|
نزاع الصحراء بين الجزائر والمغرب يؤخر وحدة الشعوب المغاربية 2/3
اليزيد البركة
الحوار المتمدن-العدد: 1251 - 2005 / 7 / 7 - 09:35
المحور:
مقابلات و حوارات
قفز نزاع الصحراء ، مرة أخرى، إلى الواجهة السياسية في الساحة المغاربية ، فهو كان سببا مباشرا لفشل القمة المغاربية في ليبيا، وكان وراء إلغاء زيارة رئيس الحكومة الجزائرية للمغرب من طرف السلطات المغربية ، وذلك بعد ما كانت أخبار تتردد عن احتمال تحسين العلاقات الثنائية المغربية الجزائرية . وهو فوق كل هذا أصبح نزاعا يكسب تأييدا من داخل الصحراء إذ اندلعت أحداث في العيون قالت أخبار صحافية أن وراءها من يؤيد انفصال الصحراء عن المغرب. حول هذا الموضوع التقينا بالأستاذ اليزيد البركة مدير مركز الدراسات والأبحاث مارو تامسنا ، وعضو الكتابة الوطنية (المكتب السياسي) لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. وطرحنا عليه عدة أسئلة مرتبطة بالنزاع ، ونظرا لطول الأجوبة ولأهميتها رأينا أن نقسمها على عدة حلقات
. نزاع الصحراء بين الجزائر والمغرب يؤخر وحدة الشعوب المغاربية 2/3
• كيف ترون مبدأ تقرير المصير وإنشاء دولة في حالة الصحراء المغربية ؟ وهل تتعامل الجزائر مع موضوع الصحراء المغربية من منطلق المبدأ أم أن المسألة لا تتجاوز المصلحة الخاصة بها ؟
ج - كما ذكرت سابقا لا يمكن إطلاق مفهوم شعب على سكان الصحراء المغربية لا من الناحية التاريخية ولا الاجتماعية ولا الثقافية. الطريق التجارية المعروفة منذ آلاف السنين الممتدة في شمال الصحراء المغربية إلى جنوبها عبر الساحل لعبت دورا أساسيا في استمرار الحركة السكانية بين الصحراء والشمال وفي مزج وتوحيد العلاقات الاجتماعية والسياسية والقانونية والاقتصادية. بل يمكن القول أن العلاقات الصحراوية مع الجزائر وتونس وليبيا بالتفاعل الدائم قبل الاحتلال الاسباني للمنطقة. بحيث لا يمكن لأي سياسي أو اقتصادي أو جغرافي أن يتصور دولة في الصحراء المغربية معزولة عن شمال الصحراء. فالصحراء المغربية في أمنها الغذائي متوقفة على العمق الشمالي، فعبر التاريخ ولحد الآن تجوب قطعان الجمال والأغنام مراعي القبائل ومنابع المياه في شمال الصحراء وكثيرا ما تبلغ السفوح الشمالية للأطلس الكبير في ضواحي مراكش. وكثير من بطون بعض القبائل استقرت في مختلف مناطق المغرب ولم تعد إلى موقعها الأصلي نظرا للجفاف الذي ضرب المناطق الصحراوية وذلك على فترات زمنية طويلة. ومن البديهي أن لا يتوقف الأمن الغذائي للصحراء المغربية على الجزائر لأن زحف الرمال من الصحراء الجزائرية إلى شمالها كان كبيرا وغطى مساحات شاسعة جدا . ومن الناحية الصناعية والتجارية نجد أن الفترة الزمنية القصيرة منذ 1975 تاريخ استرجاع الصحراء إلىالآن- بين أن العلاقة بين الصحراء وشمالها هي الوحيدة القادرة بدفع المنطقة إلى التنمية. لقد وجد المغرب الصحراء في 1975 بدون أي مدينة كبيرة يمكن اعتبارها قاطرة اقتصادية وتجارية. وكان على سبيل المثال سائق سيارة يحتاج إلى السفر إلى أكادير للحصول على قطع غيار السيارة عند الحاجة إلى ذلك. ولكن في بضع سنوات تحولت كل المدن الغربية من الصحراء إلى مدن متوسطة مثل طانطان وإيفني وتحولت العيون والداخلة إلى مدينتين تتوفر فيهما كل الخدمات التجارية والصناعية والسياحية. لنلق نظرة على الجزائر، هل يمكنها أن تربط عجلتها الاقتصادية والزراعية والتجارية والسياحية بالصحراء المغربية ؟ لا يمكن ولنا مثال على علاقاتها بمالي والنيجر وموريطانيا. لا توجد ولا مدينة واحدة قريبة من مالي أو موريطانيا أو النيجر عملت الجزائر على تطويرها وتنميتها لتكون جسرا بينها وبين تلك الدول ولا توجد حتى البنية التحتية الضرورية تسمح حتى بحلم بناء علاقات تنموية مع تلك الدول. والجزائر تعلم كل هذا، إذن ما هي أهدافها من السعي القوي إلى فصل الصحراء المغربية عن المغرب؟ في الحقيقة حصل تحول هام في الجزائر منذ الانقلاب على أحمد بنبلة، إذ تحولت إلى نظام عسكري قوي، مستند على حزب سياسي تابع له وعلى جهاز الدولة برمته وعلى الاقتصاد الجزائري المتمثل أساسا في البترول والغاز. التحول الثاني أنها بدأت منذ هذا التاريخ في خطب ود الدول الرأسمالية الكبرى ومحاولة إغرائها على أنها قادرة على أن تلعب دورا استراتيجيا في المنطقة إذا ما أخذت مصالحها بعين الاعتبار. إن الجزائر تعرف أن دولة في الصحراء المغربية لا حياة لها ولن تستطيع أن تساعدها على النمو لا فلاحيا ولا صناعيا ولا سياحيا وتعرف أن هذه الدولة ستكون تحت رحمة لاس بالماس. وهنا يلتقي اليمين الاسباني في إستراتيجيته مع إستراتيجية الجزائر لا تتضمن إلا بعدا واحدا هو إضعاف المغرب وإنشاء دولة جنوبه تشغله عسكريا ودعائيا لإيقاف التطور الديمقراطي حتى لا يعم المنطقة وذلك دفاعا عن المصالح الاقتصادية والسياسية للفئة العسكرية الجزائرية. كان الملك الحسن الثاني قد قال في أحد تصريحاته أنه إذا ما نجح الاستفتاء لصالح الانفصال فهو أول من سيفتح سفارة في هذه الدولة، وهذا التصريح يظهر أنه أخذ مأخذ الجد من طرف أغلب سكان الصحراء وحتى من يؤيد الانفصال في شمالها. معتقدين أن الأمور ستجرى بعد إنشاء الدولة الصحراوية بنفس الشكل الذي تجري به الآن، حركة تجارية وسياحية، عمق غذائي للسكان، عمق رعوي للماشية... لكن الواقع الانفصالي عندما يتحقق بالشكل الذي يعني الانفصال وإنشاء دولة ، لا يمكن إلا أن يؤدي إلى نوع من القطيعة. فهذه الدولة ستكون دولة معادية للمغرب، ولن تقف عند مطالبها الحالية بل ستطالب بالمزيد في الأراضي في الشمال وهذا سيجعل المغرب يحول الجدار المقام شرق الصحراء من الشمال إلى الجنوب ويبنيه بينه وبين الصحراء. ماذا سينتج عن كل هذا ؟ انقطاع الشريان الاقتصادي والتجاري بين الصحراء وشماله، وبدء التدهور والتراجع للنمو الذي تشهده الصحراء وظهور عدم قدرة الجزائر خاصة بفعل الشروط الجغرافية على دفع المنطقة إلى التنمية. طبعا هناك اسبانيا عن طريق جزر كناري التي لا تبعد عن الصحراء إلا قليلا، لكن ستعمل إسبانيا على إغراق الصحراء ببضائعها ومعلباتها مقابل بطبيعة ما تتوفر عليه الصحراء من ثروات، هل يكفي هذا ؟ لا . لو كان كافيا لاستطاعت موريطانيا أن تقفز قفزات عملاقة نحو تطوير اقتصادها. الواقع أن أسلوب الإدارة المغربية في تدبير ملف الصحراء والمتمثل في تقديم الامتيازات والعلاوات في ميدان فرص الشغل ومنح الرخص وغير ذلك على حساب باقي المناطق خلق انطباعا لدى سكان الصحراء أن الشمال لديه مصالح اقتصادية في الصحراء تجعله مستعدا لتقديم أفدح الأثمنة للحفاظ على الصحراء مغربية . وهذا العامل جعل عددا من الصحراويين يتعاملون مع الإدارة بنوع من الابتزاز. ولو كانت الأحزاب السياسية وكذلك الدولة لعبت دورها في توعية السكان على أن مصلحة ساكنة الصحراء في شمال الصحراء أقوى من مصلحة الشمال في الصحراء لما كان الأمر كذلك.
#اليزيد_البركة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نزاع الصحراء بين المغرب والجزائر يؤخر وحدة الشعوب المغاربية
...
المزيد.....
-
ما هي أبرز المواقع العسكرية التي قصفتها إسرائيل في سوريا بعد
...
-
المعارضة السورية تعين محمد البشير رئيسًا مؤقتًا للحكومة للإش
...
-
موجة تعليق طلبات اللجوء للسوريين تتسع.. دول أوروبية جديدة تن
...
-
خضع لعملية جراحية في الدماغ وحالته مستقرة.. الرئيس البرازيلي
...
-
أرقام وحقائق عن السوريين في ألمانيا.. بين الاندماج والعودة ل
...
-
إيران ترفض اتهام الترويكا لها بعدم الالتزام بالاتفاق النووي
...
-
ضد من تتسلح مصر؟-.. خبيرة إسرائيلية تحذر من تهديد قادم من ال
...
-
شهدت أكبر انتحار جماعي في التاريخ.. هل تتحول جونز تاون إلى م
...
-
الأطعمة الأكثر فعالية في درء خطر مرض الكبد الدهني غير الكحول
...
-
الجزائر ترفض منح تأشيرة دخول لمحامي الكاتب بوعلام صنصال
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|