أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - من التراث ( قصة عشق بابلي )














المزيد.....

من التراث ( قصة عشق بابلي )


عضيد جواد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4565 - 2014 / 9 / 5 - 08:34
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قصة حب بابلية رواها الشاعر الروماني اوفيديوس (43 ق.م ــــ 18م) واقتبسها الاغريق وعدّوها بين أساطيرهم عن بابل، كما اقتبسها شكسبير بمسرحية ,, روميو وجوليت ,, . والقصة تدور حول الحب العذري الذي لا يزال محرّماً في أوساط واسعة من الشرق وهي من ميتولوجيا الاصول ، عن كيفية وجود التوت الشامي او الرومي الاحمر القاني بعد ان كان ابيض كالثلج . وقد تبدل لونه بشكل غريب . انها مأساة . ولقد كان موت عاشقين شابين السبب في ذلك التغيير للالوان .
في بابل العظيمة ، مدينة الملكة سميراميس ( شمورامات ) عاش شاب اسمه( بيرم) ، وهو من اكثر فتيان الشرق وسامة، وصبية اسمها (تسبين) من اجمل جميلات فتياته . سكنا في بيتين متجاورين يفصل ما بينهما جدار مشترك .
ترعرعا جنباً الى جنب ومع نموهما كان ينمو في قلبيهما حب عاصف اقوى من أي عائق . كانا يتوقان الى الزواج لكن اهليهما يمتنعان من مباركة هذا الزواج او قبوله . وكلما حاولا اخماد حبهما تأججت ناره . فالحب دائماً يجد سبيله ولم يعد بالامكان فصلهما الى الأبد .

في الجدار الفاصل، اكتشف العاشقان شقاً لم يلحظه أحد من قبل، وكأن العشاق لا يفوتهم شىء . تبادلا همسات الحب عبر الشق .( تسبين) من جانب و(بيرم) من الجهة الاخرى ، حتى أصبح ذلك الفاصل المشؤوم وسيلتهما الوحيدة للاتصال . انه يسمح للكلمات ان تخرقه ولا يسمح للقبلة ان تمر فيه . وفي الليل قبل ان يأوي كل الى فراشه كان يطبع قبلة على ذلك الجدار البارد ويمر بخياله عبر الجدار . وفي كل صباح عندما يطل الفجر ليمحو النجوم في قبة السماء . وتذيب أشعة الشمس الصقيع العالق بالاعشاب . كانا يسرعان الخطى الى الشق بعد ليل ملؤه السهاد ليتبادلا همساتهما من جديد ويندبان سوء طالعهما وقسوة القدر .
الى أن أتى يوم قرر العصفور الحبيس ان يفر من قفصه . لقد اتفقا ذات ليلة على التسلل والهرب خارج المدينة الى البرية حيث يجدان الحرية من ظلم وحرمان الاهل والمجتمع، وتواعدا على اللقاء عند قبر“ نينوس“ مؤسس نينوى الاسطوري . وكانت تظلل القبر شجرة توت وارفة الظلال تبرز من بين اوراقها الخضر ثمار بيضاء كالثلج ويتدفق من تحتها “ فوار “ ماء عذب . لقد تلهفا لتنفيذ الخطة وانتظرا ذلك النهار لينقضي وكأنه سنة كاملة .

انحدر “ شمش “ نحو الغرب ليدخل في أحشاء أمه الأرض . ويختفي حيث تلتصق الأرض بالسماء ثم أرخى الليل سدوله . ولكن البدر “ سين “ قد صعد في الجلد ليرسل نوراً خافتا يخفف حلكة الليل . وكان ذلك مواتياَ ـــ لتسبين ـــ كي تتلمس طريق الهرب الى قبر نينوس وشجرة التوت حيث يكون اللقاء . لم تجد بيرم في انتظارها ، لقد تأخر ، قلقت ، شدّ الحب من عزيمتها فتشجعت وانتظرت وحدها في سكون الليل . وفجأة لمحت من بعيد لبوة تخرج من الغابة تهرول نحو النبع لتروي ظمأها بعد أن افترست وملأ الدم شدقيها .
هربت تسبين قبل ان تراها اللبوة ، ركضت لكن النسيم أسقط منديلها ولم تأبه لالتقاطه ، مرت اللبوة بالمنديل فمزقته بفمها المدمى ثم شربت وقفلت عائدة الى عرينها في الغاب .

حضر بيرم ولم يجد سوى المنديل الملطخ بالدم وآثار خطى اللبوة على الارض، فتطلع حوله واذا هي تدخل الغابة . كان المشهد واضحاً وفظيعاً وخلاصته كانت واضحة بالنسبة له . فهو المسؤول عن موت حبيبته وهو الذي تأخر وتركها وحدها تنتظر في هذا المكان الموحش وليس بقربها سوى بقايا جثة في قبر . انها غضة الشباب لكنها لا تقوى على الدفاع عن نفسها وصار شعوره بالذنب قاتلاً .
صاح “ انا من قتلك “ لملم المنديل وقبله ثم قبله ، وهرول نحو شجرة التوت وخاطبها قائلاً “ انك الآن ستشربين دمي “ . واستل سيفه وغرزه بين أضلاعه ففار دمه بعيداً ولطخ ثمار التوت الابيض فاصطبغت بالاحمر القاني ، وهو يتخبط بدمه .
ركضت اليه وطوقته بذراعيها . لقد كان جلده بارداً مبللاً بالعرق، قبّلت شفتيه الباردتين ورجته ان ينظر اليها مرة واحدة فقط .
قالت “ انا تسبين كلمني أتوسل اليك “ وعند سماع اسمها فتح عينيه الثقيلتين ورمقها بنظرة الوداع الأخير ولم تكن نظرة طويلة ، لأن الموت قد اطفأ نور عينيه . كان سيفه بجانبه ، ومنديلها الممزق ما يزال عالقاً في قبضته، ففهمت بدقة دون كلام “ أنت قتلت نفسك بسبب حبك لي وما كان شىء ليفصل بيننا سوى الموت ، وأما الآن فحتى الموت لن يفرق بيننا “ ، وأغمدت السيف في أحشائها وهو لا يزال مبللاً بدم حبيبها المتجمد .

رأت الآلهة المأساة وأشفقت على نهايتها المفجعة ، كذلك ندم الأهل والناس حيث لا ينفع الندم ، وبقيت ثمار التوت الحمراء تذكاراً أبدياً لحبهما العاصف تعود كل عام . وفي قارورة واحدة وضع رمادهما ، وهكذا لم يفرقهما شىء حتى ولا الموت ..



#عضيد_جواد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئيس الجمهورية السورية.. لساعات فقط!
- فَلسطين أرضاً وشعباً ..ثمَّ عنواناً
- الحكيم الآشوري ( أحيقار )
- الآرامية في بلاد مابين النهرين
- الاحوال الشخصية في الدستور البابلي
- بغداد .. من آخر والي مملوك الى آخر والي عثماني
- حرّانيون .. أم صابئة ؟
- -سين- الاله المقدس لحران
- حرّان.. مدينة ختمت بختم التأريخ
- ديانة الصابئة عند البيروني
- الاديان عند النديم في كتابه ‹‹ الفهرست ››
- المسعودي والنديم والديانات الرافدينية
- الديانات القديمة لبلاد الرافدين في المصادر العربية
- سقوط ماني
- التبشير بالمانوية
- اصل المانوية من بلاد الرافدين
- المندائية لغة وتاريخ في بلاد الرافدين
- الزرادشتية والمندائية في بلاد الرافدين
- بلاد الرافدين في القرون الثلاثة الاولى للميلاد
- لا يجوز ذلك، لانه تشبه بالكفار


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - من التراث ( قصة عشق بابلي )