إنتحار قطر

شريف عشري

الحوار المتمدن-العدد: 4406 - 2014 / 3 / 27 - 03:22
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

يقولون فى الأمثال : وهكذا على نفسها جنت براقش .. وبَرَاقش هذه كانت كلبةً لقوم في بلاد المغرب العربي.
وكانت تقوم بحراسة المنازل والحقول، وتصيح وتنبح لتطرد الغرباء واللصوص. وفي ليلة حالكة الظلام ... هاجم جماعة من الأعداء القرية الآمنة، فصاحت بَرَاقش ونبحت نباحاً متواصلاً أيقظ أهل القرية وجعلهم يفرون إلى مغارات في الجبل قريبة منهم... وجرت بَرَاقش معهم خوفاً على نفسها.. بحث الأعداء عنهم فلم يجدوهم، فأرادوا العودة من حيث أتوا، واطمأن أهل القرية وأيقنوا أنهم قد نجوا بفضل بَرَاقش. إلا أن براقش لما رأت الأعداء يولّون، راحت تنبح عليهم.... فأشار عليها أهل القرية أن تسكت إلا أنها لم تفهم الإشارة. وراحت تنبح نباحاً متواصلاً... حتى عرف الأعداء مكانهم فهاجموهم وأجهزوا عليها و عليهم. وهكذا على نفسها جنت براقش .
نشهد في تلك الأيام قصة مشابهة لنفس قصة الكلبة براقش لكن بطلها هذه المرة دويلة اسمها قطر تكاد لا ترى على الخريطة لصغر حجمها ولضآلة عدد سكانها الذى لا يتجاوز ال2 مليون نسمة ! ويرجع اشتقاق اسمها إلى هيرودس ثم بطليموس فى القرن الخامس قبل الميلاد عندما وضع الأخير اسم (قطارا) على خريطته للعالم العربي وقد خضعت تلك الدويلة لحكم الدولة العثمانية لأربعة قرون وظلت هكذا الى أن خرجت للنور وحكمت من قبل الشيخ محمد آل ثاني تحديدا عام 1913م ثم خضعت للاستعمار البريطانى حتى عام 1968 اى الى ان انسحبت بريطانيا من الخليج العربي كله ..وأعلنت استقلالها تمام فى 1971 ..وقد لعبت دورا ما فى حرب الخليج الثانية حيث دخلت فى معركة الخفجي حيث وفرت الدبابات ودعمت قوات الحرس الوطني السعودي ضد القوت العراقية ..كما انها سمحت لقوات التحالف الكندية باستخدام قواعدها الجوية ! وفى عام 2010 وقعت على تحالف دفاع مشترك مع إيران (ألد اعداء العرب) وبعد ذلك إنضمنت لدول مجلس التعاون الخليجي كدولة مطلة على الخليج من ضمن 6 دول أعضاء في هذا المجلس على رأسهم السعودية و الإمارات والبحرين والكويت .. وفى الفترة الأخيرة ازداد صلفها وتدخلها السافر في شئون دول الجوار ومنهم السعودية والإمارات والبحرين حيث آوت لديها قادة الإخوان الإرهابيين وعلى رأسهم القرضاوي مشكلة بذلك تهديد صريح لأمن واستقرار تلك الدول ..فضلا عن دورها التخريبي فى دول أخرى مثل مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن ...وتجدر الإشارة إلي أن قطر قد ساعدت الحوثيين في اليمن وهم مصدر تهديد واضح في الحدود مع المملكة السعودية مما أثار غضب ونقمة الأخيرة عليها ...وازاء كل ما سبق يمكن الوصول لحقيقة مفادها ان قطر مجرد أداه فى يد المتآمر الأمريكي و الغربي الطامع في ثروات الشعوب والدولة العربية والإفريقية ..فالمستعمر دائما يعتمد على سياسة ذهبية متمثلة في " سياسة فرق تسد" وقطر أصبحت بالفعل أداته في تطبيق تلك السياسة ! ..وبالرغم من تحذيرات السعودية والإمارات لها بعدم التدخل في شئونهم وشئون الغير وخصوصا مصر وبعدم إيواء الإرهابيين لديها إلا أن الأخيرة أصرت على موقفها المتعنت ولهذا كان لا مفر أمام أبرز دول التعاون الخليجي من أن توقف تلك الدويلة عند حدها وتستخدم تطبيق مبدأ التلويح بالقوة كقرصة ودن وككارت إنذار علها ترتدع وترجع عن غيها ! فتم سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين كخطوة تمهيدية قابلة للتصعيد الى اكثر من ذلك ..وقد يعقب تلك الخطوة غلق الحدود والطرد من مجلس التعاون وتجميد عضويتها في جامعة الدول العربية ...لكن بلا شك ان مجرد سحب السفراء كان له أثر عميق فى تهديد الاقتصاد القطري فما ان تم تطبيق هذا القرار اللا وقد شاهدنا جميعا انهيارا فى البورصة كمؤشر لبدء انهيار الاقتصاد القطري والذي يربطه مع دول الجوار الخليجي أواصر وروابط قوية ومنذ زمن بعيد ...ويمكن القول أن اعتماد قطر على مورد رئيسي وهو البترول لن يشفع لها -مع مرور الزمن- ما قد ينتاب اقتصادها من هزات اعنف و تقلبات أشد اذا ما استمرت فى تعنتها ...ومن الملاحظ انه بالرغم من أن الأسرة الحاكمة هناك لا تأبه بمثل تلك التبعات فهى المسيطرة على مصادر الدخل إلا أن الشعب القطري بالفعل ظهرت عليه بوادر المعاناة للحد الذى خرجت معه جماعات تطالب بإسقاط النظام والقضاء على حكم تميم .
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة على الساحة الآن هو : لماذا - إلى الآن - لم تتخذ الإدارة المصرية موقفا مشرفا ايجابيا كالذي اتخذته السعودية والإمارات والبحرين إزاء صلف وتعنت وغرور تلك الدويلة والتى مازالت تفتح منبر إعلامها في قناة الجزيرة لأعداء الوطن الإرهابيين الذين يسبون مصر عشية وضحاها ؟ لماذا تبقي مصر –حتي الآن – على سفيرها في قطر ؟ لماذا لم تتقدم حتى بشكوى إلى جامعة الدول العربية ؟ أخشي ما أخشاه أن تكون تساؤلاتي فى نطاق حوار الطرشان .

#شريف_عشري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل