زيرفان عبدالمحسن أسعد
الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 08:35
المحور:
الادارة و الاقتصاد
كما هو معروف بأن العراق يواجه مشاكل عديدة ومنها مشكلة عدم إقرار الموازنة للعام (2014) لحد الان وتأجيلها إلى الدورة القادمة للبرلمان، وأيضاً يواجه إقليم كردستان مشكلة السيولة وشحة الاموال نتيجة عدم حصولها على حصتها (17%) من الموازنة العراقية منذ بداية عام (2014) نتيجة الخلافات بين الاقليم والمركز لحد الان، وقد يرجع ذلك إلى عدة أسباب وعوامل منها قد تكون سياسية أو قومية أو طائفية أو تاريخية أو حتى شخصية، وهذه الاسباب خارج إطار هذه المقالة لانها تكتب بعيداً عن السياسة وإفرازاتها وإنما تحاول أن تلقي الضوء على ما يواجه حكومة الاقليم من مشكلة عدم توفر السيولة والتي أدى إلى شبه شلل في أداء الحكومة وإدارة المواطنين لشؤونهم اليومية، وتقديم بعض الحلول التي قد يتغافل عنها أصحاب القرار.
إنطلاقاً من المقابلة الأولى التي أجراءها قناة روداو الفضائية بتاريخ 28 نيسان 2014 مع السيد نيجيرفان البارزاني المكلف بتشكليل الكابينة الثامنة للحكومة الجديدة في الاقليم، والذي أوضح الكثير من الأمور ومن ضمنها مشكلة قطع رواتب الاقليم، وأرغب بأن أقف قليلاً على ثلاث نقاط كانت مثيرة للاهتمام وهي:-
الاشكالية الأولى: الشعور بالصدمة (Shock)
تعبير السيد نيجيرفان عن شعوره بكلمة الصدمة وتكرارها لأكثر من مرة أي (شوك) عندما سمع من وفد المركز إثناء جولة المفاوضات الاخيرة في بغداد بأن قطع حصة الاقليم جاء بقرار من رئيس الوزراء العراق (نوري المالكي)، واستغرابه من تصرف المالكي:
فأستفسر وأطرح سؤالاً هل أخذت حكومة الاقليم خلال فترة حكمها الماضية والحالية بنظر الأعتبار فكرة الاحتمالات أو الخيارات أو السيناريوهات المتوقعة لأي ظرف أو حدث أو قرار معين لكي تكون مستعدة ومهيئة لها وخاصة إذا قلنا بأن إدارة الاقليم مرت بمراحل أسوأ بكثير مقارنة بالوضع الحالي؟، هل فكرت حكومة الاقليم خلال إدارتها مرة واحدة بثنائية العائد والخطر (Risk & Return)، أم فقط كانت تركيزها على الجانب الاول وهو الربح وإهمال الجانب الثاني وهو الخطر؟، هل تم التوقع بالأخطار والعواقب المترتبة لكل قرار متخذ في الاقليم والسيناريوهات المتوقعة لها وأيهم الاكثر سوءاً للاستعداد لها في المستقبل ؟، لأنه عند النظر الى التاريخ العريق للشعب الكردي في النضال ومقاومة العدو ومقارعته والالتفاف عليه في الجبال كانت تتركز على الجانب الثاني من ثنائية العائد والخطر، وكل الوقت والجهد والتفكير والتخطيط والتنظيم تصرف وتبذل لتجنب الخطر وذلك بدراسة الاحتمالات والخيارات والسيناريوهات المتوقعة عند أتخاذ أي قرار وحتى إن كان بسيطاً لان المسألة كانت حياة أو موت، واستنباطاً من التاريخ يمكن القول بأنه على إدارة الاقليم عدم التركيز على الفوائد فقط وإنما الاهتمام الفعلي والجدي للخطر وكيفية إدارتها كمحاولة لتجنبها أو على الاقل تقليل وتخفيف أثارها على الاقليم عند وقوعها وليس مجرد الانتظار لما سيظهره المستقبل المجهول، لأن المسألة ليست مثل قبل حياة أو موت وإنما المسألة هي وجود كيان والحفاظ عليه فالواجبات أصبحت أكثر والمسؤوليات أكبر.
ولنتجنب الصدمة وعدم تكرار ما حصل ولنقرأ الواقع ونفهم المعطيات ونتعامل مع الاخطار بشكل أفضل، اقترح بتشكيل أو تحديد مجموعة (Group) قليلة من الاشخاص المختارين من السياسيين والاقتصاديين والماليين والمؤرخين والنفسيين ..... وتحت أي مسميات مثل مجموعة إدارة الازمات أو غرفة العمليات أو مجموعة الكفوءيين، ويجب أن تتوفر فيهم شرطان أساسيان وهما الكفاءة والولاء للتراب (efficiency, loyalty) أي أشخاص متميزون في تخصصاتهم ولا يشوبه غبار على ولائهم المطلق لتراب كردستان، ومسؤولية هذه المجموعة هي تقديم النصيحة والمشورة المبنية على المعطيات الواقعية حول القضايا المهمة بدلاً من المستشارين الذي لا يهمهم إلا الرواتب والامتيازات وبدون تقديم أي خدمة هذا إن وجدت.
الاشكالية الثانية: إعتبار التأخير في الرواتب حالة خاصة يحتاج الى الوقت
إعتبار التأخير في الرواتب حالة تحتاج إلى وقت حسب قول رئيس الوزراء، دليل واضح على إهمال إدارة الاقليم الطرف الثاني من ثنائية العائد والخطر، وتحدث عن مشكلة الرواتب عن الشهر السابق والشهر الحالي والشهرين المقبلين كأقصى حد وكان متفائلاً بأن يحل المشكلة بعد ذلك، وبالرجوع الى فكرة الاحتمالات ولنفترض بأن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وبقي تاخير الرواتب وإستمرت المشكلة لفترة أطول، فالسؤال ما هي خيارات حكومة الاقليم في الحالات الآتية:
1. الأحتمال الأقل خطراً (حالة إستمرار الأزمة لثلاثة أشهر قادمة).
2. الأحتمال الأكثر خطراً (حالة إستمرار الأزمة لستة أشهر قادمة).
3. الأحتمال الأسوء (حالة إستمرار الأزمة لمدة سنة قادمة).
4. الأحتمال الأكثر سوءاً (حالة إستمرار الأزمة بدون موعد محدد).
فما هي الخطوات العملية والسيناريوهات المتوقعة أخذها بنظر الاعتبار من قبل حكومة الإقليم لتقليل آثارها؟، وبالطبع كلها إحتمالات وسيناريوهات وأخطار يمكن أن تحصل أو لا تحصل، ولن نخسر شيئاً عند عدم حصولها وتكون الحكومة مستعدة في حالة حصولها وعندها تكون قادرة على تقليل وتخفيف آثارها على الجميع ومن ضمنهم شريحة الموظفين، وهذا ما يؤكد أهمية دراسة جميع الاحتمالات.
الاشكالية الثالثة: إستخدام القروض
أوضح السيد نيجيرفان أثناء حديثه بأن أحد أسباب تأخير دفع الرواتب من قبل حكومة الاقليم بدلاً من المركز هو الانتظار لوصول الأموال والمبالغ من الخارج وعند إستفسار المذيع عن مصدر هذه الأموال فأجاب بأن أحد هذه المصادر هو القروض.
إن سياسة الأعتماد على القروض وخاصة القروض الخارجية يزيد من الخطر التي يواجهها الجهة المقترضة كدفع فوائد وفتح باب التدخلات الخارجية والتأثير على القرارات السياسية وإستقلالية الدولة، ولذلك فإن كل الدول تجنب اللجوء إلى القروض لسد العجز وتمويل نفقاتها إلا في الحالات القاهرة أو في حالة الدول الفقيرة جداً، وعادة يتم إستخدام القروض لحل مشاكل وقتية (مرحلية) ولكن تزداد المشاكل على المستوى البعيد في حالة عدم السداد عند الاستحقاق.
في الختام، أقترح على حكومة الإقليم لحل مشكلة السيولة ولو بشكل مؤقت القيام بالاتي:-
1. قيام حكومة اقليم كردستان بإصدار أذونات الخزينة (سندات قصيرة الأجل) لمدة ثلاثة أشهر وتمديدها لثلاثة أشهر أخرى عند إستمرار الأزمة، وتهدف إصدار هذه السندات إلى الحصول على الاموال في ظروف معينة أهمها عدم كفاية الايرادات لتغطية النفقات.
2. قيام حكومة اقليم كردستان بإصدار سندات حكومية طويلة الاجل، سواء لمواجهة الأزمة الحالية أو الاستثمار بهذه الأموال لتحقيق أرباح مستقبلية، ومن ثم الايفاء بالالتزامات المستحقة او المترتبة على الاقليم وبدون تأخير.
مزايا تبني المقترحين السابقيين:
1. تجميد كفاءة إستخدام الحكومة المركزية قطع حصة الاقليم من الموازنة كورقة ضغط.
2. تجنب اللجوء إلى سياسة القروض الخارجية ومن ثم تجنب سلبياتها.
3. إستمرار الحياة اليومية لثلث سكان الاقليم (الموظفين) بإعتبار الراتب الدخل الوحيد لهم.
4. إستمرار الحركة الاقتصادية لبقية سكان الإقليم الذبن يعملون خارج إطار الحكومة كالعمال والتجار والفلاحين وأصحاب المهن الحرة.
5. تعزيز ثقة المواطنين بإدارة الإقليم ومن ثم تزايد دعم الشعب لخطوات الحكومة المستقبلية.
6. تجنب المشاكل الاجتماعية والنفسية التي يتعرض لها الفرد عند عدم دفع الرواتب.
7. تجنب الاشاعات السائدة بدفع الرواتب مرة واحدة لكل شهرين أو دفع الراتب الاسمي فقط.
8. جذب المدخرات المحلية في الاقليم عن طريق شراء هذه السندات وإستثمار أموالهم.
9. المحافظة على النظرة الايجابية السائدة عن الإقليم في الاوساط الدولية.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟