اوكرانيا كمين شبيه بالكويت

طاهر مسلم البكاء

الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 02:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تقوم روسيا اليوم ،سواء مجبرة ام من خلال سياسة ، بذات الدور الذي كان يقوم به الأتحاد السوفيتي متزعما ً حلف وارشو .
فبعد الأنهيار الذي تعرض له الأتحاد السوفيتي السابق ،والذي كان انهيارا ً اقتصاديا ً بالدرجة الأولى تبعه انهيار سياسي ، تفككت الدول المكونه له وتبعثر حلف وارشو حيث انضمت اغلب دوله الى الحلف المعادي وهو الحلف الأطلسي بقيادة امريكا التي وجدت نفسها وقد اصبحت الأمبراطورية الأولى بالعالم، وبدأت على الجانب الآخر روسيا تكافح للحفاظ على كيانها ومنع استغلال امريكا وحلفاءها الظرف القاسي لأحتواءها ،وفعلا ً تمكنت بقيادة بوتين من تدارك الأمور ومواجهة الغرب وهي تعمل جاهدة اليوم على بناء تحالفات جديدة لمواجهة حلف الأطلسي الذي لايزال يطمح بالتهامها في طريق السيطرة المطلقة على العالم ، ومع ان العديد من الدول المحسوبة على الدول الحليفة لها قد تعرضت الى هجمات منسقة من الغرب واسقطت حكوماتها مثل العراق وليبيا غير انها استشعرت الخطر في الهجمة على سوريا وبدى لها ان الغرب وصل الى خطوطها الحمر ،وهذا يفسر الفيتو الروسي الصيني الذي تكرر لأكثر من مرة بالضد من اماني الغرب وعرب امريكا في اسقاط الحكومة السورية على الطريقة الليبية .
غير ان الفشل الذي واجهه المشروع الغربي في سوريا جعله يهاجم خاصرة روسيا وهذا ماحصل في اوكرانيا ولايزال جاريا ً حتى اليوم ،والذي كما يبدو انه ليس محاولة لتغيير النظام في اوكرانيا بقدر ما هو هجوم غربي منظم لطعن روسيا وتحجيم دورها الذي بدى انه آخذ بالأتساع خاصة بعد التفاهم الروسي الصيني الذي بدى يظهر للعلن ،وهو من الخطورة انه لم يكن موجودا ً حتى في زمن الأتحاد السوفيتي السابق ، كما انه مرشح لأخذ عمق اكبر فيما لو حصلت تفاهمات استراتيجية مع الهند والدول الأسلامية وكوريا الشمالية وبعض دول امريكا اللاتينية التي لاتسير في فلك السياسة الأمريكية وتعارضها.
وبدى ان الغرب قد وجد ضالته في احداث اوكرانيا لمحاصرة روسيا وبدأ عقوبات اقتصادية منظمة عليها ،وظهر انه كمين شبيه الى حد كبير بكمين الكويت الذي نصب لتدمير العراق ،ولكن هل ان روسيا الدولة التي تمتلك التكنلوجيا والأمكانيات الكبيرة والعلاقات المتشعبة اليوم هي بمثابة العراق عام 1991م وهل تتمكن الدول الغربية من جمع تحالف دولي ضدها بحجة اوكرانيا كماحصل للعراق في الكويت ؟
ان هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة الملحة ستجيب عليها الأيام القادمة دون شك ولكننا نستقرأ ان روسيا بقيادة بوتين ماضية في تحدي الحلف الأمريكي الغربي بشراسة وهي ترد بعقوبات مماثلة كلما فرض الغرب المسير امريكيا ً عليها بنوع من العقوبات جديد، اذ انها قد حسنت وارداتها من ثروتها النفطية والغاز بشكل كبير ، وقد تكون هناك تداعيات كبيرة على الأستثمار الأوربي في روسيا التي قد تلجأ الى طرق اكثر ايلاما ًللغرب كمصادرة الأصول والشركات الأجنبية ،وبالتالي فان هذا يولد ضغط من المستثمرين الأوربيين على حكوماتهم في اتجاه عدم الأنزلاق الى مثل هذا الوضع الخطير ،ويذكر الكثير من المحللين الأقتصادين الى ان العقوبات ستكون لها نتائج خطيرة على التعاملات النقدية والمصرفية الأوربية كما ان هناك استثمارات ضخمة في اوكرانيا ذاتها سيلحق بها اضرار فادحة مثل مشاريع الطاقة وحقول الغاز الأوكرانية .
أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي دميتري روغوزين أن المرحلة الجديدة من العقوبات على روسيا تهدف إلى إضعاف بلاده، ولكنها خطأ استراتيجي بالنسبة للغرب. وأضاف المسؤول الروسي أن الشعب الروسي يظهر انتماءه القوي في أصعب الأوقات. .
و تحاول روسيا تمتين علاقاتها بالدول الراغبة بالافلات من السيطرة والهيمنة الأمريكية في جميع انحاء العالم .
لقد تفنن الغرب في حروب الحصار مستفيدا ً من تعاضده كحلف موحد خلف امريكا وهو وان كانت انواع الحصار التي فرضها غير انسانية وغير لائقة لما وصل اليه الأنسان اليوم من تقدم في مختلف العلوم وتوسع المدارك واختلاط وتقارب الثقافات وتشابك المصالح ،غير انه يعتقد انه يحقق ما يبغي من اهداف من خلاله حتى ولو كانت غير انسانية ،كما حصل مع العراق وايران واليوم مع روسيا ،ولكننا نعتقد ان ما تملكه روسيا من ثقل دولي وقطعها شوط واسع في تمتين علاقاتها الدولية سيرجع السحر على الساحر وسيعاني الغرب من هذا الحصار الذي قد يتطور الى فعل وفعل مضاد له ، بين الخصمين القديمين الجديدين .

#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل