أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يونس أوراغ - المشترك بين الانسان















المزيد.....

المشترك بين الانسان


يونس أوراغ

الحوار المتمدن-العدد: 4402 - 2014 / 3 / 23 - 04:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لطالما بحث الانسان في تفاصيل حضوره الطويل الواقعي و الفكري عن المشترك بينه و بين أخيه الانسان. و لطالما كان طابع العلائق بين بني البشر محط تفكر و تامل فلسفي و فكري عميق, فمن قال أن التواد و التراحم و التضامن و التأخي هو جوهر علاقة الانسان بأخيه الانسان لمن قال ان التعارض و التضاد و الصراع و العنف هو طبيعة علاقة الانسان بأخيه الانسان و هناك من ذهب مذهب التوفيق بين الرأي الاول و الثاني حتى قيل أن الانسان يحمل من نوازع الشر اتجاه الانسان ما يحمل من نوازع الخير.
و مادمنا ننتمي لحاضنة ثقافية هي الحاضنة الاسلامية فالنخض في تقصي ما جاء من امر البحث عن ماهية الانسان داخل هذا البناء الثقافي و خاصة داخل النص القرءاني على اعتبار أنه النص المرجع المؤسس و المولد للنسق الثقافي الاسلامي و لنحاول ان نعير- و التعيير هنا بمعنى الوقوف على نقاط الشيء الايجابية و السلبية – مجموع العلائق التي أكد عليها النص القرءاني بين الانسان و أخيه الانسان.
لقد أولى القرءان الكريم كثيرا من الاهتمام للانسان من ناحية تفحص مكنونات النفس البشرية و طبائعها, ذكر لنقائصها و شوائبها و ترسيخ لشمائلها حتى ورد ذكر لفظ الانسان فيما يربو عن 50 مرة في كتاب الله عز و جل. و من تم فلا باس من العودة لبعض الأيات و الارتكاز عليها فيما سوف يكون من حديث عن الانسان و عن المشترك بينه و بين أخيه الانسان.
يقول عز و جل في سورة النساء "يريد الله أن يخفف عنكم و خلق الانسان ضعيفا"1 , ترشدنا هذه الاية لاولى صفات بل طبائع الانسان و هو طبع الضعف الذي يشمل الانسان اينما كان و متى وجد, حتى ذهب الحكماء الى الى أن قوة بني البشر شذ عن قاعدة كونهم ضعفاء و يتقوى الانسان على أخيه الانسان الضعيف, اذن الضعف قاعدة و اساس شمل – كما قلنا – الانسان في جل الازمنة و عبر كل الامكنة بينما كان التقوي استثناءا اقتصر على بعض من بني البشر على حساب البعض الاخر. و يولد ضعف الانسان خوفه ورهبته من المجهول و الغيبي, من اللامحسوس و اللامرئي , من الكامن في الذات الانسانية و في ما يحيط الانسان من عوالم الحيوان و الجماد و عوالم أخرى كما حددها ابن خلدون .
و لطالما سعى الانسان لدحر الخوف الكامن فيه باضاءة النور و ربما كان من دوافع اكتشافه النار رهبته من الظلمة اذ الحالك و المظلم مكمن لنوازع الخوف لدى الانسان بل باعث لها. و كما أن الانسان على وجه هذه البسيطة يشترك في الضعف و في الخوف فهو يشترك كذالك في اليأس والارتياب مصداقا لقوله تعالى في سورة هود" ولئن أذقنا الانسان من رحمة ثم نزعناها منه انه ليؤوس كفور" 2 حتى أن فؤاد الانسان و نفسه دائمة الارتياب و الشك و القلق الذي يحمله للركون للحق و البحث عن الرحمة فيجد البوذي راحة في تعاليم بوذا بعد قلق و تشكك , كما يجد الهندوسي طمأنينة في تعاليم عقيدته و نسقه الثقافي بعد قلق و تشكك و قس على ذالك بالنسبة لبني البشر رغم اختلاف عقائدهم و دياناتهم و مرجعياتهم الفكرية المؤطرة. و في مسار البحث و التقصي في اختلاف و تفرد التجارب الوجودية لا ينبري الانسان من العجلة في لحظات عديدة فيدعو دعاءه بالخير و دعاءه بالشر و هدا حال الانسان الذي وصفه الله عز و جل في سورة الزمر بقوله "فاذا مس الانسان ضر دعانا ثم اذا خولناه نعمة منا قال انما أوتيته على علم بل هي فتنة و لكن أكثرهم لا يعلمون" 3 ,و هنا يخاطب الله عز و جل في الانسان نوازع الأنانية و التعالي التي تظهر له- أي الانسان- امكانية الاستغناء عن أي قوة بشرية أو غيرها بحضور العقل البشري الذي عادة ما يروج على أنه مكمن الحقائق جلها, و أمر كشفها هو امر وقت فقط غير اني لا اركن كثيرا لهذا القول اذ اعتبر أن حضورا لمساحات الغامض و المجهول يعد دفعا للانسان للبحث و الاستقراء و التفكر و التأمل في الانسان و في الطبيعة.
اعلنت منذ بداية خط هذه السطور عن التزام بالركون لما جاد به النص المرجعي القرءاني من حديث عن الانسان و المشترك بينه و بين اخيه الانسان , غير أني ساحيد شيئا ما عن هذا الالتزام - وليسمح لي القارئ فضرورات البحث تحملك لبعض مما يعاكس المنهج غير أنه منفعة للبحث – لأنفتح شيئا ما على ما جاء به المقول الفكري و النظري الخارج عن الثقافة العربية الاسلامية في ما نحن بصدد الحديث عنه, و هنا أجدني مشدودا – و لا ادري لما – لما جاء به الفيلسوف الشاعر الالماني فريدريك نيتشه في حديثه عن الانسان و المشترك بينه و بين أخيه الانسان, و حديثي عن نيتشه ليس حديث الناقد للمصطلح الفلسفي النيتشوي اذ لا يتسع المجال هنا , بل لا يعدو ان يكون الغرض من استحضار الرجل محاولة استئناس بما ورد عند هذا الفيلسوف الموصوف بالتمرد. لأقول ان المتتبع لتفاصيل حديث نيتشه عن الانسان و المشترك بينه و بين اخيه الانسان, يجد ان الرجل فتح امام الفرد افاقا واسعة و فسيحة في مجال القوة و التقة بالنفس و تحرير الحياة من المسكنة و الذل 4, و حيث دفع الانسان للتغلب على انسانيته بالمجاهدة على العناصر و العادات و التقاليد 5, كل هذا لغرض خلق مجتمع لأفراد متفوقين 6.
ان دعوة نيتشه هذه هي تمرد على حال الانسان الموسوم بصفات اعتبرها – اي نيتشه – صفات دنيا تبعده اينما وجد عن الاتصاف بالكمال مما جعله يصيح عبر جل ما كتب بضرورة خلق الانسان الكامل. لكن ما غفل عنه نيتشه, نظرا لاتساقه على طول تحليله بضرورة نسف جل الشرائع – و هنا المقصود بالشرائع هو طابع التقديس الذي تصطبغ به نظرية ما – و نحن نعلم ان الرجل لم يسعى لخلق شرعة , بل ما غفل عنه هو امكانية اشتراك جل بني البشر في طبع او طبائع ما أطلق عليه اسم اخلاق العبيد؟ و مدى انسحاب القول بالانسان الكامل على جل الانساق المجتمعية ؟
ان نيتشه الحكيم, النبي, الرسول كما قدم نفسه عبر حضور زرادشت, عجز في بعض من لحظات مشروعه الفكري عن الحياد في امر دراسة الانسان و لهذا الأمر سارع في أحيان لاستدعاء طاغ للذات التي اتسمت في أواخر ايامها كما نعلم بالعلة و الضعف, و لهذا نجد نيتشه يعممه – أي الضعف و الوهن - بل يجعله شرعة بشرية اوجب هدمها.كما ان نيتشه حصر القوة في بعض من بني البشر نعتهم بالمتفوقين 7.ان الرجل يعلي من شأن الفردانية و كاني به عانق قول الشيخ الاكبر ابن عربي في فصوص الحكم خاصة عندما تكلم عن النبي محمد (ص) و هو العارف بتفرد خير المرسلين خلقا و تهذيبا و سلوكا و تجربة مع ربه و مع بني جلدته من بني ادم.
اختم قولي هذا عن الانسان و المشترك بينه و بين اخيه الانسان – و ان بدا في ما سطر طول لغايات البيان لا الاطناب و الحشو – بالعودة لايات الكتاب الحكيم لقول امر و هو ان العلي القدير لم يجد ابلغ من وصف جامع مانع لحال الانسان كوصف الجدل , اذ قال جل من قائل" و لقد صرفنا في هذا القرءان للناس من كل مثل و كان الانسان اكثر شيء جدلا" 8, ان الانسان غاية و مكمل التعقيد و التركيب ففيه من نوازع الخير ما فيه من نوازع الشر و فيه من تناقضات الطبيعة ما فيه ... حتى عرف لدى بعض من اعلام التصوف كابن عربي بالعالم الصغير الذي ما ينفك ينهل من العالم الكبير و يعكس كثيرا من تفاصيله.
فما احوجنا لتسليط مزيد من الضوء على المشترك بين الانسان و أخيه الانسان في زمن طغت فيه و سادت نقاط التباعد و التضاد و التعارض. و امكانية كشف المشترك لن تتم بحضور النزعات العاطفية للعقول الصغيرة اذ العاطفة وقود الشقاق, بل تلاقي العقول الكبيرة و ان اختلفت الألسن , العقائد , الأزمنة و الامكنة في عوالم المعرفة هو الكفيل بترسيخ للمشترك الانساني اذ المعرفة تراكم و مكابدة و معاناة.
ينفتح بني البشر على بعضهم البعض لما يعلم كل منا ذاته و نفسه و يهذبها اذ التعارف الذي دعت له الاية الكريمة لا يستقيم الا بمعرفة ذواتنا التي هي باب لمعرفة الأخرين.
فهل يعرف كل منا ذاته و هل اهتم كل منا بتهذيب نفسه؟
هوامش
1- القرءان الكريم, رواية ورش عن نافع, سورة النساء, الاية 28.
2 – نفس المرجع السابق, سورة هود, الاية 9.
3 _ نفس المرجع السابق, سورة الزمر, الاية 49.
4 – فريدريك نيتشه " هكذا تكلم زرادشت ", ترجمة فليكس فارس, بيروت, المكتبة الثقافية ص 6 و 7.
5 – نفس المرجع السابق , ص 7.
6 – نفس المرجع السابق, ص 7.
7 _ نفس المرجع السابق, ص 7.
8- القرءان الكريم , برواية ورش عن نافع , سورة الكهف, الاية 54.



#يونس_أوراغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يونس أوراغ - المشترك بين الانسان