أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثنى كاظم صادق - فيوضات الأمكنة والاحلام قراءة في شعر عبد السادة البصري















المزيد.....

فيوضات الأمكنة والاحلام قراءة في شعر عبد السادة البصري


مثنى كاظم صادق

الحوار المتمدن-العدد: 4397 - 2014 / 3 / 18 - 14:30
المحور: الادب والفن
    


فيوضات الأمكنة والأحلام
قراءة في شعر عبد السادة البصري
مثنى كاظم صادق
تسعى هذه القراءة محاولةً القبض على شواظ شعر شاعر حميم ، لشاعر يخفي في مواجيد روحه مكابداته التي أدلجها حباً للناس وللمكان ... إنه المبدع عبد السادة البصري الــ ( أصفى من البياض )(1) روحاً ... في ديوانه الموسوم فيما بين القوسين الفائتين !! جاء العنوان عتبةً تمثل توقيعاً شخصياً لرؤاه ، إذ حمل العنوان بلونه بعداً رمزياً جاء مؤطراً لمعمارية قصائده في المجموعة ؛ لأن الشاعر قد بنى العنوان بصيغة التفضيل المعروفة ( أصفى ) التي حذف فيها المفضل ( المحذوف ) على المفضل عليه ( البياض ) فما هو يا ترى الذي ( أصفى من البياض ) عند الشاعر ؟!علماً أن اللون الأبيض يضطلع ضمن المتداول العالمي بدلالة رمزية تدل على البراءة والسلام . كما أن صيغة التفضيل ( أصفى ) جاءت دالة على أن ثمة مفضلاً محذوفاً ، ولعلنا نستطيع تأويله ( روحي ) فيصبح العنوان كالآتي ( روحي أصفى من البياض ) وقد اخترت الروح دون القلب ؛ لأن الصفاء في اللغة للروح والنقاء للقلب ، فقد دل اسم التفضيل على شيئين اشتركا في الصفاء ، وزاد أحدهما على الآخر ، فالمفضل هو ( روحي ) التي أتت محذوفة وموقعها قبل اسم التفضيل ، والمفضل منه البياض ؛ وبالنتيجة فإن روح الشاعر قد زاد صفاؤها حتى على البياض . تجربة الشاعر عبد السادة البصري هي تجربة تَمثُل ، تقع في مضمار فيوضات الأمكنة والأحلام ، ولاسيما أن قصائده تتشبث بالماء ، ولا عجب فهو ابن الماء والملح ، ففي قصيدته ( على أنغام المطر يراقصهم الدخان ) نشعر بنثيث العاطفة المستديم ( كلما هبت الريح جاءوا / للشاطيء يسمرون / أحلامهم بضعة أسماك / أو مما يدخره البحر ) ص 7 وظف الشاعر ( كلما ) لإفادتها الديمومة والملازمة ، وكأن ثمة اقتران شرطي بين هبوب الريح ومجيئهم للشاطئ ؛ لكي يسمروا ؛ مما خلق ديناميكية بين الهبوب والمجيء ؛ فمجيئهم هذا جاء ؛ لأنهم قد استودعوا البحر أحلامهم التي شبهها الشاعر بالأسماك المتنوعة والمختلفة . يجيد الشاعر تقانة التشفير في نصه الشعري مستثمراً فنون البلاغة في مدونته الشعرية التي تؤوب غالباً إلى حضور ثيمة الفقدان عنده ، ففي قصيدته (أهزوجة الطفولة .. تطوحها الدراريج ) تضج فيها العلاقة مع الغائب ( حافات الرصيف تثلمت الهواجس فيها / وشطآنك تبكي / الحمامات تبكي / الرصيف / الأراجيح / المرايا .... وحتى الصبايا ) ص 12 فقد حرك النص التراكمات الروحية للمتلقي ، ولاسيما أن شبه الجملة ( فيها ) جاءت منبهاً أسلوبياً إذ لم يوظف الشاعر ( عليها ) ؛ لأن الهواجس المتثلمة قد أصبحت جزءاً محتوى في مكونات الرصيف ؛ لكثرة التثلم فقد ورد في القرآن الكريم ( في جيدها حبل من مسد ) بدلاً من ( على جيدها ) لذات الدلالة ، وقد جاء بكاء الشواطئ والحمامات وسواها نتيجة طبيعة لتأوهات الشاعر المستمرة الكثيرة ؛ مما أدى إلى استعمال صيغ الجموع وجعلها تبكي ( شواطئ / حمامات / الأراجيح / المرايا ) وأن البكاء أصبح موغلاً جداً لها وتجاوزت الحالة من بكاء الجمادات والحيوانات إلى بكاء أرق البشر ( الصبايا ) فتوظيف الحرف ( حتى ) في النهاية يمثل خلاصة انتهاء الغاية . ترتد الأمكنة شعراً عند الشاعر عبد السادة البصري ، فمنها ما يؤوب منها وما يؤوب إليها ، بل إن هذه الأمكنة قد وشمته بميسمها ، فأصبح ملكاً لها ، ففي قصيدته ( بميسمه وشمهم البحر ) نجد العلاقة التجذرية لانتماء الشاعر المائي ( الصيادون أسلافي / وشمهم البحر بميسمه / عيونهم شاخصة صوب مداه / والفنارات تجاربهم ) ص 15 يتشبث الشاعر هنا بأرومته ؛ لضرورة نفسية فرضتها بصريته .... أقول فرضتها على اختيار لا إجبار ؛ لأنه وفيٌّ لها بارٌ بها . ينفتح النص على فضاء عميق وواسع ... عميق بجذور الأجداد وواسع بأفق البحر المترامي الأطراف ، وأن الفنارات العالية المضيئة ، هي تجارب نفيد منها نحن الخلف كما تفيد منها السفن في مثاباتها .. وتشكل الاستعارة عند الشاعر رافداً مهماً في إثارة المدفون الذي يمور في مرجل صدره ، ففي قصيدته ( نقاء سرائرنا استعاراته السماء ) تبرز الأنا الجمعية الضاجة بالاستعارات ( نحن الذين أكلت الشمس أحلامنا / وشوتنا الأقاويل على موقد الشبهات ) ص 29 النص أعطى سيولة إيحائية باليأس من خلال الصور التي نقلت التجربة الجمعية لمصير أحلامنا على هذه الأرض ، إذ إن الأحلام يتكالب عليها ( الأكل / الشواء ) ولعل الشاعر قد أختار الشمس آكلة للأحلام تعبيراً رمزياً على مائية هذه الأحلام التي بخرتها الشمس الحارقة ، فالشمس هنا ليست دليل إضاءة وحياة ، وإنما جاءت دليل فناء وموت وهي رؤية كونية عميقة عند الشاعر عندما قلب الدلالة الشعرية المتداولة للشمس ، وأسبغ عليها دلالة أخرى ، وهذه ميزة تحسب له ، ويوغل الشاعر في المفارقة في مجموعته في تجلياته عن نفسه ، واعتداده بها ... في قصيدته ( على البعد تكمن الرؤيا ) استطاع الشاعر انزال القمر وجعله منه ( القمر صافح الأرصفة / فصار واحداً ... منا ) ص 43 ؛ فالنفس جوالة على الأرصفة ، ولا مأوى لعواطفها سوى القمر الذي صافحها من علو فعده الشاعر صديقاً ... وفي مسارب الروح تبرز أرهاصة الاغتراب واضحة في بنية قصائده ، كما في قصيدة ( ذلك هو أنا ) فجدلية الاغتراب أوحى بها العنوان الذي يتجاذبه من طرفه الأول اسم الإشارة الدال على البعيد ، المفصول بضمير الذات الغائب ( هو ) الذي نقلنا إلى الطرف الآخر ، الضمير الأعمق المتحدث ( أنا ) لكي يجذب المتلقي إلى الإنصات إلى ذاته المتحدثة ( كل الكائنات لها مأوى / إلا أنا !! / لم أزل هكذا دائماً / أفتش في ( درابين ) الحياة / عن معنًى لحياتي / التي أحياها بلا ... مأوى !! ) ص 80 فللشاعر يستثنى نفسه من الكائنات لا بكونه كائناً ، وإنما الفارق بينهما في المأوى ( الحلم ) الذي مازال قيد الحلم !! على الرغم من مفاتشة الشاعر عنه ، ونلاحظ أن توظيف مفردة ( الدرابين ) قد أوحت بتداوليتها الشعبية على حالة الشاعر النفسية التي ضاقت ذرعاً بالبحث المضني ، فضلاً عن أن اللفظة دلت على كثرة البحث في الأماكن الضيقة الكثيرة في الحياة ، دونما جدوى وأخيراً لم يحظ بوجود سر حياته هذه .. فهل يا ترى سيبقى بلا مأوى كما يقول ؟!!.
(1) أصفى من البياض / شعر عبد السادة البصري ، إتحاد أدباء البصرة 2008م .



#مثنى_كاظم_صادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمود الصحفي ...شمران الياسري ظاهرة
- أمية الإدارة الثقافية
- يوسف العاني توام المسرح العراقي
- حول الادب المقارن العراقي
- الشاعر الشهير والشاعر الكبير
- العربي وعقدة التعايش المدني
- نحو هوية وطنية مشتركة إشكالية الانتماء والتشظي
- التمثيل التمثيل السردي لصورة البطل مجموعة أرض من عسل مثالاً
- مخبوء النص وخبيء الناص العراق رائداً للنقد الثقافي
- خلف المتعارف عليه
- شمعة الشعر ومصباح النقد
- الصورة المركبة في قصيدة مشهد نهايته انتحار
- المتعاليات النصية في قصص ثورة عقارب الساعة
- مجموعة صاحب الاسمال القصصية المضمر المتخفي
- المرأة في شعر زهير بردى
- قصيدة النثر ومعطلات التعبير
- التحقيب السردي عند القاص حسين رشيد
- ابراهيم الخياط في جمهورية البرتقال
- الذي رأى الاعماق كلها
- الصورة المشهدية في مجموعة مدن وحقائب


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثنى كاظم صادق - فيوضات الأمكنة والاحلام قراءة في شعر عبد السادة البصري