أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالفتاح عبدان - المرددات النسائية الأمازيغية















المزيد.....



المرددات النسائية الأمازيغية


عبدالفتاح عبدان

الحوار المتمدن-العدد: 4398 - 2014 / 3 / 19 - 04:36
المحور: الادب والفن
    


" لو أن العالم كله في كفة والأم في كفة،لرجحت كفة أمي"
لورد لانجديل

-;- تقديم:
لا خلاف في كون حضور المرأة، في مجال الموسيقى والغناء في المغرب، أمر يعود إلى تاريخ بعيد، يمتد إلى ما قبل الفتح الإسلامي، متمثلا في الأشكال الغنائية والراقصة، التي عرفتها القبائل الأمازيغية، والتي كانت المرأة، بطبيعة الحال، تشارك فيها بشكل جلي. ويمكننا أن نلتقط مؤشرات كثيرة عن هذا الحضور، من خلال كثير من المصادر التاريخية، كمعجب عبدالواحد المراكشي، وفيض العباب لابن الحاج النميري، وغيرهما. حضور لم يفتر حتى في أحلك الفترات، التي تم فيها التضييق على الإبداع، لاعتبارات عديدة، ليس المقام سانحا للتفصيل فيها.
وقد تميزت المرأة الأمازيغية، على خلاف نظيرتها العربية، بنسبة كبيرة من التحرر والجرأة في مواجهة الرجال ومقاومة الاحتلال، وذلك نابع من مكانتها العالية في مجتمعها من جهة، ومن اعتيادها على القيام بالعديد من الأشغال خارج البيت من جهة ثانية؛ إذ دأبت على التعايش مع العالم الذكوري ومشاركته الأشغال والهموم. ومن هنا بات غير غريب أن تحضر المرأة إلى جانب الرجل في "أسايس" وتنافسه في نظم الشِعر وأن ترفع صوتها العذب والشجي في جمع من الرجال غير مبالية بأنوثتها ومفاتنها.

1- نبذة عن أدوار المرأة الأمازيغية وارتباطها بالغناء في تاريخ المغرب:
لقد عرفت الحضارة المغربية على مر التاريخ انفتاحا ثقافيا انعكس على مختلف الأنواع الأدبية عامة والفنية خاصة، وكان للموسيقى حضور لافت في المعيش اليومي وفي مختلف المناسبات الاحتفالية سواء منها الرسمية في قصور السلاطين والولاة بعدما استتب الاستقرار في المغرب، أو أيضا في المناسبات الاجتماعية للعامة؛ففيما"كانت الكنيسة في القرون المسيحية الأولى تحظر الموسقى الدنيوية حظرا تاما، وفيما كان رئيسها القديس جيروم (حوالي 342-425م) يقرر أن " الفتاة المسيحية يجب ألا تعرف ما هو اللير أو الناي"، كانت سهول المغرب وجباله تردد أصداء الناي ولا ترى خطرا في الأنغام الشجية المنطلقة من أفواه النافخين فيه، وفيما كانت الكاتدرائية هي وحدها أهم معامل إنتاج الموسيقى في أوربا... كانت الموسيقى المغربية بحق موسيقى الشعب بكامل فئاته، تنطلق من البيت ومن الخيمة وتنطلق من العامل في حقله، والصانع في منسجه والراعي في مرعاه» .ومن هذا المنطلق تمتعت المرأة المغربية الأمازيغية بحرية فريدة من نوعها عصرئذ، وأبدعت في نظم الأشعار والتغني بالأغاني ترفيها عن النفس في ظل كثرة الأشغال التي تثقل كاهلها، وأيضا من أجل الاحتفال بالمناسبات وتخليد الطقوس المتوارثة عن الجدّات. " فالمرأة الأمازيغية مثلت المدرسة، باعتبار أنها كانت تعيد إنتاج الايديولوجيا السائدة في مجتمعها، كوسيلة للحم المجتمع، لتستمر هذه الايدلوجيا في الأجيال اللاحقة، وذلك من خلال المادة الشفوية التي كانت تتواصل بها مع أبنائها وأبناء محيطها" .


2- دور المرددات في الحياة اليومية عند الأمازيغيات
لا شك أن التراث له أهمية قصوى في حياة الأمم والشعوب، إذا يقول المثل الشعبي «من فات قديمه تاه»، فأي أمة ليس لها ماض تفقد حاضرها وتضل الطريق إلى المستقبل .
والغناء جزء من هذا التراث الذي يُضمر أسرار حامله ويعكس نظرتهم للوجود، "فالغناء أداة تعبيرية ناجعة في الكشف عن مكنون الضمير ومخبونه، وفي تسطير معالم العلائق الاجتماعية القائمة بين الناس من كل مناجعها" . ونشير في هذه التوطئة المقتضبة إلى أن هذه الأشكال الغائية التي سنتناولها ليست مجرد ظواهر فنية محضة، بل هي بالأساس ظاهرة ثقافية واجتماعية جد معقدة، أدت وما تزال أدوارا طلائعية هامة، خاصة في مجتمع "يقرأ بالآذان ويكتب بالشفاه".
وإذا كانت الموسيقى لغةً، غير أنها ليست لغة عالمية كما يتصور البعض، وإنما هي لغات مختلفة، إذ أن لكل شعب لغته الموسيقية ذات الخصائص المميزة، وإذا كانت الموسيقى من حيث أسسها واحدة في كل مكان، كونها تنسيق الأصوات بطريقة محببة للأذن وأنها من حيث أصولها مرتبطة بمعتقدات الإنسان وطباعه ، فإن الموسيقى والأغاني الأمازيغية عكست هذه الحقيقة وتميزت عن غيرها من الأصناف المغربية حيث جاءت مشبعة حتى التخمة بهوية الأمازيغ والأمازيغياتومرتبطة إيقاعاتهم اليومية ومخلدة لطقوسهم الاحتفالية.
وقد أدت هذه المرددات الغنائية دورا كبيرا في تفريغ طاقات النساء وتخفيف تلك المشاق التي كانت تكلف بها المرأة الأمازيغية، إذ يخبرنا الباحث في التراث الامازيغيمحمد المستاوي أن المرأة الامازيغية« كانت تحرث وتحصد وتغزل وتنسج وتطحن وترمم سطوح بيتها شتاء وترعى غنمها متحدية ظروفها القاسية تلك بالزغردة والصيحة وبأبيات شعرية معبرة كشاعرة أو مبدعة أو كحافظة مرددة أو راوية...» . إذ إن هذه الأغاني كانت المتنفس الوحيد في طبيعة قاسية تحاسرها الجبال العالية والطقس البارد شتاء والحار صيفا وتقيدها الأعراف والتقاليد المحافظةّ؛ فما كان من هؤلاء النسوة إلا التكتل في جماعات عمل في إطار عملية " تويزي" للتغلب على أعمال البيت والحقل الشاقة، والتي كانت ترافقها أهازيج ومرددات غنائية فردية وجماعية موسومة بإيقاع الطبيعة والأصوات الرنانة والألحان العذبة.
وقد أكدالباحث فؤاد أزروال من خلال مقاله المرأة في التراث الشعري بالريف أن المرأة الامازيغية كانت تنشد الشعر وهي بالبيت تقوم بعملها كالعجين أو الطهي، وبذلك تمرر مجموعة من القيم إلى أبناءها، فحينما تحكي لأبنائها قصد أن يناموا تغرس في أذهانهم الكثير من المواقف والقيم، وكذلك حين تكون بالجبل تجمع الحطب والحشائش تبدع مواويل تنقل من خلالها قيم جمالية واجتماعية وأخلاقية إلى الأبناء وبذلك تمارس دورا مزدوجا التسلية عن ذاتها وتنشئة أبنائها .
وقد كانت الأغنية الريفية– على سبيل المثال- من جهتها جادة محتشمة على العموم تحمل الصدق والتشدد والأغنية الأطلسية بصفة خاصة تقف مرحة مفتوحة مشحونة بصدق العاطفة وصفاء الاحساس تمرح بالنقد والفكاهة الخفيفة البربرية والفقد الاجتماعي والتعليق السياسي وبحكم الحياة ووَعَظَاتِها وعِبَرَها وخلاصات تجاربها- وأيضا برقة الحب وعفة النفس والكلمة واللسان- وبالحياء والاشارة الخاطفة عند الحاجة- وأحيانا الاثارة والتحريض ومخاطبة الضمير ونوازع الأنفة والشرف والإباء وأيضا مقاومة الفساد والانحراف الديني والخلقي والاجتماعي وأحيانا أخرى الهجاء الكاريكاتوري المفزع. إن الأغنية الشعبية باختصار وسيلة لغرس القيم الصالحة ونبذ القيم الطالحة.

3- المرددات الطقوسية الاعتقادية عند النساء الأمازيغيات:
نقصد بالمرددات الطقوسية الاعتقادية تلك المقولات التي ترددها النساء في مواقف معينة إحياء لشعيرة ما أو عند زيارة ضريح محدد أو القيام بفعل ما، وهي نابعت من المعتقدات الشعبية المتوارثة جيل بعد جيل. فمن الثابت أن المرأة حافظة الذاكرة الشعبية– حسب جاك بيرك- وأول متأثر وناقل للخرافات والمقولات الاعتقادية .
ففي مناسبة عاشوراء كان ولازال من عادة الأمازيغ أن يوقدوا النار احتفالا بهذه المناسبة، وكانت تصاحبها أناشيد وأذكار تبدأ بكلمات التوحيد وتتسم، في بعض الأحيان، كما يقع في عاشوراء، بطابع الحزن والتشاؤم، واتهام الدنيا ووصفها ( بأم الغرور) وبأنها "السبع الذي يأكل نسله". وفي الأخير ينبعث الأمل عندما تخاطب المنشدات لهيب النار:
أمسفيضأتاشعالت أكمد أويغ غ ايمال
انشا الله أنارو ما كمد إزوكورن.
( وداعا أيتها الشعلة إلى أن ألقاك في العام القادم
إن شاء الله أنجب ذرية تغذي أوّارك بالحطب.
وفي طقس آخر يخبرنا الباحث محمد المهدي عن شعائر إسكار، وهي تقديم أول حليب الأبقار إلى الجن قصد مباركة الماشية بجبال أوكايمدن بنواحي مراكش، حيث يصف طقوس تلك الشعيرة فيقول:" عندما وصلت «لعزيب»حلبت نجمة البقرة بيدها اليسرى في صمت ووضعت الحليب في إناء. ثم قامت بدور ة حول التحويطة ورشت الجدران الثلاثة وهي تقول:
- "هن دخلت أنون أويداتنتالتيسنت"
- "هن دخلت أنون أما لحق وراو أنتيوادي أبال ربي"
بمعنى:
- ها هو واجبكم يا من يخبئهم الملح
- ها هو واجبكم، فالله وحده الذي بإمكانه مكافأتكم .
وفي نفس المنطقة الأمازيغية بنواحي مراكش كان ولازال من عادة النساء الاحتفال بقدوم فصل الربيع وذلك بإحياء شعيرة أركوك . فبعد طقوس إعداد أركوكو تقوم المشرفة على المراسيم بتناول " الحايك" ثم تدعو بعض النساء ليتبعنها إلى حافة الجرف المطل على سهل الحوز، حيت زاوية سيدي فارس.
شكلت النساء صفا متراصا وهن متجهات بنظرهن إلى الغرب، نحو زاوية سيدي فارس. ثم نشرن "الحايك" ... على طول صفهن إلى أن سقط على الأرض. ثم يشرعن في ترديد ابتهالات موجهة إلى مختلف أولياء القبيلة، سيدي فارس في المقام الأول ، ثم إمي زهرة، سيدي شمهروش وابتهالات أخرى موجهة لله.
- أفلاغياسي رابي درور.
- أيك رابي لبراكةغلبهايمناكغ.
ومعنى ذلك:
- فليحفظنا الله من الأذى
- فليجعل الله البركة في ماشيتنا.
وكانت كل امرأة تتضرع حسب ما تعرفه، وحسب متمنياتها وما بخاطرها، فتأتي نساء أخريات ليأخذن مكان زميلتهن اللواتي تركنه، بعد أن انتهين من التضرع والدعاء إلى أن أشارت " تلمقدمت" لهن بالتوقف وقراءة الفاتحة .
4- المرددات الطقوسية الاحتفالية عند النساء الأمازيغيات:
تعدالمرددات مظهرا من مظاهر الاحتفالات الاجتماعية التي صاحبت تجمعات النساء في كل مناسبة عائلية ترتبط بدورة الحياة ( ولادة- عقيقة- ختان - خطبة – زواج- موت) أو أيضا خلال العمل الفردي أو الجماعي " تويزي"، بل أكثر من ذلك كانت المرددات حاضرة بشكل يومي في حياة الأمازيغيات اللواتي يملن إلى الغناء والرقص أكثر من غيرهن من نساء المغرب، إذ إن إتقان وحذق هذا الفن من طرف الأمازيغيات يعد قيمة اجتماعية فريدة ينظر إليها من منظور الإيجاب لا السلب كما عند العرب. ومنه يمكن اعتبار اتقان الغناء والترديد في المجتمع الأمازيغي سلطة رمزية – بتعبير بيير بوردو- تمتلكها المرأة في كل حين، وعبرها تمارس المرأة سلطة الإغراء الأنثوي بمختلف مفاتنها الجمالية والصوتية والايقاعية والمظهرية، بل أكثر من هذا تحضر حتى لغة الجسد من خلال الرقص الجماعي أمام الجماهير والعموم. فإحياء الاحتفالاتفي القبائل الأمازيغية لا يتم من خلال كراء فرق متخصصة في التنشيط كما هو شائع في المدن والقبائل العربية، وإنما تجتمع نساء تلك القبيلة ويقمن بتنظيم احتفالات خاصة لا تشارك فيها الأجنبيات بتاتا في إطار ما يسمى أحواش في جنوب المغرب وأحيدوس في شماله.
وتعد تلك المرددات التي تتغنى بها النساء في المناسبات الاحتفالية المختلفة جزء من الشعر الأمازيغي التقليدي، يصطلح عليه – حسب عمر أمرير – " أسَالّاو". وهي كلمة يعود أصل اشتقاقها إلى الفعل "ألاّ" أي :إبْكِ. وبالتالي فإن المقصود بكلمة " أسالاو" هو أناشيد البكاء، إذ إن طقس البكاء بسبب لوعة فراق العروس لأهلها كان من المراسيم الثابتة والمؤثرة في العرس الأمازيغي.
وإذا ما اعتبرنا هذا الشعر طقسيا، لأنه لا ينفصل عن عادات معينة تقترن بحفل الزفاف، ففي هذا الحفل مثلا، لا يمكن إلباس العروس لباس الاحتفال، ولا يمكن اخراجها من دار والديها دون ترديد الأشعار المواكبة لذلك، يقول عمر أمرير: " فالأشعار التي تردد أثناء عملية مشط شعر العروس لا يجوز أن تغنى في أية مناسبة أخرى غير مناسبة الزفاف، كما لا يجوز ترديدها في مكان آخر إلا في غرفة العروس. ولا يجوز أن تنشد لأي شخص آخر غير العريسين" .
وفي هذا الجانب سنحاول إبرازبعض من تلك المرددات الغنائية التي كان ولازال من دأب الأمازيغيات ترديدها في مناسبات معينة.
-;- مرددات يوم الحناء في العرس الأمازيغي:
ومن المرددات التي تنشدها المرأة الأمازيغية في يوم الحناء بمنطقة سوس (لهجة تشلحيت) قولهم :
إمزِّكْ الحُّنّة إيسلان
الحنّا يَبْكْنِنْيوضرنيتإغرانإعيّالن أتَّغمينْ
أيلِّي أكد أضارْنمأفاسيأتْدّوت أدام إعرض الخير
أومانن أتكين الحناّ؟
عاد أوا أسوس
أدكغإسمن ربي الرّجا نُّون
الحنّا مادا واتوفيت؟ رداك أكّوكِ
الحنّا مادا واتوفيت؟ رداك أكوكِ
الحنّا مادا واتوفيت ؟ أكنسوَ أتْفل تجفل تجُّوت أمان
إفّوغ إزري.
وترجمة هذه القصيدة هي:
دقّ حنة العروسين
الحناء مختلطة فنادواعلى الفتيات ليخضبن وسط أيديهن
تقول أم العروس: " يا بنتي ابدئي برجلك اليمنى ليستقبلك الخير"
من أين أنت أيتها الحناء؟
الحناء تجيب أنا من سوس
أطلب من الله أن يتم رجاءكم
أيتها الحناء عن ماذا تبحثين؟
والجمال فيك
أيتها الحناء عن ماذا تبحثين ؟
ونحن سنفتح العين لتُسْقَين
أيتها الحناء عن ماذا تبحثين؟
سنسقيك لكي تعطي رائحة طيبة
والماء الذي سيسقيك به سيخرج من المنبع صافيا.
وتعكس هذه المرددة مكانة الحناء في المتخيل الاجتماعي الامازيغي الذي يعتبرها مادة مقدسة ترمز للقوة والطهارة والصفاء، ومنه بات تحضر في جميع الاحتفالات الشعبية المرتبطة بدورة الحياة.
-;- مرددات الزفاف:
من النماذج المرددات النسائية بأعراس الجنوب الأمازيغي المغربي يقدم لنا محمد المستاوي بعضا منها في مقال خاص، ويرى أن تلك المرددات جد كثيرة وهادفة ترددها النسوة والفتيات كنائبات عن العروس والعروسة معا قولهم:
بسم الله الرحمان الرحيم
دايكانءازوار وين تيغاوسيوين
(نبدأ بالبسملة التي تتصدر كل الحاجيات)
ونيابة عن العروسة يرددن الآتي:
ءايمي ما دوانت سول ءينّات
نيكرتوضاهايامانرْغان
ءايمي ما داونت سول ءينّان
رزم تيكمي ءان ءيكشمواكا
( آه ياوالدتي من سيقول لك بعد
انهضي فمياه الوضوء ساخنة
من سيقول لك يا والدتي بَعْدُ
افتحي الباب لادْخال حمولة الحطب)
ونيابة عن والدتها يرددن الآتي:
ءايلّيءاداكءورتالاتي
ءايتهامءاداماكءيسوتلن
ءايليءاداكءورتالاتي
ءيستمام غيد ءولاغينتريت
لحور ما نونتءتادجارينءيلّي
ءيّناستمزّازالمتتغريمتياس
( لا داعي للبكاء يا بنيتي
أشقاؤك هم المحيطون بك
لا داعي للبكاء يابنتي
شقيقاتك هنا وحيث ستذهبين
أوصيكن خيرا بانتي أيتها الجارات رافقنها أينما اتجهتن)
فهذه المرددة يحضر فيها الغناء الحواري الذي يعد سمة مميزة للطقوس الاحتفالية الأمازيغية، ومن خلاله يتم التعبير عن حرقة الفراق ولوعة الألفة التي كانت بين الأم وبنتها.

ومن المرددات الأمازيغية التي ترددها النساء بقبيلة "تيمولاي" بالأطلس الصغير يوم صبيحة الفتاة وذلك حينما تنعكف النساء على تنقية الزرع الذي تقوم أم العروس بإعداد العصيدة من خلاله . وأثناء ذلك يرددن :
بسم الله الرحمان الرحيم
بها يبدأ كل الحاضرين
وبها أبدأ أنا كذلك
يا فاطمة بنت الرسول أناديك
أنت وأبوك تمداني ببركاتكما
في هذا العمل الجاد
الشيخ سيدي احماد أموسى
وكذلك سيدي علي بناصري
أعينوا كل من معنا هنا
ويا فاطمة مع سيدنا علي
يا ذات اللبن والقمح
هل تفتحت الزهور وكثر الخصب
لقد سمعت طنين النحل يطرب
وما ذا أراد هذا الجمال (العروس)
أراد السعادة والهناء
أراد السنابل والحبوب
وتلك حُرمتك يا فرس (العروس)
أن تجولي وتصولي في بيتك الجديد.
تعكس هذه المرددة النسائية الطابع الديني الذي من خلاله يتم تأطير الاحتفالات الشعبية، وتنم عن الارتباط الكبير بآل البيت والتوسل بهم ( الرسول- بنته فاطمة- سيدنا علي) وأيضا التوسل بأولياء ووليات المنطقة، مما يجعلنا نكشف عن مظاهر التدين الشعبي عند النساء الأمازيغيات. هذا بالإضافة إلى حضور الطبيعة باعتبارها رمزا للخصوبة والعطاء ليتم ربطها بالعروس أملا في أن تحدو حدوها في النوال والجمال.
وتتسم طقوس كل المراحل التي تسبق خروج العروس من بيت أبويها، وتلك التي تلي دخولها لبيت زوجها بالسرية والتكتم ، إذ لا تحضرها إلا النساء، كما يُمنع تسجيل مردداتها وفقراتها بأي شكل من أشكال التسجيل، وتبقى الفترة التي يكون فيها موكب العرس خارجا من بيت العروس مترجلا في اتجاه بيت الزوج، من أهم لحظات العرس الامازيغي وأمتعها، تنشد فيها النساء بشكل جماعي أشعار جديدة من "تانگِّيفت" في غرضي المدح والفخر خاصة، مدح أعيان القرية ووجهائها، والافتخار بأنسابها وحلفائها،ويحرص كل أبناء القرية وبعض سكان القرى المجاورة حرصا خاصا على الحضور والسير في موكب صامت بكل هدؤء ووقار وراء الموكب النسائي، وبين الفينة والاخرى يرفع أحد الأعيان صوته بعبارات التشجيع والتبريك، بعد أن تمدحه النساء أو تفتخر ببطولات أحد الفروع التي ينتسب لها.
وللتمثيل لهذا النوع، نورد هذه الاشعار التي ترددها النساء القادمات من منزل الزوج بعد وصولهن الى بيت أب الزوجة في غرفة قريبة من الغرفة التي تقيم فيها الزوجة مؤقتا في انتظار انتقالها إلى بيت زوجها، وتصور هذه الأشعار الأحاسيس والعواطف التي تخيم على المكان في هذه المرحلة:
1- ماس ؤوْنيرأويانغد أنير ماس ؤوْنيرأويانغد أنير
2- أتّ أكّ نكلو س لحرير د وُورغي أتّ أكّ نكلو س لحرير د وُورغي
3- أياتبيرؤوْمالوأياتبيرؤوْمالو
4- أهاد ويلّيك رانين أهاد ويلّيك رانين
5- ؤشكاند أكّين أوين ؤشكاند أكّين أوين
6- أويامتّيد أتّغمو أزّار أويامتّيد أتّغمو أزّار
7- أتّاسي تاغوني أتّاسي تاغوني
8- تاغونيئعلولان تاغونيئعلولان
9- ماس ؤوْنيرأويانغد أنير ماس ؤوْنيرأويانغد أنير
10- أيْلّي قّن أدوكو نم ئيّفوس أيْلّي قّن أدوكو نم ئيّفوس
11- أتّكشمتتيگمّي نم س لخير أتّكشمتتيگمّي نم س لخير
12- تاژرژيت لّي ساترژّي لالاّ فاضمةؤلت نّبي أسام نيت رژيغ
تاژرژيت لّي ساترژّي لالاّ فاضمةؤلت نّبي أسام نيت رژيغ
13- ماكّمياغنئوَامّوؤدلالئجّانماكّمياغنئوَامّوؤدلالئجّان
14- أيلّينوْ أد أكّ ؤرتالاّتيأيلّينوْ أد أكّ ؤرتالاّتي
15- ئسّتّمام غيد ؤلا غين تريتئسّتّمام غيد ؤلا غين تريت
16- ئسّتّمامكادامئسّوتلنيئسّتّمامكادامئسّوتلني
17- نيكر أرّمّان بضو د واكال نيكر أرّمّان بضو د واكال
18- أكّ ؤربّاگنتازّانين أكّ ؤربّاگنتازّانين
ترجمة نسبية:
1- هاتينا بالحسناء يا أم الحسناء
2- كي نزيّنها بالحرير والذهب
3- ياحمَام الأعالي
4- أحبابك في انتظارك
5- جاؤوا لاصطحابك
6- هاتوا بها لتخضيب شعرها
7- لتتحمل المسؤولية
8- المسؤولية الممتعة
9- هاتينا بالحسناء يا أم الحسناء
10- بُنيّتي أَحكِمي انتعال خُفك الايمن
11- لتدخلي بيتكِ بالخير
12- بالخُلاّلة التي تتزين بها للا فاطمة بنت النبي زَيّناك
13- ما الذي يُشغلكِ يا صاحبة الشعر العَطِر
14- بُنيّتي لا تبكي
15- أَخَواتكِ هنا وحيث ستذهبين
16- أَخَواتُكِ تغمرنكِ فرحا
17- يا رومانةَ أقلعي عن الارض
18- حتى لا يبلغكِ الاطفال.
وتجدر الاشارة أن شعر"تانكَيفت" يسمى أيضا ب "أسالاّوْ".ويرتبط هذا النوع من الشعر بالأشغال الفلاحية وبالاحتفالات كالختان، إلا أن حفل الزفاف الذي يطلق عليه "آسالاو" يعد من أهم هذه النماذج الشعرية الطقوسية .
وينبغي التنبيه أيضا إلى أن وقوفنا عند هذه الطقوس ليس لغاية توثيق العرس الامازيغي - خصوصا وأن عاداته وتقاليده تختلف بحسب المناطق والجهات - بل لغاية أخذ صورة مركزة عن المحافل التي تحتضن مرددات "تانكَيفت".
ويعتبر هذا الشعر ضاربا في أعماق التاريخ والذي توارثته الأجيال عبر العصور، وقد امتزج الشعر بما هو طقوسي إذ يعتبر مزيجا احتفاليا يتشكل من الممارسات الفعلية، ومن المرددات الطقوسية، فأصبح من غير الممكن الفصل بينهما.
-;- مرددات حفل الختان بتارودانت:
يبدأ حفل الختان بوضع حناء للصبي في يده اليمنى وفي جبهته قبل يوم الختان، كما تصنع له أمه أو جدته صرة صغيرة تضع فيها شيئا قليلا من الملح والحرمل، وتعقد هذه الصرة بخيط أحمر وتعلق في خصر الصبي، ولا ينزعها إلا بعد عملية الختان بأيام .
يلبس الصبي لباسا أبيض وطربوشا أخضر وتحمله النساء على أيديهن ليقدمنه لأحد الأقارب الذي سيدخله إلى الغرفة التي ينتظر بها " الحجام" وهو المختِّن التقليدي الذي يكون عادة حلاقا للشعر.
وفي هذه اللحظات تنشد النساء المرددة التالية:
لا تخْتْن يا حجام حتى يجي عمو ويخيرو في مالو
وديروا قداموا
والحجام لْعَارْ عليك راه ولدي بين ايديك
طبسيلنا مالقا مرشوش بالخاتم مولاي محمد
بولا فاطما
يا دبيليج خلا أماَرْتو بين ايديا
يا لوليد هو عمارة الدار عليا
گالت مْوهَا دلبلاد ما لاَقَتْ بيا
وكان من عادتهم أن تجتمع النساء في شكل دائرة في ساحة الدار يصفقن بالأيدي، وعندما يتم الختان، يهرب عم الصبي به ويدور به بين جماعة الواقفين ويطغى التصفيق والغناء على صيحات الصبي وصراخه العالي.
وبعد ذلك تنشد النساء والبنات جميعا هاتين الجملتين:
والكَمرة والنجوم والما يجري في المراح
ولوليد كيجري في للصلاحْ
ويُدخل عم الصبي هذا الأخير إلى غرفة أمه ويتركه فوق السرير، فتدخل عليه أمه حاملة البيض المسلوق، ويدخل لديه الحاضرون فيضعون على السرير " الغرامة" وهي نقود يقدمها جميع الحاضرين تضامنا منهم مع أسرة المختون.
-;- مرددات جمع الحطب:
حينما تقترب النساء حاملات الحطب من مدخل القرية بعد رحلة طويلة من التحطيب بالجبال، يرددن:
أحن ما يسنمدهوش
تزريتينمايسكمردول
وترجمتها:
الويل ثم الويل للأمّ الضعيفة
ستترك وحيدة في الخلاء
وبشكل عام فإن الاحتفالات الأمازيغية بالمناسبات المختلفة لا يمكن أن تتم بدون رقصتي أحواش أو أحيدوس اللتان تعدان من مظاهر الاحتفالية الجماعية ، يشارك فيها كل أفراد القبيلة بدون استثناء، رجالا ونساء. وتؤكد الباحثة فاطمة بوخريص: " أن رقصة أحيدوس {مثلا} تنظم تلقائيا وبالضرورة أثناء حفلات الأعراس والختان والمواسم وغيرها من المناسبات. إذ لا معنى لاحيدوس بدون حفل من هذا القبيل ولا قيمة لاحتفال بدون رقصة أحيدوس" .
-;- خاتمة:
من خلال ما سبق نلمس بوضوح مدى غنى وتنوع المرددات النسائية الأمازيغية التقليدية، وهو ما يسمح لنا بالحديث عن موروث فني أمازيغي عريق، يضم مُرَكبا ضخما من الفنون القولية والحركية والفرجوية، ما يزال يشكل خلفية الذائقة الفنية للإنسان الأمازيغي بالمغرب، بما يحمله من أبعاد وظيفية ورمزية وقيمية، ولعلنا الآن في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى العمل على جمع هذه الأشكال الفنية التقليدية وتسجيلها وتوثيقها ونشرها لمعرفة التمثل الجماعي للحياة البدوية الأمازيغية قديما وحديثا.


لائحة المراجع المعتمدة:
-;-أحمد مرسي: الأدب الشعبي وثقافة المجتمع، دار مصر المحروسة، الطبعة الأولى ، القاهرة ، 2008.
-;-عبدالعزيز عبد الجليل: مدخل إلى تاريخ الموسيقى المغربية، سلسلة عالم المعرفة، العدد 65، مايو 1983، الكويت.
-;-محمد أقضاض: مقال المرأة الأمازيغية: أي دور في تربية وتكون النشء؟ ضمن كتاب المرأة والحفاظ على التراث الأمازيغي، سلسلة الندوات والمناظرات رقم 14، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، الطبعة الأولى ، 2008.
-;-أسامة الفرماوي: مقال مستقبل التراث الشعبي، المجلة العربية، العدد 436، العربية السعودية، أبريل .2013.
-;-علال ركوك: مقال رد فعل المرأة اتجاه وضعية التهميشّ، ضمن كتاب تاريخ النساء المغاربيات، أعمال ندوة القنيطرة دجنبر 1997، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، القنيطرة.
-;-د. محمد شبانه: مقال الأغنية الشعبية كنص ثقافي، مجلة الثقافة الشعبية، العدد الثالث، 2008.
-;-محمد مستاوي: مقال الاطلالة على المرأة في بادية سوس من خلال شعرها وشعر الآخرين عليها، ضمن كتاب الثقافة الشعبية بين المحلي والوطني، منشورات عكاظ، الرباط، 1990.
-;-فؤاد أزروال: مقال المرأة والتراث الشعري بالريف، كتاب المرأة والحفاظ على التراث الأمازيغي، منشورات المعهد الملكي للقافة الأمازيغية، مرجع سابق.
-;-الفرقاني محمد الحبيب: مقال الآداب والفنون الأمازيبغية،ضمن كتاب" الثقافة الشعبية بين المحلي والوطني" منشورات عكاظ، الرباط ، 1990 ..
-;-أحمد توفيق: المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر ( إينولتان 1850- 1912)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الطبعة الثانية، الرباط، 1983.
-;-محمد مهدي : رعاة الأطلس ( الانتاج الرعوي: القانون والطقوس)، ترجمة عياد أبلال وإدريس المحمدي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط1، 2013. .
-;-عمر أمرير: رموز الشعر الامازيغي وتأثرها بالاسلام، مكتبة دار السلام، الرباط، ط1، .2003.
-;-أمين العلوي الديبي: مقال فن الحناء بالجنوب المغربي: تارودانت نموذجا، ضمن كتاب تارودانت حاضرة سوس ، تأليف جماعي ، منشورات كلية الآداب والعلوم الأنسانية بأكادير، سلسلة الندوات رقم2، 1993.
-;-رشيد نجيب سيفاو: مقال حفاظ المرأة على تقاليد العرس، كتاب المرأة والحفاظ على التراث الأمازيغي.

-;-محمد أديوان: الثقافة الشعبية المغربية ( الذاكرة والمجال والمجتمع)، مطبعة سلمى، الرباط، .2002 -;-فاطمة بوخريص: مقال الرقص الشعبي وقيمته الثقافية، كتاب الثقافة الشعبية بين المحلي والوطني، مرجع سابق.



#عبدالفتاح_عبدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالفتاح عبدان - المرددات النسائية الأمازيغية