أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد محمد أنور - قبة الأمير يونُس الدوادار 783 ه - 1382 م - دراسة تاريخية وأثرية -















المزيد.....



قبة الأمير يونُس الدوادار 783 ه - 1382 م - دراسة تاريخية وأثرية -


أحمد محمد أنور

الحوار المتمدن-العدد: 4483 - 2014 / 6 / 15 - 20:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تصدير
تزخر الأرض المصرية بالكثير من الشواهد والآثار التى تؤرخ لماضٍ تليد ، وتاريخٍ عريق ، وحضارة هى الأكثر ثراءً فى تاريخ الانسانية ، فالمُتتبِع لحضارة مصر ، على امتداد تاريخها الطويل ، يقف مَشدوهاً بما يراه من عظمة هذا التراث الذى يكسو طول الأرض المصرية وعرضها ، واذا كان التراث المصرى ، على اختلاف الحِقَب التاريخية التى مرَّت بها مصر سواء الفرعَونية أو القبطية أو الاسلامية أو الحديثة والمعاصرة ، يتمتع بهذا التنوع الكبير ما بين تراثاً فكرياً (فلسفياً وأدبياً وفنياً وعلمياً ودينياً) وما بين تراثاً مادياً ، لا تزال ماهيته تنطق بعظمة الانسان المصرى ، وتشير الى أيدى صانع هذا التراث وهذه الحضارة ، فإن ما يلفت انتباهنا ويدخل فى نطاق تخصصنا ، هو التراث الحضارى المعمارى المصرى فى العصر الاسلامى ، من مساجد وكنائس وقصور وقباب وخانات ووكائل وأسبلة ومشاهد وخانقاوات وغير ذلك مما يقع فى هذا المقام ، وهو رغم ثرائه وجماله وخلوده ، وعناء البحث فيه ، إلا أنه لا يمثل سوى حلقة بسيطة من حلقات تراثنا العظيم الممتد عبر أزمانٍ سحيقة ، والذى لم ينل حقه من الدراسة والبحث والتقصى من ناحية ، ولم ينل – تبعاً لذلك – حقه من العناية والاهتمام من ناحية أخرى ، بوصفه الشاهد الحى على صيرورة وجودنا فى هذا العالم .


- أولاً مُقدمة عن أهمية الدراسة
تعتبر دراسة فنون العمارة بوجه عام والعمارة الاسلامية بخاصة ، من الأمور بالغة الأهمية ، فالعمارة بشتى أنواعها وطُرُزها وفنونها ، هى ابداع انسانى فى المقام الأول ، بل وكان وجودها دائماً يُشكِل تعبيراً عن حاجة انسانية واشباع لهذه الحاجة ، وعلى هذا تنوعت العمائر بين دينية وحربية ومدنية ، وكانت العمارة دائماً – وفق هذا المنظور – تُمثِل احدى روافد الثقافة الانسانية .. فالعمارة اذاً ثقافة انسانية .
وفى هذه الدراسة سوف نتعرض لبحث احدى العمائر التى ترجع الى عصر المماليك ، وهى قبة يونُس الدوادار ، والتى ترجع فى نشأتها الى واحد من هؤلاء المماليك ، الذين أتَوا الى مصر مع تجار النخاسة ، رقيقاً ، اعتمد عليهم السلاطين فى مسائل الحرب والقتال وحفظ الأمن ، بينما توارى شيئاً فشيئاً دَور سكان البلاد الأصليين من المصريين وأهل الشام ، حتى كانت وفاة السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب آخر سلاطين آل أيوب ، فتولت الحكم جاريته شجر الدُر التى كانت أول حلقة من حلقات الدولة المملوكية ، وتميز هذا العصر بكثرة المؤامرات والدسائس والصراع الدموى على السلطة ، ولا سيَّما فى عصر المماليك البُرجية ، حتى وهنت البلاد وخارت قواها ، وبخاصة مع بزوغ قوى أخرى على مسرح السياسة العالمى كالعثمانيين والبرتغاليين ، واكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح ، الأمر الذى أدى الى فقدان السلطنة المملوكية لمصدر هام وحيوى من مصادر دخلها الاقتصادى وهو سيطرتها على طرق التجارة ، حتى كان سقوط ايران فى أيدى العثمانيين فى سهل جالديران سنة 1514 ثم سقوط الشام فى مرج دابق سنة 1516 ثم آلت مصر الى حكم العثمانييين منذ موقعة الريدانية سنة 1517 م.
فى هذه الدراسة سنحاول الطواف سوياً حول شخصية الأمير يونُس الدوادار ، نشأته وسيرته وآثاره ، وسنتعرض لدراسة القبة – موضوع البحث – دراسة أثرية وصفية ، ولكى لا تكون دراسة الجانب الأثرى مَبتورَة عن السياق التاريخى لهذا العصر ، فقد عمد الباحث الى الاشارة المُوجَزَة الى الخط السياسى والتاريخى لأهم حوادث هذا العصر والتى تبرُز من خلالها شخصية الأمير يونُس الدوادار صاحب الأثر.
والله من وراء القصد ،،



- ثانياً موقع الأثر وتاريخ الإنشاء
تقع هذه القبة بشارع باب الوداع المُتفرِع من سكة المحجر ، فى مواجهة سبيل شيخو بمنطقة القلعة ، ويذكر المقريزى موقع القبة بأنها "خارج باب الوزير تحت القلعة" ، ويرجع تاريخ إنشاء هذه القبة الى العصر المملوكى ، وبالتحديد فى نهاية العصر المملوكى البحرى ، وبداية العصر المملوكى الجركسى* ، حيث أُنشئت سنة 783 هـ ، 1382 م .


ثالثاً ترجمة المُنشىء
من هو
هو الأمير شرف الدين يونُس النوروزى الدوادار ، أصله من مماليك الأمير جرجى الإدريسى نائب حلب ، واستقر من جملة المماليك اليلبغاوية ، وصار دوادار الكبير أسندمر الأتابك ، تنقل فى الخدمة الى أن أُمِرَّ طلبخاناة ، ووُليَ إمرَة بعلَبَك ، ثم اتصل بالظاهر برقوق فاستقر عنده دويداراً كبيراً وتقدم فى سلطنته الأولى ، وكان أحد أركان الملك الظاهر ، وإليه كان تدبير المملكة ، وكان خدمه وباشر داواداريته من أيام إمرَته ، وكان عاقلاً مُدَبِراً حازماً ، وهو صاحب الخان خارج مدينة غزة وغيره ، معروفة عمائره بإسمه ، ولا يحتاج ذلك الى التعريف به ، فإننا لا نعلم أحداً فى الدولة التركية سُمِىَ بيونُس الدوادار غيره ، ومن ضمن عمائره الشهيرة تربته التى توجد خارج باب الوزير والتى هى موضوع البحث.

مَآثرُه وسيرَتُه
كان رحمه الله كثير الخير والعبادة ، مُلازِمَاً للصوم والصلاة والتهجد فى الليالى ، وافر الحُرمَة زائد الهيبة ، مُعرِضَاً عن الهزليات ، وصفه المقريزى بأنه صاحب نُسُك ، تغلُب عليه محبَته لأهل الخير ، فكان مُحِبَاً للعلماء والصُلَحاء وأهل الدين ، كثير الإحسان إليهم ، يبالغ فى إكرامهم واحترامهم ، وصنع خيرات كثيرة يُعرَف بها خبره ودينه .
وكان الأمير يونُس الدوادار فضلاً عن كريم صفاته وعلو همته وسمو شيَمُه ، عاقلاً مُدبراً حازماً ، عليم ببواطن أمور السياسة والحكم ، فكان من أخص أمراء الظاهر برقوق ، وقد حضر يونُس الدوادار عدة وقعات ، كان النصرُ على يده فيها ، الى أن كانت أول فتنة يلبُغَا الناصرى ، فخرج مع الأمراء اللذين جهزهم الظاهر برقوق لدفاع المُتَغَلِبين ، فإنكسر فى تلك الوقعة بجانب دمشق من جهة الشمال ، فلما انهزم مع من انهزم ظفر به الأمير عنقاء بن شطِّي من آل مِرَى ، فقتله وقطع رأسه وتقرَّبَ به الى الناصرى
آثاره
شيَّدَ الأمير يونُس الدوادار رحمه الله الكثير من العمائر التى تحتل اسمه ، فعمائره معروفة ، ومما عمَّرَه بالقاهرة قيسارية ورَبع وقفهما على تربته بقبة النصر ، وله تربة خارج باب الوزير ، ومدرسة خارج دمشق ، وخاناً جليلاً خارج غزة ، حيث يذكر ابن حجر العسقلانى أنه عمَّر الخان الكبير الذى بعد غزة فى طريق مصر فعظَّم النفعُ به ، وله آثاراً حسنة ، وله عدة أحواض سبيل بديار مصر والشام .
وفاته
تُوفى الأمير يونُس الدوادار النوروزى بالقرب من خربة اللصوص ، وذلك فى يوم الثلاثاء ثالث عشرى ربيع الآخر عن نيِّف وستين سنة ، وأما عن تاريخ وفاته فقد ذكر العسقلانى فى الدُرر الكامنة أن مقتله كان سنة 771 هـ ، ولكنه رجَّحَ العام 791 هـ ، ذلك أن الثابت عند جمهور المؤرخين أنه – أى الأمير يونُس – قد قُتِلَ فى العام 791 هـ ، ضمن حوادث الفتنة التى وقعت بين يلبُغا الناصرى وعساكر مصر .


رابعاً لمحة تاريخية لبعض حوادث هذا العصر
يذكر ابن اياس ضمن أحداث سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ، وفى شهر المحرم ، أنه جاءت الأخبار من حلب بأن يلبُغا الناصرى ، نائب حلب ، قد أظهر العصيان ، حيث وقع بينه وبين سودون المُظفَرَى* أموراً كادت تُفضى الى شر كبير ... حتى كانت معركة بين الاثنين قُتِلَ فيها أربعة أنفس ، فثارت الحرب وقدم منطاش** على الناصرى ومعه جمع كثير لنجدته ، فقويت شوكته ، وهكذا تطورت الأمور وقُتِلَ الأمير سودون المُظفرى ، فلما تحقق للسلطان ذلك جمع الأمراء وضرب مشورة فى أمر يلبُغا الناصرى ، فوقع الاتفاق على أن السلطان يبعث إليه تجريده ويحاربه ، ثم عيَّن نيابة حلب الى الأمير اينال اليوسفى ، وكان أميراً كبيراً بالشام ، وعيَّن الظاهر برقوق*** جماعة من الأمراء وهم الأتابكى أيتمش البجاسى ، وأحمد بن يلبُغا الخاصكى ، وجركس الخليلى أمير آقور كبير ، ويونُس ، الدوادار الكبير ، وأيدكار العمرى ، حاجب الحُجَّاب ، وجماعة من الأمراء الطلبخانات والعشراوات ، ومن المماليك السلطانية نحو ألفين مملوك ، وأنفق عليهم نفقة السفر ، وأخذوا فى أسباب التوجه الى حلب ، وقد ذكر الخطيب الجوهرى فى نزهة النفوس أن الأمراء الأربعة أيتمش الأتابكى ، وجركس الخليلى ، ويونُس الدوادار ، وأيدكار ، كانوا مُقَدِمو ألوف .
وكان سبب هذه الفتنة أن يلبُغا الناصرى وقع بينه وبين سودون المُظفرى الذى كان نائب حلب قبله ، تشاجر فاحش ، فأرسل سودون يشتكى الناصرى الى السلطان ، فأرسل السلطان الأمير تلكتمر المحمدى ، الدوادار الثانى الى حلب ، ليصلح بين يلبُغا الناصرى وسودون المُظفرى ، وقيل أن السلطان أرسل مع تلكتمر الدوادار بمراسيم فى الدس ، بقبض يلبُغا الناصرى ، فلما وصل تلكتمر الى حلب ، خرج يلبُغا الناصرى الى تلقيه ، وكان بين يلبُغا الناصرى وتلكتمر صُحبة قديمة ، فأسَرَّ له بأن معى مراسيم فى الدس بالقبض عليك ، فلما تحقق يلبُغا ذلك أخذ حذره .
ثم فشت الأخبار وتواترت وتواردت بدخول أمراء الشام والمماليك الأشرفية واليلبُغاوية وسولى ] بن ذلغار [ فى طاعة الأمير يلبُغا الناصرى ، واتفقوا على محاربة السلطان ، فلما قُتِلَ سودون المظفرى عند الناصرى ، رجع تلكتمر لمصر وأخبر برقوق بما جرى ... بينما جاءت الأخبار بأن نائب طرابلس وافق يلبُغا على العصيان وكذلك ناثب سيس .. فاضطربت أحوال الظاهر برقوق .
هذا وقد وصل العسكر المصرى الى دمشق واتفقوا أن يجهزوا الى الناصرى جماعة من أعيان الفقهاء ليدخلوا بينه وبين السلطان فى الصلح ، لكن لم تنجح هذه المحاولات واشتعلت الفتنة ، ووقع القتال بين عساكر مصر وبين الناصرى ، فثبتوا لهم ساعة ثم انهزموا ، وقُتِلَ جركس الخليلى أمير آخور الكبير .
وفى سابع وعشرين – ربيع الآخر – ورد الخبر من غزة بكَسرَة الأمراء والمماليك فى محاربة الناصرى ، واستيلائه – أى الأخير – على دمشق ، .. فسادت الفوضى وأعمال السلب وكسدت الأسواق ، واضطربت الناس بالقاهرة ومصر
وآخر الأمر قُتِلَ عسكر السلطان الذى خرج من مصر ، وقُتِلَ من الأمراء الأمير جركس الخليلى ، أمير آخور الكبير ، والأمير يونُس النوروزى ، الدوادار الكبير ، صاحب الخان الذى بالقرب من غزة ، وتمزق بقية العسكر ، ففى يوم الجمعة ثالثه – أى ثالث جمادى الأولى – حضر الأمير شهاب الدين أحمد بن بقر أمير عربان الشرقية وأخبر السلطان بتفصيل وقعة الناصرى مع الأمراء ، وأنه – أى الأمير شهاب الدين – فرَّ مع الأمير يونُس الدوادار فى خمسمائة نفر* ، فعارض الأمير يونُس الدوادار الأمير عنقاء أمير آل مِرا بالقرب من الخربة ، فقبض على الأمير يونُس وقتله وأرسل برأسه الى الناصرى ، وأما اينال اليوسفى فوقع فى يد حسن بن بالحيش بالقرب من غزة فنفاه الى الكرك


خامساً الدراسة الأثرية للقبة
- الطراز المعمارى لقبة يونُس الدوادار
يرجع تاريخ انشاء هذه القبة الى عام 783 هـ ، 1382 م ، أى قبيل أفول عصر المماليك البحرية ، وابتداء عصر المماليك الجركسية بحكم الظاهر برقوق ، ولهذا لا شك أنه كان من المنطقى أن تتميز هذه القبة ، فى طرازها المعمارى ، بالطراز المملوكى ، والذى نقصد به ثّمَّ المملوكى البحرى ، ذلك أن السمات المعمارية والفنية لعصر المماليك البُرجية لم تكن بطبيعة الحال قد تبلورت بعد.
هذا ويمتاز عصر المماليك البحرية بتطور كبير فى تخطيط المساجد ، فبعد أن كنا نرى القبة الصغيرة - فى العصر الفاطمى – تغطى المربع الموجود أمام المحراب ، كما فى مسجد الحاكم ، نراها فى هذا العصر قبة كبيرة من الخشب أكبر حجماً وتغطى مساحة كبيرة حوالى ثلاث بلاطات مربعة ، وبذا تدل على مكان القبلة كما هو الحال فى مسجد الظاهر بيبرس 1269 م ، والناصر محمد بالقلعة (1318-35) ، والماردانى 1340 ، وكان من مميزات هذا العصر أيضاً فى العمارة إنشاء المدارس الاسلامية ذات التخطيط المتقاطع المتعامد أو (التخطيط الصليبى) كما فى مدرسة السلطان حسن ، وذلك لتدريس المذاهب الأربعة الاسلامية ، وقد وُضِعَت الايوانات الأربعة حول الصحن المربع بحيث يفتح كل ايوان على الصحن بعقد كبير مُدَبب الشكل فتحته تساوى فتخة الايوان ، وخلف ايوان القبلة الكبير (وأحياناً يكون بجواره كما فى مدرسة برقوق بالنحاسين) يوجد ضريح مُنشىء المدرسة ، ويغطى هذا الضريح قبة كبيرة محمولة على مُقرنصات ، ومن أشهر القباب التى ظهرت فى هذا العصر ، قبة ضريح المنصور قلاوون .
أما فى عصر المماليك الجراكسة فيعتبر هذا العصر بأنه نهاية تطور القبة ذات المقرنصات ، وقد زادت عدد صفوف المقرنصات فى هذا العصر فوصلت الى سبعة وثمانية وتسعة صفوف ، حتى أنه قد شوهِد 13 صفاً من المقرنصات ، وتشبه هذه المقرنصات مثيلاتها السورية فى أنها موضوعة فى إطار مثلثى الشكل ، إلا أنها تختلف عنها فى أن كل صف منها تخطيطه منحنى بدلاً من انكسارها فى مستقيمات ، ومُذ ظهر بناء المدافن الكبيرة فى عصر دولة المماليك الجراكسة ويُلاحظ صِغر حجم القبة فى هذا العصر مع الاسراف فى زخارفها الخارجية وكلها مبنية من الحجر ، ومقابر الخلفاء* بالقرافة الشرقية بها أكبر مجموعة من تلك القباب وبذا يجدُر بنا أن نسمى مدينة القاهرة بمدينة القباب الاسلامية ، وكلها تمتاز بجمال زخارفها الخارجية والبعض به زخارف حلزونية ، واشهر هذه القباب قبة ضريح برقوق ، وقبة ضريح الأشرف بارسبارى ، وقبة السلطان قيتباى بالقرافة ، وقد عرفت مصر فى عصر المماليك أنواعاً شتى من القباب منها نصف الكروية والمُضلَعَة والبيضاوية ، بل وُجِدَت أيضاً قبة كبيرة تنتهى فى أعلاها بمنور فوقه مُثمنة تحمل قبة صغيرة مُضلَعة وهى قبة الشيخ عبد الله المنوفى* بالقرافة الشرقية بالقاهرة .
هذا وتتكون القبة الضريحية فى العمارة الاسلامية عامة من ستة اجزاء أولها القبر القرافى أو فسقية الدفن التى تُبنى فى تخوم الأرض بمساحات مختلفة وثانيها التركيبة الحجرية أو الرخامية التى تعلو الفسقية وثالثها مربع الجدران السفلى الذى يحدد مساحة القبة فوق سطح الأرض ، ورابعها منطقة الانتقال التى تحول المربع الى مُثمن تقوم عليه الرقبة ، وخامسها الرقبة المُثمنة أو الاسطوانية ، وسادسها خوذة القبة ، وقد أُطلِقَ لفظ الفسقية على مدافن سلاطين وأمراء عصر المماليك ، وكانت هذه الفسقية عبارة عن مستطيل يُبنى فى تخوم الأرض من الحجر الفص النَّحيت أو من الآجُر ، يتصدره محراب مُجوَف فى ناحية القِبلَة لوضع المُتوَفَى تجاهه ، أما غطاؤها فكان عبارة عن قبو مُدبب أو نصف دائرى ، وغالباً ما تقوم فوقها – فى أرضية القبة – تركيبة حجرية أو رخامية ذات شكل مستطيل يتكون من أربعة جوانب تزينها زخارف نباتية وهندسية وكتابية ، يعلوها سقف مُسطَح تقوم فى أركانه – فوق أكتاف صغيرة – أربع بابات ، ويتقدمها شاهد قبر يُنقَش فيه عادةً – بعد البسملة وبعض الآيات القرآنية المُتعلِقة بمقام الموت والبعث والحساب والجنة والنار – اسم المُتوَفَى وتاريخ وفاته ، وأحياناً كانت تُحيط بهذه التراكيب مقاصير خشبية كما هو الحال فى مشهد السيدة رقية ومشهد الامام الحسين ومشهد الامام الشافعى وغيره
هذا وتُعتبر أقدم الأمثلة الموجودة فى العمارة الاسلامية للقباب ، هى الأضرحة الأربعة الباقية من أضرحة السبع بنات 400 هـ - 1010 م ، وهذه الأضرحة الأربعة الباقية كلها فى حجم واحد وتخطيط واحد إلا أن ارتفاعها يختلف قليلاً عن بعضها ، وكلها مبنية من ثلاث طبقات ، منطقة مربعة ومنطقة انتقال بالاضافة الى الاسكونشات الموجودة فى الأركان وتحمل الرقبة المُثمنة المبنية من الطوب الأحمر ، وأهمية هذه الأضرحة من الوَجهَة المعمارية أنها تعتبر أقدم أضرحة من نوعها فى مصر ، وطراز عمارتها موجود فى فراشاباد فى بلاد فارس قبل الاسلام ، وفى ضريح اسماعيل السامانى فى بُخارى سنة 907 م ، واخيراً نجده فى أضرحة السبع بنات فى مصر سنة 1010 م .

- التخطيط العام وعناصر التكوين
لعِبت القبة ، كعنصر من عناصر العمارة ، دَورَاً هاماً فى زخرفة وتصميم العمائر والمنشآت فى جميع الأقطار الاسلامية واتخذت فى كل إقليم طابعاً خاصاً يميزها ويحدد تاريخ انشائها .
هذا وينحصر التخطيط العام وعناصر التكوين لهذا الأثر فى قبة مبنية من مداميك من الحجر الفص النَّحيت ، وهى عبارة عن حجرة مربعة الشكل ، لها واجهتان هما الواجهة الرئيسية الشرقية ، والواجهة الجنوبية ، ويعلو مربع القبة منطقة الانتقال ، والتى تظهر من الخارج على شكل مُثمن يرتد الى الداخل ، فُتِحَ بكل ضلع من أضلاعه فتحة شباك معقودة بعقد نصف دائرى ، يعلوه رقبة اسطوانية ، فُتِحَ بها ست عشرة نافذة ومضاهية بالتبادل ، يعلوها قبة مرتفعة ومضلعة من الخارج .

- الوصف المعمارى
أولاً الوصف الأثرى من الخارج
ينحصر الوصف الأثرى من الخارج فى وصف الواجهة الشرقية والجنوبية والقبة ومنطقة الانتقال من الخارج .
الواجهة الشرقية
تُطِل على شارع باب الوداع ، وهى ترتفع عن مستوى سطح الشارع بمقدار 2.80 م ، وهى ليست واجهة القبة بل واجهة الحجرة المُلحقة بالقبة من الناحية الشرقية ، ويوجد على يسارها سور حجرى يفتح به باب حديدى يؤدى الى سُلَّم صاعد يتكون من عشر درجات ويؤدى هذا السُلَّم الى الفناء المرتفع أمام القبة ، ويبلغ طول هذا الجزء من السور والواجهة حوالى 14.85 م ، أما الجزء الذى يغلق على الفناء من هذا السور فيبلغ طوله 5.40 م ، بينما يبلغ ارتفاعه 2.20 م ، هذا وتوجد دخلة مشطوفة بعمق 0.20 م واتساعها 4.40 م ، تفتح فى أسفلها فتحتا شباك مستطيلتان ، يبلغ اتساع كل منهما 2.10 م ، ويبلغ عرض كل منهما 1.10 م ، وهما متشابهتان ويغلق عليهما أسياخ حديدية ، ويفصل بين الشباكين مسافة 1.80 م ، ويعلو كل شباك منهما عتب من ثلاث صنجات حجرية مُزررة .
يلى ذلك بإرتفاع أربعة مداميك حجرية نافذتان يتوج كل منهما عقد نصف دائرى وهما مفتوحتان لا يغلق عليهما شىء ، يعلو هاتان النافذتان إزاراً كتابياً يبلغ عرضه 0.50 م ، ويمتد بإمتداد الجدار كله وإن كانت معظم كتاباته ومعالمه مطموسة ، هذا ويتوج الدخلة من أعلى ثلاثة صفوف من الحنايا المُقرنصة لكنها فى نهاية السور مُتهدِمَة ، ويتم الصعود الى الفناء المواجه للقبة عن طريق باب حديدى فى السور ، يبلغ عرضه 1.05 م ، ويرتفع عن الأرض بمقدار 0.40 م ، يليه سُلَّم حجرى مُكوَن من عشر درجات ، يبلغ طول كل منها 1.25 م ، وعمقها 0.30 م ، وارتفاعها 0.25 م ، ويبدو فى الواجهة الجنوبية للقبة والتى بها باب الدخول وجود أكثر من رِجل عقد بارزة عن الجدار مما يوضح اتصال هذه القبة بمجموعة من المُلحقات ، ولكن ما بقى منها مُتخَرِب تماماً ، عدا مربع القبة والحجرة المُلحقة بها .
الواجهة الجنوبية للقبة
تشمل واجهة القبة المربعة والحجرة الملحقة بها فى الجانب الشرقى وإن كانت الآن منفصلة عنها تماما نظراً لأنه تم سد الباب الموصل إليها بالحجارة والملاط ، وتمتد هذه الواجهة بطول 10.50 م ، ويفتح بها ثلاثة أبواب ، الأول على يمين المواجه وعلى بُعد 2.80 م ، وهو بإرتفاع 2.10 م ، بينما يبلغ عرضه 1.10 م ، وعمقه 1.10 م ، وهو يؤدى الى الحجرة الشرقية الملحقة بالقبة ، أما الباب الثانى فهو يلى الأول ويبعد عنه مسافة 1.95 م ، وهو يماثل الباب الأول ، أما الباب الثالث فيفتح على القبة ، هذا ويعلو البابان الأول والثانى وعلى ارتفاع حوالى 2.00 م ، فتحتى شباك معقودتين بعقدين نصف دائريين ، يبلغ عمق كل منهما 1.10 م ، وتفتح الفتحة الأولى على الحجرة الشرقية ، بينما كانت الفتحة الثانية تفتح على القبة ، لكنها مسدودة الآن تماما ، يلى ذلك نهاية مربع القبة من أعلى وهذا الجزء عبارة عن عروق خشبية وآجُر ، وليس من الحجر مثل باقى جدار الواجهة .
منطقة انتقال القبة من الخارج
يعلو مربع القبة ، منطقة انتقال عبارة عن مُثمن ترتفع أضلاعه بمقدار 3.00 م ، وتفتح فى كل ضلع من أضلاعه الثمانى فتحة معقودة بعقد نصف دائرى من الحجر يبلغ عرضها 0.75 م ، وارتفاعها 1.00 م ، من رِجل العقد ، هذا وينتهى المُثمَن من أعلى بإزار حجرى بارز ، يعلوه رقبة القبة ، وقد فُتِحَ بها ست عشرة نافذة معقودة بعقود ثلاثية وهى تسير بالتبادل بين واحدة مفتوحة وأخرى مسدودة ، وبها زخارف الأرابيسك ، ورنك عبارة عن كأس ، كما يوجد بكوشات العقود التى تتوج الدخلات زخارف نباتية قوامها عنصر زخرفة التوريق العربى الأرابيسك ، بينما يلى تلك المنطقة من رقبة القبة وبإرتفاع 0.30 م ، جفت بارز يلتف حولها ، يعلوه وعلى ارتفاع 0.30 م ، إزار كتابى غير واضح نستطيع أن نقرأ منه ما يلى :-
"يُسَبِح لَهُم فيهَا بِالغُدُوِ وَالآصَال رِجَالُ لَاَ تُلهِيهُم تِجَارَةُ وَلَاَ بَيعُ عَن ذِكرِ الله"
أما خوذة القبة فقد زُخرِفَت بفصوص مُضلَعَة بارزة ، تنتهى من أسفل بثلاث حنايا مُقرنصَة مُتجاورَة تنتهى بشكل ذيل هابط ، فيما يُتوج القبة صارى ينتهى بهلال نُحاسي .
ثانياً الوصف الأثرى من الداخل
ينحصر الوصف الأثرى من الداخل فى وصف جدران حجرة القبة ومنطقة الانتقال والقبة من الداخل والحجرة المُلحقة بها .
القبة من الداخل
يمكن الدخول الى القبة عن طريق فتحة باب بالواجهة الجنوبية للقبة ، وهو الباب الثانى على يمين المواجه ويبلغ اتساعه 1.00 م ، وارتفاعه 2.10 م ، وعمقه 1.10 م ، ويغلق عليه مِصراع خشبى واحد خالى من الزخرفة ، يعلوه عتب من ثلاث صنجات حجرية مُزررة ، ويؤدى هذا الباب الى حجرة مربعة التخطيط يبلغ طول ضلعها 4.05 م ، هذا ويتصدر الجدار الشرقى للحجرة محراب غير عميق يبلغ اتساع حنيته 0.70 م ، وعمقه 0.20 م ، وله طاقية مُشِعَة ، وعلى جانبى المحراب وعلى بُعد 0.45 م ، توجد دخلتان يتوج كل منهما عقد مُدبب ، ويبلغ اتساع كل دخلة حوالى 1.15 م ، وعمق كل منهما 0.55 م ، بينما يصل الارتفاع الى 2.50 م ، ويُعتقد أنهما فى الأصل بابان يوصلان الى الحجرة الشرقية الملحقة بالقبة ن أما الجدار الغربى فيوجد به دخلتان مُشابهتان للدخلتين على جانبى المحراب ، والدخلة الأولى على يمين المواجه يبلغ اتساعها 0.95 م ، وعمقها 0.50 م ، وبها رف خشبى يدل على أنها كانت تُستخدم ككُتبية لحفظ الأدوات ، وعلى بُعد 1.45 م ، يوجد دخلة أخرى يبلغ اتساعها 1.15 م ، بينما يصل عمقها الى 0.65 م ، وهى ترتفع عن الأرض بمقدار 0.20 م ، أما الجدار الجنوبى فيوجد به دخلتان ، الدخلة الأولى على يمين المواجه يبلغ اتساعها 1.05 م ، كما يبلغ عمقها 1.05 م ، وعلى بُعد 1.20 م ، توجد الدخلة الثانية والتى يبلغ اتساعها 1.05 م ، وعمقها 1.10 م ، وهما – أى الدخلتان - يمثلان فتحتى البابين السابقين ، ...
منطقة الانتقال من الداخل
تتكون منطقة انتقال القبة من الداخل من أربعة صفوف من المُقرنصات ذات الدلايات ، تبدأ من أسفل بواحدة يعلوها اثنان فثلاثة ...، وتتكون الحنية الوسطى منها من إثنتين ، يليها أربع حنايا أخرى ، هذا ويزخرف الحنايا زخارف الأرابيسك المُنفذة بشكل بارز ، بينما يفتح بكل ضلع من أضلاع المُثمَن وفى منطقة الانتقال ، نافذة معقودة بعقد نصف دائرى ومفتوحة بعمق الجدار وغير مُغشاة ، ويزخرف كوشات العقود التى تتوج فتحات النوافذ زخارف الأرابيسك مُنفذة بشكل بارز وهى مماثلة لزخارف منطقة الانتقال ، يلى ذلك رقبة القبة ويفتح بها ست عشرة نافذة ، ثمانية منها مفتوحة ، وثمانية أخرى مسدودة ، ووُزِعَت مُضاهيات أى تسير بالتبادل بين هذا وذاك ، يلى ذلك وعلى ارتفاع كبير إزار كتابى غير واضح المعالم نظراً لطمس معظم الكتابات حالياً ، أما القبة من الداخل فهى عميقة ومبنية من الحجر ، وتخلو من أية زخارف .
أما أرضية القبة فهى مَفروشة ببلاطات حجرية يبلغ طول كل منها 0.60 م ، وعرضها 0.30 م ، بينما يتوسط أرضية القبة تركيبة حجرية يبلغ طولها 1.20 م ، ويبلغ عرضها 0.80 م ، لشيخ يُدعى بالمنطقة بـ "سيدى انس"

الحجرة الشرقية المُلحقة بالقبة
يتقدم القبة حجرة مستطيلة الشكل يبلغ طول ضلعها 4.50 م ، بينما يبلغ عرضها 3.10 م ، ويتصدرها بالجدار الشمالى وعلى مسافة 1.55 م ، من بداية الجدار دخلة مستطيلة يبلغ اتساعها 1.10 م ، وعمقها 0.65 م ، وارتفاعها 2.20 م ، وهى خالية من الزخارف .
أما الجدار الشرقى فيفتح به دخلتان مستطيلتان يفصل بينهما مسافة 1.70 م ، ويبلغ اتساع كل منهما 1.10 م ، ويبلغ عمق كل منهما 1.00 م ، ويتصدر كل دخلة فتحة شباك مُغطاة بأسياخ حديدية مُتقاطعة ، ويتوج كل فتحة من اعلى عقد مُدبب مُكوَن من احدى عشر صنجة حجرية ، يعلو كل دخلة نافذة معقودة بعقد نصف دائرى ، أما الجدار الغربى للحجرة فنرى فيه أثراً لفتحتين مسدودتين حالياً بالحجارة ، وهما الفتحتان الموجودتان على جانبى المحراب بحجرة القبة ، يعلوهما دخلتان مسدودتان مماثلتان للدخلتين الموجودتين بالجدار الشرقى ولكنهما اقل فى العمق ، أما الجدار الجنوبى فتوجد به فتحة الدخول السابق وصفها فى الواجهة الجنوبية ، يقابلها فتحة مماثلة لها بالجدار الشمالى .


حالة الأثر الراهنة
- تراكم أكوام من القمامة أمام مدخل القبة والواجهة الشرقية .
- تآكل الأحجار أسفل فتحات الشبابيك بالواجهة الشرقية .
- تهدُم أعلى الواجهة الشرقية .
- لم يتبق من هذا الأثر سوى هذه القبة وحجرة تتقدمها ملحقة بها وهى فى حالة سيئة ، بينما تظهر باقى المساحة خالية حالياً من اى مبانٍ أمام القبة ، وكل ما تبقى هو آثاراً لأرجل العقود التى كانت تحمل البوائك للمسجد .

ملاحـــــــــــق الدراســــــــــــــة


أولاً ترجمة السلطان الظاهر برقوق 784 هـ - 791 هـ ، 791 هـ - 801 هـ
يُعَد بَرقوق بن أنس هو مؤسس دولة المماليك البُرجية ، ويُعرَف بالعثمانى نسبة لتاجر الرقيق الخواجا فخر الدين عثمان الخوارزمى ، وكان برقوق من مماليك الأمير يلبُغا الخاصكى الذى أعتقه ، وبعد مقتله سُجِنَ برقوق فى الكرك ثم خرج وتوجه الى دمشق وخدم عند منجك اليوسفى نائب دمشق ، ثم عاد الى القاهرة فى عهد الأشرف شعبان وترقى فى المناصب حتى تولى منصب أتابك العسكر فى عصر أحد أحفاد الناصر مُحمد بن قلاوون – وهو السلطان الطفل علاء الدين على الذى لم يتجاوز عمره ست سنوات – وكان برقوق يستطيع أن يلى عرش السلطنة بعد وفاة السلطان المنصور علاء الدين على مباشرة ولكنه رأى ان يتريث قليلاً ، فأقام فى السلطنة أخاه السلطان أمير الحاج ، وكان فى الحادية عشر من عمره ، وأخذ برقوق يُمَكِن لنفسه ويملأ الوظائف الكبرى بأتباعه وأنصاره ومماليكه ، وعمل على عزل كبار المماليك البحرية ، وأخذ يتقرب الى عامة الناس ، ويؤلِف قلوبهم عن طريق إلغاء بعض الضرائب ، وتحسين النقد بسك نقود جديدة لتحل محل النقود الزائفة التى كان الأمير جركس قد سكها ، وعندما أغار التُركمان على حلب سنة 1381 م ، تمكن برقوق من صدهم وطردهم الأمر الذى أظهره فى صورة القائد القادر على الدفاع عن أمن البلاد ، وبعد أن أصبحت الأمور مُهيأة أعلن نفسه سلطاناً مُتذرِعَاً بما عليه الأحوال من الفوضى بسبب صِغَر سن السلطان القائم .
المُشكلات التى واجهت الظاهر برقوق
- مشكلة المماليك الترك : لم يبدأ برقوق عهده باضطهادهم بل حرص على استرضائهم فعين الأمير سودون الفخرى التركى الأصل نائب للسلطنة فى مصر وعين يلبُغا الناصرى ناثباً فى حلب ، وبعد أن استقرت الأمور بدأ الظاهر برقوق يختص الجراكسة بالإقطاعات والوظائف الكبيرة على حساب المماليك الترك.
- قيام العديد من الثورات ضد حكم الظاهر برقوق من بينها :-
1. ثورة الطنبُغا السلطانى نائب أبلستين وقد باءت هذه الثورة بالفشل .
2. مؤامرة الترك لقتل برقوق وتولية الخليفة المتوكل العباسى ولكن برقوق كشف المؤامرة وعزل المتوكل وعين الواثق .
3. ثورة شمال الشام سنة 791 هـ - وهى تمثل جانباً هاماً من أحداث هذا البحث – وتزعمها منطاش نائب ملطية وزعيم الأشرفية ويلبُغا الناصرى زعيم اليلبُغاوية ، حيث خرجت مدن الشام عن طاعة الظاهر برقوق وانضمت للثائرين وانضم إليهم عدد من التركمان والمغول وعربان الشام واستولوا على حماة وزحفوا نحو دمشق ولم تنجح حملة برقوق فى صدهم وزحفوا على القاهرة واستولوا عليها فغادر برقوق القلعة ماشياً واختفى فى منزل أحد الخياطين حتى تم القبض عليه ونفيه الى الكرك .
وهكذا انتهت الفترة الأولى من حكم برقوق بسيطرة يلبُغا الناصرى على الحكم ، وكان من الممكن أن يعلن نفسه سلطاناً بوصفه صاحب الدور الأعظم فى عزل برقوق ، ولكنه خشى معارضة الأشرفية ، فرشح الأمير حاجى بن الأشرف شعبان ، لكن ظل يلبُغا هو المسيطر الفعلى على الدولة ، ولم تلبث الأيام أن أثبتت فساد حكم يلبُغا ، فى الوقت الذى بدأ الخلاف يدُب بينه وبين حليفه منطاش ، حيث سيطر يلبُغا على الأمور واستأثر لنفسه باجود الاقطاعات دون منطاش .
انتهز برقوق فرصة الصراع بين يلبُغا ومنطاش ، فخرج من سجن الكرك بمساعدة نائبها حسام الدين الكجكنى ، وأعد جيشاً بالشام حارب به منطاش وأسر الخليفة وتنازل له حاجى عن الحكم وعاد الظاهر برقوق لحكمه فى القاهرة سنة 792 هـ ، وظل يطارد منطاش عامين حيث قتله نائب حلب وأرسل رأسه فعُلِقَت على باب زويلة.


ثانياً مفاهيم الدراسة
نتعرض فى هذه الدراسة لبعض المفاهيم التى تحتاج للشرح والتحليل ، لكى يكتمل الفَهم الموضوعى لمضمون الدراسة ككل وفيما يلى بعض الأمثلة على ذلك :-

- قبة
القبة هى بناء مُحدودب أشبه بكُرَةٍ مشطورة من وسطها ، أو بناء دائرى مُقعر من الداخل ، مُقَبَب من الخارج ، يتألف من دوران قوس على محور عمودى ليصبح نصف كُرَة تقريباً يأخذ مَقطَعَها شكل القوس ، وتُقام مباشرةً فوق مُسَطح أو ترتفع على رقبة مُضلَعَة أو دائرية ، أو على حنايا ركنية ، أو مثلثات كروية ، أو مُقرنصات لتسهيل الانتقال من المربع الى المثمَن ثم الى الدائرة ، وقد تكون القبة كبيرة أو صغيرة ، أو بيضاوية أو نصف كروية ، أو بصلية أو مَخروطية أو مُضلَعة ، وفى هذا وذاك مَعلَم معمارى تميزت به أغلبية الأبنية الدينية عند المسلمين وغيرهم ، وكانت تُبنَى فوق الهياكل الوثنية والمعابد اليهودية والكنائس المسيحية والأضرحة .
ويغلب على الظن أن المسلمين قد نقلوا بناء القباب عن الساسانيين والبيزنطيين والأقباط ، وأقبلوا على استخدامها بشكل خاص لتغطية ما شيَّدوه من أضرحة ، حتى صارت القبة علمَاً على مبنى الضريح كله ، ونحن نقول فى الأمثال "فاكر تحت القبة شيخ" أى يحسب أنه دُفِنَ أسفل القبة شيخ وَلي ، فهى كلمة كانت تُطلَق فى بعض البلاد الاسلامية على الضريح المُغطى بقبة ، والمدفون به ولي أو شيخ ، وكان يُطلَق على الضريح أحياناً اسم تربة أو مقام ولي أو مربوط
وقد شيَّد المسلمون قبابهم المبكرة فى العراق وايران وسورية ، من القرميد المُغطى بالطين الخالى من الزخارف ، وفى مصر من الآجُر أحياناً ومن الحجر أحياناً أخرى ، ونقشوها من الخارج بأشكال نباتية وهندسية بارزة أو غائرة .



ثالثاً المراجع
- ابن اياس الحنفى (محمد بن احمد) : بدائع الزهور فى وقائع الدهور ، الجزء الأول ، القسم الثانى (من سنة 764 الى سنة 815هـ) ، الطبعة الأولى ، حققها وكتب لها المقدمة / محمد مُصطفى ، دار النشر فراتز شتاينر ، فيسبادن ، وزارة الأبحاث العلمية – ألمانيا الإتحادية ، عام 1974.

- ابن حجر العسقلانى (شهاب الدين أحمد) (ت 852هـ) : الدُرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة ، الجزء الخامس ، حقق وقدم له محمد سيد جاد الحق ، من علماء الأزهر الشريف ، أم القرى للطباعة والنشر ، عام 1997.

- المقريزى (تقى الدين احمد بن على) : كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك ، الجزء الثالث ، القسم الثانى (783هـ - 801هـ) ، حققه وقدم له د/ سعيد عبد الفتاح عاشور ، مطبعة دار الكتب ، عام 1970.

- حسن (زكى محمد) : فنون الاسلام
- رزق (عاصم محمد) : مُعجم مُصطلحات العمارة والفنون الاسلامية ، مكتبة مدبولى ، عام 2000 .
- سامح (كمال الدين) : تطور القبة فى العمارة الاسلامية ، مجلة كلية الأداب ، المجلد الثانى عشر ، الجزء الأول ، مطبعة جامعة فؤاد الأول ، مايو 1950.

- عاشور (سعيد عبد الفتاح) : المجتمع المصرى فى عصر سلاطين المماليك ، القاهرة ، 1959.
- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ : العصر المماليكى فى مصر والشام ، القاهرة ، 1965.
- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ : مصر فى العصور الوسطى ، القاهرة ، 1970.
- عبد الدايم (عبد العزيز) : مصر فى عصرى المماليك والعثمانيين ، القاهرة ، 1994
- على بن داود الصيرفى (الخطيب الجوهرى): نزهة النفوس والأبدان فى تواريخ الزمان ، تحقيق دكتور حسن حبشى ، مطبعة دار الكتب ، عام 1970 .

- يوسُف بن تغرى بردى الأتابكى (جمال الدين أبى المحاسن) (813هـ ، 874هـ) : النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة ، الجزء الحادى عشر ، طبعة مُصوَرَة عن طبعة دار الكتب .



#أحمد_محمد_أنور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكون الثقافى للشخصية المصرية
- الأثر الاقتصادى على تطور المجتمع من وجهة النظر الماركسية
- فى المعادلة السياسية المصرية ، الدم يساوى ماذا؟


المزيد.....




- فرنسا تدعو روسيا وليس بوتين للمشاركة في احتفالات ذكرى إنزال ...
- الكرملين: كييف تسعى لوقف إطلاق النار خلال الألعاب الأولمبية ...
- الإيرانية والإسرائيلية أيضا.. وزير الخارجية الأردني يؤكد -سن ...
- المتنافسون على السلطة في ليبيا -يعارضون- خطة أممية لحل الأزم ...
- وزيرا الدفاع الأمريكي والصيني يعقدان أول محادثات منذ 18 شهرا ...
- باريس -تدعو- روسيا من دون بوتين للاحتفال بذكرى إنزال الحلفاء ...
- زيلينسكي يوقع قانون التعبئة الجديد لحشد 500 ألف جندي إضافي ب ...
- أوكرانيا أرادت تصفية الصحفي شاري واتهام روسيا باغتياله
- الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس: إسرائيل سترد على إيران في ا ...
- لافروف: الولايات المتحدة وحلفاؤها يشعرون بقلق متزايد بشأن عم ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد محمد أنور - قبة الأمير يونُس الدوادار 783 ه - 1382 م - دراسة تاريخية وأثرية -