أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عبدالرحيم الاسدي - ويستمر العطاء (قصة قصيرة)














المزيد.....

ويستمر العطاء (قصة قصيرة)


عبدالله عبدالرحيم الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4459 - 2014 / 5 / 21 - 00:56
المحور: الادب والفن
    


ويستمر العطاء
وقفت امام قصر كبير جدا كأنه شيد ليظل خالدا ، زينت جدرانه الخارجية بكل زينة الدنيا ، يحيطه النهار لكن ضياءه في الداخل مثل ظلام دامس نوّر بمصابيح حمر لتسكر العواطف وتميت العقول وتحفز الشهوات ، قطرات كبيرة من المطر تتلاطم عليه بغضب فتشقق جدرانه ، ويدوي رعد مجلجل في السماء فيجعله يهتز وكأنه كوخ صغير ، تتخلخل اساساته فتتدفق منها امواج من دماء تغطي الارض التي حوله ، ويستمر سيل الدماء وكأن الاساسات بنيت منها ، فيفزع من في القصر ويصرخ صرخات عالية وهو يضغط بقوة على اذنيه بكفيه كأنه مجنون .
تملكني الخوف الشديد وانا ارى قطرات المطر الغاضبة تتساقط كأنها شهب حارقة ، وذلك الرعد الذي يدوي في السماء ، أي غمامة هذه التي هزت السماء ، تساءلت وانا ارفع راسي تجاه البرق فلم ارَ سوى اشباح لكفوف بشرية وصدور شاهقة في السماء ، تراجعت الى الوراء ، وتراجعت اكثر، لقد كانت رقعة الغمامة تتسع وذلك المطر الغاضب ، استدرت وركضت مبتعدا وقد كاد ان يقتلني عجبي ودهشتي ، كيف استطاعت هذه القطرات من ماء المطر وذلك الرعد ان تكون بتلك القوة فتهز ذلك القصر وتمزق جدرانه ، لقد ارعبت الكون كله وجعلت المكان وكل مافيه يرتجف مذعورا .
بينما انا اركض والغضب يتسع امامي ، رأيت كوخا قديما يميل مع الرياح يكاد ان يقع على اهله ، بكيت في داخلي على ماسوف يحل به اذا وصل اليه ذلك الغضب ، لكن رقعة المطر تتسع بسرعة وتتعداني فتصل فوق الكوخ الذي اخذ ينتصب ويشمخ وكأنّ قطرات المطر التي تلاطمت على سطحه الهرم اعادت له الحياة وهي تنساب بحنان على جدرانه وتنزل الى الارض حوله فتنبت الزهور الملونة وتتفتح .
ازيح الخوف من قلبي وبدات احس بالاستقرار ، اليست قطرات المطر هي نفسها ، اليس هو ذلك الرعد المخيف ، لم اعد احتمل مايجري ، توقفت عن الجري ومازلت انظر الى الكوخ والمطر ، دنوت من احدى قطرات المطر لعلي اجد تفسيرا لما اراه امامي ، دنوت اكثر ، انني اعرفها جيدا منذ زمن بعيد ، انها ليست قطرة من المطر ، انها دمعة ، نعم دمعة ، سبقتني هي وقالت
– هل تعرفني ؟
قلت لها
- كيف لا ، انا مرتبط بك دائما ، انا لا ارى شيئا الا بك ، ولااسمع ولااتنفس الا بك ، انا الاحساس ، انا الانسان ، كيف لااعرفك ، وكل الاحاسيس الصادقة لاتتحرر الا بجواز منك ، يجب ان تمر بك اولا ثم تنطلق لترسمني بابهى صورة على هذه الارض ، لكن من الذي اتى بك الى هنا ؟
ردت بلباقة
- القلوب الموهوبه هي وحدها التي تحس بالجمال ، فتراه وتصوره كما راته ، وقد تقال اجمل القصائد وتتفجر بها اروع المشاعر ، ولاتجد فيها الجمال الذي تراه في كلمة حق تقال وسط حشود من الكذب ، وقد ترسم اجمل العيون ليفتتن بها كل عشاق الجمال ولكن ليس كفتنتهم بنظرة صادقة من عيون مغرمة ، وقد تسيل الدماء في مشهد بشع ومرعب ، ولكن لو كانت تلك الدماء التي سالت تشير الى التضحية والفداء لتفجر الجمال من هذا المشهد المرعب بابهى صورة ، هذا الجمال قد لاتجده في حديقة من الورود الملونة
قلت لها
- منذ متى وانت هنا ؟
- منذ زمن بعيد ، وسوف لن امحى ابدا لان قضيتي تتعلق بجمال وكمال الكون ، ان الاسس التي تخلق الجمال وتنشره في هذا الكون سوف تبقى الى الابد مادمت باقية
- اتعنين انك وجدت ليستمر نمو بذور الجمال ، انك وجدت لتطفئي كل النيران التي تحاول ان تحرق جمال الدنيا لتحوله الى رماد ترشق به عيوننا لكي لانرى غيره فتوهمنا انه اجمل مافي الدنيا ، اتعنين انك خلقت لتستمر الحياة ؟
بينما كنت اردد هذه التساؤلات حزينا ، كنت اخطو خطوات واسعة ، مطأطأ راسي ، وقد نمت في قلبي حسرة ، وتمنيت لو كنت جزء من هذه الدمعة الخالدة ، ، فبانت امامي قبة شماء ، نظرت اليها ، سالت دمعتي ، التحقت مع تلك الدموع ، التفت حولي حشود ، صدور ملتهبة حملت على كفوف عملاقة ، فعاد صوت الرعد المجلجل ليهز اركان قصور الطواغيت .



#عبدالله_عبدالرحيم_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية الطويلة (قصة قصيرة)
- شمسنا مازالت تشرق (قصة قصيرة)
- كتاب النور ( قصة قصيرة )
- أنه الغد (قصة قصيرة )
- القلم (قصة قصيرة )
- درب الوئام (قصة قصيرة )
- هوجر وديامس (قصة قصيرة)
- اللاعنف (قصة قصيرة)
- محاكمة داخل الانا (قصة قصيرة)


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عبدالرحيم الاسدي - ويستمر العطاء (قصة قصيرة)