشعب الفلسطيني بسبب عوامل الفقر والبؤس والقلق واليأس ، مما أثر ذلك على غياب المقدرة على التحصن في وجه الانحرافات والمفاسد الداخلية أو في وجه العدوان ، وغياب القيم الاجتماعية الايجابية وانتفاء اعتمادها في السلوك العام والخاص .( الصوراني ، 2004،ص 37)

سابعاً –تضخم نسبة العاملين في القطاع الحكومي ، برز دور السلطة الفلسطينية في تشغيل ما يزيد عن (190) ألف موظف مدني وعسكري، بنسبة تصل إلى 20% من اجمالي القوى العاملة الفلسطينية و هي نسبة بالغة الارتفاع بالنظر إلى عدم قدرة الاقتصاد الفلسطيني المحلي على تمويل عمالة حكومية مرتفعة، خصوصاً و أن الرواتب تستحوذ على أكثر من 60 % من مخصصات الإنفاق الجاري من جهة ، إلى جانب أن معظم التعيينات و الوظائف لا يحكمها قانون يقوم على أساس تكافؤ الفرص بل هي مخصصة أساسا وبالدرجة الرئيسية لحزب السلطة بمعناه الواسع الذي يضم حركة فتح و مجموعات متنوعة من المحاسيب و أبناء و أقارب كبار المسؤولين ممن يعيشون أوضاعاً مريحة في حين يحرم من هذه الوظائف مستحقيها من الفقراء الذين لا واسطة أو محسوبية لديهم رغم كفاءتهم و شهاداتهم العليا أو خبراتهم.(الصوراني ،2011،ص136)

-;- أسباب ودوافع اللامساواة الاجتماعية الطبقية في المجتمع الفلسطيني :
ويخلص الصوراني إلى أهمية دراسة التكوين الطبقي فعلى الرغم من المتغيرات التي أصابت البنية الاقتصادية الاجتماعية الفلسطينية إلا أن هذه التحولات لم تستطيع تجاوز أو إلغاء علاقات الانتاج ماقبل الرأسمالية ، وشبه الرأسمالية القائمة بل عززتها وأبقت عليها ، بحيث ظل التشكل الطبقي الفلسطيني ضعيفا/ هشا وبطيئا محمولا بتناقضات ومصالح ومكونات اقتصادية اجتماعية ثقافية غير معاصرة أو حداثية ، بل هي أقرب إلى التشوه والتخلف بحكم استمرار العوامل الخارجية مثل سياسات الإغلاق والحصار الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني فالحصار خاصة في قطاع غزة أفرز شرائح اجتماعية جديدة سميت بالأثرياء الجدد / أثرياء الحرب والسوق السودا إلى جانب عمال الأنفاق المعدمين عن العمل التي نشأت أثناء الحصار وأصبح التهريب عبر الأنفاق وبالتالي الآثر الناجمة عن الحصار أدى إلى نشوء هذه الشرائح ، من ناحية وعوامل داخلية فلسطينية في مجموعة المصالح الطبقية التقليدية والمستحدثة الطفيلية الحريصة على ابقاء العلاقات القديمة وعدم تجاوزها ، كل ذلك ساهم بتزايد انتشار مظاهر التفكك والانهيار الداخلي بكل ابعاده الأمنية والقانونية والمجتمعية ، لذا فإننا هنا نشير إلى وجود أزمة داخل المجتمع الفلسطيني ، حيث ان هذه الازمة متشعبة الاوجه ومتعددة المظاهر ، فهي تخطت البعد السياسي وامتدت إلى أزمة مجتمعية ، فكرية واقتصادية وسياسية ، بل انها تقترب لكي تطال بآثارها الهوية الوطنية الفلسطينية ذاتها ، فالمعوقات الذاتية الفلسطينية الداخلية ، ساهمت في الكثير من جوانبها و أهمها غياب النظام العام و سيادة القانون و ضعف البناء المؤسسي وتضييق دور الدولة / السلطة واعطاء القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية الأولوية و انتشار مظاهر الفساد المالي والإداري على جميع المستويات، وانتشار المشاريع ذات الربح السريع في العقارات والاستيراد دونما أي اهتمام ملموس بالقطاعات الإنتاجية في مقابل تزايد أصحاب ورموز الثروات غير المشروعة ،الطفيلية، على مستوى السلطة والمجتمع معا ،كل ذلك ساهم في استمرار حالة التشوه الاقتصادي والاجتماعي من خلال رسوخ مفاهيم وأدوات السيطرة والاستبداد والخضوع في سياق إعادة إنتاج التخلف والتبعية التي دفعت بدورها الى مزيد من التهميش والفقر والحرمان للشعب الفلسطيني ، ومزيد من التفتت والنزعات المدمرة ذات الطابع العصبوي العشائري والحمائلي والفئوي والطائفي وغير ذلك من العصبيات الموروثة والمستحدثة بمختلف أشكالها وأجهزتها ولهذا فإننا نجمل الأسباب التي ساهمت في تكريس اللامساواة الاجتماعية الطبقية في فلسطين : ( الصوراني ، 2010، 110-126)
أولاً: حالة التجزئة والانقسام والتفكك الجغرافي والاقتصادي الداخلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وهو ما أدى إلى تشكل حكومتين منفصلتين متناحرتين تماما التي ساهمت في زيادة الفجوات بين الطبقات وبالتالي عززت اللامساواة الاجتماعية .الأمر الذي أدى إلى افساح المجال لتنامي الدور الانتهازي الطفيلي للشرائح العليا من البرجوازية والمتوسطة في اطار البيرقراطية الحاكمة وحلفائها واستفرادها في التحكم بكافة أجهزة الدولة .( الصوراني، 2005 ،ص107) ولهذا نأمل أن يبقى التصالح الوطني مستمرا لتفادي كل هذه الإشكاليات في الحكم .
ثانياً : سيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود والمعابر الخارجية والمناطق .الأمر الذي أدى إلى فقدان السلطة الفلسطينية على قدرتها في السيطرة على مواردها الطبيعية والاقتصادية وفقدان السيطرة على بعض المناطق اداريا مثال على ذلك : كتقسيم الضفة الغربية بموجب اتفاق طابا عام 1995 إلى مناطق جغرافية ثلاث هي (C, B ,A) على أساسها تم تحديد صلاحيات ومسؤوليات السلطة الفلسطينية في كل منطقة . علماً بان المنطقة (C) وهي تشكل معظم مساحة الضفة الغربية الكلية ليس للسلطة أي صلاحيات مدنية أو أمنية . مما يعني أن السيادة الوطنية الفلسطينية ليست كاملة على الأرض والموارد مما ساهم ذلك في استفحال مظاهر الفساد والجرائم ووجود شرائح طبقية طفيلية تستغل ضعف السلطة في السيطرة على هذه المناطق .( تقرير الأمم المتحدة : مكتب تنسيق الشئون الإنسانية الأراضي المحتلة ، 2013)
ثالثاً : تأثر قوى العرض والطلب وجهاز الأسعار في الأراضي الفلسطينية بقوى العرض والطلب والأسعار والسياسات الاقتصادية السائدة في الاقتصاد الإسرائيلي بحكم التبعية (التجارية والمالية والنقدية والعمل ).(الصوراني ،2005،ص116)
خامساً: السياسات التي فرضتها الجهات المانحة على السلطة الفلسطينية ومنها البنك الدولي وصندوق النقد فهذه السياسات فشلت في تحقيق مساواة في كافة الفئات الاجتماعية مابين غني وفقير ومنتفع ومحروم بل أعادت انتاج الفقر والظلم الاجتماعي والاقتصادي ، وذلك من خلال تضييق دور الدولة وإعطاء القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية الأولوية مما ساهم في خصخصة الخدمات العامة ونتيجة لهذه الخصخة تخلت السلطة عن القيام بواجباتها اتجاه مواطنيها التي جعلتهم هم المصدر الوحيد لجباية الثمن وذلك من خلال فرض الضرائب ، ويشير الصوراني إلى الطبقات ذات الارتباط بالتمويل الدولي ، وهي ليست مقتصرة على الكومبرادور بل تصل في الواقع إلى أكثر الطبقات تضررا في المجتمع الفلسطيني حيث تتحول إلى طفيلية من خلال برامج التشغيل بالمياومة أو العمل في وظائف دونية في المؤسسات الحكومية ، حيث يحافظ التمويل الدولي على شريحة بنكهة الطبقة الوسطى لكنها لاتتمتع بوعي الطبقة الوسطى الساعية للتغيير نحو العدالةالاجتماعية ، حيث تحولت إلى طبقة مسيسة منقسمة إلى عبر الاتجاهات الفكرية بين ديني ومدني ( يشبه العلماني ) . ( صوراني ، 2010 ،ص8،9) .

-;- هل يمكن إزالة هذه اللامساواة الاجتماعية :
في البداية يجب علينا ان يكون لدينا الفهم الموضوعي والعميق لواقعنا الاجتماعي اذ لابد لنا أن نعترف بأن هذا الواقع الاجتماعي مملوء بالتعقيدات في مكوناته الطبقية،حيث إننا نحتاج إلى وعي كل طبقة لذاتها ومصالحها ووجودها للتعامل مع التناقضات والأوضاع المتفاوتة للمواقع الطبقية حتى تكون مؤهلة للتغيير وبالتالي يصبح لديها القدرة على التدخل لوقف الصراعات الداخلية والخارجية ، فإننا نحتاج إلى الالتزام بتطبيق نظام دستوري ديمقراطي يتناول كافة جوانب الحياة في المجتمع الفلسطيني و يضع حدوداً صارمة للحقوق و الواجبات عبر أجهزة تنفيذية تخضع كلياً لذلك النظام ويؤكد صراحة على حقوق المواطنين في الحرية والعدالة وتكافؤ الفرص.إذ لا معنى للحديث عن مساواة اجتماعية طبقية دون وجود رؤية وطنية متكاملة وظيفته وأهدافه الديمقراطية و الحريات و الانتخابات و حقوق الإنسان . و في هذا السياق فإن المطلوب هو الاحتكام إلى الوضوح و الشفافية ، و التطبيق الديمقراطي العملي لهذه المفاهيم من جهة و لكافة وظائف السلطة الفلسطينية وفق نظام ديمقراطي دستوري يقوم على أن الشعب هو مصدر السلطات من جهة أخرى بما يفرض عليه استكمال صياغة أنظمته ودستوره وقوانينه بما يتفق مع مصالح وتطلعات شعبنا من ناحية ويتناقض جذرياً مع الاشتراطات والذرائع الأمريكية الصهيونية من ناحية ثانية، وذلك بعيداً عن الاشتراطات الإسرائيلية/ الأمريكية وتدخلها تحت ذريعة " الإصلاح "، " والديمقراطية الليبرالية " التي ستؤدي بالشعب الفلسطيني وقضاياه الوطنية الى مزيد من الهبوط والتراجع ،
-افتراض وجود الإصلاح القابل للاستمرار هو الاعتماد على النفس ، والسعي لتخفيض درجة الاعتماد على الخارج ، واعتبار أن أي عون خارجي هو عون مؤقت ، وأنه ليس بديلاً للجهد الوطني و الانتقال بالمجتمع كله من حالة الاسترخاء الى حالة من الجدية وهو ما يتطلب الإقلاع عن مظاهر الاستهلاك الترفي والسفيه المبدد للموارد في وقت نحتاج فيه الى حشد كل الموارد الممكنة . ( الصوراني ، 2005، ص117)
- إعادة بناء مؤسسات القطاع العام وفق أسس ومنطلقات اقتصادية وطنية واضحة ، بعيدة عن مظاهر الاحتكار والفساد والترهل والمصالح الشخصية ، خاضعة للمحاسبة والمراجعة ، أن يكون هنالك دور إيجابي لهذه المؤسسات الذي يتوجب عليها تخطيط وتنفيذ العديد من مشاريعها الخدماتية في المناطق الفقيرة من الضفة والقطاع ، بما يعزز دورها الإيجابي في الهدف و المردود ، خاصة وأن القطاع الخاص يستهدف الربح أولاً ، وفق توجيهات محددة بعيدة عن الطابع الاحتكاري المباشر أو غير المباشر لشركات القطاع العام ، و كذلك البدء بخطوات جدية نحو خلق المؤسسات الاقتصادية التعاونية في القرى و المخيمات و المناطق الفقيرة .وذلك من تحقيق مبدأ المشاركة الشعبية عبر المؤسسات الوطنية ، والكف عن ممارسة الأوامر و القرارات الأحادية من شرائح أخرى ومراكز القوى من ذوي المصالح الأنانية الضارة من جهة أخرى الى جانب المراقبة و التوجيه و الإيحاء بعيداً عن الفرض أو الإلزام الإكراهي ، و هو أسلوب نعتقد أنه يضمن عدم تحول ( أو استمرار تحول ) مؤسساتنا إلى أدوات بيروقراطية ثقيلة العبء من جهة .
_ توفير العلاقة الديمقراطية بين مؤسسات السلطة وأجهزتها، على قاعدة مبادئ الاعتماد على الذات و تكافؤ الفرص للجميع و العدالة الاجتماعية وسيادة القانون و محاربة النزعة الاستهلاكية السائدة و ترشيد الاستهلاك مركزياً ، بدون ذلك لا يمكن رفع مستوى إنتاجية العمل ، و توفر الحافز الشعبي أو الدافعية للمشاركة في عملية المهام الوطنية أو الاجتماعية ، فالجماهير الفقيرة، المضطهدة المغلوبة على أمرها لا يمكن أن تساهم طواعية في أي فعل إيجابي في الإطار الوطني أو الاقتصادي أو الاجتماعي العام .

- إعادة بناء العلاقات الداخلية الفلسطينية ، وفق ثوابت وطنية ومجتمعية ، وبإرادة وطنية تقوم على المشاركة والتعددية أمر ممكن قابل للتحقق من خلال اجراء عملية الانتخابات الديمقراطية الفلسطينية في مواعيدها المحددة والتزام الجميع بتوفير البيئة الايجابية المناسبة لهذه العملية وحماية واحترام نتائجها على اساس امتثال الجميع لقواعد وأسس مبدأ تداول السلطة في إطار الديمقراطية والمشاركة والتي تساهم على تجسيد الوحدة الوطنية الداخلية بما يمكن ذلك من امتلاك القدرة على تحديد معالم السياسية /الاجتماعية/ الاقتصادية والتنموية بوضوح ، على قاعدة التمسك بالثوابت والأهداف الوطنية والديمقراطية من اجل التحرر والعودة والاستقلال والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون .

- إزاحة ومحاسبة العناصر الطفيلية الضارة في هذه المؤسسات السلطة الفلسطينية . ومحاسبة رموز الفساد والاستبداد ، لجمع وتراكم الثروات الطفيليه غير المشروعة على حساب قوت وحياة الجماهير الشعبية، حيث أدى هذا الاستخدام الأناني البشع، الى فقدان مساحات واسعة من الجماهير الفلسطينية لدورها وحريتها ومواجهة مظاهر الخلل ، وبتعزيز مفاهيم الديمقراطية التي تقوم على العدالة الاجتماعية وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وسيادة القانون .
- تقوية وتعزيز الوحدة السياسية لمجتمعنا وتوفير قدراته على الصمود والمقاومة حتى طرد الاحتلال وتفكيك وإزالة مستوطناته على طريق الحرية والدولة المستقلة والتنمية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية .( الصوراني ، 2005، ص 126)
- على الرغم من تعدد في برامج الدعم الاجتماعي للأسرة الفقيرة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، إلا إننا نلاحظ اتساعاً لهذه الظاهرة، مما يستدعي وضع سياسات وبرامج أخرى ، يكون بمقدورها وضع حد لتنامي الفقر وإيجاد العلاج اللازم والدائم والكفيل بالقضاء عليها والحد منها من خلال دراسة الأسباب والعوامل المحددة للفقر. (وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية وفا ، 2011)

أخيراً: إن مظاهر التراجع أو الانهيار التي أصابت المكونات الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين ، لم يكن ممكناً لها أن تنتشر بهذه الصورة بدون تعمق المصالح الطبقية الانانية للشرائح الاجتماعية وتحكم الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الوطني كمظهر أساسي من تجليات التبعية المالية . الاستمرار في فرض السياسات الاقتصادية وفق مقتضيات الخصخصة و أيديولوجية الليبرالية الجديدة عبر مركزية دور الكمبرادور والقطاع الخاص غير المنتج . ولهذا فإننا نفترض بأن تحقيق مبدأ المساواة الاجتماعية الطبقية في المجتمع الفلسطيني يجب أن يشكل أحد المحاور الرئيسية لنشاط برامج الحركة الوطنية الفلسطينية لأنه يشكل المحور المكمل لعملية التحرر الوطني والاستقلال في الدولة فاستمرار غياب النظام الديمقراطي الفلسطيني واستفحال مظاهر الفساد والخلل وغياب سيادة القانون ويدفع نحو خلق مقومات الانهيار السياسي والاجتماعي بما يجعل الفوضى والعشوائية والفلتان الامني والاقتصادي من ناحية وتزايد تحكم القوى الخارجية الأمريكية الاسرائيلية في مستقبل الشعب الفلسطيني من ناحية أخرى .
قائمة المصادر والمراجع :
-;---;-----;--- الأمم المتحدة مكتب تنسيق الشئون الإنسانية الفلسطينية المحتلة .كانون الثاني (2013). المنطقة (ج) في الضفة الغربية مخاوف انسانية . شوهد بتاريخ 28/5/2014
http://www.ochaopt.org/documents/ocha_opt_area_c_factsheet_January_2013_arabic.pdf

-;- حمدان ، آيات .(2012) .اللامساواة في السياق الفلسطيني الخصخصة "الفقر " . رام الله : مركز بيسان للبحوث والإنماء .

-;- الرياحي ،إياد . آذار (2011).سلسلة أوراق تنموية (1) بعد عامين من خطة الإصلاح والتنمية : الفقراء مازالوا يدفعون الثمن . رام الله : مركز بيسان للبحوث والإنماء .

-;- زكي، رمزي. (1993) . الليبرالية المستبدة . القاهرة :سينا للنشر ،ط1.

-;- الصوراني ، غازي (2011) .المشهد الفلسطيني الراهن الاقتصاد-الاجتماع- السياسية –الثقافية –المقاومة . القاهرة : مكتبة جزيرة الورد .

-;- الصوراني ، غازي (2010) . التحولات الاجتماعية والطبقية في الضفة الغربية وقطاع (رؤية نقدية ) . رام الله :صندوق أوراد للتنمية المجتمعية .

-;- الصوراني ، غازي .آب ( 2005) .أي تنمية لفلسطين ؟ الواقع والآفاق .بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، سلسلة كتب المستقبل العربي ، العدد 318 ،آب .

-;- لصوراني ،غازي ( 2004). الطبقة العاملـة والعمل النقابي في فلسطين ودور اليسار في المرحلة الراهنة. مجلة الحوار المتمدن ،العدد 821 . شوهد بتاريخ 30/5/2014
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=17608


-;-اليازجي ،أحمد . ( 2002) .عمالة الأطفال: في فلسطين تأثير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية على عمالة الأطفال في فلسطين . مجلة الطفولة والتنمية ،عدد 5 ،مجلد 2)

-;- المصري، محمد. ( 2010 ) . الفساد في السلطة الوطنية الفلسطينية وأثر محاربته في تعزيز الانتماء الوطني للفرد الفلسطيني (1994-2006) . أطروحة ماجستير . جامعة النجاح في نابلس .


-;- وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية وفا (2011) . الفقر في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية – مقدمة .شوهد بتاريخ 2/6/2014
http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=3209






#رهان_القيمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الإقصاء_ الإدماج القسري في الجانب التعليمي للاجئين ا ...


المزيد.....




- الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل ...
- وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا ...
- استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا ...
- وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار ...
- شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ ...
- محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند ...
- وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
- -من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
- نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن ...
- فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رهان القيمري - اللامساواة الاجتماعية الطبقية في المجتمع الفلسطيني