أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل كلفت - ما الثورة؟














المزيد.....

ما الثورة؟


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 4425 - 2014 / 4 / 15 - 19:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



طوال ثلاث سنوات من الثورة ما يزال يحيط غموض شديد بمفهوم الثورة، ولا يقتصر هذا على مصر بل يشمل كل بلدان ما يسمَّى بالربيع العربى!
وقد يبدو غريبا للغاية أن يقال عن هذا الشيء المادى الجماهيرى، الذى ملأت مظاهراته واعتصاماته وإضراباته ومليونياته واشتباكاته ومذابحه وحروبه الأهلية وإسقاطه لحكام وأنظمة، ومع كل هذه الاستفتاءات والدساتير والانتخابات البرلمانية والرئاسية المتكررة، إنه يتسم بغموض. وهل يمكن أن يكون هناك ما هو أوضح مما شهدنا ونشهد طوال أعوام من ثورات وإرهاصات ثورية فى الشوارع والميادين وساحات القتال والفضائيات فى كل مكان فى العالم العربى؟
غير أن من الواضح أيضا أن الثورة رغم أن كل القوى السياسية تلهج بالثناء عليها، ورغم كل ما تلقاه من تأييد إجماعى مُخلص أو مُغرض، ورغم اتفاق عام فضفاض فيما يتعلق بأسبابها وعواملها، أثارت وتثير خلافات حول طبيعتها وأهدافها وآفاقها. وظل الخلاف يشمل طبيعتها وأهدافها: ثورة، أم انتفاضة، أم هبة، أم هوجة، ثورة اجتماعية أم ثورة سياسية، كما يشمل إستراتيجية تحقيقها: الطريق الثورى أم الطريق البرلمانى الإصلاحى؟ ونتيجة لهذه الخلافات العميقة والصراعات الناتجة عنها والتى وصلت إلى حد حروب أهلية فى بلدان عربية وبدايات حروب أهلية فى بلدان عربية أخرى يلُفّ ضباب كثيف ليس حول حاضرنا فحسب بل كذلك حول مستقبلنا.
والحقيقة أن غموض فهمنا للثورة يأتى من غموض فهمنا للمجتمع والظواهر الاجتماعية، وهناك مصدر كبير آخر للغموض بل الإبهام بل الإلغاز، وهو يتمثل فى أننا لم نفهم من الناحية النظرية ما هى الثورة، وكان كل سلوكنا فيها سلوكا ظرفيا عفويا تلقائيا يوميا من جانب جماهير الثورة وقياداتها الميدانية.
وهناك بالطبع قوى اجتماعية وسياسية ومؤسسات وأحزاب لا تعانى الغموض مطلقا. فالثورة، وفقا للتصورات المتنوعة لهذه القوى والمؤسسات، اضطراب شامل فى الدولة والمجتمع تعتبرها كل قوة منها فرصة سانحة لتحقيق مصالحها؛ بالقفز على السلطة، أو باستعادة استقرارها الأصلى، أو بالخروج منها بمكسب يحقق مصالحها أو يضمن خروجها سالمة.
ولهذا شهدنا تحالفات وصراعات بين نفس القوى، وانقسامات داخل كل قوة، لم يكن بالإمكان تصوُّرها فى أوضاع أخرى. وكانت كلها مطبوعة بالطابع العملى البراجماتى الوثيق الارتباط بالمصالح الاجتماعية والسياسية المتعارضة. أما الثورة الشعبية فقد ابتعدت بها عفويتها عن التركيز على مصالحها فى بناء الديمقراطية الشعبية من أسفل، كما فعلت شعوب أخرى فى ثورات عظمى! ورغم انحراف الثورة الشعبية عن أهدافها الأساسية فقد تمثل الإنجاز التاريخى الكبير الذى حققته ثورة 25 يناير 2011 وموجاتها الثورية التالية التى كانت كبراها موجة 30 يونية 2013، فى الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية ومشروع الدولة الدينية من خلال الأخونة المحمومة التى قضت بسرعة خارقة على حكم هذه الجماعة وحلفائها.
ولعلنا نكفّ عن الحديث عن 25 يناير و 30 يونيو باعتبارهما ثورتين؛ فإنما نحن فى الحقيقة إزاء ثورة واحدة وحيدة تتعدد موجاتها.
وتتمثل الثورة، بجانبيها الاجتماعى والسياسى، فى تغيير جذرى ينقل مجتمعا من نمط إنتاج إلى نمط آخر، مثلا من الإقطاع إلى الرأسمالية، عندما يغدو المجتمع القديم حاملا بمجتمع جديد، كما كان الحال فى البلدان التى صارت بلدانا رأسمالية صناعية متقدمة. وهذه الثورة الاجتماعية السياسية المرتبطة بثورات تكنولوجية وفكرية وفلسفية وجمالية تسبقها لا تشترط ثورة شعبية جماهيرية فهذه الأخيرة قد تحدث وقد لا تحدث فى السياق التاريخى للثورة، والمثال الأبرز والأوضح هو الثورة اليابانية التى أنتجت هذا البلد الرأسمالى الصناعى العملاق دون أىّ ثورة أو انتفاضة أو هبة شعبية، وكان ذلك فى إطار ما سُمِّىَ بالنموذج البروسى اليونكرى لتطور الرأسمالية، أىْ نموذج تطور الرأسمالية من أعلى، من خلال تطور تدريجى تراكمى طويل تنشأ فى سياقه طبقات اجتماعية جديدة أهمها الطبقة الرأسمالية والطبقة العاملة، واقتصاد جديد، رأسمالى صناعى، وسلطة جديدة.
وقد ترسخت فى أذهاننا فكرة أن الثورة هى الثورة الشعبية الجماهيرية، فكرة أن الثورة عاصفة جماهيرية، إعصار أو انفجار أو زلزال شعبى سريع مفاجئ، وغابت عنا فكرة أن الثورة بمعناها الصحيح تطور اجتماعى-سياسى تراكمى طويل بانفجار شعبى أو بدونه.
ولأن المعنى اللغوى للفظة "ثورة" يتسع لدلالات يستدعيها شعب "يثور"، وفى غياب كلمات أخرى ملائمة، ونظرا لتاريخ من وصف مثل هذه الأحداث بأنها ثورة، فإنه لا مناص من إطلاق تسمية "الثورة" على ما حدث ويحدث فى مصر وفى بلدان عربية أخرى. غير أن هذه الثورات تحُدُّها آفاق وحدود يؤدى عدم أخذها فى الاعتبار إلى ثورات توقعات تنتهى بالضرورة إلى إحباطات وانكسارات فى العقول والقلوب والأرواح كما نشهد فى مصر الآن.
ولنا أو علينا بالطبع أن نستفيد بنقد أليكسى دو توكفيل للثورة الفرنسية العظمى. ففى كتابه "النظام القديم والثورة" يقول هذا المفكر السياسى الفرنسى الكبير، بعد مرور ستين عاما على تلك الثورة، إن الثورة الحقيقية هى النظام القديم وإنه لو لم تحدث تلك الثورة فإن تطور فرنسا كان سيسير بكل ثبات فى نفس الاتجاه. وبالطبع فإن النظام القديم فى فرنسا كان يعنى التطور الاجتماعى والاقتصادى والسياسى بطبقاته ومؤسساته الجديدة هناك طوال أكثر من مائة سنة منذ الملك لويس الثالث فيما سُمِّى بالحكم المطلق.
ورغم تطور رأسمالى تابع فى مصر طوال أكثر من مائة سنة لم يكن النظام القديم السابق لثورة يناير عندنا تطورا صناعيا مترابط الحلقات بل كان اقتصادا رأسماليا تابعا بل كان خرائب وأطلالا وجبالا من التخلف والتبعية والفساد.
ومع تدهور وانهيار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشعب المصرى، انفجرت ثورة الشعب الذى تحيط بمستقبله ذاته اليوم تحديات أن يكون أو لا يكون.



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضجة حول حرب قبائل مزعومة فى أسوان
- الاقتصار على الحل الأمنى مصيره الفشل
- المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال ...
- إرهاب الإخوان المسلمين والحل الأمنى
- مغزى المشاركة الشعبية فى الاستفتاء
- فى سبيل تفادى حرب أهلية إخوانية مدمرة
- الأصولية (فصل من كتاب) بقلم: الپروفيسور أندرو فينسينت ترجمة: ...
- الاستفتاء .. مشاركة بنعم أو لا أم مقاطعة؟
- السياسة العربية للحكم الجديد فى مصر
- تعريف موجز بموضوع رواية -الشمندورة-
- خليل كلفت - مفكر وكاتب ماركسي مصري - في حوار مفتوح مع القارئ ...
- الانقلاب على الشرعية بين الشكل والمحتوى
- لكيلا يدمِّر الحكم الجديد مستقبل مصر
- ثورة تائهة وثوار تائهون!
- ثيوقراطية أم إستراتوقراطية أم ديمقراطية أم بزرميطية؟
- الهوية/ الهويات وكتابة التاريخ
- أسطورة الدستور أولا
- الصحف الپاريسية
- مصير الثورة يرتبط بمسارها الفعلى
- لا شيء على الإطلاق


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل كلفت - ما الثورة؟