أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدوي الدقادوسي - بطانية مورا















المزيد.....

بطانية مورا


بدوي الدقادوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4504 - 2014 / 7 / 6 - 08:58
المحور: الادب والفن
    


مدرسة أجيال الغد التي أتجه للعمل بها تتوسط عاصمة الدولة الخليجية .مدرسة أهلية راقية طلابها أولاد أمراء .عندما تسلمت عقد العمل بها كادت زوجتي تحلق في الفضاء فرحا ..متنساش يا حبيبي تجيب بطانية مورا إيطالي من يوم ما شفتها على سرير نادية صحبتي وأنا هتجنن عليها ...وترسل الحوالات باسمي مش باسم حد من إخوانك عشان الحسد والكلام الكتير .رغم أن هذه أول مرة أركب طائرة إلاان بكارة التجربة لم تتملكني فلقد سرقت حسبة الراتب كل اهتمامي العقد ب320 دينار والدينار ب20 جنيه مصري يعني سأستلم 6400 جنيه مصري كل شهراستمرت رأسي مستغرقة في الحساب يعني في الستة سأستلم 76 الف جنيه و800..اي سأتسلم في عام مازيد عما تسلمته طوال خدمتي التى امتدت 17 عاما ب21800جنيه...ابتسمت .حاولت تخيل الحيا ة بدون الأولاد كيف سأواجه الوحدة والغربة ؟الغربة شدة والمعدن يظهر في الشدة .حملنا الباص من المطار لسكن العزاب شقة ثلاث غرف في كل غرفة زميلان .استقبلني زميلي بالغرفة استقبال حار .فور جلوسي سألني:جاي تعمل إيه؟
تجاهلت غرابة السؤال وتصنعت الحيوية في الإجابة:أشتغل
ابتسم :أعرف ..أقصد سبت بلدك ليه.؟
سؤاله صفعة غير متوقعة ..انسابت الإجابة على لساني: زي ما أنت سبتها!!!! وقبل أن أنطق بها .قرأها في عيني فبادرني :
لم أجد من ينصحني كنت حمار !!!
عجزت عن الوصول لتفسير لأسئلته ...انطلق للصالة وضع فوطة على شاشة التلفاز المغلق وأقام الصلاة وقفت لجواره سمعته في سجوده يهمهم باكيا بدعاء.كان يدعو به على أحد فلقد التقطت أذني اسما أثناء الدعاء .
نزعت نفسي فور التسليم ألقيت جسدي على الفراش ورغم إجهادي إلا أن قلبي الواجف عجز عن إقناع النوم لمضاجعة عيني أقلقتني مقابلة زميلي التي مازلت عاجزا عن إيجاد تفسيرا لها
ولم أشأ أن أكمل حواري معه رغم تحرقي..
لست أدري أمن حسن حظي أم من سوء طالعي أنني ذهبت بعد بداية الدراسة .فالعادة أن المعلمين يذهبون قبل الدراسة بأيام ليتأقلموا مع المكان .دخلت المدرسة تسلمت جدولي في صمت ولم يقل لي أحد أي تعليمات .كنت أسير بشعور القطيع أينما ذهب المعلمون أذهب انطلقت خلفهم إلى أن أفضى بنا المبنى لمكان فسيح يقولون عنه الساحة يصطف به الطلاب صباحا وجدت كل معلم يأخذ مكانا أمام صفف أخذت مكانا مثلهم .تحرك الطلاب لصفوفهم فتحركت معهم .وبمجرد دخولهم وضعوا رءوسهم على طولاتهم وناموا وكأني غير موجود.أخذت أدور على الطاولات أهز رءوسهم فيرفع الولد رأسه ويطالعني قليلا ثم يلفه في شماغه متلثما ويعود للنوم مرارة الهزيمة وآثار خسارة المعركة لايمكن محوها من فوق تجاعيد وجه المهزوم نظر لي زميلي فتح الله بإشفاق هون عليك يا أخي وقبل أن أنطق قال:ادخل الحصة طلّع دفتر التحضيراكتب الدرس على السبورة .ثم ضحك قائلا:أمك دعيالك أما يناموا أحسن ما يتهاوشون .
قي الحصة الرابعة بعد الفسحة دخلت صفا جديدا .يتجهون جميعا لطالب يجلس في نهاية الصف نحيل الجسم وقح النظرات .يطالعون في جواله وهم مشدوهين فاغري الفم .لم يشعروا بوجودي أو هم اشعروني بذلك انسقت ناحية الطالب الوقح العينين .ظل جالسا وفي يده الجوال يحدث جاره بكلام لم أفهم منه شيئا نظرت لما بالجوال صورة تبدو للوهلة الأولى أنها لفتاه دققت جيدا وجدتها لفتى يضع (ميك أب )كاملا .شعره يصل لكتفيه.والجالس بجوار حامل الجوال يضيق حدقة عينيه ويمصمص شفتيه ويضغط عليها بأسنانه ويهز رأ سه يسرة ويمنة في انبهار وأنا أتابع في ذهول. رفع الوقح عينيه من فوق الجوال طالعني وضحك ..ثم أردف:إش فيك يامصري؟إي ..مستأنس.تبي تكحل عينك..قرب الجوال من عيني قائلا:بالله مو مزيون؟؟؟لم أفهم مايقول ولكن كل ما أفهمه أنهم لم يقيموا لي وزنا .قلت:هات الموبايل .ضحك وضع ساقا فوق الأخرى وقال :إش فيك معصب ترى الدنيا ما تستاهل ..هنا فقط انتبه زملاؤه أن بالصف معلم وليتهم ما انتبهوا فلقد تركوا التعليق على (الِورْع المزيون ) ليسخروا ويعلقوا عليّ وفجأة توحدت أعينهم ناحيتي..فانتهزتها فرصة ليكون الشرح بطل الموقف .ولكن!! كأن عنوان الدرس تآمرمعهم ضدي فعنوانه (لاالنافية للجنس)سألني الوقح هذي( خوية )فيفي عبده ولا فاتحة لحالها بالهرم؟؟
انفجر الجالسون من الضحك .
إن قيادة سفينة مهترئة تدخلها المياة من كل جانب أيسر بكثير من قيادة مثل هؤلاء..
كانت أعين المعلمين تراقبني عند خروجي من الصف أشعر أن الفرن العالي الذي تنصهر فيه الحديد استقر برأسي .صعب أن تخفي الخطوط التي تحفرها الهزيمة على وجه المهزوم
عندما خلدت للنوم كنت عاجزا عن استيعاب ما يدور .لست سوى قشة عند مصب نهر تتقاذفها الأمواج ..هاتفت زوجتي سألتني عن حالي حمدت الله أعطتني أمي فلما سمعت صوتها احتبس صوتي وغرقت في نوبة بكاءعنيفة استيقظ رفيقي على صوت نهنهتي ولم يكن بحاجة ليسأل ماذا يبكيك .
في جحيم أتلظى.... الحصة مقدارها ألف يوم مما يعده الناس واليوم دهور. ونهايته حلم .أصبحت بلادي بعيدة والعودة إليها مفقودة .إلى أن كان هذا اليوم الذي كاد الولد الوقح ان يلحس أرض الصف من شدة الألم .خشيت ان تكون آلام الزائدة الدودية أبلغت الوكيل .خرج الولد وأخذت رقم جواله لأطمئن عليه .كان اتصالي مفاجأة له .بدأت الأمور تهدأ بالصف واقتربت اختبارات الفترة قال لي -;-اهلي يبون يشكرونك ).قلت أنا ماسويت غير الواجب يا فالح ..ألح فالح على ان أزورهم وفي مجلس عجزت عيني عن روية نهايته وفخامته جلست في جانب .. والغريب انه الوحيد الذي استقبلني والوحيد الذي ودعني .
في اليوم التالي كان الصف كله مجتمعين حول هذا الوقح ويطالعون في الجوال ثم يطالعون في وجهي ..لقد صورني الوقح وأنا أجلس عندهم ويبدو أن من قام بتصويري كان يقف خلف ستارة .صدمني المقطع الذي اخذ الطلاب يتداولونه (بلوتوث)ودهشتي تلجم لساني فلم أفعل مايشين !!!ولم أكن أعرف أن الولد اشاع اني ذهبت لأدرسه بالبيت وأني ساومته على بيع الامتحان .وقبل أن يرسل لي الوكيل العامل الهندي كنت قد عزمت على العودة لبلادي حيث أيقنت أني فلاح جاء يزرع القمح في صحراء العرب .حزمت حقيبتي وفاجاني صديقي بهدية (بطانية مورا )إيطالي كدت أجن ابتسم قائلا :ياراجل دا انت فٌضحي ..كل يوم تحلم بصوت عال لدرجة اني عرفت أسماء أولادك من أول يومين .حملت البطانية والتذكرة واتجهت للمطار وأنا مازلت لاأعي ما يدور .



#بدوي_الدقادوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجم على أعتاب الحياة


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدوي الدقادوسي - بطانية مورا