ندوة الجبهات الموالية للنظام الرأسمالي و فرقعات حزب النهج الديمقراطي بالمغرب

وكزيز موحى

الحوار المتمدن-العدد: 4481 - 2014 / 6 / 13 - 01:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

ندوة الجبهات الموالية للنظام الرأسمالي و فرقعات حزب النهج الديمقراطي بالمغرب
موحى وكزيز 12 -06-2014 فرنسا
ارتفعت وثيرة النضال بالمغرب لتشمل مرافقا و قطاعات اقتصادية و اجتماعية ( عمال، مستخدمون، موظفون، تلاميذ، طلبة، معطلون، أحياء وقرى شعبية، صحافة، الخ). في إطار هده الصيرورة وبقوة الصراع- لنذكر أنه طبقي و اجتماعي- ابتدأت ملامح وتعبير القوى السياسية تتجلى وضوحا أمام الملأ ، ليعلن من كان يناور بسهولة في السابق بأقل الخسائر، عن طبيعته وأهدافه الآنية و المستقبلية. اشتد الصراع وأظهر للعيان أن قوى اليسار الرسمي بالمغرب هي قوى الانبطاح و تقوم بجرائم سياسية في حق الشعب وقضاياه المصيرية. ولا نبالغ ولو بقيد أنملة و لا نجازف في حق أحد إن قلنا أن حزب النهج الديمقراطي يعد من ضمن هذه القوى.
بعد مشاركة الأعضاء البارزين لحزب النهج مع قتلة ايت الجيد بنعيسى ( أنظر مقال: النهج الديمقراطي -يحاور- قتلة الشهيد على هامش مسيرة 06 أبريل 2014 الحوار المتمدن العدد4419) وجلوسهم في أكثر من مناسبة مع قتلة المعطي بوملي ومرورا بنشاطهم(ندوة) مع تيار المناضلة و بعد بيان الكتابة الوطنية للحزب 3 ماي 2014 الذي أدان من خلاله المناضلين بما فيهم المعتقلين الماركسيين اللنينيين بالمغرب وقدمهم بدون تحفظ للرأي العام كمجرمين طلب من النظام الضرب على أياديهم بالحديد والنار و اعتقالهم بل تصفيتهم ( أنظر : رسالة المدعو عقاوي لاعتقال وتصفية المناضلين ما رأي مسئولي حزبه؟ الحوار المتمدن العدد4437)، ها هو حزب النهج الديمقراطي بالمغرب يحاول جاهدا العودة إلى الساحة السياسية الوطنية والدولية للخروج من ورطته المفضوحة وخلط الأوراق من جديد للبحث على مكانة بين القوى المتسابقة لخدمة النظام واستثمار الإرث النضالي والسياسي ومحاولة التمظهر بقناع الهيئة ذات انشغالات ثورية و أممية .
ليس بخفي على أحد أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان( AMDH ) تئن تحت "رحمة" حزب النهج ، إذ عملت الجمعية خلافا لقواعدها، أعرافها، أفاقها و مبتغاها، على ترجمة موقف الحزب في بيانها في ما أصبح يعرف بأحداث جامعة فاس و أدانت المناضلين المركسيين اللينينيين المعتقلين وعدتهم ضمن المجرمين منذ اللحظات الأولى لاعتقالهم ضاربة عرض الحائط كل الأعراف الدولية حول الاعتقال لأسباب سياسية و رأي أو حتى حق عام، على سبيل المثال كل معتقل بريء حتى تثبت تهمته أمام قضاء |"مستقل" و نزيه و له ما يكفي من قوة و سلطة أمام لوبيات المال والفساد.
عبر هذه المواقف و الإشارات السياسية و ممارسات عدة عبر الحزب عن ورطته و التحاقه بسياسات النظام و قواه المعادية لقوى التغيير. وللحقيقة لم يكن حزب النهج القوة الوحيدة التي أعلنت ملأ ذقونها عدائها للفعل الثوري و التغيير الجدري بل التحق بالجوقة كل من اعتقد الفرصة سانحة لاقتسام الغنيمة و استبق بعضهم البعض لإعلان حقده الدفين باسم اليسار تارة وباسم الثورية و العقلانية والنضج مرات أخرى و الاستباق لاقتسام الكعكة...
فما هي خرجات وفرقعات حزب النهج للخروج من مأزقه بعد ما انقلب عليه سحره ؟
التخريجة ( التبهديلة ) الأولى، بيان فصيل طلبة اليسار نموذجا
يعتبر "ح ن د" نفسه الامتداد للحركة الماركسية اللينينية بالمغرب لعقد السبعينات و لا تفوته فرصة التذكير بذلك وبالخصوص منظمة " إلى الأمام"، إلا أن الأمر غير ذلك والعكس هو الصحيح. إذا كان قياديو ح ن د انتموا في الماضي إلى منظمة " إلى الأمام" التي لا وجود لها الآن فهدا لا يعني أن مشاريع ومخططات إلى الأمام هي نفسها مشاريع ومخططات "ح ن د" ويشكل هدا الأخير استمرارا للمنظمة التي توقفت عن الوجود. إن ادعاء "ح ن د" لا يمكن إن يصدقه إلا الأحمق و تجار الإرث النضالي للمنظمة وللشعب المغربي قاطبة وعلى رأسهم قياديو "ح ن د". كما أن ادعاءات منظمة "العمل الديمقراطي الشعبي" كاستمرار لمنظمة "23مارس" انكسرت قبل أن تتمزق إلى شظايا ولفضت أنفاسها.
منذ ما أصبح يعرف بأحداث جامعة ظهر المهراز بفاس انكشفت عورة "ح ن د" أمام الملأ، بل شكلت ممارسته السند السياسي المفترض للنظام و قواه الرجعية للضرب بالحديد و النار على فعل الحركة الطلابية تحت لواء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ( اوطم) بقيادة النهج الديمقراطي القاعدي، العدو اللدود لحزب ن د. انطلق "ح ن د" كأرنب السباق أمام كل القوى المتبارية لإيقاف النهوض الجماهيري و النضالي بكل المواقع و المجالات و أعلن الخدمة المجانية لسياسات النظام في مجال التعليم و القطاعات الأخرى. خسر الحزب كل رهاناته و أصبح مجبرا على إدارة أزمته و مأزقه . من الطبيعي إذن أن يحشد الحزب قواه ليناور داخليا وخارجيا.
خرج فصيل طلبة اليسار التقدمي ببيان، شكليا "يدين" من خلاله الاعتقال السياسي و"يتضامن" مع المعتقلين السياسيين( الاسترزاق السياسي)، و مضمونا يقف إلى جانب كل القوى المتواطئة مع النظام و الخوانجية إذ "يدين العنف"( يمكن قراءة البيان بموقع الحزب). حاولت شبيبة "ح ن د" بل حاول "ح ن د" من خلال شبيبته اعتماد لغة و سياسة من يسحب فوق الصراع و الواقع السياسي و الاجتماعي والاقتصادي بالمغرب ( مضمون البيان) ومحاولة فاشلة لخلق الوهم في الساحة السياسية العامة أن للحزب من خلال شبيبته موقعا في الصراع داخل الجامعة والمسألة التعليمية بشكل عام. عموما يعتمد الحزب على سياسة تعيين نفسه بيروقراطيا على الهيئات النقابية و الجمعوية كلما سمحت له الظروف بذلك ليقدم نفسه قوة سياسية وازنة وطنيا و دوليا ( عملية الاسترزاق مرة ثانية) علما أن الواقع مخالف تماما.
التخريجة ( التبهديلة) الثانية، ندوة الجبهات الموالية للرأسمال
دعا "ح ن د" لندوة دولية يومه السبت 14 يونيو2014. محاور الندوة هذه توحي للقارئ بهالة قوى ثورية شيوعية ستلتقي بالمغرب للتداول في قضايا عالقة و ذات أبعاد مصيرية ( الجبهات ضد النظام الرأسمالي و الاستبداد)!! . إذا استحضرنا الواقع بالمغرب و حجم حضور وتموقع "ح ن د" في الساحة السياسية وطنيا ودوليا إلى جانب الفعل الثوري يتبين دواعي وخلفيات هدا اللقاء المخالفة لطموح و مشروع تحالفات و جبهات سليمة لخدمة قضية التغيير وضد "النظام الرأسمالي و الاستبداد" بل إن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد النفخ في الذات و محاولة انقاد سفينة الحزب من الإفلاس . سنقف عند محورين أساسيين للندوة هما جبهة سريزا باليونان وجبهة اليسار بفرنسا ليتبين للقارئ طبيعة هذا الحزب الذي يسعى لخلق هالة و صورة وهمية لدى الرأي العام الدولي وتصريف أزمته الداخلية.
تشكلت جبهة سيريزا من العناصر الليبرالية للحركة النقابية و اليسارية باليونان. تشبع زعيمها الحالي اليكسيس تسيبراس بآراء ومواقف الاشتراكية الديمقراطية بالنمسا المتشبعة والمتشبثة بالنظام الرأسمالي وسياسة انقاده من النيوليبرالية. نظم الزعيم اليوناني جولات أوروبية متعددة جمعته مع قيادي الاتحاد الأوروبي (دراغي، باروسو الخ) و البنك المركزي الأوروبي مقدما برنامج جبهته لانقاد الاتحاد الأوروبي الرأسمالي. قاده نشاطه السياسي كذلك بعقد علاقات مع جبهة يسارية أخرى لانقاد الرأسمال، جبهة د ي لينك الألمانية المعروفة بعدائها لكل ما له علاقة بالشيوعية، شأنها في دلك شأن جبهة سيريزا اليونانية موضوع ندوة " ح ن د" . أن ما يمكن الوقوف عليه كذلك بعد الانتخابات الأوروبية هو دعوة زعيم سيريزا السيد اليكسيس تسيبراس في تصريح له يوم 3 يونيو 2014 للبرلمانيين الأوروبيين للتصويت لصالح مرشح اليمين لرئاسة المفوضية الأوروبية السيد جون كلود جونكير. للإشارة إن البرلمان الأوروبي لا يتمتع ولا يمتلك السلطة التشريعية كباقي البرلمانات الأوروبية وطنيا. أن المفوضية هي كل شيء: تركز بأيديها السلطات التشريعية و التنفيذية. وللإشارة كذلك إن الحزب الشيوعي اليوناني لا ينضوي تحت جبهة سيريزا ويختلف معها في كثير من القضايا إلا إن هدا الحزب لا زال يجتر ثغرات ونقص كبير على مستوى الرؤية رغما عن كونه من أهم الأحزاب الشيوعية التي قاومت خلال انهيار الإتحاد السوفيتي و المتميز على الصعيد الأوروبي.
أما جبهة اليسار الفرنسي فهي لا تختلف عن قريناتها اليونانية والألمانية والأسبانية رغما عن أن مؤسسيها هم قادة الحزب الشيوعي الفرنسي، ماري جورج بيفي وشركائها. بشكل عام تعتبر هذه الجبهات صيغة سياسية لإعادة دمج وتأهيل العناصر و القوى البيروقراطية الاشتراكية الديمقراطية والأوروشيوعية و حتى الليبرالية لبسط نفوذها على قوى وتنظيمات الطبقة العاملة بأوروبا و ملأ الفراغ بعد الانهيار للتجربة السوفيتية. بقي أن نشير إلى أن برنامج جبهة اليسار بفرنسا المعنون " الانسان أولا" هو نسخة مشوهة لأراء ما قبل الاشتراكية الديمقراطية للقرن الماضي، خليط من المثالية و الواقعية وحقوق الإنسان الفردية والجماعية. ما يجمع جبهات أوروبا موضوع الندوة الدولية ل"ح ن د" هو دفاعها المستميت عن الرأسمالية و محاربتها للفكر الماركسي اللينيني وممارسته داخل التنظيمات السياسية و النقابية والجمعوية للعمال و المستخدمين والموظفين ونشرها على نطاق أوسع للفكر البرجوازي.
عملت القيادات للحزب الشيوعي الفرنسي كل ما في وسعها لتقديم في طبق من دهب كل الإرث النضالي و البطولي للطبقة العاملة الفرنسية إلى أشباه القياديين ولشخصيات صنعها الإعلام الغربي مثل جان ليك ميلانشو أحد قادة "حزب اليسار"
من خلال المثلين اليوناني والفرنسي يتضح أن "ح ن د" يحاول ملأ الفراغ و التنفيس على أزمته الخانقة التي يتخبط فيها. ويحضرني تصريح الكاتب العام ل"ح ن د" على هامش المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الفرنسي حين قال انه وحزبه يتقاسم برنامج الحزب الشيوعي الفرنسي "الانسان أولا"-( أنظر مصطفى براهمة ضيف أم حليف؟) نفس برنامج جبهة اليسار الفرنسية الذي يتقاطع جملة وتفصيلا مع برامج الجبهات الأخرى اليونانية، الألمانية و الاسبانية الخ المدافعة الأمينة عن النظام الرأسمالي على الصعيد الأوروبي.
إن ما يسمى بالجبهات اليسارية بأوروبا و من بينها سيريزا و جبهة اليسار بفرنسا تقوم بدور رجال المطافئ لإخماد و إطفاء نيران القلع النضالية والمقاومة بصفوف العمال و المستخدمين . يمكن للقارئ الرجوع الى مواقف و ممارسات الجبهتين في ما يخص الإضرابات العمالية، إضراب العمال السككيين بفرنسا البارحة واليوم و الإضرابات العمالية باليونان وانتفاضات شعبها ضد الأزمة الخانقة التي تتخبط في الرأسمالية بهدا البلد مند 2008. إن هده " الجبهات" هي تحالفات سياسية انتخابية نخبوية ضعيفة سياسيا و تنظيميا و تفتقر لرؤية سياسية واضحة ولإرادة الخروج من النظام الرأسمالي عكس ما يوحي به عنوان ندوة "ح ن د" المعلن تنظيمها يوم السبت المقبل ، ولا يمكن "للجبهات" الحالية بأوروبا أن تقود الطبقة العاملة بأوروبا و شعوبها نحو تغيير النظام الرأسمالي بهذه القارة وبناء أسس الاشتراكية بها، بكل بساطة فاقد الشيء لا يعطيه. لم تستطيع هذه التحالفات الشبه يسارية حتى توحيد الإضرابات العمالية من اجل مطالب اجتماعية. أنظر مدونات الشغل كيف تراجعت حتى عن المكتسبات العمالية السابقة بما فيها التغطية الاجتماعية والصحية التي تم انتزاعها بنضال مريرو معارك كبيرة وجمة. يمكن التساؤل لختم هذه الورقة لماذا تتقدم الفاشية على الصعيد الأوروبي وتعلو نسبة مقاطعة الانتخابات المحلية والوطنية والقارية لتتجاوز أحيانا 60 بالمائة ؟

#وكزيز_موحى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات