|
نزاع الصحراء بين الجزائر والمغرب يؤخر وحدة الشعوب المغاربية 3/3
اليزيد البركة
الحوار المتمدن-العدد: 1252 - 2005 / 7 / 8 - 11:05
المحور:
مقابلات و حوارات
• يقال أن الأحزاب السياسية المغربية موحدة بالإجماع على موقف واحد وراء الملك حول قضية الصحراء، فما صحة ذلك ؟
ج- الأحزاب السياسية المغربية حسب برامجها وبياناتها ومواقفها تعتبر الصحراء مغربية ولا يوجد أي حزب في المغرب أعلن عكس ذلك. ولكن عددا مهما من الأحزاب تنتقد أسلوب التعاطي مع القضية. والأمثلة كثيرة في هذا الصدد. وتنال وزارة الخارجية المغربية قدرا مهما من هذا النقد كما أن بعض الأحزاب تنتقد انفراد القصر بالملف. فحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي علي سبيل المثال ، وقد ورث تاريخا نضاليا كبيرا لم يفته أن يربط بين القضية الوطنية في الوحدة الترابية وبين القضايا الاجتماعية والاقتصادية السياسية. وكان الشهيد عمر بنجلون هو الذي صاغ شعارا ثلاثيا يتمثل في تحرير –ديمقراطية- اشتراكية. وأعطى أولوية للتحرير ولكن في جدلية مع الديمقراطية والربط الذي تم بالاشتراكية في هذه العلاقة الجدلية في الصراع والممارسة عبر عنها على أن هذه الثلاثية هدفها هو الإنسان. إذن العمل السياسي والثقافي.... هدفه تحرير الأرض وتحرير الإنسان من كل استلاب وبقدر ما يعمل الحزب من أجل هذا التحرير ومن أجل الديمقراطية وفي ربط متين بتحرير الإنسان بقدر ما يجسد النضال شروطا من أجل المستقبل في الاشتراكية. مع الأسف الشديد حرمت الأحزاب التقدمية لمدة طويلة جدا من دخول الصحراء ولحد الآن ما يزال حزب الطليعة ممنوعا من العمل في الصحراء ومنذ بضعة شهور فقط تم إبعاد عدد من مناضلينا من مناطق الصحراء إلي شمالها. كما أن أسلوب الإدارة المغربية بالعقلية المخزنية السائدة فيها حرم سكان الصحراء من أسلوب آخر نضالي ووطني سينمو ويتطور، وهو الوحيد الذي كان يمكن أن يقضي على عدد من السلبيات والعقليات الولائية والزبونية والعشائرية . وهذا لا يعني أن أبناء الصحراء لا توجد وسطهم الروح النضالية والوطنية الهادفة إلى جعل الإنسان هدفا في حد ذاته، بل على العكس وقد أشرت في السؤال الأول إلى وجود اتجاه يمثل هذه الروح. الجانب الثالث في الموضوع هو أن أغلب الأحزاب السياسية غلبت على أمرها ، وتركت للإدارة مهمة تدبير الملف، وقد برهنت الأحداث أنها عاجزة عن ذلك، ولم تستطع على الأقل أن تكون السفارات المغربية ندا للسفارات الجزائرية نظرا لما علق بها من أغلال جزء منها تعلق بالأغلال المصلحية الذاتية التي تكبل أي روح نضالية وطنية. والآن في الدولة مأزق كبير. لقد برهنت الأحداث على أن تحريك قوى الشعب ليقدم كل ما لديه من أجل الصحراء،لا بد أن يوازيه من جهة أخرى إقرار الديمقراطية وتكريس إرادة الشعب في التقرير والتسيير لخيرات البلاد ، وان يكون كل ذلك لفائدة الإنسان سواء في الصحراء أو شمالها. ولكن الدولة ما تزال مترددة، لقد حصل تقدم على مستوى التراجع عن إطلاق اليد في خيرات البلاد لشراء الذمم، ولكن هذا التراجع لم يؤد إلا إلى تعاظم التذمر والسخط. لأن العامل الحاسم في الموضوع وهو بث الروح النضالية في غد أفضل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا غاب من المعادلة ويجب الحسم في هذا التردد. فالمعركة الوحيدة القادرة على أن تؤمن حقوق المغرب داخليا وخارجيا هي معركة الديمقراطية. فبالانتصار فيها يكون المغرب قد انتصر على كل المؤامرات التي تهدف إلى إضعافه وعزله وسيكون إذاك في موقع الهجوم إشعاعيا ومعنويا في المنطقة وهذا ما يخشاه أعداء الديمقراطية في الجزائر كما يخشاه –حقيقة- أعداء الديمقراطية في المغرب والذين يجمعهم مع الأولين قاسم مشترك هو الدفاع عن مصالح اقتصادية حصلوا عليها في غيبة القانون والديمقراطية وتكافؤ الفرص . بالرغم من أنهم في المغرب مع مغربية الصحراء وفي الجزائر مع الانفصال.
أن الوضع الحالي في المغرب، حيث لم تحسم فيه بعد مسألة الديمقراطية وأمام الحركة الديمقراطية المغربية زمن طويل من النضال لتحقيق مهام الديمقراطية، لا يمكن أن يعطي حلا مثاليا يطمئن شباب الصحراء في مستقبله. ذلك أن الشروط القائمة، أي في غياب الديمقراطية في ارتباطها بقدرة الشعب على استعادة إرادته في التقرير والتسيير، لا يمكن إلا أن تجعل من الحكم الذاتي أو من الجهوية أرضا مشاعا للوبيات المصلحية تعبث بحقوق الأفراد والجماعات. بل ويمكنها أن تستمر في إتباع سياستها التقليدية القائمة على الابتزاز. ولكن فقط، بالاعتماد على الطاقات النضالية الصحراوية وطاقات كل المناطق المحيطة بها، والدفع بها نحو استعادة حريتها في التقرير والتسيير، يمكن ربح الرهان على عدة واجهات.
إن الأحزاب السياسية التقدمية المغربية لم تتوفق لحد الآن في بلورة ممارسة وخطاب تجمعان بين الدفاع عن الوحدة الترابية و بين النضال من أجل الديمقراطية في استراتيجية متكاملة من أهم عناصرها الأساسية استهداف الإنسان المغربي و الإنسان في المستوى المغاربي. لقد كان الشهيد بنبركة - و يمكن الرجوع إلى وثيقة الاختيار الثوري - عندما بنى استراتيجية النضال في بداية الستينات، جعل حشد الطاقات من أجل تحرير الجزائر من الاستعمار مفتاح الديمقراطية في البلدان المغاربية وكان هدف هذا التحرير ذي أولوية حتى على الديمقراطية في المغرب، وبالرغم من كل ما يمكن أن يقال حول هذه الاستراتيجية، فإننا الآن أمام منعطف آخر يعيد فيه التاريخ نفسه بشكل آخر. بحيث يمكن اعتبار انتصار الديمقراطية في المغرب مفتاحا للديمقراطية في الجزائر. إذ أن النزاع حول الصحراء الذي غذته الجزائر لا يمكن أن يكون له نهاية إلا عندما يستعيد الشعب الجزائري إرادته التقريرية. أما في إطار الوضع الحالي فلا سكان الصحراء حتى و لو استطاعت القوى المناهضة للمغرب أن تفرض دولة - سينعمون بالحرية و الكرامة إذ لن تختلف أوضاعهم في شيء عن أوضاع من يعيش في مخيمات تندوف محرومين من حرية التعبير ومن حرية التنقل وغيرها من حقوق الإنسان . كما أن التنمية ستكون على شاكلة تندوف ، فلو كانت الجزائر تنوي خيرا بالصحراء لجعلت من تندوف و البلدات القريبة منها نموذجا خلاقا للتنمية و السياحة وبناء الطرق وغيرها . ولا الشعب الجزائري يمكنه أن يحقق التنمية لنفسه لأنه مكبل بالدكتاتورية وخيراته تهدر في نزاع مفتعل. و لا الشعب المغربي سيحقق التنمية لأنه بصرف جزءا من ثرواته للدفاع عن أراضيه. فسيناريو الجزائر واضح جيدا ليس هدفه هو التنمية والديمقراطية أو بناء مغرب الشعوب بل هدفه هو إضعاف المغرب - بخلق دولة في جنوب الصحراء و يمكن منحها أراضي صحراوية هي أصلا اراضي مغربية حتى تسد كل الجنوب الصحراوي للمغرب ، وتخلق له بؤرة للنزاع لا نهاية له تشغله وتشغل الشعب المغربي عن تحقيق مهام الديمقراطية.
#اليزيد_البركة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نزاع الصحراء بين الجزائر والمغرب يؤخر وحدة الشعوب المغاربية
...
-
نزاع الصحراء بين المغرب والجزائر يؤخر وحدة الشعوب المغاربية
...
المزيد.....
-
ما هي أبرز المواقع العسكرية التي قصفتها إسرائيل في سوريا بعد
...
-
المعارضة السورية تعين محمد البشير رئيسًا مؤقتًا للحكومة للإش
...
-
موجة تعليق طلبات اللجوء للسوريين تتسع.. دول أوروبية جديدة تن
...
-
خضع لعملية جراحية في الدماغ وحالته مستقرة.. الرئيس البرازيلي
...
-
أرقام وحقائق عن السوريين في ألمانيا.. بين الاندماج والعودة ل
...
-
إيران ترفض اتهام الترويكا لها بعدم الالتزام بالاتفاق النووي
...
-
ضد من تتسلح مصر؟-.. خبيرة إسرائيلية تحذر من تهديد قادم من ال
...
-
شهدت أكبر انتحار جماعي في التاريخ.. هل تتحول جونز تاون إلى م
...
-
الأطعمة الأكثر فعالية في درء خطر مرض الكبد الدهني غير الكحول
...
-
الجزائر ترفض منح تأشيرة دخول لمحامي الكاتب بوعلام صنصال
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|