عندما يصبح المسيحي أصوليا

كمال خليف

الحوار المتمدن-العدد: 4474 - 2014 / 6 / 6 - 22:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

عندما يصبح المسيحي أصوليا

من قال أن الأصولية محصورة على فئة دون فئة أخرى؟

أليست حق لكل إنسان أن يرجع إلى أصول عقيدته ويصبح مثلها أصيلا بل كما يقولون أصوليا؟

في الحقيقة الأصولية في المسيحية لا يمكن أن تكون مثل الأصولية في أي فلسفة دينية أخرى فهي لا تعني التمسك الحرفي وتفضيل الأصالة على المعاصرة, الأصولية المسيحية معناها أن تكون ضد قوى الشر في العالم كله وضد طبيعة البشر الخطاءون, الذين يسيطر عليهم الشر ويواجهون الشر بالشر, لكن الأصولية المسيحية لا تعني إلا كما تعني عملية رجال الإطفاء الذين لا يواجهون النار بالنار, أي أن المسيحية لا تواجه الشر بالشر بل بالخير, ولا تواجه العداء بالعداء بل بالمحبة وبالغفران وبالتسامح .

عندما فكرت أن أصبح مسيحيا أصوليا ملء الخوف قلبي ففي الحقيقة قد افقد حياتي من اجل خطوة مثل هذه. بدأت برحلة الأصولية من سنوات بعد بحث وعناء. لألتقي بشخص علمني الأصولية كما يجب أن تكون. أول ما تواجهت به كان من أصعب الأمور التي علي فعلها حيث بدأ يعلمني هذه لأصبح أصوليا مسيحيا. قال في تعليمه: سمعتم أنه قيل: تحبُّ قريبك وتبغض عَدُوَّك. وأما أنا فأقول لكم أَحِبُّوا أعداءَكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مُبغِضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئُون إليكم ويطردونكم. لكي تكونوا أبناءَ أبيكم الذي في السماوات. فإنه يشرق شمسهُ على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين. لأنهُ إن أحببتم الذين يحبونكم فأيُّ أجرٍ لكم!!. أَليس العَشَّارون أيضًا يفعلون ذلك!. وإن سلَّمتم على إخوتكم فقط فأيَّ فضل تصنعون؟. أَليس العَشَّارون أيضًا يفعلون هكذا؟. فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل,إن الأصولية رحلة البحث عن الكمال الإلهي في جوهر الإنسان, أي يجب على الإنسان أن يجد جوهر الرب في داخله وفي أعماق أعماقه,وجوهر الله لا يعني مواجهة الشر بالشر ولا يعني أن نلقي بالتحية على الأخيار فقط لا غير وعلى إخوتنا فقط لا غير بل على أعدائنا, هذه هي المسيحية, فطبيعة البشر الخطاءون هم أصلا يلقون بالتحية على إخوتهم ويبتسمون في وجه من يبتسم لهم فقط لا غير أما المسيحية فإنها توزع كل ومجمل ابتساماتها على كل الناس, الإخوة وغير الإخوة والأعداء والأصدقاء,وتفعل الخير مع كل الناس لأن الرب صالح يعطي الجميع ولا يستثني أحدا, لأنه حتى الأشرار يباركهم ويحبهم ويعطيهم من رزقه ومن محبته ومن فضله: لأكون أصوليا علي أن أحب الجميع ولأكون أصوليا أن اغفر لعدويّ ولأي شخص يعاديني ، لأكون أصوليا أن أصلي لمن يسيء أليّ. علمني أيضا لأكون أصوليا هذا التعليم الصعب: من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا ، ولا داعي لشرحها فان من لطمني أي من اخذ المبادرة للطمي ، وما أسهل اللطم على الوجه من اللطم على مشاعري وأحاسيسي وجرحي وكل هذا علي فعله بمحبة بأن أصلي لمن يسيئون لي, الأصولية في المسيحية لا تعني الالتزام الحرفي بكلام رجال دين من قسيسين ورهبان ولكن الأصولية الالتزام بجوهر الله, إن المسيحية طريقة حياة تليق بالبشر الأتقياء الذين كلما ازداد نقاءهم ازدادت تعاستهم, إنهم أبرياء وأتقياء من الداخل ومن الخارج, وحين يرى أعداءهم طبيعة تصرفاتهم معهم فورا من خلال هذه التصرفات يؤمنون بالمسيحية كطريقة حياة, طريقة حياة لا يمكن أن يقال عنها بأنها بشرية بل في مجملها إلهية ، ليس برفضهم بل بقبولهم والصلاة من اجلهم لا ليحطمهم بل ليباركهم كما يباركني. قال لي: إن كنت قد رغبت أن أكون أصوليا أن السيف لا يحمل بوجه الإنسان والكراهية لا توجه لخليقته مهما كان خطأهم. أن أكون أصوليا قد وضعها السيد المسيح بأجمل صورها ، عندما جاء بالماء والمنشفة وانحنى عند أرجل من هم أدنى منه مقاما وهم من أتعبوه وأساءوا له وهناك يعلمهم معنى أن تكون أصوليا هو أن تغسل أرجل الآخرين كما فعل هو. والكثير مما تعلمته من السيد المسيح إن كنت أريد أن أكون أصوليا فانا اقرب الناس إلى قلوب الفقراء والمرضى والمحتاجين . أن أكون أصوليا مسيحيا فانه علي أن أقبل بأن المرأة هي شريكي في الحياة في الأيام الجميلة والصعبة في المرض والصحة اقبلها وأحبها كنفسي ولا يفرق بيننا إلا الموت.
لو ادانتني أنا أصولي نعم أنا أصولي لن تدينني أية محكمة في العالم لأنني أصولي إلا لو ادانتني لأنني من أتباع السيد المسيح

#كمال_خليف (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل