حنظلة الأممي
الحوار المتمدن-العدد: 4567 - 2014 / 9 / 7 - 20:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أن تقوم إدارة كلية من الكليات أو أحد "مسؤوليها" بتقديم التقارير اليومية المتعلقة بالمناضلين و سيرتهم الذاتية "للأجهزة المختصة"، فذلك أمر أصبح معتادا، أن تقدم من لدنهم شكايات ضد المناضلين تروم تجريمهم و تلجيمهم فذاك أيضا أمر معتاد، أن تقوم بمجالسها المشبوهة بدورها في الاغتيال المنظم للمناضلين، ليس بأمر جديد (الشهيد مصطفى مزياني نموذجا)، أن يقوموا بالتضييق على المناضلين عبر إصدار قرارات طردهم و توقيفهم و في أحسن الأحوال تهديدهم، أن تتحول إدارة الكلية إلى ملحقة لولاية القمع، موظفوها رجال قمع بمختلف الرتب، كلها مظاهر اعتاد الطلاب على معاينتها و ضحى المناضلون من أجل التصدي لها بأغلى ما يملكون. كل هذا يدخل في إطار "المهام" و "الاختصاصات" الموكولة لإدارات مؤسسات جامعية تحولت بقدرة قادر من منار للعلم و المعرفة إلى محج لكل أنواع المخبرين و الجواسيس و محترفي القمع في حق الطلاب و الطاعة العمياء لأسيادهم.
هاته المهام المذكورة تتم وفق تسلسل تراتبي، بدءا من راصدي التحركات مرورا بمن ينجز التقارير و يحرر الشكايات، وصولا إلى المشرفين على تقديمها إلى "الجهات المختصة"، هم نفسهم المشرفين على تنفيذ القرارات السياسية في حق المناضلين و المناضلات. لكن، و بما أنه لكل قاعدة استثناء، فقد يتبادلون الأدوار فيما بينهم، كما قد يستحوذ أحدهم على كل المهام أملا في مكافأة دسمة. لهذا فلن نستغرب أن يصبح عميد الكلية هو نفسه ذلك المخبر الوضيع الحقير (البركاك) الذي يتفنن في إظهار كل أنواع الحقد تجاه المناضلين، ...
ما عرفته كلية الحقوق ــ ظهر المهراز يوم السبت 06 شتنبر 2014، موازاة مع اليوم الرابع من عملية تسجيل الطلبة الجدد، يعطي صورة عن قرب عما سبق و ذكرناه، فطيلة اليوم لم يكن قدوم ترسانة قوى القمع على ضخامتها في هذا التوقيت من الموسم الجامعي ما أثار الانتباه ( رغم أنه ينبغي التمحيص في فحوى هذه الخطوة غير المسبوقة و في هذا الظرف السياسي بالضبط). فما أثار الانتباه و جذب الأنظار أكثر هو شخصية فريدة، لم ينل منها الخجل أو الحياء لحقارة ما تقوم به، "فالمسؤول" الأول بالكلية بعدما تخلص من جسامة و ثقل الرسالة السامية التي من المفروض أن يكون ساهرا على تقديمها لطلابه في شروط ملائمة، أظهر مواهب جديدة قد تؤهله لمناصب أكبر و في نفس الآن أحقر، فقد ظل طيلة اليوم ذلك المخبر الوضيع و المرشد المحترف و الخادم المطيع لأسياده من كبار رجال القمع و صغارهم، فبعدما أرشدهم باكرا للمناضلين المتواجدين أمام مكاتب التسجيل بمجهود يستحق الإشادة، فقد وفر الأسماء و الأوصاف و حتى ألوان الملابس و قام بالتفتيش شخصيا عنهم وسط جموع الطلاب، تم تكليفه بالمزيد من البحث، فتقدم مجموعات من رجال القمع باحثين في أرجاء الكلية و قاعاتها عن أثر لمناضل أو مناضلة، و عن صور الشهيد مصطفى مزياني لاغتيالها هي الأخرى، وقد سمع السيد العميد الموقر وهو يتباهى أمام فيالق القمع بقدراته: "هادوك المساخط، كنعرفهوم واحد بواحد". صدق السيد العميد، فالمناضلون يقومون بواجبهم النضالي بوجوه مكشوفة و لا يتملكهم الخجل أو الوجل أو الخوف مما يقومون به. و الأدهى من ذلك، ما تميز به إنجاز محضر للرفيق الذي تم اعتقاله و الذي تضمن تهمتي التحريض و عرقلة سير عملية التسجيل، باستدعاء بعض موظفي و إداريي الكلية للحضور إلى ولاية القمع و القيام بالدور المنوط بهم، و بعد ساعات من الأخذ و الرد تقرر عدم حضورهم و الاكتفاء بما أنجزوه داخل أسوار الكلية في محاولة بئيسة لذر الرماد في العيون.
طيلة الفترة التي قضاها السيد "المحترم"، منذ تعيينه عميدا بالنيابة لكلية الحقوق سنة 2009 ثم التعيين بصفته عميدا رسميا لكلية الحقوق سنة 2013، ظل يردد بجانب مساعديه مقطوعة مزيفة، مضمونها "أن الإدارة الجديدة بقيادته تميل إلى الحوار و حل الإشكالات في إطار عمل تشاركي بين كل مكونات المؤسسة"، من ناحية القول فلا نجد مبررا لانتقاده و إلا فسيكون نوعا من التجني عليه لا أقل و لا أكثر، لكن حقيقة الواقع المر شيئ آخر، الآذان الصماء، المماطلة، الوعود الكذبة، الإقصاء، الطرد، المحسوبية، الفساد المالي و الإداري، ... لكن و بحسب معطيات الواقع الحديثة، تغيرت قواعد اللعبة لدى الإدارة الموقرة، و أصبح اللعب على المكشوف، دون الحاجة إلى التبرير الكاذب أو التدليس، و لعل السيد العميد كان أكثر وضوحا حين صرخ في وجه أحد المناضلين بلغة صادقة يحسد عليها: "أنا كنعرفك مزيان، و كنعرف شنو كادير و شنو باغي، و نتا كتعرفني مزيان و عارفني شنو كاندير و شنو باغي، و هاني غادي ندير شغالي، ..."
و كإشارة للتذكير فقط، فالمعايير التي تخول لكل "مسؤول" تولي مسؤوليته ليست الكفاءة المهنية، أو النزاهة، أو حتى الكفاءة العلمية، فلا حاجة لهم بمثل هؤلاء بقدر ما هم محتاجون لخدام مطيعين للأوامر و لمتملقين و كاذبين و فاسدين و مرتشين، ... يتم تزكيتهم من طرف نفس "الجهات المختصة" التي ذكرناها سابقا، ليظلوا مدينين لها بالولاء التام و الأعمى.
قدوم قوى القمع و اقتحامها لحرم كلية الحقوق صباحا ثم باقي الكليات و الساحة الجامعية زوالا و اعتقال المناضلين لم يكن قرار إدارة الكلية أو باقي الكليات أو حتى رئاسة الجامعة، و إنما هو قرار سياسي أكبر من ذلك، و هو واحد من سلسلة قرارات و إجراءات و مؤامرات و اعتقالات و اغتيالات، منها ما سبق و تم و منها ما يتم الآن و ما سيحاولون إتمامه مستقبلا، فلسنا نحمل إدارة الكلية المسكينة المسؤولية الكاملة لهذا القرار ( لكن لها دورها في تنفيذه)، و إنما ما حرك قلمنا و أثار حفيظتنا أكثر هو ذاك المنظر المقزز لعميد كلية من درجة بركاك.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟