أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم هواس - بوتين... و .. - وا معتصماه-... اوكرانيا..















المزيد.....

بوتين... و .. - وا معتصماه-... اوكرانيا..


اكرم هواس

الحوار المتمدن-العدد: 4446 - 2014 / 5 / 7 - 17:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من السذاجة القول ان مشكلة أوكرانيا نتجت عن فراغ او في أحسن الأحوال نتيجة صراعات داخلية تعكس مخلفات الحقبة السوفيتية... هكذا دون ربطها بتطورين مهمين و هما النمو المضطرد في مستوى اعتماد دول الاتحاد الاوروبي على الطاقة التي توفرها روسيا و أيضاً نمو الطموحات الروسية نتيجة هيمنتها على انتاج الطاقة في أوروبا...

و لكن في المقابل لابد أيضاً من الأخذ بالاعتبار التغييرات الاستراتيجية التي تشمل التطور الرهيب في التكنولوجيا و بالتالي الخطط العسكرية و التكتيكات المتجددة في الانتشار و التمركز و إقامة القواعد و تغيير الأولويات و التي وضعت أوروبا مرة اخرى على خارطة الاهتمام والتي يلعب فيها أيضاً التمدد الاقتصادي الصيني دورا مهما في توجيه الانتباه الى أهمية القارة العجوز و تطوراتها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية...

في تقاطع مهم بين كل هذه العوامل برز انبعاث جديد للقومية الروسية متلازما مع طموحات شخصية لبوتين في مواجهة مشروع توسع أوروبي بدأ منذ سنوات نتيجة تقولبه في إطار استراتيجيات الهيمنة الكونية للناتو حيث ان المشروع الأوربي و هو مشروع اقتصادي أساسا لم يستطع الانفصال عن خطط ناتو في سلخ المجال الحيوي لروسيا و مواصلة الضغط عليها للتراجع و التقوقع...

في خضم هذا التجاذب الذي كان يشتد كل يوم برزت "فجأة" مشكلة أوكرانيا على شكل ثورة داخلية هي امتداد للثورة البنفسجية التي تلتها الثورة البرتقالية في مشهد للصراع المرير بين قوى تمثل قمة التجاذب و تقاطع العوامل التي ذكرناها آنفا و تأثيراتها المباشرة على التطور الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي في مجتمع حديث الولادة لكنه مثقل بإرث الصراع بين الشرق و الغرب و تداعيات الحرب الباردة و كارثة جرونوبل و غيرها..

و لكن التطور الدراماتيكي في تصعيد الأحداث خلال ايام قليلة و التدخل المباشر للاتحاد الاوروبي و بروز حركات دموية نازية و اخرى قومية روسية متشددة و من ثم هروب الرئيس بعد ساعات قليلة من الاتفاق مع الوفد الاوروبي .... كل ًهذا أكد ان ما يجري في أوكرانيا هو صراع روسي أوروبي ( بالاضافة الى الولايات المتحدة و دراعها العسكرية الناتو)... و ان الصراع يدار بطريقة مختلفة عن المنهج السياسي والعسكري التاريخي للقوى الغربية...

الانطباع الأولي يوحي بسلاسة غير معهودة و بنوع من التشرذم داخل المعسكر الاوروبي و الغربي عموما مقابل تشدد روسي واضح و اعتقد ان هناك لعبة كبرى تلعبها القوى الغربية بحيث قد تجعل من أوكرانيا جبهة مفتوحة لاستنزاف القدرات الروسية التي شهدت تطورات مهمة في العقد الأخير.... لكن هناك اشكالية بنمط مختلف تتشكل في العالم العربي و ربما في أماكن اخرى أيضاً اعتمادا على هذه الصورة بالذات ....

نعم في العالم العربي هناك من يحلم بتغيير كوني يكون محصلة هذا النوع من التحدي الحقيقي و الحازم الذي تشكله روسيا للهيمنة الغربية التي تبدو متصدعة و عاجزة عن الرد على عمليات القوات الروسية في شرق أوكرانيا..!!!... لكن كيف ان نفهم هذه الصورة و هل يمكن ان ينتج تغييرا جوهرياً في العلاقات الكونية ليس فقط بين الدول و إنما أيضاً بين الطبقات اي بين الأغنياء و الفقراء و بين اهل السلطة و الشعوب..؟؟..

لا شك ان الكثير من الشرائح في المجتمعات العربية التي تعرضت لأنتكاسات تاريخية و مزمنة في ما تحلم به من تغيير جوهري في مجموعة العلاقات الدولية ... البعض جرب الاعتماد على الغرب في خلق تغييرات داخلية لكن تجربتي أفغانستان و العراق و كذلك الفوضى و انتشار القتل و الدمار التي واكبت و أعقبت الثورات العربية قد أعادت خلق الأسس التاريخية للتنافر مع الغرب ...

لكن في المقابل.....الذين يحملون ان تمتد اليهم يد بوتين لتنشلهم من مهانة يتعرضون اليها على أيدي القوى الغربية او قوى محلية ذات توجهات تختلف عن او تتعارض مع رؤاهم.... يجب ان يعلموا ان أيدي بوتين مغلولة الى عنق مصلحته الشخصية و مصلحة روسيا... فالرجل ليس قديسا و لا مناصرا لحقوق الشعوب و لا مؤمنا بحق الانسان أساسا.... بوتين هو رجل طموح يحمل في عقله الباطن أثارا نفسية عميقة لهزيمة الروس عبر القرنين الماضيين و سقوط إمبراطورياتهم المختلفة... هو لم يقل انه يحمل مشروعا كونيا... بل كل ما يقوله هو اعادة بناء الأسس القومية لظهور جديد للإمبراطورية الروسية من تحت إنقاظ الهزائم الماحقة امام "أفكار جرثومية" .... كما يفهمها رجال المخابرات و بوتين القادم من كي جي بي ليس بعيدا عن هذا الفهم.... وردت من خارج الحدود باسم الاشتراكية فأحدثت ثورة و حربا أهلية في بداية القرن الماضي .... و لكن ما ان نجحت في بناء امبراطورية "سوفيتية" حتى عادت ألاحقاد التاريخية لتتجمع في بوتقة قوة عسكرية غاشمة و تقضي على تلك التجربة العابرة للفكر القومي...

الان لم يعد امام روسيا سوى العودة الى جذورها القومية و قيمها التاريخية الدينية و اللغوية و الأهم من هذا و ذاك العودة الى النمط التقليدي للعلاقة بين الحاكم و الرعية... نعم الرعية... لان ما تفعله روسيا في أوكرانيا يتجاوز المفهوم الحديث للشعب او الأمة الذي اصبح الأساس في قيام الدولة الحديثة...كما يتجاوز مفهوم الدولة الحديثة ذاتها و كذلك مفهوم الديمقراطية الذي يتشدق بها الجميع...

الأساس القانوني الذي يشرعن للتوغل الروسي في أوكرانيا و الذي قد يمتد الى الدول المحاذية الاخرى في شرق أوروبا هو أساس يعود الى زمن التوسع الإمبراطوري حيث كان يتم تجاوز الحدود بحجة حماية الرعية ... دعنا نتذكر في العالم الاسلامي العبارة الشهيرة " وا معتصماه" الذي استخدم حجة لتوسع الدولة الاسلامية ... ما يهمنا هنا... و هذا واحد من اهم مظاهر التوسع الخارجي... و هو ان حملة " وا معتصماه" قد أزهقت أرواح الآلاف ليس فقط من هذا الطرف او ذاك ... بل من الناس الذي دخلوا او لم يدخلوا بيوتهم اثناء مرور جيش المعتصم ( الإشارة الى الآية القرانية... حتى اذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلو مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده و هم لا يشعرون ... سورة النمل... الآية 18...)...

من سخرية السياسة ان المصادر التاريخية تذكر ان جيش المعتصم قتل ثلاثين ألف من اهل العمورية لكن تلك المصادر لا تستطيع أبدا ان تؤكد ان تلك المراة التي أطلقت صيحة " وا معتصماه" كان لها وجود حقيقي..!!!...(للتذكير فقط ان رقم ثلاثين الف في ذلك الوقت ربما يساوي ثلاثة ملايين في حسابات الوقت الحالي نتيجة الزيادة الهائلة في عدد سكان الارض)...

المهم ... ان الخلاصة التي يعلمنا إياها التاريخ ... هو انه اذا كان هذا المظهر مؤشرا على تغيير كوني فليطمأن المطبلون لبوتين شأنهم في ذلك شأن الذين طبلوا للمعتصم ... و لاشتراكية ستالين و لليبرالية أمريكا و لعقلانية بريطانيا و تحرر فرنسا....و... و الأمثلة التاريخية كثيرة.....ان اي تغيير يحصل نتيجة الحروب و الدمار لن يكون تغييرا كونيا و لا يمكن ان يحمل اية سمة للقيم التي يمكن ان تسود و تحقق السلام و العدالة....

ما يحصل الان في شرق أوكرانيا و قد يحصل غداً في غيرها ... هنا و هناك في هذا العالم.... يخلف أيضاً آلاف الضحايا... بعضهم فقد حياته و اخرون كثيرون فقدوا عملهم و لقمة عيشهم و استقراهم و أشياء كثيرة اخرى... لكن في هذه اللعبة السياسية الكبرى فان بوتين ليس وحده الذي يلعب دور المعتصم بل ان القوى الغربية تفعل ذلك بشكل اكبر مما يعتقد البعض... و فكرة اعادة بناء العالم ليست غريبة....

ختاما...موضوع اوكرانيا موضوع و اعادة بناء العالم هما موضوعان كبيران و شائكان و لهما ابعاد كثيرة لاشك اننا نعود اليها في مقالات لاحقة...حبي للجميع...



#اكرم_هواس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغيير... حلم كاذب...؟؟..!!!..
- الفيليون و مفهوم الجينوسايد القانوني...
- جينوسايد قانوني ...؟؟!!..
- المرأة و اشكالية إلانا السياسية....
- دولة المنتصرين...1
- العسكر و الديمقراطية...
- السلطان والانتخابات ... لعبة دموية..؟؟!!..
- مانديلا ... و الدرس الواقعي..
- الشعب يريد بناء الوطن...
- حوار.. لحظة وداع..
- اشكالية المفاهيم المؤسسة للثقافة العراقية..
- المؤتمر القومي الكوردي...2
- تونس... التي كانت خضراء..
- الأفيون و المثقف ...مرة أخرى ..
- المفاهيم ... أفيون المثقفين...؟؟!!..
- المؤتمر القومي الكردي...1
- الوهم العظيم...
- الكون و الكونية و بينهما العشق..
- الانقلاب ....نموذج ديمقراطي جديد..؟؟..
- البرزاني وذاكرة الطائرات الحربية....


المزيد.....




- تحليل: هذا السلاح الوحيد القادر على تدمير موقع مثل فوردو
- تحليل ما قاله خامنئي ومكان تصوير فيديو رسالته للشعب وسط ضربا ...
- تحديث مباشر.. صور مواقع سقوط صواريخ إيران في إسرائيل
- الجيش الإسرائيلي يؤكد استهداف المفاعل النووي في أراك الإيران ...
- البرازيل: السكان الأصليون يحتجون على بيع الحكومة آبار النفط ...
- مدير عام نجمة داوود الحمراء ينفي وجود تسرب مواد خطرة في مستش ...
- بانون يحذر من هجوم أمريكي على إيران: مغامرة قد تمزق الولايات ...
- بعد ساعات من التحذير.. اسرائيل تستهدف منطقة المفاعل النووي ف ...
- ترامب وخطأ استبعاد بوتين من مجموعة الثماني
- عندما اشترت أمريكا مواد نووية من عدوها!


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اكرم هواس - بوتين... و .. - وا معتصماه-... اوكرانيا..