أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - يونس أوراغ - قراءة في كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد لعبد الرحمان الكواكبي 1/4















المزيد.....

قراءة في كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد لعبد الرحمان الكواكبي 1/4


يونس أوراغ

الحوار المتمدن-العدد: 4407 - 2014 / 3 / 28 - 07:46
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قراءة في كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد لعبد الرحمان الكواكبي 1/4
يونس أوراغ
أنا ان عشت لست أعدم قوما *** واذا مت لست أعدم قبرا.
فعلام أذل للناس نفسي ***وعلام أخاف زيدا و عمرا.
همتي همة الكبار و نفسي *** نفس حر ترى المذلة كفرا.
أبيات اتخذها عبد الرحمان الكواكبي شعارا بل منهاجا و شرعة في حياته و في ادراك اطرافه المختلفة حاكما و محكوما. و ر غبتنا في توجيه عناية القراء لكتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد, مردها ايمان بأن صاحب الكتاب أعلنها ضرورة في ايضاح ما كان لحدود نهاية القرن 19 مفخرة لماض تليد, وجب فعل كل شيء حتى يتم استرجاعه و تجسيده كخط حياة و كفهم لماهية حضور المجتمع. ان الكواكبي و هو من هو من أعلام محاولة التنويرالعربي 1 – و التسمية هنا تخصني – لم يحلق خارج سرب الدعوة لضرورة تقييم التجربة المجتمعية العربية الاسلامية بعيدا عن المحاباة الكبيرة و التملق الواضح لمن سماهم علي الوردي بوعاظ السلاطين.
ان السياق التاريخي الذي علم في فكر الكواكبي واجب الاستحضار, اذ المفكر ابن و صنيعة نسقه الثقافي و لحظته التاريخية و هو أحد اثنين, اما قائل بالحق لا يخاف في ذالك لومة لائم و اما محاب و مداهن همه الرفعة و القرب من السلطان و الحاكم.
لن نخوض في سرد كرونولوجي لمشاهد من حياة الرجل, بل حديثنا هنا هو حديث ووقوف على أهمية السياق التاريخي للكواكبي و مساهمته في نحت فكر الرجل التنويري, و هذا الأمر انسحب على جل أعلام محاولة التنوير العربي في نهاية القرن 19 كالشيخ محمد عبده و شيخه الأفغاني و رشيد رضا و رفاعة بيك الطهطاوي و مصطفى عبد الرازق و غيرهم كثير.اذن فكر و منتج الكواكبي يأتي ضمن حركة فكرية تنويرية غرضها اخراج الفرد في المجتمعات العربية الاسلامية من عباءة أي سلطة متغلبة, و خاصة اذا تلبست بلبوس الدين.
قد يبدو للقارئ من الاطالة ما يستغربه, غير أننا ارتأينا اطالة في المقدمة لضرورة يحملنا لها البحث, و هي أن ادراك التفاصيل لا يتم الا بالوقوف على العموميات.
قدم الكواكبي كتابه في هيكلة تضمنت تسعة مباحث اضافة لمقدمة بدأ بها حديثه. و نجد أنه وجب الانصياع لهيكلة صاحب الكتاب حتى يتسنى للقارئ الوقوف على البناء الداخلي للخطاب المعرفي لصاحب الكتاب, و حتى لا نقفز على أمور كان للاتيان بها بالترتيب المقدم في الكتاب عبرة نكتشفها انشاء الله في مقالنا هذا.
المقدمة
يبدأ الكواكبي حديثه بتبيان اصالة ال سياسة التي وصفها بالعلم تارة و بالفن تارة أخرى, و بالقول أن السياسة جامع لفنون و علوم أخرى تتفرع منها و تنهل من معينها. و كما يعقد مقارنة أولية بين حضور الاهتمام بعوالم السياسة في نسقنا الثقافي العربي الاسلامي مقارنة بحضورها في الغرب, و يقر الرجل أن لهذا الأخير دأب موسوم في الاهتمام بأمور السياسة تنظيرا و ممارسة خاصة لدى المتأخرين منهم الأمر الذي يغيب في عوالم التفكر العربي الاسلامي و نحن الذين نجد أن العلماء المسلمين ألفوا القول في السياسة و ان مزجت بمسالك معرفية أخرى كالأخلاق ( الرازي, الطوسيو الغزالي ... ), و الأدب ( المعري و المتنبي ... ), و التاريخ و علم الاجتماع ( ابن خلدون و ابن بطوطة ...).
يمر اذ ذاك لطرح بعض الاسئلة الاشكالية و خاصة على النسق الثقافي و المجتمعي العربي الاسلامي, الذي –و قد أعلنها منذ البداية – أقر بكونه خاضعا للاستبداد. أسئلة من قبيل ما هو الاستبداد ؟ لماذا يكون المستبد شديد الخوف؟ ما تأثير الاستبداد على الدين؟ على العلم, على المجد, على الأخلاق... ليختم بسؤال عن طرق و سبل التخلص من ااستبداد؟ و ما بديله؟
ماهو الاستبداد
يفرد صاحب الكتاب محورا لتعريف الاستبداد بشقيه اللغوي و الاصطلاحي, فيقول أن الاستبداد لغة هو غرور المرء برأيه , أما في الاصطلاح السياسي فهو تصرف فرد أو جماعة في حقوق قوم بالمشيئة و بلا خوف. و قد يستبدل لفظ الاستبداد بالاستعباد أو الاعتساف و التسلط و التحكم و كلها مفردات تعني أمرا واحدا و تفي بالغرض نفسه و هو ذهبنا للاشارة له في التعريف الاصطلاحي من تصرف فرد أو جماعة في حقوق قوم.
ثم ينتقل لذكر ارتباط الاستبداد و ان خف حضوره هنا أو طغى هناك بجميع أشكال الممارسة السياسية, أي أن الااستبداد حاضر في جميع الحكومات و ان تنوع هواها في التسيس و ان اختلفت في أمر الحكم. و هدا فيه من الصحة ما فيه , اذ نجد أن أرقى أشكال الممارسة السياسية اعلانا و اقرارا بمبدأ التشارك في الممارسة السياسية لا تخلو من مظاهر استبداد و غلبة. فمن قائل بحكم الشعب لنفسه بنفسه كتعريف كلاسيكي للديمقراطية الى مدخل المفهوم الى عوالم البرغماتية السياسية2, و ذالك بحضور موظفين سماهم روسو أو ممثلين عن الأمة كما نعتهم منتيسكيو يعدون حلقة وصل بين الحاكم و المحكوم. اذا نحن في رحاب الوسيط في الحكم و هذا انزياح واضح و جلي عن تعاليم المنظرين الأولين للديمقراطية كما يؤكد على ذالك أعلام مدرسة ما بعد الحداثة في نقدهم لمقول الديمقراطية بتخريجه الحداثي و ماشاب تفعيله من اعوجاج. يملك الاستبداد رقاب العباد و يطعى باحدى الوسيلتين : فاما بجهالة الأمة و اما بالجنود, فأما الأولى فمردها تغييب التعليم و ابتعاد الناس عن المعرفة , أمر سنقف عنده بالتفصيل في المبحث الثالث. أما الوسيلة الثانية فيرى فيها طاحب الكتاب تجبرا و طغيانا اذ يقول" و أما الجندية فتفسد أخلاق الأمة حيث تعلمها الشراسة و الطاعة العمياء و الاتكال, و تميت النشاط و فكرة الاستقلال, و تكلف الأمة الانفاق الذي لا يطاق و كل ذالك من صرف تأييد الاستبداد المشؤوم : استبداد الحكومات لتلك القوة من جهة, و استبداد الأمم لبعضها على بعض من جهة أخرى" و هو و الله وصف بالغ و ادراك عبقري لتفاصيل الممارسة السياسية زمن الاستبداد و المراوحة بين الاترغيب و الترهيب.
الاستبداد و الدين
بعد اكمال الحديث عن ماهية الاستبداد لغة و اصطلاحا, و بعد ذكر لبعض أولويات الممارسة الاستبدادية, ينتقل صاحب الكتاب لمهمة استقراء هذه الأخيرة و علاقتها ببعض الأشكال و الأنماط الثقافية لسلوك الانسان كالدين و العلم و المال... و غيرها. و كأن الرجل يروم هدم صقالات البناء الاستبدادي اذ لكل بناء أعمدة و صقالات يقف عليها و يتقوى بها. يبدأ صاحب الكتاب بأمر الدين ما دام أن الاسلامي اتخذ و لازال من الدين مطية يعلو عبرها و عليها لمدارج هرم السلطة, حتى قال الكثير ممن تفكر في تاريخنا العربي الاسلامي أن ما حدث من تسخير للفقيه او الديني عموما من طرف السياسي عاكس ما تم في التجربة الأوربية لما كان رجل الدين أو ما عرف بالسلطة الروحية يوظف السلطة الزمانية في خدمة لمصالح الكهنوت القائلين بالوساطة الربانية.
يؤكد الكواكبي على أن أراء العلماء الناظرين في التاريخ الطبيعي للأديان3 , تذهب مذهب القول أن الاستبداد السياسي مسؤول من الاستبداد الديني, و هناك من يقول أنه ان لم يكن هناك توليد فهما أخوان أبوهما التغلب و أمهما الرياسة. يتضح من خلال قول الرجل أنه لا مناص من ورود الدين لحومة التبرير السياسي , و قد يتسائل البعض عن دواعي تسخير السياسي في منظومات الاستبداد للمقول الديني؟
لأقول أن للدين سلطانا على العباد, اذ لا يمكن أن يجد الخطاب السياسي النفعي صدى اذا لم يغلف بغلاف الدعوة الأخلاقية و الأيديولوجية4, و هو ما يحمله الخطاب الديني. يرى صاحب الكتاب أنه تم دفع التفسير القرءاني لمربع التوظيف السياسي, و كذالك باخراج شروح و تفاسير لنصوص قرءانية توافق هوى المفسرين المذاهنين للسلطة و هوى سلاطينهم. بل ان الأمر لم يقتصر على النصوص القرءانية المحسوبة على الشريعة بل شمل كل النصوص القرءانية حتى قدم الدين كما يقول الكواكبي بسبل صعبة عسيرة اذ حير العباد بالتفريغ و التوسيع, و التشديد و التشويش و ادخال ما ليس منه فيه, حتى جعلوه أي الدين دينا حرجا يتوهم الناس فيه أنه ان بلغوا ما بلغوا من أمر تعبدهم و أدائهم للطقوس الدينية فلن يصلوا مبلغا يؤهلهم لنيل مرضاة الله. لقد قدم لنا المفسرون المذاهنون للسلطان الله بصورة الحانق الغاضب المتجبر دائما و تعالى عز و جل عن زعمهم هذا فهو الذي وصف بالرحيم, و المتتبع لتفاصيل النص القرءاني يجد أن صفة الرحمة تجيئ قبل الوعيد, بل ان القرءان يقر على اعلاء مبدأ العدل و التساوي و نجد هذا في قول بلقيس ملكة سبأ من عرب تبع تخاطب أشراف قومها: " قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون.."بل نجد ملامح من اقرار مبدأ التشارك انطلاقا من المساواة في الممارسة السياسية . و هذا النوع من القراءة يغيب قصرا لدى المفسرين المذاهنين للسلطان.
تحدثنا عن أمر تقديم الله بصورة المتجبر, الحانق ... و يغفلون عن صفات الحلم و الرحمة الالهية, و هذا الأمر اصبغه وعاظ السلاطين على الحاكم, فنجد المتوكل و الغالب و المعتصم بالله و الرشيد و غيرها من التسمبات. فما من مستبد الى الأن الا و اتخذ له صفة قدسية يشارك بها الله أو تعطيه مقاما ذي علاقة مهه عز و جل.
نعلم أن منظومات الاستبداد أنتجت و لا زالت تنتج ثنائية الخاصة و العوام, و من سمات هؤلاء - أي العوام - أن عقولهم في عيونهم يكاد لا يتجاوز فعلهم المحسوس المشاهد, فان انحصر و غاب , غاب المفكر فيه و انحصر. و هو أمر توظفه الألة الدعائية المروجة للاستبداد, بديمومة شغل بصر و من تم فكر العوام بالمستبد الذي أضحى كنجوم الكرة و الفن, يزاحمهم في الحضور الدائم و المتكرر في وسائل الدعاية و الاعلام.
هوامش
1_ محاولة التنوير العربي هي حركة فكرية ظهرت مع أفول نجم الدولة العثمانية , و رغبت في تحديث البنى التقليدية العربية الاسلامية عبر تمثل النموذج الأوربي.
2_ المقصود هنا ما تم من انزياح عن المقول النظري التأصيلي للديمقراطية عند اليونان " حكم الشعب لنفسه بنفسه ", لممارسة أضحى فيه الممثل للأمة حاضرا كوسيط بينه و بين الحاكم و هناك من يسمي هذا بالتمثيلية خاصة مع بروز البرلمانات.
3_ هو المسلك المعرفي الذي كان يسمى عند المسلمين بأدب السلطان , الذي يوظف الفهم الديني في البحث عن تبرير سياسي.
4_ لا ينبري الخطاب السياسي يتغلف و يتلبس بلبوس يضفي عليه مشروعية و قبولا لدى المتلقي, و قد يكون هذا الغلاف دينا أو عرقا أو جنسا ...



#يونس_أوراغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشترك بين الانسان


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - يونس أوراغ - قراءة في كتاب طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد لعبد الرحمان الكواكبي 1/4