أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد الرازق أبو العلا - مقاومة التطبيع مشاهد من ساحة القصة القصيرة في مصر















المزيد.....



مقاومة التطبيع مشاهد من ساحة القصة القصيرة في مصر


أحمد عبد الرازق أبو العلا

الحوار المتمدن-العدد: 328 - 2002 / 12 / 5 - 05:51
المحور: الادب والفن
    


 

في إحصائية قام بها؟ أحد الدارسين (1)، حدد من خلالها أن الإنتاج اَلرَّوَّائِي زاد بسبب هزيمة 1967 ، زيادة لافتة، ففي إحصاء عام ، وجد أن حصيلة الست سنوات السابقة على الهزيمة (سنة 1 96 1- 966 1) تصل إلى اثنين وتسعين رواية - الإنتاج الروائي العربي- في حين أن الرقم ارتفع بين عام (968 1-973 1) إلى مائة وسبع وستين رواية، وبينما حافظ إنتاج الرواية العربية بين 1 96 1 - 966 1 على معدل خمس عشرة رِوَايَة كل سنة، ارتفع هذا المعدل بين 968 1 - 973 1 ، إلى سبع وعشرين رواية كل سنة . * وتلك الأرقام ، تكشف عن أهمية الكتابة في مواجهة الأزمات ، وتؤكد على ضَرُورَتهَا في مقاومة الهزيمة؟ بالتعبير عن اَلْمَثَالِب ، وصولا إلى نتائج إيجابية تسهم إسهاما فعليا في تخطى أسباب الهزيمة، وصولا للنصر المرجو. . الإبداع من هذه الوجهة يعد أداة من أدوات المقاومة، ويمكن أن تستخدم عَبَّارَة (المقاومة بالإبداع ) قياسا على عبارة (المقاومة بالسلاح ). . إسرائيل نفسها - تعترف بأن (المثقفين العرب مادة انفجار ) فقد نشرت صحيفة إسرائيلية موضوعا جاء فيه "إذا كان المواطن العربي البسيط ، الفلاح والعامل وَالْحَانُوتِيّ مستعدا لإراحة نفسه من السياسة، فإن الشباب العربي المثقف يرى أن أساس حياته في القومية" وتقول : "إن الشعر هو أداة المثقفين العرب اَلِتَعْبِيرِيَّة، وهؤلاء المثقفون لم يسلموا للاحتلال ".
وحين كتب (محمود درويش ) عن الملامح التي تعطى صورة واضحة للطريق الذي يرسم للشعر في الأرض المحتلة، نراه ه يحدد تلك الملامح في التالي "حنين الغريب وراء الأسلاك الشائكة؟ الشهداء الذين يسقطون على الطرقات البعيدة ، الأطفال الذين يَنْظُرُونَ إلى الغد بلا عيون ، الشيوخ الذين زرعوا ولم يأكل أحفادهم ، القيد الذي يشد على اَلزُّنُود، الشعور بالغربة في أرض الوطن ، البيوت التي أصبحت أطلالا، أخبار الكفاح التي ينقلها إلينا المذياع ، كل هذه الأشياء الكبيرة و الصغيرة، ثروة خالدة لا تنضب ، يستمد منها الشعر أروع تجاربه وصوره وألوانه ، ويؤلف منها أبدع ا لملاحم "(2 ) . " ونحن نتفق مع ما ذهب إليه د. غالى شكري، حين ذكر أن هناك ثلاثة أنواع من أدب المقاومة، من حيث زمن المعالجة الذي يتراوح بين التنبؤ القبلي وبين الكتابة الموازية للحدث قبل وقوعه ، وبين التأريخ للحدث بعد انتهائه . ولأننا - في هذه الدراسة- اخترنا بعدا جَدِيدًا من أبعاد المقاومة- مقاومة التطبيع –وهو لم يكن مَوْجُودًا من قبل ، لأنه جاء نتيجة لمتغير سياسي معاصر فرض نفسه بعد توقيع معاهدة (كامب ديفيد) بين مصر وإسرائيل في 17 سبتمبر 1978 ، فإن الكتابات القصصية وهذا ما يعنينا الآن - جاءت بعضها لتعبر عن الحدث أثناء وقوعه ، ومعظمها تعبر عن الحدث بعد انتهائه، متناولة تداعياته ونتائجه .


مقاربة أولية لوقائع تاريخية الحدث هو معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ، وما يهمنا فيها - الآن - هو ما جاء في النقطة الثالثة من المادة الأولى فيها، والتي تنص على أنه "عند إتمام الانسحاب المرحلي المنصوص عليه في الملحق الأول ؟ يقيم الطرفان علاقات طبيعية وودية بينهما طبقا للمادة الثالثة (فقرة 3) التي تنص على أنه "يتفق الطرفان على أن العلاقات الطبيعية التي سَتُقَامُ بينهما ، ستتضمن الاعتراف الكامل ، والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، وإنهاء المقاطعة الاقتصادية وا لحواجز ذات الطابع التمييزى المفروضة ضد حرية انتقال الأفراد والسلع ، كما يتعهد كل طرف بأن يكفل تمتع مواطني الطرف الآخر الخاضعين لاختصاصه القضائي بكافة الضمانات القانونية.. الخ .. * ومن الملاحظ أن كل ما اتفق عليه ، قد تم وأكثر من المطلوب في مجالات ا لعلاقات الدبلوماسية وا لاقتصادية، وإنهاء ا لمقاطعة ا لاقتصادية، وإزا لة ا لحواجز ضد حرية انتقال الأفراد والسلع . نقول تحقق كل شيء، فيما عدا مجال واحد لم يتحقق فيه ، ما تم الاتفاق عليه ونعنى به (المجال الثقافي)، فليس هناك أي نوع من أنواع ا لعلاقات الثقافية بين مصر وإسرائيل منذ توقيع المعاهدة حتى الآن، ليس على المستوى الشعبي فقط ، بل على المستوى الرسمي، وإذا كانت هناك بعض حالات التطبيع الثقافي، فإنها حالات فردية، يتم مواجهتها أولا بأول ، لأنها تعد خروجا على الإجماع العام للمثقفين ، الرافضين للتطبيع ، والجبهة التي ترفع شعار رفض التطبيع مع (إسرائيل ) جبهة واسعة تضم عناصر وقوى شتى، وربما يوجد في داخل تلك الجبهة نفسها- كما يذهب إلى ذلك بعض المحللين - بعض العناصر التي ستتخلى رويدا رويدا عن مقاومتها المتشددة للتطبيع ، لو أن إسرائيل قامت بالانسحاب الشامل من كل الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 ، مع الاعتراف بالحقوق ا لمشروعة للشعب الفلسطيني، وستظل عناصر أخرى تنادى بأنه لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض ، لإيمانهم بأن الصراع العربي الإسرائيلي، صرا ع وجود، وليس صرا ع حدود..

وعقب توقيع المعاهدة، وفى 2 أبريل 1979 م ، تأسست لجنة الدفاع عن الثقافة القومية، إيمانا بأن ا لمعاهدة تعد تهديدا للثقافة القومية، وأصدرت بيانها الأول الذي أقرت فيه " أن الثقافة بمعناها الواسع تعنى أسلوب حياة شعب من الشعوب في مرحلة من مراحل تطوره التاريخي وأنساق قيمه ، ومحصلة منجزاته المادية والمعنوية التي تؤهله لتحقيق المزيد من التنمية المستقلة ، والانتقال إلى مرحلة تاريخية أكثر تقدما ، وفي ظل هذا المفهوم ، اعتبرت اللجنة الارتباط المصري الأمريكي الإسرائيلي ، ارتباطا يستهدف وقف التنمية المستقلة في مصر ، ويشكل بالتالي تهديدا للثقافة المصرية ، كما اعتبرت اللجنة أن التصدي لهذا الارتباط المصري الإمبريالي الصهيوني جزء لا يتجزأ من حركة التحرر الوطني العربية ومن مواجهة الصراع المحوري في المنطقة وهو الصراع العربي الإسرائيلي، ومن هذا المنطلق تثبت كافة قضايا التحرر الوطني في المنطقة ومن أهمها القضية الفلسطينية، وفى ظل ذات الإطار تصدت اللجنة للدفاع عن هوية الشخصية المصرية ضد مجموعة العوامل الخارجية والداخلية التي تسعى إلى وقف تطورها ، وإلى عزلها عن بعدها العربي، والقضاء علي منطلقاتها الوطنية التحررية المعادية للاستعمار والصهيونية، كما تصدت اللجنة لمحاولات التهوين من شأن منجزات الشخصية المصرية على مر تاريخ مصر الحديث ، والنيل من قدرات خبراتها الفنية، والتقنية بغية إشعارها بالدونية، وتهيئتها لتقبل المفاهيم التي ترسخ من النفوذ الاستعماري والصهيوني في أرضها . وبمنظور سياسي رتبت اللجنة كل أسبقيات عملها في المجال الثقافي، وجاء في مقدمة هذه الأسبقيات التصدي للتطبيع بين مصر وإسرائيل ، وخاصة التطبيع في مجالات الثقافة والإعلام والتعليم والتعاون الفني، إذ كانت هذه النشاطات هدفا رئيسيا من أهداف إسرائيل ، والولايات المتحدة بغية تطويع الشخصية المصرية للمقولات الصهيونية والاستعمارية، وهزيمتها من الداخل في نهاية " ا لمطاف (3).

* وتنشيطا للذاكرة، نذكر أن المرات القليلة التي سمح فيها لإسرائيل بالمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب ، كانت المظاهرات المناهضة، واحتجاجات المثقفين في مصر على أشدها ، وتحولت أرض المعارض بمدينة نصر، إلى ساحة قتال ومقاومة مسلحة، ولعلنا نتذكر (محمود نور الدين ) الذي قاد تنظيما مهمته هي مقاومة الصهاينة في قلب القاهرة، عرف باسم (ثورة مصر)، وقام بمفرده بأربع محاولات اغتيال لدبلوماسيين إسرائيليين ، كان أحدهم من أكبر رجال الموساد في الشرق الأوسط ، واسمه (البرت أتراكشي) في أغسطس 1985 ، ولم يكن وقت اغتياله معروفا بهذه الصفة، ومن ملفات القضية، نستحضر -هنا- بعضا من عباراته التي ذكرها لرئيس نيابة أمن الدولة العليا يقول : "بعد عدة شهو ر ( من المعاهدة كانت قد اختمرت في ذهني فكرة مقاومة الضغوط الواقعة على القيادة السياسية في مصر، وتمارسها أمريكا وإسرائيل ، خاصة في مجال التطبيع ، فأسست منظمة ثورة مصر ،من بعض ضباط القوات المسلحة المصرية ، والمدنيين ، وغيرهما ممن اتفقوا معي في العقيدة والفكر الناصري المتجدد، والذي يحوى باختصار مبادئ ثورة 23 يوليو، وإنجازات الزعيم الخالد( جمال عبد الناصر)، وبدأ العمل العسكري بعد أن وجدت ضرورة وجوده في الساحة المصرية، ليعلم العالم كله ، وخاصة أعدا ءنا من الصهيونيين ، ومن يؤيدونهم ، ويمدونهم بالمال والسلاح ، أن في مصر رجالا وضعوا! رءو سهم على أكفهم في سبيل هذا الوطن ، وأن مبادئ ثورة 23 يوليه وزعيمها جمال عبد الناصر لم ولن تموت ، وبدأنا بالفعل أول عملية مسلحة لنا بالمعا دى ضد مسئول إسرائيلي، اتضح أن اسمه (زيفى كدار)، كما اتضح فيما بعد أنه كان في عائدا من مقابلة سرية وسريعة لمدة ساعات بين عيزرا وايزمان الوزير الإسرائيلي والسيد الرئيس حسنى مبارك، والذي استنتجنا فيما بعد كما نشر، وكما قرأنا أنها كانت لممارسة الضغوط الإسرائيلية للإسراع في التطبيع ، وبالنسبة لهذا الحادث ، فهو أول حادث تقوم به منظمة ثورة مصر". - وفى شهر مارس من عام 1986 ، تم مهاجمة السيارة الإسرائيلية وأطلق الرصاص على ركابها الأربعة العاملين في الجناح الإسرائيلي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب ، وقتلت إحدى الإسرائيليات . وأصيب الركاب الثلاثة.. وبتعدد هذه الأحداث ، وبتصاعد تيار المقاومة، امتنعت المؤسسة الرسمية عن الموافقة لإسرائيل بمشاركتها في المعرض الدولي، على الرغم من الإلحاح الدائم والمستمر الذي تقوم به إسرائيل حتى اليوم . * ولعلنا نذكر المجند الريفي (سليمان خاطر) الذي قاوم الإسرائيليين على طريقته ، حين أطلق الرصاص في يوم ه يونيه من عام 1985 ، على أثنى عشر سائحا إسرائيليا، قتل منهم سبعة أشخاص ، وكان مجندا ضمن قوات الأمن المركزي العاملين على حراسة منشأة سياحية في سيناء. ، - ونتذكر كذلك (ايمن حسن ) الذي قتل - بمفرده - عشرة أفرا د إسرائيليين .
* صور متعددة للمقاومة الشعبية، ليس للوجود الإسرائيلي في مصر فحسب بل رفضا للتطبيع الذي يتيح للصهاينة حرية الحركة والسير في شوارع القاهرة وعلى أرض سيناء، التي شربت رمالها دماء آلاف الشهداء من الجنود المصريين . ونتيجة لهذا الرفض المتصاعد، والمقاومة الفعالة نرى الإسرائيلي المتواجد على أرض مصر، يشعر - الآن - بأنه مطلوب للقتل ، لا يشعر بالأمان ، ربما لأنه يعلم أن فعل المقاومة الفطري، ما زال قائما، وما زال مستمرا، لم تخمده الاتفاقيات ، فها هو (ساسون سوميخ ) رئيس المركز الأكاديمي الإسرائيلي في مصر، يصرح لصحيفة (معاريف ) الإسرائيلية بأنه - في مصر- يشعر بالعزلة ويصرخ : لا أعرف متى سيقتلني المصريون ؟إ(4). يقول : “إن عدد زوار المركز الأكاديمي الإسرائيلي في القاهرة، يتغير تبعا للجو العام ، فعندما يكون هناك تحريض لا ينقطع ، يمتنع الأشخاص عن المجيء، وفى الأيام الهادئة يأتى الطلاب والباحثون للاستعانة بمكتبة المركز ويحضرون المحاضرات التي يلقيها الضيوف الإسرائيليون ، فقد نجح لوقا أليتاف - على سبيل المثال - في إثارة فضول المصريين في محاضرته عن مشروع نيتسانا ، وكذلك الأديب (إيلى عامير) الذي استضافه المركز ليلقى محاضرات عن أعماله الأدبية، وقد قرأ الذين يعرفون العبرية في مصر بشغف روايته (الديك الذهبي) ..إنني حزين لعدم تطور الأمور في الاتجاه الصحيح ، ولولا العداء المحيط بنا لاستطعنا أن نفعل الكثير، إنني لم أكن أعرف مدي قوة الغضب علينا في مصر، قبل وصولي إلى القاهرة، ولم أكن أعرف أيضا أن في مصر أناسا لم يتعودوا بعد على حقيقة أن لإسرائيل حقا طبيعيا في الوجود، وفى هذا الصدد فإن المركز الأكاديمي الإسرائيلي يمثل عقبة أمامهم ". ويتحدث عن الكاتب المسرحي، الوحيد، الذي خرج على إجماع المثقفين المصريين في مقاومتهم للتطبيع ، حين قام بزيارته المشئومة إلى إسرائيل يتحدث قائلا: "على سالم " وهو - أديب ومسرحي- قرر في يوم من الأيام أن يرى من هم هؤلاء الأشخاص ، فتزود بتأشيرة سياحية دخل بسيارته الخاصة وذهب إلى إسرائيل ، وقد جمع انطباعاته التي خرج بها بعد ثلاثة أسابيع من المحادثات العارضة، واللقاءات التي كانت تستمر حتى الساعات الأولى من الصباح ، في كتاب "رحلة إلى إسرائيل "، وبعد أن ذا ع خبر زيارته في القاهرة شنت ضده حملة تشهير وحشية، تضمنت أيضا - تهد يدات بقتله ، كذلك (عادل إمام ) ممثل السينما الأول في العالم العربي، فاجأ جمهورا كبيرا جاء إلى معرض الكتاب بالقاهرة، بإعلانه تأييده للتطبيع ، وعزمه على زيارة إسرائيل ، فتوسل إليه ألا يخون ، واضطر إلى التراجع عن مشروعه خجلا، إن جبهة الرفض المصرية لا يهدأ لها بال ولا تستريح ، لقد أقسم (سعد الدين وهبه ) بصريح العبارة بأنه سيدمر كل أثر وذكر للتطبيع ، وقطع علي نفسه عهدا، بألا يكون لإسرائيل موطئ قدم في عالم الثقافة المصرية، وهدد بطرد أي ممثل يضبط متعاونا مع العدو الصهيوني، من النقابة، وبأنه لن يمكنه من إيجاد عمل ". نقول باستثناء (على سالم ) لم يوجد أحد آخر - من المثقفين - يتعاون مع إسرائيل ، بأي شكل من الأشكال التي يمكن أن تخرق قرار مقاومة التطبيع ، سوي المجموعة التي أطلق عليها (جماعة كوبنهاجن )، وكان

الكاتب الراحل (لطفي الخولى)، هو أشهر أفرادها فتمت مقاطعته هو الآخر. - ومن الطريف أن (على سالم ) صاحب كتاب (رحلة إلى إسرائيل ) الذي كتبه في عام 1994 ، كان قد كتب مسرحية قصيرة بعنوان "الملاحظ والمهندس "( 5) ناقش فيها فكرة الأمن والأمان ، تلك التي طرحت إبان اتفاقية (كامب ديفيد)، وكانت إسرائيل ترددها كثيرا، وتتخذها تكأة لتبرير ما تفعله ، في مسرحيته تلك ، نراه يؤكد أن (الأمن الشخصي) الذي يبحث عنه الملاحظ في المسرحية، سببه الإحساس بالغربة في المكان ، سببه التواجد على أرض غير أرضه ، المسرحية تقول : إنه لن يشعر بالأمان أبدا، من تواجد على أرض لا يملكها، سيظل ساهرا أبدا لا ينام ، مجرد عقرب صغير يقلقه ، فيواجهه بالمسدس والبندقية(6) . وأتساءل : هل كان (على سالم ) يخدعنا حين تناول هذه الفكرة، أم أنه يرى الآن أن من حق المهندس أن يحيا ، ويعيش في أمان ، لأن الأرض أرضه ، والملاحظ أو (الفلسطيني) مدلس كاذب ؟ يقول في كتابه (رحلة إلى إسرائيل ) الأمن يستند للحق الشرعي الذي تحميه القوة ص ه 16، ونقول : هل وجود إسرائيل في هذه المنطقة يعد حقا شرعيا، وهل اضطهاد الشعب الفلسطيني صاحب الحق الأول يعد السبيل الوحيد للمحافظة على الأمن في المنطقة(7)، لقد كانت هذه المسرحية نموذجا للمسرح الذي يعكس روح المقاومة، وجاءت موازية للحدث التاريخي أثناء وقوعه والسؤال الآن : أين ذهبت هذه الروح ؟! وغضب (ساسون سوميخ ) من سعد الدين وهبه : جاء في صالحه تماما، فمواقفه من التطبيع معلومة للجميع ، حتى أن إسرائيل ذكرت في إذاعتها - يوم وفاته - أن عدوها الأول قد مات إ لقد عاش ومات وهو يؤمن بأن العرب ما زال في أعماقهم يقين بالغدر الإسرائيلي، والذي قيل ويقال عن سقوط الحاجز النفسي، يعنى سقوط هذا الحاجز عند الذين يقولون به فقط ، وليس عند الشعب المصري، أو غيره من الشعوب العربية، ونراه يعبر عن موقفه ضد التطبيع في مسرحيته الأخيرة (المحروسة2015)، التي أثارت الفزع في نفس الكاتب (محمد حسنين هيكل ) حين كتب مقدمة لها، تساءل . أترى أن هذه الصور التي يرسمها (سعد الدين وهبه ) واردة في مستقبل ما يجرى في مصر بعد ذلك النوع من السلام مع إسرائيل ، وبحثا عن الإجابة قام بسؤال (سعد الدين وهبه ) -.عما إذا كان يتصور أن مشاهد نصه المسرحي واردة بالفعل في الواقع ، فكان رده "إنه لم يفعل في نصه غير أنه وصل بالاحتمالات إلى نهايتها المنطقية"، وعلى الرغم من أن المسرحية تشير إلى المخاطر التي يمكن أن تصيب الوطن من جراء الاستسلام للتطبيع والسعى نحوه لدرجة أنه يرى أن "الوضع إذا استمر على ما هو عليه ، سنصل إلى المرحلة التي تصبح فيها لإسرائيل اليد الطولي في كل شئ" أقول على الرغم من هذه الرؤية السوداء، إلا أنه في نهاية المسرحية يقدم رؤية متفائلة، حيث نرى الفلاحين يرفضون تدخل إسرائيل ،في كل شئ، خاصة عندما طلبوا - في المسرحية- استئجار قناة السويس !! يثورون ويطردون إسرائيل ، وهى النهاية التي يتمناها الكاتب على المستوي الواقعي. وتعد صرخة (صابحة) في نهاية المسرحية رسالة تحذير لكل المطبعين . تقول "معقول يحصل في المحروسة اللي عمره ما حصل ، معقول يتحكم فيها شوية لصوص وقطاعين طرق ، معقول رجالتها يسيبوها في إيد اللى يسوى واللى ما يسواش ، طبعا مش معقول ، لا يمكن دا يحصل ، والمحروسة ماعادش فيها حد، لا راجل ولا ست ، ولا عيل ، كلهم حيدفعوا دمهم قدام اللى يفكر يحط إيده عليها تانى".

المقاومة فعل إنساني عام
:

إن روح المقاومة قد تسربت - بوعي أو بدون وعى- من نفوس عدد من المثقفين العرب ، الذين صدقوا أن الصلح مع إسرائيل أمر واقع ، ربما لعجزنا عن المواجهة، وربما لعدم قدرتنا على القيام بحرب جديدة، وهذا ما دفع عبد الرحمن الأبنودى إلى أن يقول في قصيدة له كتبها عند زيارة السادات لإسرائيل : من بوابات العالم الثالث بتخرج مصر. . ولكن ما يعنينا الآن ، هو التركيز على روح المقاومة الفعالة، لأنها هي القاعدة، أما الاستثناء، فلا تأثير له؛ ولتأكيد أن المقاومة تعد فعلا إنسانيا عاما ، نرى أن (شكسبير) الإنجليزي، وليس العربي حين قدم شخصية (شيلوك ) اليهودي في مسرحيته (تاجر البندقية)، قدمه في موقف أصر فيه أن يقتطع رطلا من اللحم الحي من جسد رجل مدين له ، وفاء للدين ، إن إسرائيل تقاوم هذا النص الإنجليزي باعتباره معاديا للسامية(8) تفعل هذا ، مثلما فعلت من قبل مع نص (يسري الجندي) الذي كتبه تحت عنوان (اليهودي التائه )، وحين عرض على خشبة المسرح المصري في الثمانينيات ، قدمت إسرائيل احتجاجا إلى الحكومة المصرية، اتهمت فيه الكاتب بمعاداته للسامية !! كشكسبير الذي لم ير من فظائع الصهيونية وممارساتها شيئا. * إن اليهودي التائه عند (يسرى الجندي) الذي ("حقت عليه لعنة الحضارة الغربية منذ طرد الرومان لليهود من القدس في القرن الرابع الميلادي، وطارده المجتمع المسيحي الأوروبي عبر القرون من العصور الوسطى إلى مذابح روسيا القيصرية طوال القرن الماضي، حتى أفران النازية قبل منتصف القرن العشرين ، هذا اليهودي علمته تجربة الاضطهاد في الغرب أنه يعيش في عالم الذئاب ، ولا يستطيع هو أن يكون ذئبا، ولكنه قرر أن يتحول إلى ثعلب أو ضبع : الماكر آكل الجثث ، ليتحول الاستعطاف والمال والجنس والدين والأساطير إلى أسلحته التي يغوى بها العالم حتى يثأر لنفسه من الاضطهاد، وهو لا يستطيع أن يثأر ممن اضطهدوه ، لأنهم أقوياء، فلماذا لا يقنعهم بأنه خير خادم لهم ، إذا استخدموه في مساعدتهم في افتراس فريسة أخرى، ولتكن هذه الفريسة جزءا من الشرق على بابه ، وفى منتصفه قاعدة للحراسة، والمراقبة، والضرب عند اللزوم ، لتتحول فلسطين إلى إسرائيل ، ويسحق (سرحان بشارة) وشعبه ، فماذا يهم اليهودي التائه إن استطاع أن يحول لعنة المسيح إلى لعنة لغيره ، سيحصل على وطن ، وليتحول غيره إلى التيه ، يموت فيه أو يخلد، لا يهم "(9). والمقاومة باعتبارها فعلا إنسانيا عاما، تجعلنا نتذكر (ديستيوفسكى) حين كتب شهادته عن اليهود الروس في مقال سماه (المسألة اليهودية)، وتوقع فيه قيام دولة إسرائيل منذ مائة سنة (10) يقول : "لا أستطيع أن أصدق صراخ اليهود الذين يدعون أنهم مضطهدون ومعذبون ومهانون إلى هذا الحد الذي يزعمون ، وفى رأيي أن الفلاح الروسي، بل أي فرد روسي بشكل عام يتحمل من الأعباء أكثر مما يتحمله اليهودي". ثم يتحدث عن إيمانهم بمبدأ (الاختيار الحر لمكان الإقامة). . ويتساءل : هل ترى أن الإنسان الروسي حر، حرية مطلقة فيما يتصل باختيار مكان الإقامة، أليست باقية حتى الآن ، تلك القيود المفروضة على حرية اختيار مكان الإقامة لدى المواطن الروسي، تلك القيود التي خلفها نظام الرق والتي التفتت إليها الحكومة منذ زمن ؟؟ أما فيما يتعلق باليهود، فإن الجميع يرون أن حقهم في اختيار مكان الإقامة قد توسع توسعا كبيرا في العشرين عاما المنصرمة، لقد ظهر اليهود على كل حال في روسيا في المناطق التي لم يرهم فيها أحد من قبل ، ومع ذلك فإن اليهود ما زالوا يواصلون شكواهم من الحقد والاضطهاد(11 ). .

حرب التطبيع :

حين نتحدث عن الأدب المقاوم في مصر، لابد أن نتذكر - على الفور- الأدب المقاوم في فلسطين المحتلة ة باعتباره نموذجا، خاصة وأنه يتعرض لعلو مشترك هو إسرائيل .. إن الإبداع الفلسطيني في الأرض المحتلة يقوم بدوره الفعال ، وهو بحق النموذج الأمثل الذي يحتذى به ، فلقد كانت أشعار سميح القاسم ومحمود درويش وهارون هاشم رشيد وفدوى طوقان وغيرهم ، بمثابة بيانات للثورة الفلسطينية التي لم تخب شعلتها بعد، لقد ساعدت في إذكاء روح المقاومة التي بدأت منذ عام 1948 حتى الآن ، ولعل انتفاضة الحجارة تؤكد على روح المقاومة الفعالة برغم التصالح ، وبرغم اتفاقيات السلام المبرمة بين كل الأطراف ، ولقد تسربت روح المقاومة من الشعراء لتذهب إلى كتاب القصة والرواية، فقرأنا أعمالا لغسان كنفاني وتوفيق فياض وحليم بركات ، وإميل حبيبى ورشاد أبو شاور وسحر خليفة وجبرا إبراهيم جبرا .. وغيرهم ، وكلما ازدادت المواجهة، اتسعت ساحة المقاومة. فلقد أصبح أدب المقاومة في فلسطين المحتلة متميزا بهذه الرؤية العميقة التي يتحدث عنها (غسان كنفانى) لأنه "يقاتل على أكثر من جبهة، وسيكون من المدهش حقا أن يرى الدارس ، في إنتاج أدباء الأرض المحتلة، إدراكا مبكرا ، عبر الشعر والقصة والمسرحية، لكثير من معطيات الموقف الذي اكتشفه الأدباء العرب أو على وشك أن يكتشفوه في مختلف البلاد العربية، على العموم في أعقاب حزيران 1967 .. إن أدب المقاومة في فلسطين المحتلة قد ربط ربطا محكما بين المسألة الاجتماعية والمسألة السياسية، واعتبرهما طرفين من صيغة لابد من تلاحمهما لتقوم بمهمة المقاومة وقد مضى ذلك الأدب إلى أبعد من هذا ، حين أدرك في وقت مبكر أيضا، الترابط العضوي بين قضية مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وبين قضايا التحرر في البلاد العربية وفى العالم ، وعلى هذه الجبهات جميعها بكل تعقيداتها ، خاض أدب المقاومة في فلسطين المحتلة معركة التزاماته "(12).
* إن العبارة التي قالها (غسان كنفانى) هنا، ومؤداها : إن أدب المقاومة في فلسطين المحتلة قد ربط ربطا محكما بين المسألة الاجتماعية والمسألة السياسية واعتبرهما طرفين من صيغة لابد من تلاحمهما لتقوم بمهمة المقاومة. أقول : إن هذه العبارة على جانب كبير من الأهمية، لأن إلغاء المسألة الاجتماعية والتركيز علي المسأ لة السياسية في المعالجة، والتناول سيؤدى - لو حدث - إلى دعائية أدب المقاومة ومباشرته ، وبالتالي ستنتهي رسالته لو زال السبب ، ومن ثم لن يكون له أي دور في مراحل تاريخية لاحقة، وهذه النقطة تحديدا وجدناها - كذلك - في أدب مقاومة التطبيع في مصر، أو أدب حرب التطبيع - إذا صح التعبير ولذلك سيكون لهذا الأدب - لو وجد اهتماما من المبدعين - دوره في المواجهة التي أرى أنها لم تنته بعد بيننا وبين إسرائيل ، ولو صدق أن الحرب العسكرية قد انتهت ، أو صدق أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب كما ذكر (أنور السادات ) فإن حرب ا لتطبيع قد بدأت ا لآن ، خاصة وأن إسرائيل لا تتراجع عن مواقفها ، وعن أطماعها التوسعية، واستفزازاتها ، وتعنتها مع العرب داخل الأرض المحتلة، وخارجها حتى مع الدول التي تقول إنها : دول صديقة ! - ونجد -ا أيضا- (أدب المقاومة) يرتبط بالبعد العربي، باعتبار أن الصرا ع مع إسرائيل ليس فلسطينيا فقط ، بل عربيا خالصا. .

مشاهد من ساحة القصة :

* في الإسكندرية تعرف كاتب ، لم يكن - وقتها- معروفا اسمه (نعيم تكلا) على (ساسون سوميخ) - الذي تحدثنا عنه في مقدمة هذه الدراسة- فأبدى اهتماما بأعماله وساعده على نشر مجموعة قصصية اسمها "قفزات الطائر الأسمر النحيل " في عكا عام 1983 ، وكتب له مقالة في مقدمة المجموعة، ثم واصل - بعدها- النشر هناك ، حتى وصلت أعماله المنشورة إلى ثلاث مجموعات ، وربما كان لهذا الموقف تأثيره على كتاب القصة في الإسكندرية، هؤلاء الذين كتبوا قصصا عديدة تعبر عن رفضهم للتطبيع ، وجاءت أعمالهم - مجتمعة- تعبيرا، وإعلانا مبكرا عن حالة حرب التطبيع ) ونحسب لهم . فضل الريادة في ذلك . ولعل أول من كتب قصة في هذا الإطار هو الكاتب (رجب سعد السيد) من الإسكندرية وإن سبقه إلى ذلك (جمال الغيطانى) كما سيتبين لنا في هذه الدراسة(13). * ولقد كان لموقف أدباء الإسكندرية المعلن تجاه (نعيم تكلا) ، ومقاطعتهم له ، أثرا جعله يعلن توبته ، ورغبته في العودة إلى صف المثقفين المناهضين للتطبيع . أعلن ذلك في رسالة وجهها إلي مجلة (القاهرة)، وقام د. غالى شكري بنشرها ، وعقب عليها في عدد يونيه 1993 م قائلا: "من المؤكد أنك كلما اقتربت بأقوالك وأفعالك من القاسم المشترك بين المثقفين المصريين والعرب حول مفاهيم السلام والتطبيع ، وجدت قبولا لك ، ولأعمالك ، ولحضورك الثقافي، فليست هناك مواقف نهائية من شخصك أو كتاباتك "(14). * كما ذكرت كان (جمال الغيطانى) هو أول من كتب قصة يتناول فيها مو ضوع التطبيع ، كتبها بعنوان (نوبة حراسة)(15)، وفيها نرى الجندي الريفي المجند، المكلف بحراسة ذلك المبنى الذي يوجد به مقر السفارة الإسرائيلية في قلب القاهرة، لا يدرى شيئا، ولا يعلم أي شيء يقوم بحراسته ، فقط يقوم بمراقبة كل ما يدور من حوله ، ويتأمل ما يحدث ، فيشعر في سريرته أن الأمر جلل ، وأنه مكلف بحراسة شئ هام وخطير، نتيجة للاهتمام الذي لمسه من الآخرين ، فازداد خوفه ، وازداد وجله ، وحتى لا تسيطر عليه هذه المشاعر فتهلكه ، أخذ يتابع النسوة العاريات اللاتي يمررن أمامه ، لكنه لا يشعر بمتعة المتابعة، أو المراقبة، وهربا من كل هذا يعود إلى الوراء متذكرا أيامه الجميلة في قريته ، مع أهله وأصدقائه ، هو واحد من أبناء الطبقة الفقيرة، لا يهمه شيء سوي أن يكون سعيدا ، هانئا وآمنا، لكن (نوبة الحراسة) المكلف بها، تخطف السرور من نفسه ، وتؤجج مشاعر الخوف والقلق والترقب ، فيقرر التخلص من كل هذا، ويتوجه بسلاحه ناحية المبنى الذي يتولى حراسته . ونلاحظ أنه لأول مرة تهتم القصة القصيرة بمكان الحدث ،، الذي هو مبنى سفارة العدو، المكلف بحراسته جندي مصري ، كان بالأمس القريب يدافع عن الوطن ضد العدو نفسه الذي أصبح صديقا اليوم ، وتلك هي المفارقة التي تنقلها القصة، وإن لم تحددها بشكل مباشر، المفارقة التي تعكس تناقضا يثير الشفقة والاندهاش ، فكيف يقوم جندي مجند بحراسة مبنى يقيم بداخله العدو، إنه يقف مدافعا بغير إرادته ، .وهذا نتيجة من نتائج معاهدة ( كامب ديفيد) التي أُتفق في البند الثاني من مادتها الثالثة على أن "يتعهد كل طرف بأن يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية وأفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه ، أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة على أراضيه ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر، كما يتعهد كل طرف بالامتناع عن التنظيم أو التحريض أو الإثارة أو المساعدة أو الاشتراك في فعل من أفعال الحرب ، أو الأفعال العدوانية أو النشاط الهدام ، أو أفعال العنف الموجهة ضد الطرف الآخر في أي مكان ، كما يتعهد بأن يكفل تقديم مرتكبي مثل هذه الأفعال للمحاكمة"(16). والقصة الثانية التي تعبر عن مقاومة التطبيع ، هي قصة (انزل) للكاتب : (رجب سعد السيد)، وتعد القصة الأولى للكتاب الذين يعيشون في الإسكندرية، وجاء ت كرد فعل رافض للمطبعين ، خاصة إذا كان أحدهم منتميا لفئة المثقفين ، من أمثال زميله من الإسكندرية (نعيم تكلا) جاءت قصته تلك لتعكس بعدا هاما من أبعاد (أدب المقاومة) - أشرنا إليه من قبل - وهو الربط المحكم بين المسألة الاجتماعية والمسألة السياسية، فبطل القصة يعمل بوظيفة كتابية في مجمع المحاكم ، ،المسمى بالحقانية والكائن بميدان المنشية، ويعمل - بالإضافة لوظيفته - سائقا على سيارة اشتراها بالتقسيط و(أمامه سنة لتصبح ملكه )، ولذلك نراه حريصا كل الحرص على شيئين : أولهما: أن يعمل بشكل منتظم حتى يحقق ربحا. ، ثانيا :أن يكون قريبا من منطقة عمله ، ليستطيع التوقيع بالحضور والانصراف دون أن يلحظ زملاؤه أسباب تغيبه ، أو تأخره عن العمل ؛ونعلم - من خلال السرد القصصي - أنه حصل على رخصة قيادة (درجة أولى) بعد أن أنهى خدمته في الجيش وكان مجندا كسائق ، ونعلم أنه قد وقع في الأسر، وأحرقوا له العربة، أثناء قيامه بنقل الذخيرة من منطقة وسط القناة أثناء حرب 1973 ، وعند رجوعه ليحمل شحنة جديدة، وجد دبابات العدو تحيط به من كل جانب. وحرصه الدائم على أن يكون خط سيره من بيته في (الورديان ) إلى الحقانية، يجعله يفشل في التقاط أي راكب ، لأنه يتهرب من الذي يطلب نقله إلى مكان بعيد.. وخروجا على هذه القاعدة يجد رجلا يفرض نفسه عليه "عند الاستدارة الحادة في الطريق بعد الفندق الكبير، أمام سور حدائق قصر المنتزه ، تهيأ له أن رجلا يطلبه ملوحا بيده ، قد كان تخطاه قليلا، توقف وتراجع إليه ، ومرق إلى داخل السيارة، لم يسأله عن وجهته ، ولم ينطق الرجل ، كان يتنفس بعمق وبصوت مسموع ، وكان معطف المطر يصدر أصواتا وهو يحك كفيه ببعضهما البعض ، نظر إليه في المرآة العاكسة، رأى قبعة سوداء على رأسه ، فكر في أن يكون سائحا أجنبيا، في نفس اللحظة سمعه يتكلم بلغة عربية واضحة"، وأثناء الطريق ، اعتمادا على لغة الحوار بين السائق والراكب الأجنبي نعلم أن الراكب تخلف عن فوج سياحي، فانتهز الفرصة ليتجول وحده في شوارع الإسكندرية وحواريها، فكل مكان فيها له ذكرى لديه ، نجده يعرف أسماء الشوارع ، ويعرف أغاني عبد الحليم حافظ ، ونعلم أنه ولد في الإسكندرية، ثم غادرها وهاجر منذ عام 1956 ، وكان في العشرين من عمره ، وعندما يسأله السائق إلى أي مكان هاجر، يخبره إنه إسرائيلي !!. . وبرغم حاجة السائق إلى النقود، وبرغم الوقت الطويل الذي أضاعه مع هذا الراكب أثناء الانتقال به من مكان إلى مكان ، نراه وفى لحظة خاطفة يستوعب الأمر "وتحركت قدماه ، وصرخت عجلات السيارة المتوقفة تنزلق على الإسفلت المبتل ، دارت السيارة دورة، وكادت تصطدم - قبل أن تتوقف - بعمود النور، بعد أن صعدت مقدمتها الرصيف الوسط بطريق الكورنيش ، كان الراكب يتساءل مذعورا، وكان السائق يفتح الباب بجانبه ويسرع - في المطر- إلى الباب الآخر ليفتحه صامتا مكفهر الملامح مشيرا للراكب أن يخرج ، ارتفع صوت الراكب مستنكرا ومحتجا، ابتل شعر السائق ووجهه وملابسه بالأمطار.الغزيرة، كان يرتعش كمحموم ، وكانت عيناه تبرقان بحدة، امتدت يده وقبضته على كتف الراكب تشده ، وكان يزجره بصوت صارخ رافض : إنزل ،وتنتهي القصة . هذا نموذج آخر يرفض التطبيع ، حتى لو جاء الرفض على حساب (أكل العيش )، على حساب احتياجاته وظروفه القاسية، نموذج من الطبقة المتوسطة، نضعه جنبا إلى جنب نموذج الجندي في قصة (جمال الغيطانى) والذي يمثل الطبقة الدنيا المطحونة، هؤلاء هم إذن الذين يقاومون التطبيع ، لأن هؤلاء هم الذين دفعوا الثمن من قبل ، وسيدفعون الثمن من بعد، وعلى الرغم من أن السائق ، أثناء حواره مع الراكب الذي لم يكن يعرف هويته بعد، قد ذكر أنه (لا أحد يحب الحرب ) ردا على عبارة الراكب أثناء حواره معه حين قال "الحروب تدمر كل شيء، السلام نعمة كبيرة "، أقول على الرغم من موقفه هذا ، إلا أنه لم يقبل لنفسه أن يكون خادما لهذا الإسرائيلي، مهما كان الأجر الذي سيأخذه منه إ! ومهما كان موقفه من السلام ، لأن العداء، عداء تاريخي ليس من السهل نسيانه بمجرد إبرام المعاهدات ، فتلك مسألة سياسية. أرأيت معي كيف أن المسألة الاجتماعية فضلا عن البعد العربي لفكرة المقاومة لهما تأثيرهما البالغ في توصيل الدلالة، وتأثيرهما على قوة الأثر . * وتأتي قصة (تكوينات هلامية)(18) للكاتب (محمد جبريل ) لتقدم رؤية جديدة في منظومة الكتابات الرافضة للتطبيع والمقاومة له والداعية للحذر من الأطماع التوسعية لعدو ما زال عدوا رغم معاهدة الصلح ، فالأب - في القصة- يتذكر ما حدت له في الماضي حين كان يعمل مترجما في شركة يديرها (الخواجة ليفى) اليهودي، والذي سافر فيما بعد إلي إسرائيل ضمن الأفواج الأولى لليهود المصريين ، إذن فزمن الأحداث يعود إلى ما قبل ثورة يوليه 1953، يتذكر يوم أن طلب من الخواجة (ليفى) أن يوافقه على التقاعد، مدعيا أن صحته لم تعد تسمح له بالعمل ، إلا أن الخواجة يطلب منه ا لاكتفاء بالعمل مع وعد بزيادة الراتب ، وا لأب - ا لآن - يتذكر أنه قد عمل لديهم فترة، ويعرف أسرارهم ، ولذلك نراه يعيش في خوف شديد، بعد أن روى لأبنائه أن الخواجة (ليفى) يختبئ في بئر السلم ، وأنهم يريدون قتله لأن صدره مليء بالأسرار، وهم يخشون أن يذيعها ، ومقاومته لهذه المؤامرة التي يشعر بها ، تدفعه لكي ينقل شعوره وأحاسيسه الغامضة إلى أبنائه وفى نفس الوقت تدفعه إلى المذاكرة في قواميس اللغة، على الرغم من تقاعده يقول : إذ ا نسيت اللغة نسيت كل ما أعرفه من أسرار، وهذا ما لن أمنحه لهم ، ونراه حتى النهاية ينقل مخاوفه وخبرته إلى أبنائه ، لعلهم يستيقظون ، ولعلهم يتخذون - معه موقفا تجاه ما يحدث ، وفى رحلة المقاومة، نراه في نهاية القصة مكورا- في الأرض - على جنبه، وعيناه مبحلقتان في سكون جامد غريب . !ن القصة برغم بساطة المعالجة- تنجح في طرح مضمون على جانب كبير من الأهمية، وهو ضرورة الوعي بالأطماع التوسعية التي تقوم عليها الأيديولوجية الصهيونية، وضرورة نقل هذا الوعي للأجيال الجديدة التي جاءت في ظل اتفاقيات ومعاهدات السلام ، حتى تستطيع - بعد امتلاك هذا الوعى- الدخول في دائرة المقاومة، والحذر، وعدم الارتكان إلى أوهام السلام الكاذب ، والتراث الديني اليهودي يؤكد على الروح العدوانية، فالتوراة تقول : "ولا يسمع لكما فرعون حتى أجعل يدي على مصر، فأخرج أجنادى شعبي، بنى إسرائيل من أرض مصر بأحكام عظيمة"(19) ويقول : " الرب إلهك يطرد هؤلاء الشعوب من أمامك ، ويدفع ملوكهم إلى يدك فتمحو اسمهم من تحت السماء!(20). ومحمد جبريل نجح في مزاوجة البعد الاجتماعي لموضوعه المختار بالبعد السياسي في إطار التوجه العربي، وتعرضه للمسألة اليهودية، انعكس على عدد كبير من قصصه نذكر منها : حدث استثنائي في أيام الأنفوشى - حكاية وهوامش من حياة المبتلى- حكاية فات أوان روايتها- حارة اليهود - نبوءة عرا ف مجنون - ا لعودة. - وفى (حارة اليهود)(21) يعود بنا (محمد جبريل ) إلى الوراء، إلي عشرينيات القرن ، وبعد وعد (بلفور) من عام 01917 ، الذي أعطى لليهود وطنا في فلسطين ، وأصبحوا - من يومها- شوكة مغروسة في قلب العرب ، ولأنه يهتم - كما ذكرنا- من قبل بالمسألة الاجتماعية، جنبا إلى جنب المسألة السياسية، حتى لا تكون فكرة المقاومة في إبداعه فكرة دعائية، نراه يقدم قصة واقعية حافلة بالتفاصيل الدقيقة، وحافلة بالمفردات والأجواء الشعبية التي تجعل من بطله (محمد جعلص ) بطلا ملحميا، تاريخيا، وليس مجرد رجل حاول الأخذ بثأر ولده (على) الذي ضربه أطفال اليهود القاطنين في الحارة التي تحمل اسمهم ! انظر كيف يقوم الكاتب بتصوير الشخصية : "قامة أميل إلى القصر والامتلاء، ورأس مهوش الفودين ، وشعر كثيف يفز من فتحة الجلابية، أعلى الصدر، بادي الصحة بما يلفت النظر" ويقول: "شارك في مظاهرات ثورة 1919 ، وهاجم جنود الإنجليز في البارات ، وفى الأماكن المظلمة، وفتح الطريق - أحيانا- أمام موكب سعد زغلول ، حين كان يفضل المشي بين الناس ، لكنه لم يخض معركة، ولا حاول أن يجعل نفسه فتوة كباقي فتوات الأحياء ، إن (محمد جعلص)، واسمه في الحقيقة (محمد مجانص ) قبل تحوير الكلمة، هو رمز للمقاومة التي لا يهدأ صاحبها أبدا، حتى لو اضطرته الظروف لأن يسلك مسلكا كان يرفضه في لحظة ما ، وأعنى أنه كان يرفض الفتونة، ولا يسعى إلى جعلها مهنة، لكن الظروف اضطرته إلى أن يسلك هذا الطريق حين أراد مواجهة تعنت اليهود، وظلمهم وغطرستهم في الحارة، فقد أهانوا ولده - رمز المستقبل - وتسببوا في خسارته ، وإغلاق الدكان ..وأصبح فتوة للمناصرة، وفى اللحظة المناسبة نرا ه يقول لصديقه ! "بيني وبين سكان حارة اليهود ثأر، سأصفيه . - قا ل هريدى: - كل الحارة ة! - زادت التصرفات المجرمة؟ فصار من الواجب تأديب الحارة كلها . نراه يجمع الرجال ، و تتم المواجهة بمباركة مأمور القسم الذي تعرض للإهانة من قبل ، ولم يستطع مواجهتهم بمفرده ، ويتم تلقينهم درسا قاسيا لم ينسوه - علقة . . لن يعودوا بعدها إلى أذية الناس . . * إن (حارة اليهود) هنا رمز للصلف الإسرائيلي، والتعنت ، وممارسة العنف والإرهاب علي أصحاب المكان الأصليين ، يقول الكاتب على لسان شخص القصة "يعرف اليهود أنهم يسكنون الحارة ولا يملكونها، من حق الناس أن يمشوا في الشوارع والأزقة دون خوف أو أذ ى" إن هذه القصة تعلى من شأن المقاومة من أجل استرداد الحقوق المسلوبة، والارتكان إلي الصمت والرضا سيزيدان من غطرسة المتغطرس ، وعنف الإرهابي. * والأطفال في قصة (في حد يقة الحيوان )(22) للكاتب (سعد القرش )، هم أبناء الفقراء، وأبناء الطبقة المتوسطة، وهم مصر المستقبل ، نراهم يمارسون فعل المقاومة بشكل فطرى، وبغير فهم أو حسابات ، فهم لا يعرفون شيئا يذكر عن إسرائيل ، أو سفارتها في قلب القاهرة، فهاهم فرحون لأنهم سيرون الحيوانات داخل الحديقة، حيث أتوا من بعيد في رحلة مدرسية، يمرون وهم في طريقهم إلى الحديقة، فوق كوبري الجامعة، وأثناء مرورهم ، يرى راوي القصة - وهو طفل - لوحة كبيرة "ممنوع التصوير" وسيارة بوليس تقف في نهاية الكوبري حولها عساكر بمدافعهم ، وعندما يرى الطفل صورة (مصطفى كامل ) المعلقة بجوار الكوبري ؛ يتذكر والده ، الذي كثيرا ما سأل أمه عنه ، لماذا لم يعد؟ "ظلت تقول : "سوف يعود" جدي قال لي: "أبوك مات في الحرب الأخيرة، مات شهيدا، كنت يومها رضيعا"، والطفل استطاع أن يأخذ من أمه جنيها قيمة اشتراك الرحلة، والكاتب يركز على متابعة الطفل ومراقبته لكل ما يحيط به ، وما يراه ، يقول : "بالقرب منا يقف عسكري في أول الكوبري.. مئذنة قصيرة على اليمين ، ومن الناحية الأخرى، سيارة البوليس ، على مسطح عمارة عا لية، علم صغير يرفرف . آه . من قام بتحية العلم ،وتشغيل الطابور بدلا منى،، لابد أنه أخطأ وهو يلقى نشيد القسم ، تدربت عليه كثيرا حتى حفظته "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا، لرفعة وطني، والدفاع عنه ، ضد كل عدو، وكل معتد، والله على ما أقول شهيد".. قلت دون أن أدرى "يا أولاد. . هيا نحيى العلم ، هاتوا الباقين من الحديقة" جرى (عيد)، رفعنا الأكف بجوار الرؤوس ، كلنا نبص إلى أعلى، إلى العلم الصغير، ناديت بأعلى صوتي ، تحيا جمهورية مصر العربية" رددوا كأ نهم في المدرسة ( تحيا جمهورية مصر العربية)، رجع إلينا بعض طلاب الجامعة، وبعضهم جرى نحو القبة، رددوا معنا، تركنا العساكر، وحاولوا ا لإمساك بهم ، ونحن نردد، أقبل طلاب كثيرون ، أحدهم محمول على الأعناق ، يهتف ويرددون ، ابتلع هتافهم ترديدنا ، كادوا يهرسوننا بأرجلهم ، لولا زملاؤهم الموجودون معنا من البداية) . . !ن الأطفال في القصة كانوا يهتفون لعلم مصر، لكنهم لا يدركون أن العلم الموجود في أعلى البناية هو علم إسرائيل ، وأن البناية يوجد في أسفلها السفارة الإسرائيلية و هتافهم العفوي والفطري هو هدف القصة، ومحورها لأنه جاء في وقته تماما، وأثناء خروج مظاهرة لطلاب جامعة القاهرة القريبة من السفارة، إنهم يهتفون باسم مصر في مواجهة العدو الذي يحتمي بعساكرنا ، وعرباتنا المسلحة، تلك العربات التي لم ير الطفل - كما يقول في القصة مثلها "ولم تنزل قريتنا إلا مرة واحدة، يومها فر الأهالي إلي غيطانهم "، إنه طفل معجون بواقع اجتماعي خلاق ، واقع الفلاحين المسالمين ، والقصة في رؤيتها المستقبلية، تشير - بشكل غير مباشر- إلى أن أطفال اليوم ، سيكونون هم رجال الغد، وكما قاوموا العلم الإسرائيلي المرفوع في قلب القاهرة، دون وعى وبتلقائية، فإنهم - في المستقبل - سيقاومون أصحاب العلم ، بعد أن يزداد وعيهم ، فلقد حفرت مظاهرات . الكبار لنفسها مكانا في عقولهم ، "كان الميدان يشغي، تسللت من بين سيقانهم ، وزملائي ورائي ، منعنا أحد العساكر، إلى أين ؟ ومن أنتم ؟ - نحن تلاميذ في رحلة، ونريد، دخول الحديقة ص 29 .. * والبطل في قصة (اللعبة)(23) للكاتب (محمد كشيك ) أصيب بالعنة المؤقتة حين دفعته فتاته لممارسة الجنس معها، لكنه في لحظة الانتشاء يتذكر بطل الفيلم اليهودي الذي رآه منذ ساعة واحدة، ويتذكر العلم المرسوم عليه شعار (نجمة داود) لم يكن ينوى الذهاب إلى السينما، لكنه انقاد وراء فتاته حين اقترحت عليه ذلك ، حاول إرضاءها، ولم ينتبه إلى أحداث الفيلم قبل أن تخبره (هل تعرف . . البطل يهودي، وسألتها كيف عرفت ، فردت على الفور: "اسمه إبرا هام" وكان هناك شخص يرفع علما مرسوما عليه شعار "نجمة داود" وناس تطارده ، وعربات مشتعلة تهوى من أماكن عالية، لم أقدر أن أواصل ، قلت لها ( نقوم ..تعلقت بيدي، وتسللنا بهدوء وسط الصفوف الماثلة، بصعوبة وجدنا أنفسنا نعوم في الأضواء بالخارج ) ، وعندما دعته إلى منزلها ، وافق ووسط الكتب المتناثرة أخذت تتلو من الذاكرة أبياتا لمحمود درويش : نازلا من نخلة الجرح القديم إلى تفاصيل البلاد وفى نهاية القصة يكثف الكاتب تلك اللحظة الحاسمة التي تجمع في ثناياها كافة المشاعر المتناقضة.. الحب ، النشوة، الرغبة في الارتواء.. التذكر الأليم ، يقول "في الضوء كنا عرايا ، نرتشف الحياة من آثار عذبة، وفجأة يظهر ذلك الوجه الغريب ، يطل علينا في غمرة الانتشاء، لم أكن أتابع الفيلم ، لكن ها هو يقفز أمامي، يحمل شارته الملعونة، تحترق من ورائه العربات ، وتشتعل النار، يسد أمامي كل المنافذ، ولا يترك لي إمكانية،لكي أستعيد روحي، وأبدأ من جديد. الإحساس بالواقع أشد قسوة، الرجولة الحقيقية ليست هي ارتعاشات الانتشاء بل هي القدرة على المقاومة، باعتبارها فعلا إيجابيا، والانسحاب هو الفعل السلبي. * وكتب القاص "معصوم مرزوق " عددا من القصص التي تعرض فيها لطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة بعد حرب أكتوبر 73، وحاول أن يعبر - في بعضها- عن حالة التمزق الداخلي التي يحياها الإسرائيلي، خوفا على نفسه ولشعوره الدائم بعدم الأمان .. وهذا ما دفع أحد أبطال قصصه إلى المناداة بتكوين جمعية المتعاطفين مع العدو وهذه القصص هي : البرج المحطم - من النيل إلى الفرات - إلى آخر العالم - رحلة عاشق إلى الاحتمالات الممكنة- يا قدس (24) ولكن أقرب القصص إلى موضوعنا هذا هي قصة (رباعيات رجل فقد الهوية)(25) والتي يعتبرها الناقد محمد محمود عبد الرازق (26) كابوسا مقيتا . . في المقطع الرابع من مقاطع .القصة نقرأ هذه العبارات : "أكبر لوحة تعلو أكبر بناية في أكبر شارع داخل أكبر مدينة كتب عليها بخط عريض (شالوم )، مرسومة حولها غربان محومة في مناقيرها أجساد لأناس رافقوني في الطريق الطويل ، تأملتما بعض وقتي، علقت بذهني كل وقتي، أضاءت بالليل ، فطبعت على كل الجباه ، حروفها(شين ألف ل وم ) كان الشين أبرزها ، لأنه يبدأ الشجر والشعور والشطط والشجار والشهداء.. والشين . التصقت الكلمة على مياه المجارى الآسنة التي انسابت عبر المواسير المتآكلة، صبت من كل الصنابير شربها الناس والأبقار والحمير والأشجار والزهور، فأطلقت الألسنة، لم تعد تنطق إلا(شالوم ) والنجمة ذات الأبواز الستة رقصت بين نهود نساء المدينة ليرضعها أطفالنا، ويبولوا بها فوقى رفات قديمة، رفات من شطبوا من القاموس شالوم . وشخص القصة يرصد الأشياء المحيطة به ويرتب الأحداث من حوله فها هو المخنث يطارده ويطلب منه أن يضاجعه ، والمخنث هذا ، غير محدد الهوية، لكن نهاية القصة تكشف هويته ، فهو إسرائيلي قبيح .. جاء السلام ليعطيه فرصة النوم في فراشنا، والسلام لا يمنعه من ارتكاب الجرائم بل ساعده على ارتكابها، والقصة تنبهنا إلى أنه ينبغي مقاومة السلوك الذي يطرح وجها مغايرا للوجه الحقيقي.. و إلا تم اغتصابنا جميعا. . . يقول الكاتب في نهاية قصته . "عدت إلى حجرتي ، وجدت فوق فراشي خنزيرا عصب إحدى عينيه بعصابة سوداء مستديرة، كان راقدا على رجل ، شتمته ، طالبته بالخروج ، فكشر عن أنيابه واندفع نحوى بوحشية، واغتصبني.. و.. وإغت .. ص .. ب . نى.. و . . خرجت إلى الشوارع أعدو مذعورا ، وجدت فوق كل ظهور الرجال ، خنازير تغتصبهم ، فأقعيت على ظهري أقهقه .. اقهه .. أقه .. أقه .. إن القهقهة هنا (هي قهقهة الذل والقهر، التي لا تقوم بعدهما للإنسان قائمة.. ربما من أجل هذا، لم يكمل شخص القصة فعلها في خاتمتها.. وربما للخزى والعار"(26) وفى لقطة قصيرة جدا ، وبلغة مكثفة مشحونة بالانفعالات ، يكتب (حجاج حسن أدول ) قصته (يوم بكيتك يا فاروق) (27) وفاروق هو صديق راوي القصة، استشهد في الحرب ، وكان رفيقا له ، من أبناء الفلاحين ، ضاعت أرض أبيه ، حين جاء المنافق وتسلط على قريته ، فقتل أبوه حسرة .. . وراوي القصة فقد هو الآخر ذراعه أثناء الحرب ، يتحدث بضمير المخاطب قائلا : لم أبك يا أعز صديق حين سقطت شهيدا حزت عليك وانسحق قلبي كأن جنازير دبابة تهرسه ، لكن تركت البكاء لهم ، للمهزومين ، فأنت لم تمت ، أنت المنتصر، فكيف أبكيك ؟" ويتذكر كيف أن فاروقا الشهيد أنزل نجمة داود، ووطأها بحذائه الثقيل ، وترك البكاء لها، ولكن ها هو اليوم الذي بكى فيه الصديق صديقه فاروق ؟! "اليوم يا فاروق يغرس في قلبينا صاري نجمة داود".. إنه إذن السلام. . إنها الاتفاقية" يتحدث عن المفارقة التي وجدناها في قصة "نوبة حراسة" لجمال الغيطانى قائلا: - . "حارسان مثلى أنا وأنت أيام الحرب ، يشهران نفس سلاحنا ، ويرتديان ئفس الزي، ونفس الأحذية الثقيلة التي وطأ ت بها نجمة داود، لكن الآن أنا وأنت يا فاروق نحرس نجمة داود! هذا هو اليوم الذي بكى فيه الراوي صديقه الشهيد. . "تهدل رأسي على صدري، رفعت ذراعي فلم يرتفع إلا ذراعا ونصف ، أخفيت وجهي في خمسة أصابع ، أجهشت ، وبكيتك يا فاروق ". لقد أضاع علم إسرائيل الذي نقوم بحراسته اليوم ، حق الشهيد، الذي دافع عن الأرض ، من أجل القضاء على العدو وليس من أجل أن يرتفع من جديد علمه ، ولذلك فإن بطل القصة أحس اليوم فقط بأن فاروق قد مات ولغة القصة - كما نلاحظ في الاستشهادات المذكورة- كلغة المراثي ، ولغة العديد، لأنها هي اللغة المناسبة للتعبير عن أشد اللحظات حزنا، والقصة تعد تحذيرا من جنود خاضوا المعارك وجربوا الحرب ، ولكنهم في الوقت نفسه لا يرضون بهذا السلام المخادع .. والمرأة الكاتبة شاركت في ميدان حرب التطبيع ، بإبداعها المقاوم ، فها هي (حورية البدرى) تكتب قصتها (را شيل )(28 ) . وهى قصة تحذيرية، تنبهنا إلى مخاطر التطبيع ، ومخاطر التطبيع متعددة منها: (1) - جلب المخدرات إلى مصر(2) ما فعله اليهود مع الألمان سيفعلونه مع مصر(3) تهويد المنطقة كلها. كيف طرحت الكاتبة تلك المخاطر فنيا ؟؟ زوج بطلة القصة الألماني "ميللر " يتحدث إلى نفسه قائلا (أسلمتك راشيل للحقن ، أوصتها عليك في غيابها ، والحقن تؤدى واجبها بأمانة، لكنها- ورغم كل شراستها - أرحم منك ياراشيل ) وراشيل في القصة رمز للصهيونية التي تريد استنزاف مقدرات الشعوب ، والسيطرة الكاملة على البشر إيمانا بالفكرة التي يؤمنون بها بكونهم (شعب الله المختار) نراها تقول لزوجها الألماني، وبعد أن أحكمت خيوطها حول جسده وتفكيره وعواطفه (أحرق آباؤكم أبانا في الأفران ) كانت نظرتها غريبة، مخيفة، أما عن التحذير من الرغبة في تهويد المنطقة كلها، فتشير الكاتبة إلى ذلك بقولها : على لسان (ميللر) أدركت أنك قررت الإنجاب من أحد المصريين ، البديل هناك ، وانتقامك مستمر لن تكفى عن شرب الدماء، فترتوين إلى النهاية، ما دام هو هناك ينتظرك ، يؤمن بأنك إنسانة، يمد لك يديه . وفكره وتسامحه ، تنسجين حوله خيوطك الرقيقة الحريرية، وحين يقع داخل بيتك فريسة لا حول له ولا قوة، ستغمدين خناجرك في كل جزء من جسده وفكره ومشاعره ، وستفلحين يا راشيل ، فبعض الذي تحملته أنا ، لا يستطيع المصري مجرد تصوره ". والزوج الألماني الذي قرر الابتعاد عن راشيل نهائيا ، لا يهمه ابنته منها، لأن نصفها إنسان والآخر عنكبوت مثل أمها، وهى تقرر الذهاب إلى القاهرة، لتقيم حياة جديدة مع ناسها.. لكنها لن تنجح من وجهة نظر الكاتبة - إلا مع السذج ، فهؤلاء الذين لا يفهمونها (بعض المصريين يفهمونها ذلك لا يهمها، ستنتقم من الذين لا يفهمون مثلى، يعتبرونك يا راشيل إنسا نة) - ألم تقرأ ما ذكره البروفيسور (سوميخ ) واستحضرناه في مقدمة هذه الدراسة، حين أراد أن يستعطفنا ويحثنا على مواجهة الذين يرفضون التعا مل معه بوصفه رمزا للصهيونية في مصر، يقول :"إنني لم أكن أعرف مدى قوة الغضب علينا في مصر قبل وصولي إلى القاهرة، ولم أكن أعرف أيضا أن في مصر أناسا لم يتعودوا بعد على حقيقة أن لإسرائيل حقا طبيعيا في الوجود".. بمنتهى البرا عة يتحدث (ساسون سوميخ ) عن الحق الطبيعي في الوجود، ذ لك الحق الذي يجئ على حساب حق آخر لشعب ليس له الحق في الوجود وهو الشعب الفلسطيني، إن هذا الكلام يقوى موقفنا نحو قيام حرب التطبيع ، ومقاومة المطبعين و العمل علي زيادة الوعي بالخطر القادم في ظل ممارسة التطبيع . ولكل هذا وغيره نجد الكاتب (محمد عبد الله عيسى) يرفض زهورهم في قصته (زهور مرفوضة) (29) ولكن ما حكاية هذه الزهور؟ المرأة العجوز الصهيونية، التي جاءت من بلدها لكي تضع زهورا صفراء على قبر (قاسم ) الجندي المصري الذي مات في الحرب ، ولماذا قاسم ؟ هكذا سألها موظف الاستقبال بالفندق الكبير، أجابت : كان قطعة من ذكريات ولدى؟! وعندما نتعرف على الأحداث ، نكره تلك المرأة كراهية شديدة ونكره المكان الذي جاءت منه ، ونكره نواياها فولدها كان يقوم باستفزاز (قاسم ) الذي واجهه في الضفة الغربية من القناة. (كان يظهر مع رفيقته في النقطة الحصينة. يتجردان من ملابسها في محاولة استفزازية لكل الرجال القابعين خلف الساتر الغربي) فيصرخ قاسم ، نجستم الميه يا ولاد الكلب ، وأطلق عيارا ناريا طائشا في اتجاههما دونما أي أوامر من رؤسائه ، فتم استبعاده من الموقع ، وظل جو زيف يمارس لعبته الاستفزازية ومجونه حتى تم تدمير النقطة الحصينة فوق رأسه ورؤوسهم ، وكان (جوزيف ) هذا كلما سافر إلى أمه يتجرد من ملابسه أمامها، ويقول : هكذا أفعل ل (قاسم ) كل صباح ولهذا السبب جاءت المرأة العجوز لكي تلملم أشلاء ضحكات (جوزيف ). . كما تقول وتضمها إلى صدرها وتتخذ من الزهور التي تريد وضعها على قبر (قاسم ) حجة لذلك . فيرد عليها راوي القصة حين تعلن رغبتها تلك إن قاسم لا مقبرة له هنا، فهو والرجال ينامون في قلوبنا، ولذلك تركت الزهور لكي يعطيها لذويه ، وتنتهي القصة بهذه العبارة البليغة، العبارة المقاومة : (ما إن عاد موظف الاستقبال إلى منصته حتى تلقف باقة الزهور الصفراء، قربها من أنفه ، رائحتها كريهة، كاد يتقيأ، تمالك نفسه ، أسرع يلقى بها إلى سلة المهملات ).. إن الزهور في هذه القصة تعد رمزا خادعا للسلام الذي يريدون ، رفضه الموظف البسيط المنتمى إلى الطبقة المتوسطة، تلك التي لن تجد فيها واحدا يؤيد التطبيع ، لأن لكل واحد منهم شهيدا يعرفه ربما شقيقه ، ربما أبوه ، ربما جاره أو صديقه ، إن الكاتب يحذرنا في هذه القصة من اللعبة التي تلعبها إسرائيل اليوم ، استفادة من الممارسة الطبيعية للتطبيع مع مصر، وأعنى بها اللعبة التي تترجم المعنى الكامن في المثل الشعبي (مسمار جحا)، فاليوم تجيء المرأة لكي تلملم أشلاء ضحكات (جوزيف ) وستجيء غدا بحجة جديدة وهكذا . لكن الإبداع المقاوم ، سيفوت عليهم فرصة التغلغل والاندفاع نحونا ، سيرتد نحوهم مثل قذيفة متوجهة، أو فلنقل مثل طلقة بندقية.

 



الهوامش :
1- شكري عزيز ماضي- انعكاس هزيمة حزيران على الرواية -العربية - المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت - 1978 . 2- الكلمة المقاتلة في فلسطين - هارون هاشم رشيد - الهيئة المصرية العامة للكتاب - 973 1- ص 47 . 3- يمكن الرجوع لورقة العمل المقدمة من أمانة اللجنة في اجتماعها العام في اكتو بر (1991 ) والمنشورة في مجلة (أدب ونقد) - العدد رقم 5 7- نوفمبر 1 9 9 1 م - الصفحات من 111- 115 تحت عنوان . من مواجهة التطبيع إلى مواجهة الهيمنة. 4- نقلا عن جريدة ا لأسبوع المصرية. العدد الأول - 17 فبراير 1997 5- الملاحظ والمهندس - مسرحية ذات فصل واحد - مجلة المسرج - المسرح القومي- العدد الثاني سبتمبر 1979 م . 6- تناولت هذه ا لمسرحية - ضمن دراسة (قضايا الإنسان ا لمعاصر في مسرحيات على سالم لقصيرة) أحمد عبد ا لرازق أبو ا لعلا- مجلة إبداع - العدد ا لسابع - السنة الثالثة - يوليه 1985 7- ملاحظات حول رحلة على سالم إلى إسرائيل - أحمد عبد الرازق أبو ا لعلا- مجلة ا لثقافة ا لجديدة/ العدد رقم 74- نوفمبر 4 99 1 م 8- يمكن الرجوع للمقال الذي كتبته (فريدة النقاش ) تحت عنوان : فلسطين .. يا روح ا لأرض العربية.. افتتاحية مجلة (أدب ونقد) العدد رقم 69- مايو 1991 . 9- سامي خشبه - اليهودي التائه بين ا لأسطورة والتاريخ، مقدمة لمسرحية يسرى الجندي (اليهودي التائه ) مجلة المسرح - العدد الثاني عشر- السنة الثانية - أكتوبر 1982 م ص71. 0 1- كتب "ديستيوفسكى" هذه الشهادة في عام 877 1 ، ويمكن الرجوع للشهادة التي ترجمها. أحمد الخميسى. مجلة أدب ونقد - العدد 69- مايو 1 99 1 . 11- المرجع السابق .. صفحة 18 . 2 1- الأدب الفلسطيني المقاوم تحت ا لاحتلال - طبعة 2- مؤسسة ا لدراسات الفلسطينية 1986 - غسان كنفانى - ص ه 4 . 13- نشرت معظم القصص التي تعرضت لموضوع التطبيع في مجموعاتهم القصصية، إلا أنهم آثروا إصدار عدد خاص من مجلتهم (نادى القصة) يضم عددا من القصص ضد التطبيع - العدد (42) فبراير 2000، ويضم قصصا لكل من . رجب سعد السيد- محمد جبريل - حورية البدرى - مجدي عبد النبي- محمد عبد الوارث - حجاج أدول - محمد عبد الله عيسى - أحمد محمد حميدة - خالد السروجى- الشربينى المهندس . 14- نقلا من دراسة . القصة والتطبيع - محمد محمود عبد الرازق - والتي تعد درا سة رائدة في هذا المجال ، وقام بنشرها في كتابه . فن معايشة القصة القصيرة - الهيئة المصرية العامة للكتاب - 1995- ص 69 . 15- نشرت هذه القصة لأول مرة في كراسة (آفاق 79) وكانت تصدر على نفقة الأدباء مطبوعة بطريقة (الماستر)، واهتمت بنشر الأعمال التي لم يستطع أصحابها القيام بنشرها في المجلات الرسمية بسبب قانون المطبوعات ، والرقابة التي فرضها السادات بعد زيارته لإسرائيل ، وكانت هذه الكراسة قد نشرت ، أعمالا أخرى لكل من علي سالم - يوسف القعيد- يحيى الطاهر عبد الله- مصطفى أبو النصر. . وغيرهم . 6 1- يمكن الرجوع إلى وثائق معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل المنشورة في مجلة. السياسة الدولية - ا لعدد5 9- القاهرة - صحيفة ا لأهرام - يناير 989 1 - من ص 297 إلى ص 1 32 . 17- انزل- رجب سعد السيد - مجلة القصة الهيئة المصرية العامة للكتاب أبريل 1985 والقصة فى مجموعته القصصية (الأشرعة الرمادية) - المركز القومي للآداب - 1986 م . 18- حارة اليهود - محمد جبريل . الهيئة العامة لقصور الثقافة - 1999 م 19- سفر الخروج /7 . 20- سفر التثنية/ 7 21 المصدر السابق . 22- مرافئ للرحيل - سعد القرش - الهيئة المصرية العامة للكتاب - 993 1 م 23 - أحوال - محمد كشيك - المركز المصري العربي - 4 199 4 2- يمكن ا لرجوع إلى مجموعته . ا لولوج في دائرة التيه ، الهيئة المصرية العامة للكتاب - إشراقات أدبية - رقم 77- 0 99 1 م 5 2- رباعيات رجل فقد الهوية - معصوم مرزوق - مجلة القصة - نادى القصة - الهيئة المصرية العامة للكتاب العدد رقم 56-أبريل 988( الصفحات من 9 –12) 26- انظرا لمرجع السابق - ص 80 27- يوم بكيتك يا فاروق - حجاج حسن أدول - مجلة نادى القصة) الإسكندرية - العدد 2 4- فبراير 00 0 2 28 - احتراق قوس قزح - حورية البدرى- الإسكندرية - يونيه 988 1- والقصة نشرت مرة أخرى في عدد نادى القصة - رقم 2 4- فبراير2000 29- زهور مرفوضة - مجلة نادى القصة - الإسكندرية - العدد رقم 2 4- فبراير 0 0 20

 

المراجع :

أولا : قصص قصيرة :

1- جمال الغيطاني : نوبة حراسة ( آفاق 79) – القاهرة 1979
2- حجاج حسن أدول : يوم بكيتك يا فاروق – مجلة نادي القصة – الإسكندرية – العدد 43- فبراير

3- حورية البدري : راشيل – مجموعة ( احتراق قوس قزح) – الإسكندرية – يونيه 1988

مجلة نادي القصة – الإسكندرية – العدد 43- فبراير 20002000

4- رجب سعد السيد : انزل – مجموعة (الأشرعة الرمادية ) – المركز القومي للآداب – 1986
5- سعد القرش : في حديقة الحيوان – مجموعة ( مرافئ للرحيل – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1993

6- محمد جبريل : تكوينات رمادية – مجموعة ( حارة اليهود) – الهيئة العامة لقصور الثقافة – 1999
حارة اليهود – من مجموعة (حارة اليهود) – الهيئة العامة لقصور الثقافة – 1999

7- محمد عبد الله عيسي : زهور مرفوضة – مجلة نادي القصة – الإسكندرية – العدد 43- فبراير 2000

8- محمد كشيك : اللعبة – مجموعة ( أحوال ) – المركز المصري العربي – 1994

9- معصوم مرزوق : رباعيات رجل فقد الهوية – مجلة نادي القصة – القاهرة – العدد رقم 56 – أبريل 1988
ثانيا : كتب :
1- شكري عزيز ماضي: انعكاس هزيمة حزيران علي الرواية العربية -- المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت - 1978
2- هارون هاشم رشيد : الكلمة المقاتلة في فلسطين – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1973
3- غسان كنفاني : الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال – مؤسسة الدراسات الفلسطينية – 1986

4- محمد محمود عبد الرازق : فن معايشة القصة القصيرة – الهيئة المصرية العامة للكتاب –1995

5- التوراة

ثالثا :دوريات :
مجلات:

أدب ونقد – نوفمبر 1991
المسرح – سبتمبر 1979
إبداع – يوليه 1985
الثقافة الجديدة – نوفمبر 1994
أدب ونقد – مايو 1991
مجلو نادي القصة – الإسكندرية – فبراير 2000
آفاق 79- ما ستر – 1979
السياسة الدولية – يناير 1989
القصة – القاهرة – أبريل –1985
القصة – القاهرة -= أبريل – 1988
صحف:
الأسبوع – 17 فبراير 1997



#أحمد_عبد_الرازق_أبو_العلا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟
- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- الغاوون.قصيدة مهداة الى الشعب الفلسطينى بعنوان (مصاصين الدم) ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
- “شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا ...
- تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد الرازق أبو العلا - مقاومة التطبيع مشاهد من ساحة القصة القصيرة في مصر