أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مبارك أباعزي - أسَاليبُهم في صنَاعَة الاخْتِلاف














المزيد.....

أسَاليبُهم في صنَاعَة الاخْتِلاف


مبارك أباعزي

الحوار المتمدن-العدد: 4550 - 2014 / 8 / 21 - 08:43
المحور: الادب والفن
    


أسَاليبُهم في صنَاعَة الاخْتِلاف
"بمحاذاة اندهاشك، يتسللون بكبرياءِ أنوثة طافحة، أو بإحساس قوةِ شبابٍ نافرة، ولفرط اختلافهم عنك، تتملى لباسهم المميز، وطلعتهم الفريدة، وقبعاتهم الجديدة التي ثبتوها بشكل مختلف على رؤوسهم، أما خطواتهم المتوازنة فتخضع لإيقاع وموسيقى ثابتين". هكذا بدأت الحكاية، أو لعلها لم تبدأ هكذا، كانت البداية حينما وجدت تلميذة قد ملأت يدها اليسرى برسومات مختلفة، ووجدت نفسي أطرح أسئلة كثيرة عندما أصبحت تلميذا مشاغبا في حضرتها، ولازمني، أنا الجاهل الجديد بكل شيء، فضول معرفة تفاصيل أخرى، فألفيت عيناي ترمقان هذا وذاك، هذه وتلك، لعلني أظفر بنقطة الجذب في أمر أعتبره فوق قياس اللياقة.
أجسادهم لا تختلف في شيء عن لوحة رسمها عبقري من عباقرة السريالية، استعمل فيها ألوانا يخاصم بعضها بعضا، لكن تنافرها في الحقيقة يحدث للعين ألفة من نوع جديد، ومهما حاولت التعبير عن استيائك من هذه "المحدثات والبدع"، فالنار في كل الأحوال لن تمسها إلا بعد ملايير السنوات. وهل نستطيع أن نخفي أنهم، أصحاب البدع تلك، أسياد الابتكار بدون منازع؟ فهم في الرقصات كعابهم عالية، وفي الغناء أقرب إلى معاناة الشباب وآلامهم، وإلى الحياة أدنى، خلافا لنا، نحن الذين نقتلها بالحلال والحرام.
إنها أجيال جديدة لا تتوقف عن صنع الاختلاف وخلق الطفرات، بدءا بتصفيفات الشعر المختلفة، مرورا باللباس، وصولا إلى طرق التصرف والسلوك، وكل ذلك يعتبر في نظرهم رسالة إلى الإنسانية أساسها التسامح والتفاهم والحوار وغير ذلك من القيم، وهم في حقيقة أمرهم، موالون أوفياء لـ"الجندرية"، إذ لا فروق يجب أن توجد في الجنس البشري، فالذكور ينتعلون أحذية حمراء أو وردية اللون، لكي تتم اللقيا رغما عن أنف الاعتقادات الاجتماعية التليدة.
ومن أهم أساليبهم الجديدة في صناعة الاختلاف ما يسمونه بـ"سْوَڭ-;-"، والكلمة لغويا تفيد "صرة الثياب"، ولكنها في الحقيقة لا تعني مجرد ثياب تقتنى من محل تجاري، بل لها ما يميزها في الدلالة على الثورة والاختلاف ورفض القيم السائدة وإحلال نمط جديد في الحياة. ولعل أهم ما يميزه هو القبعة التي يجب أن تكون حافتها مسطحة، والحذاء الأنثوي اللون الذي يعلو الكاحل بقليل من سنتمترات التفرد.
وإذا كانت القبعة والحذاء مهمين في السْوَاك، فالمسافة بين "الهيب هوب" و"التكتونيك" مثلا، لا تتجاوز اللباس في ضيقه وتوسعه، فالأول الذي جاء لقهر سلطة الرجل الأبيض، يصر على الاهتمام بالملابس الفضفاضة التي تسع جسدين في الحقيقة لا جسدا واحدا، فيما أن ملابس التكتونيك ملتصقة بالجسد، ولا تحتمل دخول عنصر غريب بينهما، وإن كان هاتفا نقالا. وفي كلا الحالتين، يحتاج الأمر إلى تحليل سيميائي لكشف الدلالات الثاوية وراء طريقة اللبس تلك.
ولا يخفى على أحد، أن المتأثرين بهذه الأساليب الجديدة الصانعة للاختلاف، محصورون في فئة عمرية محددة تسمى في مدارس علم النفس بفترة المراهقة، وغالبا ما يتخلون عنها مع تقدم العمر إلا في حالات نادرة. ونظرا لما يميز تلك الفترة من سلوكات، فإن اهتمامهم بهذه الأشكال الجديدة يناسب تماما ميولاتهم نحو التميز وإثبات الذات، وأحيانا تجدهم يعتقدون أنهم فوق الناس أجمعين، ويعتبرون الآخرين مجرد "سيفيل" لا يعرف من أمور العالم شيئا، وغير ذلك من التصورات التي تحتاج إلى معاينة تحليلية.
هكذا هم أبناؤنا، يختلفون عنا دون أن ندرك ذلك، يقاوموننا غيبا دون أن نفطن إلى أنهم منخرطو تنظيم ثوري على ما اعتدناه من لباس، وسلوك، وأخلاق، ونمط حياة. ولو كانوا يعرفون مبادئ "السْوڭ-;-" مثلا قبل أن يقتصر ذلك على لباسهم، لكان ذلك جميلا، فرواد هذا الأسلوب يقولون إن له مجموعة مبادئ من قبيل الثقة بالنفس، وعدم الاهتمام بكلام الغير، وحب الجسد، وحب الأسلوب الجديد في الحياة، والتعامل الجيد مع الآخرين، وغيرها، وهذه المبادئ في عمومها ذات طابع تربوي هام، لكنهم يكتفون بتقليد المظهر الخارجي فحسب، وهذه معضلتنا كبارا وصغارا، فالكبار في حاجة إلى تنظير غربي لمعرفة كيفية تحليل قصيدة أو كتابة قصة، والصغار في حاجة إلى شطحات غريبة من أصول غربية لتقليدها.
https://www.facebook.com/abaazzi



#مبارك_أباعزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد الأدبي الأمازيغي
- سيكولوجيا المثقف
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (7)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (6)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (5)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (4)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم(3)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (2)
- نقادُ الدينِ ومِحَنُهُم (1)
- تباين العقلي والميتافزيقي في دعاوى الإعجاز العلمي
- ثقافةُ المنْعِ في الخِطَاب الدِيني
- التكفير والتقتيل.. لعلك تفهم يا أبا النعيم
- العلمنة في التراث الإسلامي


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مبارك أباعزي - أسَاليبُهم في صنَاعَة الاخْتِلاف