أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد قاووق - أدلجة الإلحاد: الدين الجديد















المزيد.....

أدلجة الإلحاد: الدين الجديد


خالد قاووق

الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 00:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مع وصول العديد من الحركات الدينية إلى السلطة عقب الربيع العربي و مع ظهور "داعش" تلك الدولة التي تمثل أقسى أشكال التطرف الديني و الرجعية فإننا بالمقابل نلحظ في المجتمع ظهور تجمعات ثقافية متنوعة تتسم بالابتعاد عن الدين كسمة عامة قد تصل لدرجة الحقد على الدين و المتدينين حد العنصرية جاعلين من الإلحاد صفة مشتركة تجمعهم
ترفض هذه التجمعات أي شخص متدين لمجرد كونه متديناً و تفيض مجموعاتهم على الفيسبوك و غيره بنقاشات عديدة حول العلاقات الاجتماعية و حول وجود الخالق أو الله و عن تاريخ الأديان و يحدث أن تتضارب الآراء حول تلك المواضيع فبين داعم للمثليين و حقوقهم و بين من يعتبرهم مرضى نفسيين و بين داعمين للمرأة و حقوقها كاملة و بشكل خاص حقوقها في حياة جنسية حرة من إطار العذرية و بين عالقين في مستنقع العادات و التقاليد و القيم المجتمعية المحيطة، إن ما يدور من جدل حول كل ما سبق لهو آلية فعالة جدًا في إنتاج قيم و مفاهيم جديدة للعلاقات الاجتماعية خارجة عن إطار الدين و أكثر قدرة على التفاعل المرن مع الواقع و تلبية لحاجات الإنسان، لكن عندما تتحول تلك القيم الناتجة عن مثل هذه النقاشات إلى إطار للإلحاد يخرج من لا يعترف بها عن كونه ملحداً و بزوغ كلمات مثل "متألحد" و "كافر" فهو ما يشير إلى توجه واضح نحو أدلجة الإلحاد من هنا تبرز مشكلة تعريف الإلحاد هل هو مجرد إنكار وجود خالق لهذا الوجود أم أن الملحد هو الشخص الذي خلع عنه السلوكيات الناتجة عن الدين و الإيمان بالماورائيات و يحمل قيمًا أخلاقية أخرى، أي لديه ناظم أخلاقي آخر و ما هو هذا الناظم ؟؟
و لأن تعريف الشيوعية يبدأ من الشيوعيين و تعريف الإسلام يبدأ من المسلمين ( منذ 1400 عام و حتى الآن) فإن نقطة بدايتنا يجب أن تكون في تعريف الإلحاد انطلاقاً من الملحدين لنبدأ مع انتقال الفرد من شخص يؤمن بالخالق ويتبع الدين إلى شخص يرفضهما و إذا كان الدين نشأ كتغير ضمن الإطار الثقافي الناتج عن التغيرات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية في المجتمع في ذلك الوقت فإن إنكار الدين أو إنكار الخالق محصور في نفس الإطار و إذا حددنا تعريف الثقافة بالتعريف الأنثروبولوجي الذي يقول بأن الثقافة هي طريقة تعبير أفراد المجتمعات عن خبراتهم و قدراتهم الإبداعية من خلال الرموز فإن بإمكاننا القول أن العلم يندرج تحت الإطار الثقافي كأداة معرفية و إذا كان التغير الاقتصادي أحد أسباب نشوء الدين كتغير ثقافي فإننا انتقلنا اليوم إلى مرحلة أصبحت فيها الثقافة "العلم" هي أحد المحركات الاقتصادية فيما نسميه باقتصاد المعرفة أو مجتمع المعرفة حيث يعتمد النمو الاقتصادي على تحصيل الأفراد و المجتمع على معرفة تمكنه من استغلال الموارد حوله و بشكل خاص معرفة تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات هذا التحول في العلاقة بين الثقافة و الاقتصاد أدى إلى نمو مفاهيم و آليات جديدة للتفاعل مع الآخر و التعرف عليه كما أن ظهور مناهج علمية كالسيكولوجيا و السيسيولوجيا خلق اعتبارات أخرى عند البشر تجاه أنفسهم و علاقاتهم تتعارض هذه الاعتبارات مع العنف الديني و أشكاله الدموية و تختلف عن التصور الديني لعلاقة الفرد مع الجنس الآخر أو مع الآخر المختلف اجتماعياً و ثقافياً أو مع الأسرة بداية فإن اقتصاد المعرفة استلزم مراحل تعليمية متقدمة بعد التعليم الأساسي وصولاً إلى التعليم الجامعي و انتقالاً إلى سوق العمل، هذه الأوساط أفسحت المجال أمام اختلاط بين الجنسين في علاقات دراسية و اجتماعية شبه يومية يختلف التعاطي داخل هذه العلاقة عما كان سابقاً في زمن نشوء الدين حيث الرجل عامل و محارب و المرأة مفعول بها و ملكية ثانياً فإن وسائل الاتصال و التكنولوجيا وفرت قدرة على التواصل مع الآخرين المختلفين تماماً عنا ووفرت قدرة للتعرف على ثقافتهم و بيئتهم كما أن منهجية العلم نفسه الذي يعتبر منطقاً جديداً تقتضي بناء العلاقة مع الآخر على أسس مختلفة عن الأفكار الدينية ثالثاً فإن التحاق الأطفال بالمدارس لفترات تقارب 30 بالمئة من الوقت الذي يقضيه الطفل مع والديه ثم التحاقه بعمل يختلف عن عمل والديه أدى إلى تقويض العلاقات التي يميزها التعصب للعائلة و قلص حجم العائلة أيضاً من عائلة ممتدة إلى عائلة صغيرة تحتوي جيلين: والدين و أبناء رابعاً فإن علاقة المجتمعات بالسلطة و تكوين هذه السلطة أصبح نتيجة لتشكل الأحزاب و النقابات الناتجة عن الثورة الصناعية و لم تعد السلطة تفويضاً إلهياً لأشخاص ولم يعد القانون نتيجة ادعاء تواصل إلهي في ظل هذا التغير في النقاط الأربعة السابقة والتي تعد جزءً من الأسباب التي تقوض الدين و الإيمان ينتج الإلحاد كأحد المعطيات الثقافية الجديدة لكن كل تلك التغيرات لم ترسم قالباً واضحاً أو محدد الملامح من العلاقات البشرية و هي لا تعدو عن كونها تغيراً نحو قيم و مفاهيم و آليات حديثة تفتح المجال لتكوين علاقات جديدة تختلف باختلاف الجماعة و بيئتها و تاريخها و ظروفها الحاضرة فذلك التقويض الحاصل للأسس الدينية لم يفضي مباشرة إلى نظرة إنسانية راقية تجاه المرأة و مازالت المنظومة البطريركية تتجلى بأشكال مختلفة بالرغم من الابتعاد عن الدين و الإيمان كما أن علاقة المجتمعات ببعضها مازالت ترسمها علاقات مناطقية أو عرقية أو قومية و في العلاقات الأسرية فرغم الابتعاد عن الدين فإن الجهل بأساليب التربية الحديثة يؤدي إلى استمرار العنف المنزلي بدرجات متفاوتة و كذلك الأمر فيما يخص علاقة المجتمع بالسلطة فقد ظهرت أشكال عديدة لهذه العلاقة بعيدة عن الدين قد تكون ديكتاتورية و تنتج أنظمة شمولية و قد تكون ديمقراطية و بناء على ما سبق و بعد بيان أن الإلحاد و أسباب نشوءه لم يؤدي إلى منظومات اخلاقية و نظم علاقات محددة وواضحة فإن التمييز بين ملحد و ما يدعونه ب"متألحد" على أساس امتلاك الأول قالباً قيمياً لا يمتلكه الآخر يؤدي بنا إلى أدلجة الإلحاد بإيديولوجيا وضعية و حمل قيمة إيجابية سلفاً تسِم الملحد و المنظومة القيمية التي حُدِدَت له أي أننا أمام جمود آخر مقاوم للتغيير الفرق الوحيد بينه و بين الدين هو أنه لم يدعي أن الله ألهمه هذه المنظومة ولكننا بهذا التعاطي مع الإلحاد لم نخرج عن الآليات الدينية التي أنتجت التعصب و الانقسام و ساهمت في تكريس العنف و بداعي ضرورة خلق جسر للوصول إلى مرحلة ما بعد الإلحاد حيث يصبح الدين تراثاً لا يحكم الحياة البشرية حيث يصبح الدين و الإلحاد مفهومان تاريخيان و تاريخيان فقط فإن الطريق الأكثر فاعلية للتعاطي مع الإلحاد هو عدم تأطيره بأي إطار أخلاقي و إنما ترك المجال مفتوحاً و اعتبار هذه النقلة بعيداً عن الدين هي بوابة نحو التغيير غير المشروط ما يخلق آلية لإنتاج مفاهيم و قيم مختلفة ناتجة عن اتجاهات جماعية و فردية تتفاعل مع بعضها بحرية لتصل لمنظومة قيمية أو منظومات قيمية متقدمة تقع ضمن الانفتاح على التغيير انطلاقا من معطيات الحاضر دون زج البشرية في قوالب جامدة أخرى كدين جديد.



#خالد_قاووق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجديد الإسلامي : حارة سد


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد قاووق - أدلجة الإلحاد: الدين الجديد