أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كمال - الجغرافيا العربية باحة لحرب المشاريع














المزيد.....

الجغرافيا العربية باحة لحرب المشاريع


محمد كمال

الحوار المتمدن-العدد: 4506 - 2014 / 7 / 8 - 23:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





إن جغرافية العالم من الشرق الى الغرب ومنه الى الشرق ومن الجنوب الى الشمال تعيش حالة طبيعية من المد والجزر وحالة من الاستقرار بمستوياتها المعاشة والمقبولة نسبياً، وهذه النسبية تتفاوت في درجات الأمن والاستقرار، ولكنها كلها في التراوح المعقول والمقبول؛ إلاّ بقعة واحدة يتيمة مترامية الجغرافيا تنطق بلسان واحد وتكتب بلغة واحدة، جامعة الأديان السماوية كلها، غنية بمواردها الطبيعية ذات الأهمية الإستراتيجية، تتميز بموقع إستراتيجي فريد، يمتد من الغرب الذي يشاطئ المحيط الأطلسي إلى الغرب خليجاً يمتد أصبعاً بحرياً للمحيط الهندي الذي يشاطئ ثلاث قارات، وهذه البقعة ذاتها تتوسط قارات العالم القديم.
هذه البقعة تجمعها ثقافة مشتركة عريقة تتجمع فيها موارد الفكر والإبداع من أعرق الثقافات التي عرفتها البشرية، وتُسَقِّفُها مؤسسة كبيرة، هي الثانية بعد الأمم المتحدة، تظلل اثنتين وعشرين دولة وتسمى بالجامعة العربية، لها مواثيقها وأجهزتها؛ تتصدر هذه الجامعة العربية دعامتان قويتان وهما ميثاق الدفاع المشترك والسوق المشتركة، وبتنفيذ هذين الميثاقين – التنفيذ الى اليوم وهم وخيال ومحال – كان بإمكان الشعب العربي على هذه الجغرافيا العظيمة أن ينعم بالأمن والرخاء والاستقرار وتماسك البنيان والهيبة أمام المحيط الإقليمي والفضاء الدولي.
كبيرة ومؤلمة كلمة «لكن»، والأكثر إيلاماً أن هذه الـ «لكن» فرضناها على أنفسنا بذاتنا ولذاتنا، فلا ملامة منا على غيرنا.
ولكن رغم كل هذه المقومات القوية إلى درجات العظمة، فهذه الجغرافيا العربية أصبحت باحة تعبث فيها المشاريع الإقليمية والدولية، وأصبح الشعب العربي مداساً ومحرقة لحرب المشاريع، وهذه الحرب لا تميز بين سلطة وشعب ولا بين دين ودين ولا بين مذهب ومذهب، ولا تراعي أبسط القوانين الدولية التي من المفترض على سدنتها أن تصون الوحدة الإقليمية للدول التي تنضوي تحت سقف الأمم المتحدة؛ ولكن رغم القوانين الدولية وبالرغم من سلطة الأمم المتحدة فإن الأقاليم العربية، المجزأة أصلاً، هي الاّن أكثر عرضة للتفكيك وتجزئة المجزأ وتقطيع أوصالها.
فهذه الجغرافيا وبلحمها البشري أصبحت «طماشة» أمام المجتمع الدولي وشعوبه، وأصبحنا حديث الكون كله، ولكن رغم كل هذه المآسي الكارثية لا حياة لمن تنادي.
إن هذا الشعب العربي من محيطه إلى خليجه لم يكن في غفلة من الوعي ببعض من هذه المشاريع ومنذ الاتفاق البريطاني – الفرنسي المعروف باتفاقية سايكس بيكو، هذه الاتفاقية التآمرية التي خطتها مدافع الحرب العالمية الأولى، وهذا الشعب يصرخ ويستغيث، يحلل ويناقش، ولكن جُلَّ هذا الجهد في وجه المشاريع «العدوانية» المتعاركة على أرضه كان ينحصر ويتركز باختزال، عصي على الفهم، في مفهوم استنتاجي يتيم واحد وهو «المؤامرة»، مؤامرة مؤامرة ليس إلَّا. ومع منطق المؤامرة لابد من المنطق المقابل الرادع صوناً للذات وبالذات، ولكن هذا المنطق المقابل الرادع ترادف، بالمنطق الصوري، مع منطق المؤامرة وتمازج معه لينتج أكبر قاموس لمرادفات السب والشتم واللعن، حتى منابر الإيمان الروحاني استحوذت عليها هذه المرادفات فأصبحت لازمة من لوازم ألْسُنِيَّتَها الناطقة بالصراخ والعويل وتناست دورها الروحاني في نشر رياحين المحبة والسلام والهداية إلى الخير؛ في ذات الوقت كان الجسم العربي تتناخره سوء الإدارة من سياسة واقتصاد وتعليم إلى أن فقد الكل، من أعلى الهرم إلى أدنى قاعدته، بوصلة الاتجاه للاسترشاد بها على الصراط المستقيم، وأخذت الثغرات تتوالى وتتكاثر في جسمه وتحيله إلى جسم مريض هزيل لا يقوى على حمل نفسه، وكل هذا من فعل الذات للذات؛ وهذه الحالة المرضية في جسم «مهيب عظيم» استهوت أصحاب المشاريع لتعيث فساداً على الأرض العربية، وأخذت هذه المشاريع بمختلف مشاربها المتناقضة والمتعاركة تخترق الثغرات ثغرة ثغرة وتفتت من وحدة الأمة الواحدة إقليما إقليماً، وتفكك الإقليم ديناً ومذهباً وقبيلة، والأمة ذاتها عوناً وسنداً على هذا التفكيك، حتى أصبحت الأقاليم العربية، بمسمى دولها، شراذم متناحرة تحت عباءة الدين والمذهب والقبيلة وفقدت الوطنية عظمها ولحمها، وأما القومية فإنها تمتطي دابة عرجاء تسابق كيانات الذرة واختراق الفضاء؛ فأصبح الشعب الواحد في الإقليم الواحد كونتونات بشرية مختلفة الانتماء بالهوية الفرعية، ومتعاركة المصالح على هوى مصالح المشاريع الدخيلة.
في الوقت الذي كان فيه سلاحنا ضد المؤامرة الدخيلة هو قاموس السب والشتم واللعن ليس إلّا، وإذا بنا نتعارك فيما بيننا بكل ما توفر من أنواع أسلحة الفتك والدمار، ونقسوا على بعضنا البعض بكل صنوف العنف و الهمجية دون أدنى اعتبار للذي كان يجمع بيننا ذات يوم من ألفة ومحبة، ونصب الزيت على نار تعاركنا بإعلام قوامه قاموسنا آنف الذكر، قاموس السب والشتم واللعن.
المشاريع الدخيلة والنافذة في الجسم العربي جندت تشرذم الانتماءات الفرعية في الجسم الواحد لصالحها، فأخذ هذا الشعب العربي يقاتل نفسه بسلاح من عرق جبينه خدمة لأعدائه، وهو بهذه الفعلة يتوهم طرباً وسَكَراً أنه صاحب مشروع تطهيري وإصلاحي.
لم يحدث في التاريخ البشري الموثق أبداً أن حدث مثل الذي يحدث على أرض هي جفرافيا قائمة بذاتها، ولشعب يشهد التاريخ ذاته لدوره في وضع لبنات بارزة في بنيان الحضارة البشرية.
ولكن رغم كل هذه المآسي والتشرذم والتقاتل والتآكل في الذات، مازال الشعب العربي متشبثاً بمنطق المؤامرة الخارجية باختزال مطلق دون البحث في أمراض الذات، وسلاحه الوحيد قاموس السب والشتم واللعن ضد الغير.
لم يرد بعد في خاطر هذا الشعب، في كليته، السؤال البسيط في مكونه اللغوي والعظيم في مدلوله المصيري ألا و هو: ما العمل؟



#محمد_كمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأد الديمقراطية في دارها!!
- الاقتصاد أناني وسلبي
- النُخَبُ وهذه «الجماهير»
- رُبَّ ضارةٍ نافعة
- المدى الاستيعابي للأزمات
- المسيحية بين التبشير والسلطة
- القوى السياسية بين الأيديولوجيا والبرنامج السياسي
- الوعيُ المُغَيَّبُ عند نوابنا الكرام
- نَبْعُ الفتنة وتردداتها
- تحصين منظومة التعليم
- حريق وزارة الإعلام
- الجريمة والعقاب
- الرقص طرباً على أنغام الطائفية
- المشروع الإصلاحي والطائفية
- الطائفية هي الطائفية رغم الأطياف
- مخاطر المحاصصة الطائفية
- الإقطاعية الدينية
- الإسلام و الإرهاب


المزيد.....




- الجيش الأمريكي: هجمات حوثية بـ5 طائرات دون طيار وصاروخين بال ...
- البيت الأبيض: بايدن يدرك عواقب السماح لكييف باستهداف أراضي ر ...
- أول إجراء إسرائيلي ردا على حظر المالديف دخول الإسرائيليين إل ...
- عناق الوداع.. لقطة مأساوية لـ3 شبان قبل أن يبتلعهم النهر
- مصدر رفيع يكشف شروطا وضعها الوفد الأمني المصري خلال اجتماع ث ...
- محلل سابق في CIA: أوكرانيا قد تفقد السيطرة على مدن كبرى بينه ...
- موقع مصري: -محاكمة الحكومة- تثير أزمة في البرلمان
- كوريا الشمالية تمطر جارتها الجنوبية بــ 600 بالون قمامة
- بالفيديو.. فرار جماعي لمجموعة مستوطنين قرب الحدود اللبنانية ...
- وسائل إعلام تكشف وجود طيار يوناني في أوكرانيا لتدريب قوات كي ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كمال - الجغرافيا العربية باحة لحرب المشاريع