أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد الرازق أبو العلا - القمع في الخطاب الروائي العربي















المزيد.....

القمع في الخطاب الروائي العربي


أحمد عبد الرازق أبو العلا

الحوار المتمدن-العدد: 335 - 2002 / 12 / 12 - 00:48
المحور: الادب والفن
    


              
                                                                                
  
   كان الفيلسوف الإنجليزي ( توماس هوبز) هو أول من أشار إلى أن حالة الفوضى هي الحالة الطبيعية في حياة الإنسان، وأن المجتمع المنظم ، خلقه الإنسان بإرادته ، معارضا بذلك فكرة أر سطو التي تذهب إلى ( أن الإنسان مدني بطبعه ، وأنه يقبل علي الحياة في جماعة سياسية منظمة بفطرته )                            
   وحتى يقرب ( هوبز ) أهمية الخروج من الفوضى إلى النظام يسوق مثالا يدل علي مدي تمسك الناس بالنظام إذا مروا بتجربة الفوضى : " لقد جرت العادة ، عندما يموت الملك في فارس  في العصور القديمة ، أن يترك الناس خمسة أيام بغير ملك ، وبغير قانون بحيث تعم الفوضى ، والاضطراب جميع أنحاء البلاد ، وكان الهدف من وراء ذلك هو أنه بنهاية هذه الأيام الخمسة ، وبعد أن يصل السلب والنهب والاغتصاب إلى أقصي مدي ، فان من يبقي علي قيد الحياة بعد هذه الفوضى الطاحنة سوف يكون لديهم ولاء حقيقي وصادق للملك الجديد ، إذ تكون التجربة قد علمتهم مدي رعب الحالة التي يكون عليها المجتمع إذا غابت السلطة السياسية " أنظر في هذا الشأن كتاب " الطاغية " عالم المعرفة -1994                                                  
  ولعل هذا المثال يكشف لنا أن حاجة الناس إلى السلطة السياسية التي تنظم لهم حياتهم ، وهو ما يدفع الأنظمة إلى ممارسة كل السبل والوسائل التي بها تستطيع المحافظة علي السلطة لأطول وقت ممكن ، ومن ثم فإنها تمارس القمع باعتباره أداة من أدوات المحافظة علي هذه السلطة .                                   
 
ويشير الناقد ( عبد الرحمن أبو عوف ) في كتابه الهام ( القمع في الخطاب الروائي العربي ) الصادر ضمن إصدارات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، إلى أن القمع حالة مركبة ، وهذه الحالة ، وان بدت صغيرة وتحمل معني الدفاع عما هو قائم ، أو لتبرير الموقف في مرحلة معينة ، إلا أن استمرارها والتراكم الذي يحصل لها ، إضافة إلى التناقضات في المصالح والأفكار يجعلها تكبر وتزداد اتساعا وعنفا ولا شك أن من أسباب استفحالها الخوف من التغير من الآخر ، وأيضا الخوف من المستقبل المجهول .
   ومعني القمع في اللغة : قمعه و أقمعه .. أي قهره وأذله ( فانقمع ) ..                               
  والناقد يتحدث في كتابه عن المكونات الأساسية في الخطاب الروائي العربي المعاصر ، والذي يعد محور القمع والقهر الذي يتعرض له المثقفون والأدباء والفنانون ، واحدا من أهم هذه المكونات ، ويرجع السبب المسئول عن هذا إلى سيادة وسيطرة الأنظمة الشمولية علي  مقدرات الحياة السياسية في البلدان العربية
  ولكن لماذا الرواية ؟؟                                     
   لأنها تعتبر إحدى الوسائل التي يمكن – من خلالها – قراءة مجتمع ما ، ففيها نقرأ المجتمع بتفاصيله وهمومه ، تقرأ حياة الناس اليومية ، وأحلامهم ، وتحاول أن تشير إلى مواضع الألم والخلل ، إنها تفعل ذلك بطريقة مختلفة عن الشعر .                               
  وفي الدراسات التطبيقية التي ركز فيها ( عبد الرحمن أبو عوف ) علي أعمال عدد من كتاب الرواية في العالم العربي ، يحدد أن من يقرأ روايات ( عبد الرحمن منيف ) – حيدر حيدر – غالب هلسا – غسان كنفاني – صنع الله إبراهيم – جمال الغيطاني – فوزية رشيد – سلوي بكر – سحر توفيق – حنا مينه – الطاهر وطار – محمد زفزاف ).. الخ .. من يقرأ روايات هؤلاء يجد مشاهد سوداء مرعبة ، قاتمة من القمع والقهر ، تتجلى في المطاردة والاعتقال والتعذيب الجسدي ، والنفسي في عتامة أقبية السجون والمعتقلات ، إنها روايات تتعرض لظاهرة القمع وتقوم بكشفها وتعرية جذورها الدفينة ، وتعقد تركيبها من عوامل داخلية في تنمية المجتمع العربي وعوامل خارجية يوجهها ويحكمها الاستعمار العالمي ، فيتصدي ( عبد الرحمن منيف) لظاهرة السجن مباشرة في رواية ( شرق المتوسط في عام 1975 ) وفي روايته ( الآن هنا .. أو شرق المتوسط مرة أخري ) الصادرة 1991 ، والروائي السوري ( حيدر حيدر ) يقدم خلاصة مبلورة ، مكثفة ومركزة لخبراته الحياتية كمثقف مغترب منفي ، وذات واعية سياسيا بأزمة ومحنة الوجود العربي الممزق بمؤسساته القمعية في روايته : ( مرايا النار ) ..                                  
   وهذا الكتاب يعد إضافة جديدة للناقد ( عبد الرحمن أبو عوف ) تضاف إلى رصيد أعماله النقدية الأخرى ، ولعل من أهمها : تحولات الرواية العربية – مراجعات في الرواية والقصة – قراءة في الرواية العربية – تراجيديا الثورة والقهر في رواية الستينات.                                   
  وتأتي أهمية هذا الكتاب ، أنه يحدد أن الرواية العربية بتصديها لظاهرة القمع تستعيد غربة واستلاب الإنسان العربي ، وتدفعه لاسترداد وعيه ، وتثبت بذلك أنها سجل واسع للأصداء النفسية والاجتماعية والسياسية ، فالرواية هي ملحمة العصر الحديث ، وهي  بديل عن الموت ..                                     


 



#أحمد_عبد_الرازق_أبو_العلا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول الحوار المتمدن
- ثقافة العنف والإرهاب
- المثقفون والسلطة في مصر
- مقاومة التطبيع مشاهد من ساحة القصة القصيرة في مصر


المزيد.....




- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد الرازق أبو العلا - القمع في الخطاب الروائي العربي