أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين بوركة - عبثية الغريب كامي وسارتر و كيرككورد














المزيد.....

عبثية الغريب كامي وسارتر و كيرككورد


عزالدين بوركة

الحوار المتمدن-العدد: 4550 - 2014 / 8 / 21 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


(إنه أهم أخلاقي العصر، الكبار)-سارتر.
تزامن النجاح الذي لقاه الأديب -الفيلسوف- ألبر كامي A. Camus كروائي والاحتلال الألماني للأراضي الفرنسية. عرفت تلك الفترة منع القراء الفرنسيين من قراءة أو امتلاك روايات أمريكية، و حتى الألمانية الممنوعة من النشر أو المشكوك في كتابها في عدائهم للنازية. لم يُستثن الكاتب جيد GIDE هو أيضا من هذه الرقابة المتوحشة، وقد تمّ اتهام مؤلفاته بالانحلال الأخلاقي démoralisation. ولعل ما جعل رواية الغريب l’étranger (في نظرنا) تلقى ذلك النجاح والرواج الكبيرين هو أسلوبها و أدبها الجديدين –آن ذاك- وأيضا وتزامنها وفترة العطش الأدبي للقراء. حينما نعيد قراءة الرواية اليوم، لا نعي جيدا الأهمية التي لعبتها في تلك الفترة. فترة الحرب. وعكس باقي كتب كامي فهذه الرواية -الغريب- تنصهر لتصبح اعتيادية. أساسية بلا شك، بل هي سيدة كتب أ. كامي. فمقال سارتر Sartre في Situation I قد لعب دورا هاما في منح الغريب مكانة أعلى من باقي كتب كامي و اطراءها بصورة كبيرة، مثلما أثنى على أسطورة سيزيف Mythe de Sisyphe واضعا إيّاها الى جانب الغريب. وقد أطلق على ذلك اصطلاحه المعروف ب"الأدب الجديد".
1: أبسوردية الغريب بين كامي و سارتر:
لم تأتِ رواية الغريب للأديب الفرنسي ألبر كامي إلا تجسيدا لفلسفة العبثية (الأبسوردية) في المنجز الأدبي العالمي. فالأبسوردية عند "كامي" تقوم بين الإنسان والعالم أو بين تجربة الفرد وبين لامعقولية العالم. من تمّ كانت ترجمتها باللامعقولة أو العبث (في لغتنا العربية) ترجمة قاصرة و ناقصة. يهمنا هنا قول سارتر-الفيلسوف- بعقلية الفيلسوف "إن فلسفة كامي هي فلسفة الأبسورد Absurde والأبسوردية عند كامي تقوم حول العلاقة بين الإنسان والعالم... بين مطالب الإنسان المعقولة ولا معقولية العالم. ويخرج كامي من هذه العلاقة بأفكار هي نفسها أفكار التشاؤم الكلاسيكي. وأنا (لا أعرّف الأبسوردية بمعاني الفضيحة والوهم التي يعرّفها بها كامي. ما أسميه الأبسوردية شيء مختلف تماما: إنها عرضية الوجود. هذه العرضية التي لم تكن أصل وجوده ولكنها وجدت فيه. فالأبسوردية هي صفة الوجود التي لا نعرف لها سببا والداخلة ضمن نسيج الوجود" ( ألبر كامي-عبد المنعم حتفي- ص131). يختلف الفيلسوفان كامي وسارتر في تحديدهما لهذا المفهوم الفلسفي الوجودي. الأبسوردية عند الأول هي علاقة قائمة بين الإنسان و العالم. وعند الثاني فهي عرضية الوجود. إنها ليست علاقة بين اثنين. ولكنها صفة داخلة في نسيج الوجود كما جاء على لسانه.
2: أبسوردية الغريب بين كامي و كيرككورد:
ارتبطت الأبسوردية بالفلسفة الوجودية والعدمية، حسب مؤرخي الفلسفة، وظهور الوجودية في القرن التاسع عشر لدى الفيلسوف الدانماركي "سورين كيرككورد"، يستخدم هدا المفهوم (العبث) في فلسفته وكتاباته، استخداما دينيا وإيمانيا، للتأكيد على و على وجود المسيح الذي هو برأيه يمثل وجودا ملموسا زمنيا وبنفس الوقت غير زمني ، خالدا..
العبث يعني بالنسبة لكيرككورد اللامعنى، وما تبقى وجوديا ليس سوى الاختيار : ان تؤمن او لا تؤمن. وهكذا نرى ان العبث مفهوم ينطلق من رؤية دينية وتقوم على مفهومك المفارقة الذي اجترحه كيرككورد عن المسيح ، أو بمعنى آخر تكمن هذه المفارقة في أن الله الخالد، المسيح هو بنفس الوقت موجود تاريخيا رغم انه خالد.. ولهذا يرى كيرككورد في هذه المفارقة منطق عدم تجانس لهذين المفهومين الخالد والمؤقت.. وهو يرى في هذه المفارقة "لا معنى " عبثا لكنها عبث لا يقوم على التأويل المنطقي العقلي بل على الإيمان. و هو يذهب إلى "نفي العقل ولكنه يستخدم العقل كي ينفي العقل، وهو يصل إلى نتيجة.. وهي لا معقولية الحياة. ولكنه يهرب من النتيجة وينفي ما وصل إليه العقل، ثم يقرر ما لم يصل عقل إليه، وهو وجود عالم شفاف معقول يدعو إليه ويؤمن به. لكن صديقنا الأديب أ. كامي يرفض العقل كما يرفض الحدس و أية وسيلة أخرى لعقلنة الوجود "2. وقد أكد أيضا الفيلسوف "بوجسون" نقص العقل كوسيلة لفهم الوجود ولكنه لم يقل بأن العالم غير مفهوم (عكس كامي). إنه مفهوم في أعماقه.
في روايته الغريب، يُقدم لنا ألبر كامي ذلك البطل "مورسول" العبثي، الغير مكترث.. الذي سينتهي بالحكم عليه بالإعدام، ليس نتاج قتله لأحدهم ولكن نتيجة للامبالاة تجاه وفاة والدته، وسذاجته وبساطته وهو يقدم بصدق ساذج مبرراته أمام القاضي. وقد تجلت أيضا عبثيته ولامبالاته في الحوار الذي دار بين بطل الرواية والقس حول الخلاص ورفض "مورسول" لهذا المفهوم. وينتهي الحوار بيأس وشك يخالجان نفس القس.. الشك الذي أرجحه بين الإيمان والعقل. بعدما خلص بطلنا بأن الشر والنقص في الوجود لا يمكن أن يسأل عنهما أحد ولا الإله ذاته.. لا لشيء إلا لأنه لا وجود لإله. واليأس من خلاص "مورسول" من حكمه، بعد أن خلُص لأن الموت هو مخلّصُه و مُحرّره من لا معقولية الحياة ومن عبثيتها و أبسورديتها. تحرير أبدي لا حياة من بعده.
الخلاص من عبثية و أبسوردية الحياة في الغريب، لا يعني بالمطلق أن فيلسوفنا أ. كامي يوافق على التخلص منها بشكل بسيط والهروب منها بالموت/الانتحار. فهو يرفض الانتحار مثلما يرفضه كيرككورد رفضا قاطعا. عكس فلاسفة القرن التاسع عشر، أمثال الفيلسوف الألماني شوبنهاور. فعلى الكائن الوجودي-الإنسان- أن يقاوم و يجابه نفسه والعالم من حوله. يقول عبد المنعم حنفي في هذا الصدد : "إن كامي يريدنا أن نعيش هذه الأعداد الهائلة من النبضات كأكبر ما نستطيع. وأن نضاعف وعينا بها. هذا الوعي المضاعف هو أسلوب كامي الذي يدعو إليه كي نعيش به الحياة".
1 : (أ. كامي- ع. حنفي- ص 128)



#عزالدين_بوركة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فعل الترجمة
- لحية الحلاج
- يد تعلم الحب تعاليمه
- هذا كل شيء
- تسبيح الباتول
- الحلاج مأساة عاشق
- أسئلة الثقافة وتدبيرها: الرمزي والتنموي في المجتمع المغربي *
- أوثار بور
- الأثر الفكري للمهدي المنجرة
- المثقف و الحركة والصورة الكاذبة : ردا على صورة
- قاتل هليودي
- قفطانك محلول:
- حزن عمودي
- جينالوجيا الأخلاق : دراسة في أصل الأخلاق و قلب القيم
- جيهان
- مشهد لا يتوجه اللوفر
- على باب الجامعة
- الجدار
- يغادرني العالم
- شعر الشمس


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين بوركة - عبثية الغريب كامي وسارتر و كيرككورد