أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صفوان الطّرابلسي - - صخرة أخرى في الجدار -














المزيد.....

- صخرة أخرى في الجدار -


صفوان الطّرابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 4581 - 2014 / 9 / 21 - 21:16
المحور: كتابات ساخرة
    


اليوم يعود الجميع إلى صفوف المدارس. أسألكم في خجل، لأنني أحدكم، ما الذي تعلمناه في هذه الغرف المقرفة ؟ القليل من تقنيّات التعامل مع الكلمات والأرقام؟ بعض العلوم البدائيّة؟ جعلوا مني ومنكم علبا سوداء محشوّة بالترّهات. قد يعتبرني بعضكم مغرورا، متكلّفا، جاهلا، فوضويّا، لكن فكّروا معي للحظة، فكّروا خارج نطاق دائرة العادة وخارج شبكة المصالح الإجتماعيّة، ما نفع كل هذا ما لم نتعلّم حب الحياة، ما لم نرسم هدفا خارج متناول الواقع. لقد مات الإنسان يا أصدقائي حين فقد القدرة على الهرب. هذه الجدران التي نسمّيها "مدرسة" ليست سوى مقابر للإنسان، مقابر جماعيّة، ندفن في دُهْمَتِهَا جوهرنا وبوادر جنوننا ونتفرّغ بعد حلقات لا متناهية من التكوين، لتدمير الأرض والإستمناء على وجوه بعضنا البعض.
أريد أن أعلمكم، نحن ننقرض. لست حزينا. غدا سأعود مثلكم، لا شيء يذكر، سأرتدي قميصا عاديّا تماشيا مع الموضة واحتراما للذوق العام، سأتظاهر بأنني أنا وأنني موجود هنا رغم يقين بأنه لا شيء يشبهني وكما يقول درويش لا شيء يعجبني، لا هذا الكلام كلامي ولا هذا الوجه وجهي ولا هذه الأفكار التي أتبجّح بأنها تملأ رأسي أفكاري، أنا مجرّد نسخة، مثلكم جميعا، أرتدي نفس القناع وأتظاهر بالفرديّة المطلقة . لا تسألوني كثيرا، حين تشاهدون المبغى الذي يسمّونه "جامعة"، ستفهمون كيف تحوّل شعب عمره ثلاثة آلاف سنة الى قطيع من الغنم. لم أعد بحاجة إلى بناء صنم، الصّنم في داخلي وجذوره ضاربة في كبدي. زرعه والديّ وأكملت تقاطيعه مؤسّسات الدّولة.
تبدأ القصّة حين نولد في الفقر، تحته بقليل أو فوقه بقليل، ليس هنالك فرق، خطّ الفقر سميك كخطّ الإستواء. نعيش السلام الى حدود اليوم الذي نربط فيه أول حرفين لتكوين كلمة، ينظرون لانفتاح شفتيك مستغربين، مستفسرين: ماذا دهاك؟ يتمتم الأهل وهم يبتسمون:" ها قد بدأت المتاعب." لكن المعركة لا تبدأ، تؤجّل إلى أوّل سؤال. يبدؤون في حصارك، بدل أن يتعبوا أدمغتهم في اختراع أجوبة بهلوانيّة لأسئلتك السّاذجة، يسكبون في أذنيك تعويذة الخطيئة، يحمّلونك كتاب الوصايا، يرسمون على مقلتيك صورة الأب والأم والرّوح القدس. إيّاك أن تكون مختلفا بينهم، إيّاك أن ترى أشياء لا يرونها، إيّاك أن تبحث عن شيء فهم سيعلمونك كل شيء.
حين تظهر أعراض التمرّد يرسلونك إلى المدرسة. تقنيّو المعرفة سيتكفّلون بتجذيب أغصانك، سيصعّدون كل عقدهم على جلدك، سيدبغون شخصيّتك الفتيّة ببولهم الحامض. أول الدّروس، درس في القناعة، جاهر بما تريد لكن في الجوهر كن محافظا أو لا تكون، أكتب أشعارا ثوريّة وفي الإنتخابات سر مع السّائرين إلى مكاتب الإقتراع. في العشرين ستكون قد تعلّمت كيف تتعامل مع الواقع كما يجب فالتغيير بداية الخراب ومن يرى الحقيقة كاملة يصيبه العمى. لهذا يجب أن تكتفي بما يسردونه في الكتب المدرسيّة، لا تخرج عن المنهج حتّى لو قرؤوا التّاريخ بالمقلوب، ارفع رأسك بالإيجاب. سيقولون أن شكري كان كافرا و أن جيفارى كان إرهابيا و أن أبى ذر كان غريبا عن أهل الإسلام و أن معاوية كان أحق بالخلافة من علي. سيعلمونك كيف تكره النوّاب لأنه كان بذيئا وفوضويا وكيف تمقت غسّان لأنّه كان شيوعيا. لن تتطعّم شعر الماغوط ولن تفهم غموض درويش ولن تبصر نور الحلّاج. لن تحب و لن تعرف الرّب.
سنندم يا أصدقائي. يوما ما، حين يمر أما أعيننا، صدفة، شريط الحياة وندرك متأخّرين أننا مجرّد أرقم في حساب بنكي كبير يسمّونه الدّولة، من سنلوم وعلى أطلال من سنبكي؟ وحدهم المجانين والمارقون والصّعاليك سيقفون أمام الله بأعين راضية، سيتقدّم كل منهم بثقة ويجيب على السّؤال الأول " أعترف أنني حييت"*.



#صفوان_الطّرابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - صخرة أخرى في الجدار -


المزيد.....




- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صفوان الطّرابلسي - - صخرة أخرى في الجدار -