أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حفيظ بوبا - مع القمر














المزيد.....

مع القمر


حفيظ بوبا

الحوار المتمدن-العدد: 4390 - 2014 / 3 / 11 - 18:29
المحور: الادب والفن
    


يا أيها القمر الساطع في الأفق المتفحم مرر ضيائك الشفاف إلى غرفتي، غطي كل زواياها بلحمك النير وكن سراجاً وهاجاً أستنير بنبضه الأزلي، فكل منافذ الضياء قد أُسدلت ستائرها الداكنة.. حتى نفسي لم تعد تشرق بإشراق الأشياء من حولي، لا الصباح ولا ابتسامات البراعم ولا الكينونة اللطيفة ما عادت تملك قلبي عني في شيء من الحب والانبهار، أشعر بنفسي تغيب بين ضيق شقوق هذه الجدران لتختفي عن الدنيا بأخبارها وتفاصيلها، وأصير أنا ذاك الغريب الذي آثر من الناس نكرانهم في محل معرفتهم وسخطهم عوض كسب ودهم وانفصل عن كل ما يمت إليه بصلة من الصلات وعاش فوق تقطيبة الحياة لا يرى فيها أكثر مما يراه فيها الشيخ الأعور الذي كذب نفسه و زعم أمام غيره بأن ما يرونه منها يراه معهم ويشاركهم شبق النظر لكنه أبعد من أن يلمح من ألوان الأشياء صوابها الطبيعي..
أيها القمر الباسم كم ملكت فتنتك عن العاشقين منامهم فهلا زودتني من جعبتك القليل من دعة الجفون وبلسم الأحلام فأنام على غير مرقدي الذي انصهر فيه شيئا فشيئا وتذوب فيه شمعة حياتي مع شمعة ليلتي الفاترة، أنام على كل سحابة عابرة، أنام على شعاع الشمس المتسلل بين أغصان الخمائل، فوق ثغر الزهر وصدر الروابي .. في تبسط الأمواج عند الضفاف أنام..
أيها القمر عشت ما عشت في الدنيا أمر في طرقاتها وأريح نفسي في مقاعدها وأتخلف إلى مدارس العلم فيها وأرتاد نواديها ومكتباتها.. فينتهي يومي دون أن أعرف له بداية فأجر خطوات التعب عائداً إلى بيتي أملاً براحة نهايته التي ما عدت أعرف لها طريقا ولا لجفوني الذابلات عهدا جديدا بملامستها والسكون إليها..
يا مَلَك الليل المبعوث قد رغبت عني كل أطياف اليقظة بعدما نكرتني رؤى المنام وقد سمعت قبلا أن البيت المهجور لا تبرح الأشباح تقبل إليه ليلاً فلا تهجر أركانه المظلمة في يوم من الأيام أو في حين من أحيان السأم لكني أبيت أصارع الليل في نزال اليقظة حتى أصرعه فيأوي إلى مأتاه دون أن أرى لها وجهاً أو أسمع لها صوتاً فأستأنس به وأعزي به نفسي عن السهاد والأرق..
أيها الحارس الأمين على أرضنا أيها الوجه المليح ما من ذاكرة قريب أعرفه ويعرفني إلا ومزقت فيها صورتي وانقطع عنها ذكري وهوى رماد رسمها إلى بؤرة النسيان.وقد انطوى عني من قرابة الأهل والأصحاب الكثير كما تنطوي أنت فتخلوا السماء من سمير المعذبين وأنس المكلمين وصديق المنكوبين
أيها القمر تتبدى في السماء على تبدل أطوارك وكل طور يختلف أيما اختلاف عن سابقه ولاحقه ثم تنطوي في منزل المحاق كأنك لم تكن ولا حُكَّت نيرتك الباهتة في أدراج السماء فما بال وجهك لا يطالع الأرض ولا يسلي المحزونين ولا يرسل خلجات الإلهام يا قمر؟
أيها البدر الخالد بخلود الحياة كم نفساً تقهقرت في هذا الليل وهذه الظلماء كم عيناً فاضت وكم قلبا تكسر في سكون يكبح كل الأصوات وأنت تولد كل ليلة وترى الولادات والنهايات وتسمع كل الآهات والتأوهات ولا تختلج في رحابة صدرك عاطفة من تلك العواطف التي قد يشعر بها الأخ لأخيه والأب لأبنه والزوج لزوجه حتى صفحة وجهك مجردة من كل تعبير لا تبين عن استياء وخوف ولا عن فرح أو حزن..
أيها القمر علمني من أديمك كيف يصير للآدمي قلباً صافياً من كل شوائب الدهر درسني مبادئ البراءة تحت سقف الليل الموحش بلغة الكينونة والطبيعة حتى يصير مآلي من أهل السموات ومراتب الأتقياء لا من أهل النفاق ومراتب الأدنياء.
أيها القمر موعدي مع النوم موعدك مع الأفول نبيت نحدق إلى بعضنا البعض كأننا متعارفين منذ زمن بعيد غريبين وحيدين الآن نمر برتابة تجرف كل أحلامنا بالغبطة والسعادة وكلانا يكافح لكي يرى يومه التالي خلف ستائر الحياة..



#حفيظ_بوبا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الظل المفقود
- يكفي الصمت
- رحيل
- الخطاب الإنهزامي في شعر علي محمود طه


المزيد.....




- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حفيظ بوبا - مع القمر