أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - علاء أبو جراد - التَّربية بالحُب














المزيد.....

التَّربية بالحُب


علاء أبو جراد

الحوار المتمدن-العدد: 4393 - 2014 / 3 / 14 - 16:07
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


التَّربية بالحُب
Education via Cordiality

"الذي لا يعرف أن يتعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الماضية يبقي في العتمة"
)الفيلسوف الألماني غوته،(Goethe




الصورة من محرِّك البحث جوجل
الجمعة الموافق 14/03/2014
بقلم: أ.علاء أبو جراد
وزارة التربية والتعليم
فلسطين - غزة

إنَّ النَّاظرَ لواقعِ هذا العصر ونحنْ علي أبوابِ القرن الحادي والعشرون يجدُ التَّقدم العِلمي والتكنولوجي والمعرفي كالرَّبيعِ المُزهر الموُشَّح بكساءِ الخُضرة وعباءة الجَّمال الطَّبيعي. حيثُ نجدُ أنَّ ما قدَّمهُ الانفجار العلمي والثورة المعرفية تطوُّرٌ رهيب أنّا له أن يُكبحَ جِماحَه. فيُلاحظ التَّحسُّن ويُلمس التَّغيير والتَّطوير في كلِّ ما يمتدُ إليك بصرُك سواء علي الصَّعيد العمراني، الهندسي، الطِّبي، الخدماتي والإنشائي ..إلخ وكذلك نُلاحظ أيضاً تقدماً ملحوظاً في البنية العقلية البشرية وتحسُناً مرموقاً في الأداء البشري في مُختلف المجلات الحياتية. ويرجِعُ الفضل في ذلك إلي تحوُّل مسار التَّطوير وبداية التغيير من المادي إلي ما هو إنساني وليس العكس وأيضاً جعلُ العقل البشري مِحور عمليتي التَّغيير والتطوير لا الكينونة المادية البَحثة. فوُجِّهه الاستثمار نحو العُقول البشرية التي هي أداة التَّغيير ومِحراك التَّطور وديناميكية عجلة التطوير. لذا كان لِزاماً تغيُّراً مُلحاً في أساليب التَّربية المعرفية والأخلاقية والاجتماعية والسِّياسية للنشء ليقودَ ويخوضَ غِمار هذه المرحلة ألا وهي التَّطور وصولاً لهذا التقدم الهائل.

لعلَّ تنوعُ أساليب التَّربية الحديثة والمتنوعة أضافَ فوارِقَ كبيرة لهذه المرحلة التي ما زلنا نَجني ثِمارِها وتعودُ بالنفع علي هذه البشرية جمعاء. بيد أنَّ مِنْ أهم هذه الأساليب التربوية وأكثرها نفعاً ومغنَماً لنا كعالمٍ عربي تحديداً، التَّربية بالحُب. لكي نِقف أمام هذا المُصطلح لا بُدَّ وأن نحدِّد ملامح هذا المُصطلح ونوضِّح البنية المعرفية المُكوِّنة له،فمن الملامِح البارزة التي يتَّصف بها مُصطلح التَّربية بالحب أنَّ التربية بناء ذو صِبغة إنسانية لا حيوانية.أي أنَّ تربية الإنسان ليست فطرية إنَّما تربية مُكتسبة يكتسبها من المُحيط والوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه،أمَّا تربية الحيوان فهي فطرية لكون الحيوان لا يمتلك الخاصية التي ميّز الله بها الإنسان عنه ألا وهي العقل. ومن ملامح هذا المُصطلح أن السُّلوك الإنساني قابل للتعديل والتوجيه والإرشاد وهذا يُسهِّل عملية التنشئة والتربية .وأيضاً يتَّسم هذا المصطلح بالانتقالية أي انتقال أثر التعلم من موقف إلي آخر، فطالما وأنَّنا نتعامل مع الإنسان فإنَّ أي سلوك يتعلمه الإنسان ينتقل أثره في مواقف جديدة أخري. كما ويتطور هذا التعلم إلي أن يُصبحَ نموذجاً يُحتدي به.
بعد عرض بعض ملامح هذا المصطلح لا بد وأنْ نُعرِّف ماهية التربية بالحُب، فيمكن الانتهاء إليها علي أنَّها منظومة مُتكاملة تهدف إلي خلق إنسان واعٍ قادر علي قيادة نفسه ومن ثمَّ قيادة مجتمعه نحو الرُّقي والنهوض والحداثة،كما وأن هذه المنظومة تستندُ إلي العلاقة بين المربي والنشء علي أنها علاقة قائمة علي الحبُ والاحترام المغرُوس في نفوسهم وخلق نموذج قيادي يتحلى بمجموعة من القيم والسلوكيات من خلال تعزيز ثقافة الرَّقابة الذاتية للنشء وقبول ثقافة التفاهُم والتعايش المُشترك. وهُنا أذكر واحدة من أشهر ما كُتب وحُفر علي قبر الفيلسوف الألماني امانويل كانْت، شيئان لا ينيان يملآن قلبي بالإعجاب والاحترام ويزداد فكري تعلقاً بهما،وتطبيقاً لهما:السماء المُضاءة بالنجوم فوق رأسي، والقانون الأخلاقي في داخلي. فإذا كان هدفنا خلق إنسان يتمتع بالقيم الإنسانية والأخلاق الحسنة لا خلق إنسان أبيقوري - الأبيقوري هو الشخص الذي يبحثُ عن الحياة بشكلٍ مُبتذل- فلا بُدَّ من غرس ثقافة الرَّقابة الذاتية والقانون الأخلاقي في داخل كل فرد من أفراد المجتمع بشكلٍ حضاري وبأسلوبٍ تربوي يَغرسُ القيم ويُعلِّم الأخلاق بثقافة الحُب لا الخوف والعُنف لأنَّنا بهما نصلُ إلي فردٍ يضبطُ سلوكه دافع الخوف لا الأخلاق والقانون الداخلي.
فبالحُب نصل إلي قلوب النشء ونُخاطب عقولهم، فإذا أردت أن تخاطب فرد ما فسعي إلي أن تمتلك قلبه لأنَّك عندها ستمتلك عقله. فإذا ما امتلكت قلوب الناس امتلكت عقولهم فعندها بإمكانك اخِبارهم بما تُريد. كما وأنَّ التربية بالحب تُعزز مبدأ التعايش السلمي والديمُقراطي وتُنمّي النقد البنَّاء الذي نفتقر إليه في عالمنا العربي وأيضاً تُرسِّخ فينا مبدأ النقد الذاتي والموضوعي الذي يُتيح للفرد أن يُقوِّم ذاته لكي يقف علي نقاط القوة ويُعززها ونقاط الضعف ويُعالجها. التربية بالحُب تُنشء جيلاً حضارياً يؤمن بذاته وبالآخر لا جيلاً يُؤمن بالخوف والقمع والتَّلفع بالتَّشدد والغلو، كما وتزرعُ بذور الإخاء و التَّسامح والعطاء والتَّعدد لا الانغلاق والتقوقع والرفض والانسداد. فإنَّ النشء الذي يرضعُ ثقافة الخوف والرهبة منذُ نعومة أصابعه لا يُرجي منه انفتاحاً ولا تبصُّراً ولا عقلانيةً ولا تعدديةً ولا ثقاٍفة إنسانية سمحاء. فليس لنا من سبيل إلا أن نعيد النظر في أساليب التربية والتنشئة المجتمعية في عالمنا العربي ونُسعي جاهدين إلي تنشئة جيل يعرفُ لغة الحب والتَّعايش، واثقٌ بنفسه واضعاً نُصب أعيُنه هدف الوصول إلي الغاية الوجودية ألا وهي العيش بإنسانية.







#علاء_أبو_جراد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جامعةُ القُدس المفتوحة .. قصَّةُ نجاح كُوسموبوليتي


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - علاء أبو جراد - التَّربية بالحُب