شكري شيخاني
الحوار المتمدن-العدد: 1288 - 2005 / 8 / 16 - 09:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عند مستديرة كفر سوسة ومقابل مبنى جريدة الثورة مباشرة, تطالعنا لوحة كبيرة كتب عليها:
( 18 نيسان 1996 ساحة شهداء قانا ذكرى المجزرة الوحشية) وهذه الساحة تعتبر من الساحات الإستراتيجية في عاصمة الأمويين دمشق الفيحاء. وللبقية الباقية من اللبنانيين الذين اعتصموا بالأمريكان والفرنسيين ,هؤلاء الذين لا يعرفون ما تعني كلمة قانا ولو أن الحدث الجلل كمجزرة هو على الأرض اللبنانية. نكرر القول بأن العدو الصهيوني وفي ظل رئاسة من يسمون أنفسهم بفصيل الحمائم ( شيمون بيريز ورفاقه ) ارتكب الإسرائيليون مجزرة وحشية بشعة بحق مواطنين أبرياء ,كانوا خليطاً من النساء والأطفال والشيوخ هذا الخليط الذي لا حول له ولا قوة التجأ إلى أحد ملاجئ البلدة قرب مقر قوات الأمم المتحدة, والمفترض بهذه القوات مراقبة الحدود ولكن كما تعودنا فالعدوان الاسرائيلي ليس له حدود أو جغرافيا أو رادع. و كان الإسرائيليون ينتظرون إشارة من عملاء جيش لحد لبدء الهجوم ( لاحظوا.. يتم الافراج عنهم في هذه الأيام ) أعود للقول ففي صباح الثامن عشر من نيسان من العام 1996 دك الإسرائيليون المنطقة بمن فيها بأحدث الصواريخ والقنابل العنقودية منها والمسمارية والنابالم وكل ما يخطر على بالنا من أسلحة مدمرة تم استخدامها في هذه الموقعة. إلى هنا والخبر قد مر عليه تسع من السنين لا أظن أنها فترة طويلة بالمعنى الزمني إذا ما قيست بذكرى كارثة هيروشيما وناغازاكي والتي مضى على حدوثها ما يقارب الستون عاما. أي أن الجرح اللبناني العربي في قانا ما زال ساخنا إذا ما استعرضنا صور أحد المواطنين اللبنانيين وهو أب لعائلة فقد ستة من أطفاله في وقت واحد وقد بثت جل الفضائيات صور الأب المفجوع بعائلته كنموذج لما حصل في 18 نيسان. وقد أكون متأكداً بأنه في لبنان كله طولا نيا وعرضا نيا لا توجد لوحة تذكر أبطال 14 آذار 2005 بما حصل في 18 نيسان 1996 وعقب ذلك أو بعده بقليل أيضاً دكت إسرائيل محطات توليد الكهرباء في الزهراني ومنطقة الجمهور وباتت بيروت ليال عدة على الشموع ولأن الهم اللبناني هو على الدوام شاغل سوري, سارعت سورية والتي ينبض قلبها بالعروبة لأي عربي فكيف بالعربي القريب جداً ,وتم إمداد لبنان بكهرباء عبر الشبكات المغذية للمنطقة, وليس سراً أننا عانينا ما عانيناه هنا في الداخل السوري لقاء توجهنا العربي القومي وهو بطبيعة الحال ليس منة إنما للذكرى, ولأن الغصة كانت كبيرة جداً تتحول إلى دمعة داخلية خفية في حلوقنا نحن المواطنين السوريين طالما تغنينا بكلمات الأخوة وسوا ربينا.
أعود والعود أحمد كما يقال إلى قانا وما تركته هذه المجزرة الرهيبة, وهي بطبيعة الحال ليست الأولى التي حلت بالوطن اللبناني, فلبنان عانى من الإسرائيليين تماما مثل ما عانى ولا يزال الشعب الفلسطيني الشقيق, ولأنني طفت مرتين أو ثلاث لا أذكر في هذه الساحة القانية وقد شملتها محافظة دمشق مشكورة بعنايتها ورعايتها ,وقد نثرت فيها الورود ونوا فير المياه. ويمكن للقادمين من لبنان أن يشاهدوا هذه الساحة. وعلى فكرة فان هذه الساحة هي أقرب كطريق بيروت إلى قلب اللبنانيين الشرفاء وحافظي الجميل من طريق ساحة 14 آذار 2005.
والقرار السياسي الذي تم اعتماده لتسمية الساحة باسم ساحة شهداء مجزرة قانا كان قراراً عربياً خالصاً وكان ترجمة صادقة لتوجه قومي وخطوة نحو التضامن العربي وصولاً للوحدة المنشودة.ولأن الهم اللبناني هو الشاغل السوري قيادةً وشعبا كانت التوجيهات بأن يفتح جسراً برياً إلى لبنان لتأمين أغلب مستلزمات المواطنين اللبنانيين من مواد غذائية وصناعية وبترولية وكهربائية, وكان من بين من وصلتهم هذه التعزيزات المعيشية أبطال ساحة الحرية أبطال الخلاص من سورية؟؟ منتفضي 14 آذار 2005, ومع كل ما جرى وسمع به المواطن العربي السوري من كلمات وجمل بحق سوريا قيادة وحكومة وشعبا,ومع كل ما جرى من نكران لكل ما قدمته سوريا بدءاً من الدم وهو أغلى ما يجود به الكريم إلى أمور عديدة يصعب ذكرها هنا ,أقول مع كل ذلك لم يتقدم مواطن سوري ,كبيراً كان أم صغيراً ليقطف وردة أو زهرة انتقاما من ساحة قانا ,لأن قانا تمثل صخرة الصمود العربي اللبناني ولأن شهداء قانا اللبنانية هم شهداء الأمة العربية,ولأن وقبل أي شيء المواطن العربي السوري هو نفسه أكبر وأرفع من الانتقام من وردة أو زهرة فكيف بالإنسان العربي اللبناني نفسه والذي يعيش بين ظهرانينا أخاً عزيزاً كريما مصانا في حياته وفي ماله وعرضه,ولأن كرامة الشقيق اللبناني هي من كرامة المواطن السوري,كانت الغصة كبيرة في الحلوق....لم يكتب على لوحة ساحة شهداء قانا في كفر سوسة أن هؤلاء الشهداء هم من لبنان لأنه بالأساس الهم اللبناني هو شاغل سوري, فكيف بالدم العربي اللبناني.
وما يبعث على الدهشة والاستغراب ومئات الإشارات الاستفهامية والتعجبية, لما يجري من مفاوضات ومساومات لتسوية أوضاع جنود جيش لبنان الجنوبي وهم المشاركين الفعليين في ذبح هؤلاء الشهداء من خلال عمالتهم لإسرائيل؟؟ وهكذا يصبح للخيانة وجهة نظر
تحية إلى أرواح شهداء مجزرة قانا
تحية إلى كل من يسقي ورود وأزهار ساحة شهداء قانا اللبنانية في قلب دمشق.
#شكري_شيخاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟