أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عادل مرزوق الجمري - صحافيون متعجرفون















المزيد.....

صحافيون متعجرفون


عادل مرزوق الجمري

الحوار المتمدن-العدد: 1281 - 2005 / 8 / 9 - 07:54
المحور: الصحافة والاعلام
    


كيف نقنعهم أننا.. حريتهم؟!!..


«تسرد الصحف الأمريكية، كبيرة أم صغيرة، فصول الأحداث اليومية لحياة بلدنا وحياة شعبنا .. فلو جمعناها مع بعضها البعض، لوجدنا أن صحف مجتمعاتنا المحلية لا تروي قصة الحرية الأميركية فحسب، بل هي تلك القصة» كولن باول. وزير الخارجية الأمريكي.

إن لم تقرأ صحيفة في يوم ما، وخالجك شعور بأنك خارج دائرة المجتمع، خارج الأحداث، فإن صحافتك تقوم بعملها على أتم وجه، أما إن ساورك شعور إعتيادي، بمعنى أنك لم تتأثر بما حدث، وراودك إحساس قوي بأنك لا تقف بعيدا عن الأحداث المحيطة بك، وأنك لازلت فاعلا فيها، فالنتيجة هي أن المؤسسات الصحافية المحيطة بك هي أشبه بالمعطلة، والصحافيون المتباهون من حولك، هم أناس لا يقومون بعملهم كما يجب.

لابد ان نخرج على إحساسنا المتوارث بالتهميش للصحافة، هناك حاجز كبير على مستوى الإدراك لأهمية هذا الجهاز الإعلامي، هناك نظرة سلبية (مبررة) تجاه قمع الصحافة في الوطن العربي، سواء من السلطة التنفيذية او التشريعية، او المجتمع ذاته. لا نستطيع إنتاج صحافة مدنية ما لم نستطع تجاوز هذه العوائق الممتدة والمتشعبة في جميع المؤسسات المجتمعية.

هذه العوائق بالإستطاعة تلخيصها في العرض التالي:

• العائق الدستوري:

نص التعديل الأول في دستور الولايات المتحدة على أنه «لا يجوز أن يصدر الكونجرس اي قانون يحد من حرية الصحافة»، الدستور مهمته وضع حدود بين السلطات، وبيان المهام الموكلة لكل سلطة من السلطات الأربع «مفهوم السلطة الرابعة لا يجب لنا أن نعتبره مجاز» ، وإن كانت الدساتير العقدية العالمية لا تعترف بسلطة الصحافة، إلا أن الصحافة المدنية تكتسب سلطتها كنتاج للمدنية أولا، وكنتاج آسن لكل مفاهيم الحرية التي تدعو لها تلك الدساتير ثانيا، وكأن تعريف او تحديد او دسترة حرية الصحافة كالخوض الساذج في تعريف الماء.

تحتاج الصحافة المدنية الى حصانات يوفرها لها الدستور، لتقوم بمهمتها المجتمعية. لابد ان تكون الحماية الدستورية للصحافة حماية فراغية، بمعنى ان تحاول السكوت عن هذا الحق، أن لا تحاول تحديده وتأطيره، الحد والتبويب عملية رقابية اكثر خطورة من الإعلان عن برنامج مؤدلج تلزم بها السلطة التنفيذية رؤساء التحرير وتحاسبهم على الإلتزام به، لابد أن لا نجعل من «الحق في المعرفة» والتداخل في الصراع المجتمعي فضلا تجود به المؤسسة الدستورية على الصحافة أو المجتمع، بل هي أحد أهم الحقوق الطبيعية، لعل الحق في المعرفة كالحق في الحياة.

• علاج العائق الدستوري:

لابد للهيئات الصحافية وقوى الضغط المجتمعي ان تكون فاعلة سياسيا، بمعنى ان تحاول جاهدة تكوين قوى ضغط داخل السلطتين التشريعية والتنفيذية، قوى الضغط هذه عليها ضمان الحقوق الدستورية لعمل الأجهزة الاعلامية، الصحافيون المتهمون بانهم «يدعون المعرفة بالسياسة» مطالبون بأن يضمنو حقوق عملهم قبل ان يطالبوا بحقوق الناس.

الإمبراطورية الإعلامية الأمريكية لم تنتج دونما صراعات كبرى حول حرية الصحافة، والتعديل الأول الوارد اعلى الوصف للعائق الدستوري هو نتاج معارك وصراعات ممتدة. ان النجاح الذي حققته المؤسسة الإعلامية الأمريكية لم يكن نتاج الصدفة، بل نتاج عمل دؤوب من رجال الإعلام والمهتمين به، وعبر جدالات كبرى شهدتها أروقة مجلسي الكونجرس والنواب الأمريكي.

لابد ان تشهد مؤسساتنا التشريعية والدستورية جدلا مستمرا، لابد ان تتحرك كافة الأجهزة الإعلامية المكتوبة والمسموعة واجهزة التلفزة نحو معركة الحماية الدستورية، لابد ان تعترف مؤسسات المجتمع بالسلطة الرابعة، وان توقع على هذا، لأنها بذلك تصنع حريتها قبل أن تعطي الصحافة حريتها كاملة، فحرية الصحافة هي حرية المجتمع الاولى. في النهاية لابد من الإقتناع بأن الصحفيون لا يتوركطون بالسياسة، بل إن عملهم بذاته سياسة، ورؤساء التحرير هم قادة هذه التجمعات السياسية «الصحفية».

• العائق التشريعي:

العائق التشريعي هو نتاج العائق الدستوري بالضرورة، بمعنى أنه إما مكمل لما تقره مواد الدستور من عبارات كبت وتحديد، او هو الأداة المستخدمة في تدارك الخطأ «الغير مقصود؟!!» الذي قد ترتكبه بعض الدساتير حين تعلن «إن حرية التعبير والصحافة مكفولة»؟!!، التشريعات الإعلامية تقوم على تدارك هذه العبارة المشجعة، لتقوم بدورها المعهود في السيطرة على الصحافة وتطويق مهام عملها المحورية.

لازالت فضاءات التشريعات الإعلامية تتسم بالصغر والمحدودية، ولازالت السلطتان التشريعية والقانونية تسنان القوانين المفبركة المربكة لعمل الصحافة المدنية العربية. التشريعات الإعلامية التي تتسم بالمصطلحات الواسعة مثل «لابد ان تلتزم الصحافة بالمصلحة العامة»، «حرية الصحافة مكفولة إلا فيما يتعارض مع الأمن الوطني او القومي» ، « فيما لا يتعارض مع السلم المجتمعي»، « يتحمل رئيس التحرير او من يقوم مكانه كافة المسئؤولية عما ينشر في الجريدة» والكثير من العبارات والشعارات التي تبقى إشكالية تحليلها مأزقا لا يمكن الفكاك منه. هذه العبارات تجعل من رئيس التحرير منشغلا بحماية نفسه مع بعض الممارسات الحماسية التي قد يقوم بها أحد صحفييه الصغار.

• علاج العائق التشريعي:

لابد ان تهدف المؤسسات الإعلامية العربية في خططها المستقبلية نحو التحرر، ونضالها الدستوري لابد ان يتصل بمحاولات جادة تجاه تحررها التشريعي، قد يكون الهدف الإستغناء عن وجود ما أتفق على تسميته بـ «التشريعات الإعلامية العربية» ، وصولا الى نتائج التجارب الدولية الحديثة التي انهت ما يسمى بالتشريعات الإعلامية، او الى تحديدها في الإطار التجاري فقط. أي تشريعات تنظمها تجاريا بصفتها أعمالا تجارية ربحية،دونما تعرض لسقوفها وهمامها المجتمعية. مع أن النظم التجارية هي مهمة وزارات التجارة لا وزارات الإعلام العربية التي كانت ولازالت تحبس المعرفة والحقيقة عن الناس في الوطن العربي.

كما لابد لها من الإجتهاد في الحصول على حقوقها التاريخية بدعم الدولة لها، سواء على صعيد الدعم المالي والإقتصادي عبر إلغاء كافة الرسوم المفروضة على إستيراد الورق او كافة الاجهزة المساندة في عمليات الطباعة والنشر والتوزيع، او على الصعيد الإجرائي بضرورة تفعيل وتطوير الدول لاجهزتها الإعلامية الحكومية، بما يتوافق مع حق الصحافة في الحصول على المعرفة، والتي هي الوسيلة في معرفة الإنسان المدني لحقيقة الأحداث التي تدور من حوله.

• العائق المجتمعي:

«الصحافيون متعجرفون»، «متحيزون»، «ينشرون الاكاذيب»، «هم مخادعون ويدعون العبقرية ومعرفة كل شيء» هكذا يصف الناس الصحافي. اما الصحف فهي « متحيزة»، «غير دقيقة» ولربما «كاذبة» «همها الربح لا الناس». صحافتنا العربية صحافة معطوبة. ولكن كيف يستطيع الصحافيون إصلاح هذا الخلل؟، كيف تستطيع الصحافة العربية تحديدا، إقناع افراد المجتمع بأن الصحافة هي الوجه الحقيقي للديمقراطية والحرية والمساواة التي ينشدونها، وانها إن صلحت صلح ما سواها، وإن خابت خاب ما سواها.

الدراسات المسحية الإجتماعية تدلل على إنخفاض حاد في مستويات التصديق للصحافة العربية، والمعدلات تشير الى ان مستويات الثقة بالصحفيين في إنخفاض خطير يقدر بين 65% الى 79% ، هذه المعدلات خطيرة ويجب ان تتنبه لها جمعيات الصحفيين العربية التي لا زالت غائبة عن البحث والإستقصاء، أين تقف بالضبط؟ وماذا حققت من واجبات ومهام؟، والأهم كيف تتصرف وما هي الحلول المطروحة.

نسب التوزيع إما ثابته، وإما في هبوط مستمر، والتقنيات الحديثة في المعرفة تلعب دورها في الحد من قوة الإعلام المكتوب عموما، وثقافة الصورة أصبحت عائقا لا يستهان به، والإنقرائية للصحافة المكتوبة أصبح الرهان عليها مملا وهروبا عن مواجهة الواقع، والأحداث المتسارعة التي تبثها أجهزة الإعلام المرئي والصحافة الإلكترونية غدت اكثر الضربات القاضية للصحافة المكتوبة. بقى لدينا القليل من عوامل البقاء والتأثير، «العادة والتعود»، «صحافة الرأي» ، «صحافة التحليل» وتبقى أقوى عوامل بقائنا «صحافة الإستطلاع» أي صحافة الشارع.

علاج العائق المجتمعي:

يضع مركز «بيو» للصحافة المدنية نموذجا علاجيا يطلق عليه «المهاجم الشرس»، إن الهجوم الشرس كخيار إستراتيجي تتبعه الصحافة المدنية هو إحدى الصور العلاجية الهامة، إذ انه يعتمد على الهجوم بقوة على السلطات المدنية الأخرى، ويشمل هذا الهجوم السلطة التشريعية والتنفيذية كل في رؤية خاصة وديناميكية خاصة. هناك 31% من الناس يعتقدون ان الصحافة قادرة على تغيير القرارات في المطبخ السياسي، وهكذا كانت جريدة الوسط البحرينية في تغطيها لأحداث شارع المعارض الشهيرة بالبحرين مثالا واضحا، إذ كان لتغطية جريدة الوسط التأثير في إستباق القرار السياسي حيال تصنيف الاعمال المشاغبة برفض اعتبارها ذات طابع «سياسي».

قد يرى البعض ان الصحافة بهذا تكون عامل توتر، او بأنها تقوم بإثارة الشارع، أي أنها بالتحديد ليست صورة للديمقراطية والعدالة والحرية. لابد ان يتفهم الجميع ان الصحافة بهذا الدور الذي تقوم فيه لها هدفان. الهدف الاول هدف مجتمعي خاص بطبيعة وظيفتها كسلطة مستقلة لها وظيفتها في دعم الديمقراطية وكشف الحقائق الغائبة عن الناس، وهي بذلك تقوم في نفس الوقت بحماية نفسها من الإنقراض. إذ ان الصحافة «المتزلفة» هي صحافة تؤدي نحو إنقراض المهنة ونهايتها يوم بعد يوم.

عندما تتسم البيئة بالصراع، تحاول الصحافة المدنية ان تتحول من خيار « الهجوم الشرس» الى خيار اخر أفضل تسميته بـ «المراقب» او «الكاشف»، بمعنى ان تحول من الهجوم الى الحياد الذي يقوم بمهمة الكشف والمراقبة لسير الديمقراطية، دونما تفعيل لصحافة الرأي والتحليل المنحاز، وهي بذلك لا تتخلى عن دور الهجوم، إذ ليست العملية سوى إستراحة محارب.



#عادل_مرزوق_الجمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تدير مجموعات المعارضة العربية إعلامها؟: بعيداً.. عن الزو ...
- قراءة في الحقل الإلكتروني معرفيا..
- قنواتنا الحكومية كسيحة، والإتجاه نحو الغرب سيفشل
- تأديب برابرة الليبرالية الجديدة
- لماذا، وكيف تقرأ.. هذه الجريدة.. ؟
- أحداث سبتمبر جديدة.. على الأبواب


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عادل مرزوق الجمري - صحافيون متعجرفون