أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نرمين خفاجي - دنيا السبح.. فن ووجاهة ..سحر وأذكار















المزيد.....

دنيا السبح.. فن ووجاهة ..سحر وأذكار


نرمين خفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 17:56
المحور: الادب والفن
    


"في صباح اليوم الذي اختفيتِ فيه, كنت أجول في خان الخليلي , فنادتني من سجنها الزجاجي مسبحة جميلة وأشارت إليّ أن خذني معك. تناولتها بودّ, وانعقدت بيننا منذ اللمسة الأولى أواصر صداقة وثقت بأنها ستدوم. تساقط حباتها كقطرات الماء على الغدير. حديثها الخافت إلي: عن الألفة بين القلوب في عالم الوحدة, عن الطمأنينة في اللقاء المقسوم وإن طال الغياب, عن الوجل من الفراق المحتوم رغم اللقاء"
(يحى حقي- بيني وبينك )

في حي الجمالية العتيق.. داخل سراديب وأزقة وحارات المبيضة التي تقبع منزوية خلف جامع سيدنا الحسين وبجوار خان الخليلي؛ ذلك السوق الحافل بمعارضه الفاخرة وبمقاهيه السياحية؛ توجد ورش صناعة السبح التي تعد المنبع الذي لا ينضب للسبح المطعمة في بقاع العالم الإسلامي، هناك في هذه الورش الفقيرة صبية ومعلمين أياديهم تلف بحرير يعملون في صمت ودأب وجلد لإستكمال وجاهة أثرياء الخليج أولئك الذين لا تكتمل وجاهتهم إلا بالسبحة المطعمة أو السادة -حسب الذوق- القادمة من مصر مهد الصناعة اليدوية البديعة والمبهرة، والتي تباع في أكبر أسواق السبح حول الحرم المكي بالمملكة العربية السعودية والعتبات المقدسة للشيعة بالعراق وإيران.
وللسبح تاريخ وقصص ونوادر جاء ذكرها في كتب التراث العربي نثرا وشعراً، كما تحولت إلى موضوعا للفقه وتأرجحت بين الحلال والحرام؛ فذمها فقهاء بوصفها بدعة؛ وامتدحها آخرون وذكروا أحاديثاً للرسول والصحابة للتحبيب فيها قال عنها الأولين أنها أحاديثا موضوعة.
وقد يظن البعض أن السبحة في يد صاحبها هي دليل للتقى والورع، وقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الشهير "الأغاني" قصة طريفة عن مظاهر الورع الخادعة وهي: لما قدم عثمان بن حيان المري المدينة والياً عليها، قال له قوم من وجوه الناس: إنك قد وليت على كثرة من الفساد، فإن كنت تريد أن تصلح فطهرها من الغناء والزنا. فصاح في ذلك وأجل أهلها ثلاثاً يخرجون فيها من المدينة. وكان ابن أبي عتيق غائباً، وكان من أهل الفضل والعفاف والصلاح. فلما كان آخر ليلة من الأجل قدم فقال: لا أدخل منزلي حتى أدخل على سلامة القس. فدخل عليها فقال: ما دخلت منزلي حتى جئتكم أسلم عليكم. قالوا: ما أغفلك عن أمرنا! وأخبروه الخبر. فقال: اصبروا علي الليلة. فقالوا: نخاف ألا يمكنك شيء وننكظ قال: إن خفتم شيئاً فاخرجوا في السحر. ثم خرج فاستأذن على عثمان بن حيان فأذن له، فسلم عليه، وذكر له غيبته وأنه جاءه ليقضي حقه، ثم جزاه خيراً على ما فعل من إخراج أهل الغناء والزنا، وقال: أرجو ألا تكون عملت عملاً هو خير لك من ذلك. قال عثمان: قد فعلت ذلك وأشار به علي أصحابك. فقال: قد أصبت، ولكن ما تقول- أمتع الله بك- في امرأة كانت هذه صناعتها وكانت تكره على ذلك ثم تركته وأقبلت على الصلاة والصيام والخير، وأتى رسولها إليك تقول: أتوجه إليك وأعوذ بك أن تخرجني من جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجده؟ قال: فإني أدعها لك ولكلامك. قال أبن أبي عتيق: لا يدعك الناس، ولكن تأتيك وتسمع من كلامها وتنظر إليها، فإن رأيت أن مثلها ينبغي أن يترك تركتها؟ قال نعم. فجاءه بها وقال لها: اجعلي معك سبحة وتخشعي ففعلت.
فلما دخلت على عثمان حدثته، وإذا هي من أعلم الناس بالناس وأعجب بها، وحدثته عن آبائه وأمورهم ففكه لذلك. فقال لها أبن أبي عتيق: أقرئي للأمير فقرأت له؟ فقال لها احدي له ففعلت، فكثر تعجبه. فقال: كيف لو سمعتها في صناعتها! فلم يزل ينزله شيئاً شيئاً حتى أمرها بالغناء. فقال لها أبن أبي عتيق: غني، فغنت:
سددن خصاص الخيم لما دخلنه*** بكل لبان واضـح وجـبـين
فغنته؟ فقام عثمان من مجلسه فقعد بين يديها ثم قال: لا والله ما مثل هذه تخرج!. قال ابن أبي عتيق: لا يدعك الناس، يقولون: أقر سلامة وأخرج غيرها. قال: فدعوهم جميعا؟ فتركوهم جميعاً.
ومن كتب التراث العربي إلى قلب الورش حيث يطعم التاريخ وجوه وأيدي الحرفيين بفنون قديمة تطورت أدواتها لتلاحق سرعة العصر، فنون اختلطت بعرقهم وإبداعاتهم فأخرجت سبحا جميلة ربما انحدرت من قلائد قديمة لآلهة مندثرة، أو جاءت وافدة من بلاد مجاورة، فلم يعرف المسلمون استعمال السبح عند ظهور الإِسلام, فكانوا يحسبون ويعدون أذكارهم وأمورهم إمّا بواسطة الأنامل, أو الحصى, أو نواة البلح, أو الأشجار, أو الخيوط المعقودة.(السُّبْحةُ تارِيخُها وَحُكْمُهَا- الشيخ بَكر بن عبد الله أبَوُ زيد)، ويقال أنها جاءت وافدة من الهند حيث استخدمها البوذيون والهندوس والبراهمة في العبادة ومنها انتقلت إلى اليهودية والمسيحية والإسلام.
وكما مرت السبحة بتاريخ من الترحال بين الأقطار والديانات حتى انتشرت تمر أيضا بمراحل عديدة في التصنيع تنتقل خلالها من ورشة إلى أخرى لتخرج في النهاية سبحة بها حبات مطعمة منتظمة في عقدها تنتظر الذاكرين المتأنقين.
والخامات التي تصنع منها السبح في مصر خامات طبيعية وهي: العظم خصوصا عظم الجمل- عظمة الترسا- قرن الخروف- اليسر وهو مرجان أسود يستخرج من البحر - الكوك وهو نباتي المصدر من شجر جوز الهند وياتي من البرازيل والهند ويتميز بالصلابة.
وتمر الخامات السابقة بمراحل عديدة وهي:
المرحلة الأولى:
وهي مرحلة إعداد المواد الخام من عظم الجمل وقرون الخروف وعظمة الترسا والكوك، وفي هذه المرحلة يتم قطع طرفي عظمة الجمل من الناحيتين وتقسم إلى جزئين من المنتصف وتسمى هذه العملية بالتطهير لتنظيف العظم من الدهون التي به، ثم تشق من المنتصف طوليا إلى جزئين ويتم تقطيعهما على شكل أصابع تسمى في لغة الصنعة عوابر، بعدها تصقل العوابر على ماكينة الجلخ حتى تصبح ناعمة، وبالنسبة لقرن الخروف يتم صقله على نفس الماكينة، أما الكوك فيتم أيضا تقطيعه طوليا إلى شرائح. وهذه المرحلة من أخطر المراحل، عم محمد مهدي صاحب الورشة وجميع الحرفيين هناك أمام الماكينات يتنفسون بودرة الخامات الناتجة من التقطيع، الجميع تغطي ملابسهم وأجسامهم تلك البودرة المتطايرة.


المرحلة الثانية
وفيها يقوم الحرفي بتقطيع الخامات السابق ذكرها إلى قطع عرضية باستخدام موتور آلي يسمى "الصينية"، بعدها يتلقف القطع المقطعة حرفي آخر يقوم بتخريمها قطعة قطعة بموتور آلي.
المرحلة الثالثة
وفيها تخرط القطع السابقة على ماكينة الديسك إلى حبات مسبحة "خرز"حسب المقاسات المطلوبة.
المرحلة الرابعة
مرحلة تطعيم الخرز، في هذه المرحلة يجلس الحرفي عاكفا على خرزاته يقلبها بأصابعه ويمنحها فنا رقيقا. فورش التطعيم هي بيت صناعة السبح في الذوق والجودة.
ويتم التطعيم باستخدام عدة ادوات هي: المثقاب –شاكوش صغير- ذوانة- قصافة- مقص. وكل ورشة لها التصميمات الخاصة بها، فمثلا ورشة يوسف عمران تتميز بتطعيم عبارة عن دوائر متشابكة تشبه علامة الأوليمبيات، ونفس الورشة تستخدم فصوص لامعة في التطعيم، ورشة أحمد عبدالله تستخدم خامات في التطعيم تعطي تأثير الفيروز والكهرمان، والتطعيم يكون بخامات صناعية تعطي تأثير الفضة والفصوص الكريمة، ومن الخامات التي تدخل على التطعيم مباشرة بدون المرور بالمراحل السابقة "اليسر" وهو المرجان الأسود ويستخرج من البحر، وهناك نوعان منه اليسر البلدي واليسر الصيني وهو مرجان طبيعي ويستورد على هيئة عقود معدة للتطعيم وهو أرخص من اليسر البلدي الذي يتميز بالصلابة وتصبح تكلفة اعداده وتقطيعه إلى خرز أعلى من سعر اليسر الصيني المستورد والأسهل في التطعيم. أما بالنسبة للكوك فتصبغ حباته قبل التطعيم بالحنة السمراء أو الحمراء وأيضا يمكن أن يترك على لونه الأصلي. ويقوم الحرفي بحفر التصميم المراد تطعيمه على الخرزة باستخدام المثقاب ثم تثبت فصوص التطعيم أو خيوط المعدن بمادة لاصقة مع دقها برفق بشاكوش صغير.


المرحلة الخامسة
وهي مرحلة الصقل وتسمى التشطيب، وفيها يقوم الحرفي بصنفرة حبات السبحة وتكون ملضومة في حبل طويل ثلاثة أو أربعة مرات بصنفرة ناعمة بعدها تصقل بموتور به فرشة للتلميع مع استخدام مادة تسمي جماطة وهي عبارة عن ورنيش شمعي.
المرحلة السادسة
وهي تخص المئذنة التي تخرج منها الشراشيب، وهذه يتم خرطها على ماكينة خرط وبعدها تذهب إلى التطعيم والصقل كباقي حبات المسبحة.
المرحلة السابعة والأخيرة
وفيها يتم اللضم وتركيب الشراشيب لتكتمل السبحة، ويكون عدد حباتها إما 33 حبة أو 45 أو 66 أو 99 حبة .ويتم اللضم في المنازل وتقوم به النساء. وبعد اللضم تستعد السبحة للعمل في أيدي طلابها، فيشتريها تجار الجملة أصحاب المعارض الفاخرة بخان الخليلي ويبيعونها بدورهم للتجار الكبار في أسواق المملكة العربية السعودية والعراق وإيران ودول الخليج العربي. وهناك سبح رخيصة لمريدي التسبيح والذكر بعيدا عن الوجاهة، وهي من مواد مصنعة، وهذا السوق تحتكره الصين بمنتجاتها الصناعية المميكنة والرخيصة. ويتأثر سوق السبح بما يمور حوله من أحداث اقتصادية وسياسية، فمثلا أثر مشروع توسعة بيت الله الحرام بمكة على صناعة السبح في مصر بعد هدم البازارت التي كانت تحيط بالحرم وتبيع السبح المصرية. كما أثرت الخلافات السياسية في الآونة الأخيرة بين مصر وتركيا على حجم التبادل التجاري بين البلدين وكانت السبح المصرية تباع في أسواق تركيا التي تتمتع بمواسم سياحية مزدهرة.

أما السبح التي تصنع من الأحجار الكريمة والشبه كريمة، فتكون أحجارها صلبة للغاية وخاماتها غالية الثمن، ولا تطعم من فرط صلابتها، ولها سوقها الخاص فهناك مواقع إليكترونية للعرض والشراء وتحديد الأسعار حسب النوع والوزن والقدم.
ولكل سوق عربي ذوقه في السبح وهو ما يعيه الحرفيون المصريون والتجار جيدا، فمثلا يفضل الكويتيون السبح الخالية من التطعيم"السادة"، ويحظى الكهرمان بعشق أثرياء الخليج قاطبة، وهناك أيضا الفيروز واللؤلؤ والعقيق والعاج، فالسبحة بالنسبة لأثرياء الخليج تمثل جزء هام جدا من الأناقة والوجاهة تنفق عليه الثروات، ويتربع الكهرمان على عرش سبح الأثرياء.
الكهرمان ملك الأحجار
يوجد منه ألوان عديدة تبلغ أكثر من 350 لون تتراوح ما بين الأبيض إلى الأخضر والأحمر والأصفر، حتى البيج الخفيف والأزرق، والأخير هو أندر وأعجب أنواع الكهرمان ويوجد في العالم بنسبة 0.2% .. لأن لونه في الأساس شفاف ولكن عند تعرضه للضوء يتحول لونه الى الازرق تماما (جمال الجهيني –عالم السبح).

وحجر الكهرمان عبارة عن راتينج أو مادة صمغية تفرزها بعض الأشجار من العائلة الصنوبرية وبعد سقوطها على الأرض أو في البحر تحجرت وتحجر بداخلها حشرات ونباتات خالطتها من ملايين السنين، مما أضفى على الكهرمان غموضا ساحرا أهله مع رائحته العطرية وندرته ليكون حجرا للتداوي فيقال انه يشفي من مرض الصفراء. وفي ريف مصر آمن الفلاحون بالطاقة الموجودة بالكهرمان فكان يوجد بكل قرية عقد به بضع خرزات فردية (خمسة، سبعة أو تسعة) يوضع في رقبة البقرة لإدرار اللبن ويستعيره ويتناقله أبناء القرية الواحدة حسب الحاجة، وحتى الآن توجد قرى في دلتا النيل تقوم بنقع العقد في إناء به ماء لمدة ثلاثة أيام دون تعريضه للشمس وبعد الغروب يتم وضع الإناء فوق سطح الدار حتى مطلع الفجر ليمتص الماء ندا البكور ثم يتم إنزاله إلى قلب الدار قبل شروق الشمس، ويستخدم هذا الماء في علاج العيون، ويمسح به على ضرع البقر والجاموس لإدرار اللبن. وربما انحدر عقد كهرمان الريف المصري والذي يسمى في بعض قرى الجيزة بعقد "المشاهرة" لأنه يستخدم أيضا في علاج تأخر الإنجاب عند النساء من عقد "المينات" وهي قلادة للإلهة حتحور تلبس حول الرقبة, ويمكن استخدامها أيضا كأداة موسيقية تحدث صوتا يشبه صوت الصلاصل (الشخشيخة) وهي إحدى رموز الإلهة حتحور، وكان من ألقابها "المينات العظيم", ويشير اللقب الى أن قلادة المينات هى الأداة التى تنقل بها حتحور طاقتها؛ و كانت الملكات فى مصر القديمة فى كثير من الأحيان يحملن لقب كاهنة حتحور، وكثيرا ما كن يصورن وهن ممسكات بقلادة المينات، وتقوم فكرة قلادة المينات على مفهوم الاتزان الكونى, فحتحور في الديانة المصرية القديمة هى التى تحفظ اتزان الشمس فى مسارها. لذلك كان قرص الشمس يصور وهو محاط بقرني البقرة حتحور لحفظ اتزانه ومنعه من الاختلال. كما ظهرت حتحور فى العديد من مشاهد الفن المصرى وهى تنقل الطاقة إلى ملوك مصر باستخدام قلادة المينات. وكانت غالبا ما تصنع من البرونز والفاينس الملون، وتتكون من جزئين: الجزء الأول عبارة عن خيوط عديدة متوازية من الخرز تحاكى أشكال أوتار آلة موسيقية، والجزء الثانى عبارة عن ثقل موازى يكون خلف الرقبة ليحفظ توازن العقد .
والآن هناك من يجمع عقود الكهرمان من الريف المصري، وهناك أيضا من يطوف بالمنازل ليشتري السبح القديمة والتي ربما تكون من حجر نفيس دون أن يدري أصحابها، وبعدها تعاد تصنيع تلك النفائس التي تم جمعها بقروش قليلة لتدر الثروة وتتركز الأحجار النفيسة في أيدي نخبة من أثرياء الخليج.
أساطير الأحجار والسبح
لدى البعض ولع شديد باقتناء الأحجار الكريمة لما يشاع عن ارتباطها بالحظ والأبراج، كما تستخدم في العلاج من الأمراض في الطب القديم والطب البديل بما ينبعث منها من موجات تنشط مراكز الطاقة في جسم الإنسان.
وقد أثارت الأحجار الكريمة اهتمام الإنسان خصوصا العلماء والفلاسفة منذ القدم بسبب صلابتها وجمال ألوانها، فاعتقد أفلاطون أنها كائنات حية وقسمها قسمين ذكرية وأنثوية وقال انها تتزاوج وتنتج. كما ألف العلماء العرب كتبا عديدة في تصنيف "الجواهر" أشهرها وأهمها كتاب (أزهار الأفكار في جواهر الاحجار) لأحمد بن يوسف التيفاشي، والذي صنف فيه المعادن والأحجار الكريمة وتحدث عن نشأتها وتركيبها. كما ألف البيروني كتاب (الجماهر في معرفة الجواهر) حيث وصف فيه 81 حجراً كريماً وصفاً جيداً، وهو من أهم الكتب التي ألفت في المعادن والأحجار الكريمة. وهناك أيضا (الجواهر والأشباه) للتمييز بين الأحجار الكريمة"للكندي"، وكتاب (نخب الذخائر في أحوال الجواهر) لإبن الاكفاني ويشتمل على وصف أربعة عشر حجرا كريما، وكتاب (منافع الأحجار) لعطارد بن محمد الحسيب.
ومن أشهر السبح في التاريخ سبحة زبيدة زوجة هارون الرشيد وكانت من الياقوت وجاء ذكرها في كتاب البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي.
والسبح على الرغم أنها صنعت في الأصل للتسبيح وذكر الله إلا أنها حامت حولها كثير من الأساطير والخرافات وجذبت إليها مشعوذين وجمهور من المؤمنين بالخرافات. فمثلا يشاع عن السبح المصنوعة من العقيق أنها تمنع النزيف، وتجلب الحظ، وتعالج ضغط العين إذا وضعت في العمامة، وأن الاحجار الخضراء كالملاكيت تحمي من الأمراض وتقي من السحر، أما السبح اليسر فقد قيل أن خرزاتها تلد ربما لإنها تتكون من طبقات كانت قديما قبل تطور صناعة سبح اليسر تتعرض للتفكك، وعندما تصل لهذه المرحلة من التفكك كان أصحاب السبحة يعتقدون أنها إشارة لقرب ذهاب الهم وقدوم اليسر والفرج وقضاء الحاجات المعلقة. كما يقال أن ارتداء مسبحة اليسر في العنق للسيدات الحوامل ييسر الحمل والولادة. ويعتقد بعض الأسويين أن سبح الكوك مصنعة من نفس الخشب الذي بنى به النبي نوح سفينته، ومنه أيضا كانت عصا سليمان، وأحيانا ما يقال عصا موسى أيضا.
وقد جاء ذكر للسبحة في قصص العرب ونوادرهم وذكرها شعرائهم، وأقدم ذكر للسبحة في الشعر العربي لأبي نواس وكان في السجن وخاطب بها الوزير ابن الربيع في عهد الخليفة العباسي الأمين ( 813-809 م) قائلا:-
أنت يا ابن الربيع ألزمتني النسك *** وعودتنيه والخير عادة
فارعوى باطلي واقصر حبلي *** وتبدلت عفة وزهاده
لو تراني ذكرت للحسن البصري *** في حسن سمته أو قتادة
المسابيح في ذراعي والمصحف *** في لبتي مكان القلاده

من التسبيح والذكر..إلى المظاهر والمباهاه
بدأت السبحة مشوارها فقيرة عبارة عن عقد أو بضع أنوية للبلح، أو عقدا بسيطا به خرزات للتسبيح، ثم انتشرت في العالم الإسلامي مع الطرق الصوفية، الذين اعتبروها أصلاً من الأصول المرعية في طرائقهم, وعوائدهم؛ لاستخدامها في حلقات الذكر, ويحفظونها في صندوق خاص بها, ولها قوم يقومون على استخدامها في الأوراد والأذكار, ويعرفون بـ شيوخ السَّبْحَة وبعض طوائف الصوفية ترى ضرورة وضع المسبحة في العنق؛ لأَن هذا عندهم أحفظ وَأَثْوَبُ, وهذا التقليد واجب عند بعض طوائف الصوفية, وبعض الطوائف تنكر هذا التقليد. (السُّبْحةُ تارِيخُها وَحُكْمُهَا- الشيخ بَكر بن عبد الله أبَوُ زيد). وسبحان مغير الأحوال فمع اتساع رقعة الدولة الإسلامية أصبحت السبح تصنع للخلفاء ورجال الدولة والأغنياء من المواد النفيسة، ومن بعدهم تلقف أغنياء دول النفط النفيس والمطعم والأنيق من السبح، فازدهر هذا الفن العجيب، الذي له دنيا تضم كل الطبقات من الحرفيين الفقراء داخل الورش إلى الأثرياء المتربعين على قمة الطبقات وهم يداعبون السبح بين أصابعهم وتفوح منهم العطور الغالية، والذين ربما ينطبق عليهم بيتي شعر أحمد شوقي:
ما تِلكَ أَهدابي تَنَظَمَ **** َبينَها الدَمعُ السَكوب
بَل تِلكَ سُبحَةُ لُؤلُؤٍ**** تُحصى عَلَيكَ بِها الذُنوب.



#نرمين_خفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة ..مابين الحقد المسيس وجمع الغنائم
- حائر ما بين العاشر من أمشير والسابع من يوليو
- مدينة الرمل الأحمر المتجمد
- المجد للفاسدين في الأعالي وعلى الثقافة والشعب السلام
- مصر والثقافة فى عصور مختلفة
- اساطير مستحدثة
- انها الحرب
- ظهور العدرا ومواسم الهجرة الى الشمال
- المرأة ما بين حقوق الحيوان وحقوق الانسان
- التراث الشعبي بصمة شعب
- المسرح الفرعونى
- الأقباط والاضطهاد والمواطنة والدستور
- ثورة القاهرة الاولى
- تعاليم السيد جمال الدين فى وجوب اصلاح الدنيا والدين
- منظمة ثورة مصر واجواء الثمانينات
- شعوذات حكام بأمرهم
- الثورة الفرنسية وملحمة الحرافيش
- على هامش الاحتفال بيوم المرأة المصرية ..قراءة فى دفتر احواله ...
- انا وطنى وبنشد وبطنطن
- على مقهى التهييس السياسي


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نرمين خفاجي - دنيا السبح.. فن ووجاهة ..سحر وأذكار