أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طلعت - حكمة الحزن ونبوة الألم في أعمال الأديبة المصرية سهى ذكي














المزيد.....

حكمة الحزن ونبوة الألم في أعمال الأديبة المصرية سهى ذكي


محمد طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


"يعرف الجميع من هو السيد حزن؟ هو من يحكم سيطرته على البشرية، من يجيد تسخير مساعديه لمعاونته في كل حزن، بداية من حرمان طفل من ثدى أمه، مرورا بالانكسارات الصغيرة في الطفولة وفشل الحب الأول، نهاية بإجبارنا على الاستسلام لمساعده الأكبر، الموت"ص17.

بهذه المشهدية السردية من نصوص "وجع الأغاني" بدا البراح الإبداعي عند سهى ذكي الأديبة المصرية براحا يتسع ويضيق حسب مزاجية حالة الإبداع لديها حيث بدت ملتصقة شديدة الالتصاق بواقعها النفسي الغالب عليه صفة الديكتاتورية الذي يشترك أيضا مع واقعها العام الذي يعج بالكثير من الديكتاتورية والألوهية وعبدنة الأفراد والحالات، وقد برز ذلك واضحا في جملة أعمالها الأدبية، وخاصة " جروح الأصابع الطويلة2008م- فاطمة 2010م- وجع الأغاني2013م"، وفي هذه الأعمال بدت رؤيتها للعالم والوجود متماهية مع الغُلب والفقد اليومي الذي تمثله روح السرد المتسيدة حد الاستبداد في فرض ما تراه هذه الرؤية في هذه الأعمال الفنية.

وبعيدا عن الكلمات المحفوظة التى اختراعها بعض هواة النقد في التسطيح الصحفي، فأعمال سهى ذكى تبتعد عن تلك "الأكليشيهات المتوارثة" من نوعية إنها تهتم وترصد فئة المهمَّشين من الأناث المَقْصِيّين إلى آخر تلك السلسلة من التشبيهات العجيبة التى تُمحور صوت أي مبدعة على قائمة تصنيف الصوت النسائي المضطهد صاحبة القضية المهولة. حيث لا يوجد في المسرح السردي لهذه الأعمال أي تقصىي لصوت الأنثى المهمشة بل هو إبحار في سيطرة واستبدادية الأنثى في فرض سيادتها بإجلال حزنها السرمدي، وجمالها الفريد، وبشهوتها العاطرة على الوجود في حالة قبول وتعايش ورضا بالكينونة والنوع. كلها صفات تصالحية مع الذات الأنثوية التي هي المعادل الموضوعي لتلك الوسامة التى تتغزل بها سهى ذكي في نصوصها الإبداعية لدرجة يمكن التخيل فيها أن سهى تكتب بحالة انسجام ما بين شقها الذكوري والأنثوي معا.


في هذه الأعمال لن نجد الإعلاء المصطنع لشأن الأنثى كمظهر مسرحى لحقوق المرأة المعقدة لدينا في الشرق ، حيث صدرها المبدع العربي وصدرها للعالم بمنتهى العبثية العقيمة التي أنتجت أغلب الأبجديات الأدبية الأنثوية التي تعاني من رؤيتها كأنثي، إذ لا تراه في ذاتها سوى ديكور يزين به الرجل الشرقي عضوه الذكرى في أغلب الأحوال، لكن المشهدية السردية سواء في واقعيتها أو متخيلها عند سهى ذكي لا تعتني بتلك التأزمات والتراكمات النقصية التى جسدتها في سياق الانتهاك لحقوق الإنسانية. حيث استعارت مفردة"مضاجعة/ الأوضاع" التي تقترن عادة بشكل جنسي مهين للأنثى؛ لتنطقها كوضع أكثر إهانة حين يشعر بها الذكر، فتقول على لسان "عمر" في رواية جروح الأصابع الطويلة: "هل يوجد غيري في هذا العالم يضاجعه القدر في كل الأوضاع"ص33، وهي هنا تؤصل نوعا ما لفسلفة إنهاك الجسد البشري بمفردة جنسية حبستها الأبجدية الإبداعية العربية وقيدتها حول الأنثى. كسر القيود وفتح براح أعم وأشمل تتساوى فيه كل المفردات دون تميز ولا عنصرية ولا فرق في استخدامها بين عالم الذكورة والأنوثة، فهى هنا لا تخلق صراعا مفتعلا بين العالمين بل تعمل على استزراع شجرة الاحتواء التى تظلل على الجميع.

إن شجرة الإبداع الاحتوائية لديها يقبع بداخلها ديكتاتور الوجع السردي (الحكي/ السارد) الذي يعلم كل شيء ويصف أدق التفاصيل كأنه رسول أتى بعلمه من رب ذوات النفس الداخلية للبشر، ليفضح ستائر الحزن عن عالمهم، ليوحد بينهم، فثمة حزانى هنا تعلن عنهم في عالمها الإبداعها الذي يحرر بالمعني الرقيق الدافئ الصادق بلا ضجيج ولا ادعاء النبوة، فهي تحرر قيود الرغبة للأنثى لتختار ما تراه مناسبا، ولتمارس الحب مع من تريد، ولتلعب مع من تشتهي، فهى تآخي الذكورة في سلطوية اللعبة التى يتحكم فيها الذكور. في رواية فاطمة: " قومي يا قزمة العبى معايا.. يالا يا كرته يا وحشة.. إنتي ما بتحسيش؟"ص30، تفضح هذا التميز والعنصرية من هذا الذكر" يتسلل هاني بعيونه السوداء الضيقة طويلة الرموش، يترقبني من تحت نظارته الرقيقة مرتديا بيجامته المقلمة فيقترب منى مستفزا.."ص30، وهذا الوصف الديكتاتوري للحالة المشهد ككل من قبل الساردة أعطى مساحة من الديمقراطية في المشهد السردى العام حيث لم تخلق الوصف السيء للذكورة عقدة (الولد والبنت) فجاءت ديمقراطية اللوحة السردية بطفل آخر أكثر وسامة تلتف حوله البنات.. وهو الوسيم(وسامة الإنسان) الذي تحاول أن تفرضه ديكتاتورية الساردة في"وجع الأغاني"، و"فاطمة" و"جروح الأصابع الطويلة" ليكون المعادل الموضوعي لـ(قبح الذكورة)، كمحاولة ديكتاتورية منها لإجبار الذكورة للتعايش والإخاء والمساواة مع الأنوثة. وبهذا تأسس سهى ذكي دمقرطة السرد وإن بدت غاية في الديكتاتورية.

والأديب الذي يؤصل هذه المعاني فهو بلا شك يمتلك رؤية عميقة للحياة أو لما وراء الحياة.. لظاهر النفس مع الناس ولباطن النفس مع الذات. في مساحة تطول أو تقصر وفقا لمزاجية الحالة الإبداعية عند الأديب. وهذا واضح بشكل عام في إنتاج سهى ذكي الإبداعي.
إذن هذه الرؤية للعالم الإبداعي تتكامل وتوضَّح في نصوص "وجع الأغاني" رؤية واضحة متكاملة للإنسان (الأنثي) والوجود(الوجود الأنثوي)، وكأن ملامح هذه الرؤية هي أشبه بصفحة السماء في فصل الشتاء في يوم غائم تتكون السحب الحبلى بالماء شيئا فشيئا، لتجعل القارئ يجول في السماء، و يلاحق الحدث(المطر) ليرى أول قطرة ليستنشق أول عبق برائحته النفاذة عن جماع طبيعي ما بين الماء أساس الحياة والتراب/الرحم الشريك الفعلى لخلق الحياة.. إيلاج فطري في تتابع زخات المطر المتقاذفة من السحب لترشق بين ثنايا التراب لتعجنه أديما لزجا ينتج عنه هذا العبق الفني في نصوص هذه المبدعة. تضع هذه الرؤية القاريء في حالة استكشاف المسكوت عنه المتواري خلف لغة مشحونة بالحس الفصيح والعامي لتنير درب الوجع لدى القارىء الذي ربما يصادف بعض أو كل أوجاعه وهمومه فيما تسطره هذه الأديبة، ليرى أمامه نزول الوحي على هذه (الساردة/سهى ذكي) ليتوجها بأنوثة النبوة (نبوة الحزن وحكمة رسالته المفجعة).



#محمد_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُنَوِّمُونَ
- نقد الصقيع العربي في غياب الرؤية الحضارية عند وفاء صندي
- أيها السيسي الطيب
- ظاهرة السيسي وخيال المآتة في المشهد المصري
- خسة العزاء في خبر وفاة الشاعر أحمد فؤاد نجم
- قراءة في أسباب التقدم والتأخر فى التجربة الكورية المصرية من ...
- كلنا نشترك فى هذا العار
- مصير وطن غلبان
- الخائفون من 25 يناير 3
- الخائفون من 25 يناير 2
- الخائفون من 25 يناير 1
- طقاطيق مرفوسة – على الواقع وأيامه- طقطوقة 6
- أصحاب العقول الأحادية فى الفكر الديني
- ارهاصات ثورية فى الأدب. مصر في (حواديت عيل موكوس) عند مراد م ...
- شاي المسطول.. و كُوَةُ جُدْرَانِ الخِزْيِ
- أبالسة المتشيخين
- غوغاء التيار المتأسلم فى غزوة الدستور
- تضافر كائنات الدار المغربية في رواية عزوزة -نموذج- ل الزهرة ...
- الأمية الدينية
- طقاطيق مرفوسة – على الواقع وأيامه- طقطوقة 5


المزيد.....




- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طلعت - حكمة الحزن ونبوة الألم في أعمال الأديبة المصرية سهى ذكي