ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 20:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
"نحن لانرغب بشيء لانه قيم،بل انه قيم لاننا نرغب فيه"
سبينوزا
من خلال القراءة لأغلب ماينشر على صفحات الحوار المتمدن من مقالات وتعليقات،وبالذات في محور(العلمانية والدين السياسي ونقد الفكر الديني)نجد جل مايكتب ان لم نقل كل مايكتب في ذلك المحور،بعيد جدا عن الرصانة الفكرية والاتزان العقلي،وقريب جدا من المزاج العاطفي والهوى العقدي والرغبوية المحمومة،طبعا مع التفاوت صعودا وهبوطا في مستوى النص.تأليهيون،ولاتأليهين..ايمانيون،ولاايمانيين..ملحدون،ولاادريون.طيف واسع وشاسع،من الوان واصوات متنافرة،ومتصارعة،بين افصاح وجمجمة،ووضوح ولعثمة،وبيان وهمهمة.فنحن اشبه مانكون في سوق هرج!ولكن معروضاته وسلعه ليست للمبادلة والاستهلاك!بل للمناوشة والاشتباك!.كل متخندق في عقيدته الدينية،او ايديولوجيته!وما يجري كأنه حرب خنادق لاتقدم فيها ولاانسحاب!لاانتصارولاهزيمة!بل تبادل لاطلاق النار!والكل يقف مستحكما وراء متراسه في مواجهات لاتنتهي!.ولو تأملنا في الصورة،نستطيع ان نصنف الكتابات والتعليقات الى فئات تنحصر مابين النصوص الهشة والباهتة،والتي لاتمس الا سطح ماتتناوله،سمتها ضحالة المعالجة والنقد.وبين التحليل العلمي الموضوعي،والنقد الثاقب والرصين،والقراءة المنهجية القائمة على تفكيك النص وقراءته وفق آليات وادوات العلوم الاجتماعية والانسانية الديثة،من:السنية،وعلم اجتماع الاديان،وتاريخ اديان مقارن،وعلم نفس الاديان،والانثروبولوجيا الثقافية،وغيرها من المناهج.والتصنيف الى فئات هو مجرد توصيف مرن قابل للنقاش،مع استبعاد الحدة والجمود وقولبة الاطر العامة للنصوص،والتي تحفل بنسيج من التنوع العريض في الطرح داخل وخارج تلك الفئات.الفئة الاولى:وهي التي تنطلق من الايمان الدوغمائي التقليدي،وتحاول الرد او النقد لنصوص هي بدورها نصوص نقدية للفكر الديني بشكل عام،وللرموز المقدسة من انبياء واولياء،وكتب رسالية،والمطلق المتعالي بشكل خاص.وهي تنافح وتدافع بشراسة عن ايمانها وعقيدتها وتصوراتها بالاظافر والنواجذ!فلا شيء غير ايمانها جدير بالاعتبار،وحسب الخلفية الدينية او النحلة التي ينتمي اليها الكاتب!فكل له دينه ومذهبه الكامل والشامل والسامي والصافي والكلي الحقيقة!اما دين الاخر المغاير فهو التحريف والمنسوخ والممسوخ والمتهافت والباطل كليا!وهذه الفئة ترفض بالمطلق اي مس او نقد يغور باحثا ومنقبا بمغاور وكهوف دينه او معتقده!فهو ليس مجرد نقد للمعتقدات والايمان فقط!بل هو مساس وخدش لكرامتهم وعقولهم وذواتهم،وهزاوزعزعة مدمرة لامانهم النفسي!.اما الفئة الثانية:فهي التي ترفع لواء الوسطية والتوافق!.حيث تضع قدما في صحراء(اللاهوت) المترامية والقاحلة،والقدم الاخرى تطأ بها عتبة غابة العقلانية والعلم الكثيفة بتردد وخجل!مرددةبسذاجة طفولية ابجديات التنوير والعلمانية،محاولة التوفيق والتلفيق،بأرهاق نفسها!لتجمع شتاءا وصيفا تحت سقف واحد!متطلعة للتهادن والقبول بحلول وسط وسلام متبادل!وشعارها-الجمع مابين الحكمة والشريعة من اتصال!!-كما فعل (ابن رشد)ولم ينجح!ولعله نجح!!.وتسعى لصب الظلمة في النور او العكس!بقالب هش لايصمد،لاوية عنق الحقائق العلمية!وتقميصها بلبلس ميثولوجي او ميتافيزيقي او حكائي خرافي!لتخلطها بالنص الديني المعتمد ك(مقدس)!ولتدخل متاهة(المنيتور)وبدون خيوط(ارديانه)!لتجد نفسها متخبطة كحاطب ليل!ولتنتهي الى مابدأت به ك(ثور الطاحون)!وهكذا دواليك.اما الفئة الثالثة:فهي فرعين-الاول:يستعرض الحاده او لادينيته بصخب وعنف،وكثير من الاستعراض والاعلانية،وكأن الالحاد تقليعة او موضة!جريا وراء تيار الحداثة ومابعدها،ولهاثا وراء المعاصرة والعولمة الجارفة!او لمجرد المخالفة والاثارة وجلب الانتباه او استفزازا للاخر المغاير،او كنوع من ركوب موجة التياسرو التمركس،او التلبرل والتعلمن!.او سعيا وراء النجومية والاضواء الفكرية والثقافية،والتفرد بالاراء،واستعراض العضلات المعلوماتية والمعرفية،وهو اصلا شبه جاهل و مسطح وبدويا من الداخل!وقاصرا عن الاحتواء والتمكن من مضمون ماينقد،يتقعر بلغة متحذلقة في منطلقاتهالسجالية ومحاجته العنفية،متشنجا في ردوده المدعية وحدته لدرجة التعصب،وايضا من اجل غاية عزيزة جدا عليه!وهي:تأييد ودعم الذات المنتفخة بتورمها النرجسي،والباحثة عن التقدير والاشادة والاستحسان واشباع الرغبة النفسية.وهم في هذا قريبو النسب من الفئات السابقة،وخاصة في حملهم لنفس العقلية الدوغمائية والوثوقية المتصلبة في يقينيتها!..اما الفرع الثاني من الفئة الثالثة:فهو الوحيد الجدير بالنشر والقراءة والمتابعة،والذي يتميز بالرصانة والموضوعية والعمق والصدق في التناول،والعقلانية المنفتحة والملتزمة بالمنطق العلمي المتماسك والدؤوب في بحثه عن الحقيقة لاعن شيء غيرها،واعيا نزيها متجنبا الاحكام المسبقة والمصادرة على المطلوب،والذي يحفر عميقا في طبقات النص او الفكرة او اي مادة معروضة للتشريح او الدرس او القراءة النقدية.وهذه الفئة هي الاندر بين الفئات،ولكنها الوحيدةالمنتجة والمجدية والمثمرة وتستحق النشر والقراءة في(الحوار المتمدن) بتوجهها التنويري العلماني اليساري الديمقراطي،لا هذا الكم الهائل من النفايات الفكرية والثقافية التي تصفعنا يوميا!!.واعتذر لكل من شعر ولو قليلا وبشكل غير مباشراني قصدته بهذا النقداو اسأتاليه او سفهت كتاباته،وليكن قذفه او تهجمه من خلال التعليق"شتما متمدنا"لااكثر!!!.
يبقى هناك استدراكا هامشيا قصيرا حول مفردة:(الالحاد)-فالالحاد:موقف فكري ا وايديولوجي متزمت من اللاهوت،ولا يلتزم الملحدين بأيديولوجيا معينة او فريدة او ذات نمط واحد للفعل او القول او الموقف.فهناك الحاديات فلسفيةواخرى اجتماعية او ايديولوجية او علمية او منطقية او تاريخية وغير ذلك.وهنا سؤال يقحم نفسه منتظرا جوابا!.هل ان الملحدين-ولي تحفظ على استخدام كلمة"ملحد"وليس هنا مجال بسطه-هم فقط غير المتدينين؟!فهناك اديان توصف بالالحادية وهي بدون آلهة!!:كالتاوية والشنتو والبوذية!وهناك ايضا مؤلهون دون اديان!!كالفودو والارواحية!.فما معنى الالحاد؟!هل هو عدم الايمان او التشكيك او الرفض او اللامبالاة والاهمال والاستهانة بالاديان ككل او بدين او اديان محددة؟!وماذا عن كلمة "كافر"!!وماتعني؟!والتي هي بمثابة سباب او شتيمة في عرف وثقافة المؤمنين(الارثوذوكسيون)!ضد كل دين او عقيدة مغايرة لهوية الانا الديني او ضد العلماني او اللاديني واللاتآليهي!!.اذا كلنا ملحدون وكفرة بالنسبة للاخر المختلف وكل الاخرين كذلك بالنسبة لديننا وايماننا!!!فمرحبا بكمفي مهرجانات الكفر والالحاد والايمان والتأليه!!ولاعزاء للعقل،لافي الماضي ولا في الحاضر،وربما ايضا لاعزاء للعقل في المستقبل !!!!.........
................................................................................
وعلى الاخاء نلتقي...
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟