|
الدين كهوية ذاتية والدولة ككيان موضوعي يبدو انه لا يزال أمامنا نصف قرن من البحث عن الفرقة (الناجية ) !! د.عبد الرزاق عيد
عبد الرزاق عيد
الحوار المتمدن-العدد: 4562 - 2014 / 9 / 2 - 14:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن الإسلام هو الدين الوحيد في العالم الذي لا يزال يبحث عن دولة (النجاة ) الإلهية، في عالم بشري مترع بالخطايا والعنف والدماء ... والجميع يزعم انه الفرقة الناجية عبر التاريخ حتى اليوم ...
حيث كان الأمويون أول من احتفظ بالإسلام كهوية ثقافية ، وبنوا الدولة وفق أسسها ( الدنيوية )، فاحتلوا موقعا ركنيا في عالم المكان في عصرهم ، الذي راح يتطور زمنيا إلى ذروة العصر العباسي في القرن الرابع الهجري ذروة (عقلنة العقل العربي ) عبر الاعتزال وقيام العقل الفلسفي، الذي اكتشف استقلالية العالم الموضوعي عن الذات المشاعرية الغيبية المشكلة للهوية الذاتية للأمة في صيغة أبي حيان التوحيدي العظيم ( الدين هو الإيمان الذي لا يتطلب ولا يحتمل البرهان ..) بينما ظلت ساحات الفقه تتصارع وتتذابح بحثا عن ( الفرقة الناجية) التي ستبني ( دولة النجاة الإلهية – دولة الوحي )...
إن أول دولة في العالم الإسلامي في العصر الحديث، بنت الدولة ككيان موضوعي، كمنظومة مدنية حقوقية سياسية إدارية هي تركيا بعد الحرب العالمية الأول، بعد أن تعلمت من عدوها الغربي سر نجاحه وتفوقه عليها، من حيث سبقه للعالم اللإسلامي بقرون في بناء الدولة السياسية الحديثة القادرة على الفصل بين عالم الغيب وعالم الشهادة ، وعالم الأذهان وعالم لم الأعيان، أي بين دولة الفرقة الناجية ( دولة النجاة الإلهية ) ودولة (المساواة البشرية في صورة كيان المواطنة في عالم الأعيان ، وترك عالم الأذهان والغيب والنجاة الإلهية للذات الإلهية ذاتها الأدرى والأعلم بعالم القلوب والمغيوب ..
حيث جعل المشروع التركي من مقولة ( الدولة المدنية العلمانية عنصرا رئيسيا في بناء الدولة البشرية المليئة بالخطايا البشرية التي تضبطها القوانين الوضعية بوصفها قوانين نسبية بنسبية القيم الفكر ية والبشرية.وليس قيم المطلق الإلهي،. ا الانجار الثاني للدولة التركية فهي ختمها للقرن العشرين وقيام القرن الواحد والعشرين ، بإعادة نسق الهوية الذاتية (الإسلام ) إلى كيان الدولة الحديثة العلمانية، بوصفه نسقا ذاتيا مشاعريا ووجدانيا مناظرا وموازيا لكيان الدولة الوضعي الحقوقي الحيادي...
في سوريا شهدنا في المرحلة (الليبرالية الكولونيالية ) وما بعد الكولونيالية ، مرحلة انتاج دولة الوطنية الديموقراطية الليبرالية المعبرة عن المجتمع المدني في الخمسينات، التي قوضها التيار الشعبوي القوموي (بعثي –ناصري) في الستينات، لتتوج في السبعينات بقيام دولة (الطائفة الأسدية الناجية توحشيا .. حيث أحاطت نفسها بنعيم الثروة الوطنية، تاركة الأغلبية الشعبية والطائفية تسبح في بحر الفاقة والبؤس لتختم المرحلة بتحويل سوريا إلى مستنقعات من الدم بين الأسدية والداعشية ) بعد أن عززت دولة (الطائفة الأسدية ) كيانها في النجاة من السقوط بالتحالف الطائفي مع إيران ... إذا كانت الدولة الليبرالية الوطنية الديموقراطية نتاج المرحلة الليبرالية (الكولونيالية الاستعمارية ، فإن الداعشية ستتوج نموذ الدولة الطائفية ، الأسدية (الناجية من حكم التاريخ الحتمي ) بمشروع الدولة الإسلامية الناجية بصورة الدولة الثوقراطية الدينية الطائفية الشيعية الإيرانية ...حيث سيؤسس لمرحلة جديدة قد تمتد لنصف قرن كما امتدت مرحلة الدولة الشعبوية " القومية واليسارية ( الناصرية والبعثية مع امشاج شيوعية ستالينية) ...
الجديد في الصورة أن ثمة استشعارا من قبل نخب من القوميين واليساريين أن تيارهما اصبح مفوتا ومتجاوزا، لكن المشكلة أن ثمة استشعارا لدى الإسلام السياسي أنه جاء عهده وعصره ، بعد أكثر من أربعة عشر قرنا بوصفهم هم (الفرفة الناجية ) المغدورة ، ولهذا نحن نحو حقبة ولادة مرحلة جديدة رغم أنها الأقدم في حياة المجتمع ، عنوانها صراع الفرق الناجية الإسلامية التي ما كان للديكتاتوريات الشعبوية العروبية الفاشية أن تنتج نقيضها إلا في صورة (داعش وأخواتها ) ، فالطائفية الوحشية الأسدية ما كان يمكنها أن تتيح تفتح ورود شباب الربيع العربي المدني الديموقراطي كنقيض لها، إلا بوحشية افتراسية استثنائية قنصا وقتلا وسجونا وتعذيبا ...
لكي لا يبقى بديل سوى داعش وتفرعاته الإسلاموية السياسية ، عبر تدمير ممكن استعادة وإحياء المرحلة المدنية الليبرالية الديموقراطية ، ليتم تقويض الأسس الموضوعية لقيام إسلام مدني ديموقراطي كهوية ذاتية ثقافية ، كما هيأت له الدولة العلمانية (الدنيوية التركية ) .ككيان موضوعي في بنائه الحقوقي والقانوني والإداري الحديث ..الأمر الذي أتاح سبقا تاريخيا للتجربة التركية الحديثة التي عمادها الأول "الدولة ككيان مدني علماني ) ، ومن ثم إلإسلام كهوية ذاتية حضارية، لم يتمكن الإسلام السياسي ( الأخواني العربي ) من الإرتقاء إليها ، بسبب تأخر النخب القومية واليسارية العربية المسيطرة، حيث ما كان يمكن لها أن تنتج إلا إسلاما سياسيا متأخرا كقوميتها ويساريتها المتأخرة، التي ما كانت يمكن أن تحمل إلا بديل ( الحالشية والداعشية والأسدية والملتية الإيرانية ) ولو لمرحلة مؤقتة .. الإ أن هذه المرحلة قد تستمر لعقود من صراع (الطوائف ) تحت عنوان البحث عن (فرقة ناجية ) بين مئات الفرق ...غير الموجودة إلا في ضمير الله ...حيث في هذه المرحلة لا نملك كمدنيين ديموقراطيين مستقلين سوى الالتفاف حول مشروعنا الذي بدأناه في ربيع دمشق، في التعويل على جيل جديد يعوض الجيل الثوري الشاب الأول، قبل أن تستولي عليه الأحزاب الشمولية (علمانية أم دينية ) التي لا تختلف نوعيا عن السلطة التوحشية الاسدية في نوعيتها السلطوية والتسلطية ...
4 partagesPartager
#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وزير داخلية لبنان (14 آذار) يهدد الثورة السورية بمصير مليون
...
-
شكرا للرئيس الفرنسي (هولاند) على رفضه أن يكون ابن الأسد (شري
...
-
الشرف (البعثي والإئتلافي ) ومكافحة الإرهاب .......
-
-معارضون- يتسابقون على كسب الرضى الأسدي لتأمين مستقبل وزاري
...
-
الإئتلاف السوري يحسم (موارضته : بين المولاة والمعارضة )، بال
...
-
Paris Amis Publier Abdulrazak Eid il y a 10 heures, à proxim
...
-
أليست -الداعشية - -نتيجة- للإرهابية الأسدية ...وليست -سببا-
...
-
الشيطان يعظ ... بين القائد و(القواد) وهيمنة قيم الدعارة !!!
-
ان تكون كاتبا مستقلا .. يعني أن تكون كاتبا زاهدا مأكولا مذمو
...
-
اوباما يعدنا بمسلسل داعشي طويل ..وليس لأسابيع !!!
-
هل الدولة العظمى في العالم (أمريكا ) مصابة بمرض (الإسلاموفوب
...
-
هل الجيش اللبناني تقوده حالش نصر اللات الشيطاني الإيراني –ال
...
-
حافظ أسد انتصر في (لبنان) لأنه راهن على شجاعته (العروبية) في
...
-
الحمد لله أن اقتنعت حماس .. بكذب موقف الممانعة للمحور ( الإي
...
-
لم نكن نعول على الاستبداد العربي لنعاتبه ....ولهذا عولنا على
...
-
هل تركيا ( دولة إسلامية أخوانية ) ؟؟؟ .. أم دولة مسلمة الهوي
...
-
فلسفة الحروب (العربية والإسلامية) الحديثة... عدم سقوط الضحاي
...
-
تسريبات عن غضب إسرائيلي ضد المجتمع الدولي .. الذي يسكت عن ال
...
-
• هل ثمة احتمالات لسيطرة ( داعش على جنوب دمشق) ؟؟؟!!!
-
هل حربنا مع إسرائيل هي حرب: أصولية دينية أو أصالوية عروبية .
...
المزيد.....
-
31 قتيلاً في 24 ساعة.. تشييع فلسطينيين قتلوا خلال انتظارهم ا
...
-
القدس: شبان حريديم يمزقون رسائل الاستدعاء للتجنيد في الجيش ا
...
-
هل تتحقق رؤية ترامب قريبًا؟ محادثات بين إسرائيل وجنوب السودا
...
-
مفارقات عربية عديدة
-
ماكرون يقر بـ-حرب- فرنسا في الكاميرون
-
المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال إسرائيل لغزة تصعي
...
-
مدير مؤسسة -هند رجب-: لا يمكن لـ-الجنائية- تجاهل أدلة جريمة
...
-
العديد من بعثات نيجيريا الدبلوماسية بلا موظفين منذ قرابة عام
...
-
استقالة سياسي كيني بارز تثير تكهنات حول إعادة تشكيل المشهد ا
...
-
-صوت السنوار-.. ماذا قال الإعلام الغربي عن أنس الشريف؟
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|