أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عبدالرحيم الاسدي - شمسنا مازالت تشرق (قصة قصيرة)














المزيد.....

شمسنا مازالت تشرق (قصة قصيرة)


عبدالله عبدالرحيم الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4458 - 2014 / 5 / 20 - 01:24
المحور: الادب والفن
    


شمسنا مازالت تشرق
كان ممددا فوق سرير قديم في زاوية بين جدران تشع صقيعا ، منضدة خشبية قابعة قرب السرير ، وضعت عليها اكوام الادوية والعقاقير ، وفوق راسه لمبة تان مهتزة غدوا ورواحا . كانت عيناه تراقبان الباب ، وبين الفينة والاخرى يسند ضهره الى الجدار بصعوبة بالغة ويتطلع خلال النافذة المطلة الى الشارع الضيق الذي اصبح بعد حين مظلما .
تعود الشيخ كل يوم وقبل ان تغيب الشمس ياتيه الصوت الناعم
- جدو جدو لقد وصلت
فيرفع الجد عينيه الى حفيدته ويحدق فيها فترتجف شفتاه من السرور .
عندما كانت تتمدد على الفراش تغوص في نوم عميق لانها تكون مرهقة جدا فهي تعمل طول النهار لتوفر الدواء لجدها المريض والطعام ، كانت تركض كالاطفال وترتمي على جدها وتحتضنه وتضع راسها فوق صدره المملوء بالشعر الابيض على رغم انها اصبحت في الخامسة عشر من عمرها ، فيهتزجسد الجد الهرم وهو يقهقه معها قهقهة متعبة ، لكنها بعد حين ترفع راسها لتمسح دموع الشيخ في عناية كبيرة وتنظر اليه وكانها تتفحص وجهه لاول مرة ثم تتمتم بصوت ناعم ومرتعش
- لاتبكي ياجدي فشمسنا مازالت تشرق
كانت تحدثه دائما عن الصفاء والسماء الزاهية والورود الجميلة وعن حبها له وعن الاثرياء الذين يملكون كل شيء وطيبتهم ورحمتهم وعطفهم وعن المساكين والامهم الصغيرة ........ فيضل الشيخ ساكنا وتتموج حنجرته ويبلع ريقه ، ويحدق في وجه حفيدته فيرتسم الذعر على وجهه لانه يراها تكبر بسرعة ، فرغم براءة الاطفال التي مازالت تترنح على وجهها فانها تبدو فتاة رائعة الجمال .
هاهو الليل قد نشر ظله على العالم وخيم سكونه ، وبدأت اصوات القطط والكلاب الظالة تشق جراحا في صمته . ينتفض الشيخ المتراخي الاعضاء قلقا مذعورا كلما ارتفعت اصوات الكلاب في الخارج ، فتنخس جسده المتهري كانها ابر حادة ، جمدت عيناه على الباب ، وبان على تقاطيع وجهه سيما فزع هائل وبات كانه يسمع صوتها المستغيث ينتشر في كل مكان ويختلط مع اصوات الكلاب في الخارج . فارتعد وعادت اليه بعض قواه ، فاستطاع ان ينتشل جسده من السرير بصعوبة بالغة ، مد اصابعه في حركة متشنجة وادار اكرة الباب التي شعر بها ثقيلة ، فتح الباب واسند جسده الى الحائط وهو يغرس اصابعه فيه ، ضل لحضات يرمق البيوت الموصدة المتلاصقة وهو يسمع اصوات الصراصر التي تنوء بها الساقية الممتدة على طول الشارع الضيق ، الذي يتصل بالشارع العريض المفضي الى السوق .
كان الليل في اوله ، لكن لم يكن امامه الا الظلام ، وعندما ركز بصره في زاوية قريبة استطاع رؤية الشاب المعتوه وهو يتكوم على نفسه في نفس مكانه القديم ويغوص في نوم عميق . اخذت الكلاب تنبح بقوة وتعالت اصواتها ، التفت ، لقد مرت سيارة مسرعة على الشارع العريض . وعندما غمرت الرصيف بضوئها ، سقط الضوء على ثلاثة اطفال ينامون على الرصيف ويضعون رؤوسهم فوق ساقي امهم التي تسند ضهرها الى جدار لبيت احد اشراف المدينة .
استنفذ قواه ، بدات انفاسه تتلاحق واحس بانه عاجز عن الانتصاب ، ادار وجهه بصعوبة وجسده مازال ينزلق على الحائط الى الاسفل ببطء ثم سقط على الشارع الضيق دون حراك .
بعد لحظات ، مر السكير الذي كان يترنح في الشارع المظلم كعادته كل ليلة ، منذ زمن ، فرت منه الكلاب بعواءاتها ، توقف واقترب من الشيخ الممدد على الطريق ، والباب المفتوح ، اخذ ينظر اليه بذهول وتفحص ، وعندما تبينت له الصورة ، ضحك ضحكة عالية ارهبت الكلاب واصحت المعتوه الذي يتكوم في الزاوية القريبة ، وعندما حاول المعتوه رفع الشيخ جذب السكير قدميه واردفهما خلفه، وهو يترنح .
الشمس ارتفعت مع اعمدة النهار ، اختفت الام واطفالها النائمون على الرصيف وشغل المكان حصان وسرج ، سكتت الكلاب عن النباح وتسكعت بالشوارع ، اما المعتوه فقد راح يطوف الدرب ذاهبا ايبا والاطفال يجرون وراءه في صخب ، والشيخ يتمدد على سريره بدون حراك .
وقرب الشارع العريض ، تجمعت حشود كثيرة ، لقد قتلت فتاة صغيرة ، في الخامسة عشر من عمرها ، وعندما بدا التحري عن الجريمة ، وتفحصوا الجثة ، وجدوا اثار القبلات المتوحشة لعدد من اشراف المدينة .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب النور ( قصة قصيرة )
- أنه الغد (قصة قصيرة )
- القلم (قصة قصيرة )
- درب الوئام (قصة قصيرة )
- هوجر وديامس (قصة قصيرة)
- اللاعنف (قصة قصيرة)
- محاكمة داخل الانا (قصة قصيرة)


المزيد.....




- تكريم الأديبة سناء الشّعلان في عجلون، وافتتاحها لمعرض تشكيلي ...
- ميريل ستريب تعود بجزءٍ ثانٍ من فيلم -Devil Wears Prada-
- ستيفن سبيلبرغ الطفل الذي رفض أن ينكسر وصنع أحلام العالم بالس ...
- أشباح الرقابة في سوريا.. شهادات عن مقص أدمى الثقافة وهجّر ال ...
- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عبدالرحيم الاسدي - شمسنا مازالت تشرق (قصة قصيرة)