أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مسلم الحسيني - الاسلام السياسي عند العرب : نجاح أم فشل؟















المزيد.....

الاسلام السياسي عند العرب : نجاح أم فشل؟


محمد مسلم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 4388 - 2014 / 3 / 9 - 22:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاسلام السياسي عند العرب : نجاح أم فشل؟



في عصرنا الحديث هذا وبعد التحرر من قوى الاستعمار الأجنبي، حكمت الشعوبَ العربية أنظمةٌ سياسيّة متباينة في استراتيجياتها ورؤاها ومتشابهة في ممارساتها ويومياتها، فكم تعالت الهتافات السياسيّة المتناقضة وكم تصارعت الأهازيج المتضاربة حتى صُمّت بها الآذان وارتبكت بها الأفكار. فتأريخ الانقلابات في بعض البلدان العربية كان طويلا وشاقا وكل ثورة تلعن سلفها بل قد تثور على نفسها وتغيّر جلدها، أمواج تأتي وأمواج تروح، فزالت عهود وتسلطت عهود والمعادلة ثابته كما هي رغم التجارب المختلفة. غازل الشيوعيون أفكار الشارع العربي إبان المد الشيوعي وجرّب القوميون حظهم إبان عهد الرئيس عبد الناصر بينما أنبعث حزب البعث ليجمع في نظرياته بين اشتراكية الشيوعيين وعروبة القوميين فأدار دفة الحكم في كل من العراق وسوريا تحت شعار الوحدة والحرية والاشتراكية. في حين صفقت بعض شعوب الدول العربية لانقلابات العسكريين ظنا منها بالتغيير والوصول الى الأمل المنشود، فأزاح بن علي الحبيب بورقيبة عن السلطة في تونس ونحّى معمر القذافي محمد ادريس السنوسي عن دفة الحكم في ليبيا، إلاّ أن الانقلابيين لم يكونوا أحسن حال من أسلافهم وما بدلّوا تبديلا....
جرّبت هذه الشعوب كلّ شيء حتى خاب أملها بكل شيء، فصارت تتوق لممارسة جديدة لم تمارسها من قبل وتجربة مختلفة لم تعشها سابقا. كانت شعارات الاسلام السياسي المخطوطة بحروف النسك والبراءة ونبذ السوء تخلب الانظار وتخطف القلوب وكان منطق الخطابات السياسية المرصع بالمبادئ السماوية والاخلاق الروحانية يداعب الأحاسيس ويستلطف النفوس. استهوت حركات الاسلام السياسي قلوب الناس وعقولهم حتى حصلت المتطابقة الحسابية التي فيها كلما يضطهد الحكام احزاب الاسلام السياسي كلما تزداد شعبيتها في نفوس ودواخل البشر. نمت عقدة "الممنوع مرغوب" حتى وصل الحد الذي غدت به هذه الاحزاب املا منشودا ومنقذا منتظرا، فالخلاص الحقيقي من الشر المستطير يكمن بيد الدين السياسي الذي سيصنع من كل بلد جنتين، جنة في الدنيا وجنة في الآخرة تجري من تحت كلٍّ منهما الأنهار!
وهكذا توقع المحلل السياسي ان يكون خيار الشعوب هو الدين السياسي لو دُقت اجراس الديمقراطية وحصلت الانتخابات. وتحقق ما كان متوقعا فقد فازت الاحزاب الاسلامية في العملية الديمقراطية في غالبية البلدان العربية التي مارست الانتخابات، فابتدأت السلسلة بالسودان ثم الجزائر ثم فلسطين ومرت بالعراق وعرجت على تونس وتوقفت في مصر. غير ان الشعوب لم تصبر طويلا في امتحاناتها، فسرعان ما حررت النتائج واعلنت القرار، اذ وجدت هذه الشعوب بان ممارسات الاحزاب الاسلامية لا تختلف عن سواها من قبل بل سلكت سلوكا يتعفف عنه الاسلاف في بعض الاحيان!
الذي حصل في بلداننا بعد وصول الاحزاب الاسلامية للسلطة هو ان أزداد الكساد كسادا والفقر فقرا والبؤس بؤسا والفساد فسادا، فانحسرت الحرية واختفت السعادة وغاب الأمان حتى تفاعلت الناس وبدأت ترفع شارات الغضب...أنقلب العسكر على النظام الاسلامي في السودان فخرج الصادق المهدي وجاء البشير والشعب لم يحرك ساكنا حيث السكوت علامة الرضا...انشطرت فلسطين الى نصفين فالضفة الغربية يقودها علماني وغزة يقودها اسلامي، العلماني يتنفس تحت الماء والإسلامي مختنق....وانشطر العراقيون فيما بينهم الى طوائف وشرائح وفصائل واقسام أحدها يتناقض مع الآخر ويتمترس بعضها ضد البعض، فنقطة اللقاء بين السياسيين هناك واحدة فقط الا وهي نهب المال العام وبث روح الطائفية!...احتقن الشارع التونسي حتى وصل حد الانفجار لولا تخلّي الاسلاميين عن السلطة في الوقت المناسب....ثم خرجت الملايين المصرية بعد سنة واحدة فقط من حكم الاخوان المسلمين وهي تطلب الانعتاق والحرية مستنجدة بالعسكر...
فشل الاحزاب الاسلامية في كسب الشارع الذي اختارها يكمن، في نظري، عند الاسباب الرئيسية التالية :
اولا، ابتلت الاحزاب الاسلامية بصفة مشتركة بينها هي استشراء حالة الغرور في عقول قيادات وكوادر هذه الاحزاب حيث ترى بأن لها وكالة ربانية في حكم الأرض. كل الذي تفعله صحيح ومبرر وهو في مرضاة الله تعالى حتى وان وصل الى حد سرقة المال العام أو إراقة دماء الآخرين. الغاية عندهم تبرر الوسيلة ولا وجود للمحرمات أمام الهدف! هذا التطرف في التفكير انعكس سلبا على السلوكيات مما خلق حالة من الاشمئزاز الشعبي لسياساتهم.
ثانيا، حالة الانكماش والتقوقع حول الذات " الايكوسينتريزم" هي صفة اخرى اتسمت بها غالبية الاحزاب الاسلامية التي لا ترى الاّ نفسها ولا تفهم الاّ ذاتها، ترفض الآخر حتى لو لبس لباسها وقلّد مظهرها. فما أدلّ على ذلك من تطاحن الاحزاب الاسلامية فيما بينها حد السيف رغم انها تنتمي لنفس المنهج ولها نفس الرؤى والاهداف، والامثلة على ما أقول كثيرة منها : صراع التيار الصدري مع حزب الدعوة الاسلامية في العراق، وكلاهما حزبان اسلاميان شيعيّان، الذي وصل الى حد الاقتتال في واقعة " صولة الفرسان". كما أن حزب النور السلفي في مصر كان من أوائل من سحب البساط من تحت أقدام الإخوان وأيد العسكر في مشروعهم. ان كانت الأحزاب الاسلامية غير قادرة على الانسجام مع بعضها فكيف لها أن تنسجم مع أضدادها ومخالفيها تحت راية الديمقراطية، وكيف ستطمئن الأقليات والطوائف الاخرى لها في بلدان تزاحمت فيها الاديان والطوائف والأعراق!
ثالثا، ضبابية المنهج السياسي وتلكؤ المنهج الاقتصادي واضطراب المنهج الاجتماعي العام: قد يشعر المراقب للأحداث وكأنه لا يوجد للأحزاب الاسلاميّة استراتيجية سياسية ثابته ومعرّفة سواء كان ذلك على الصعيد الداخلي أو الخارجي، فهي تبدو وكأنها تتخبط في محيط غير محيطها. كما أن هذه الأحزاب وبشكل عام تولي جلّ اهتماماتها للمظاهر الدينية المجردة من العمق في أغلب الأحيان، دون الاهتمام المطلوب لبناء البنية التحتية المنتظرة للدولة. هذا من جانب ومن جانب آخر، يبدو وكأن هذه الأحزاب لا تريد أن تنفق جهدا في تدعيم الاقتصاد بمستلزمات الحاجة وضمن رؤى المعرفة والتجربة. وفوق هذا وذاك فهي لا تنشغل في توفير عناصر الرفاه الاجتماعي المعروفة ومتطلبات الشعوب المادية والعلمية والثقافية والنفسية ضمن اسس المرحلة وبالطرق العلمية الصحيحة. في أغلب الأحيان تعتمد هذه الأحزاب على كوادرها الحزبية في ادارة الشؤون، إلاّ أن هذه الكوادر تنقصها التجربة والكفاءة، فهي لا تستعين بالكفاءات الحقيقية المتوفرة في ساحاتها لأنها لا تطمئن الاّ لنفسها ولا تؤمن الاّ بذاتها. بهذه المفاهيم والسلوكيات تبقى عجلة التقدم والازدهار واقفة في مكانها إن لم تتقهقر الى الوراء وتبقى البلاد خلف نظم التحضر والمدنية.
طبقا لما سلف فتجربة الشعوب العربية مع الاحزاب الاسلامية لا تشير الى حصول قناعة في تحقق الآمال المنشودة، بل على العكس توحي برحيل جماعي للقناعات نحو صوب آخر بالرغم من حصول بعض الاستثناءات المؤقتة من هنا وهناك. إذ ربما ستنجح الاحزاب الدينية في العراق من نقل الصراع السياسي العنيف بينها الى خانة الصراع الطائفي في المجتمع وهذا قد يعزز بقاءها في السلطة ولكن الى أجلٍ مسمّى....



#محمد_مسلم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في انتخابات العراق البرلمانية القادمة
- حوار مع كئيب
- بين عاصفتين
- بين عناء الجاذبية وراحة النسبيّة...
- المجتمع العراقي وأزماته السياسية المعاصرة
- نظرة تحليلية جديدة في ازدواج الشخصية
- دهاء المالكي والصراع على السلطة
- السياسيون وعقد الشخصيّة
- بلدان بلا حكومة : أوجه التشابه والإختلاف.
- لماذا يصرّ المالكي على رئاسة الحكومة؟
- ورود في قائمة الانتخابات
- دموع تحت أغصان الصفصاف
- بواعث الإحساس عند الإنسان
- سيناريوهات تشكيل حكومة عراقية جديدة
- مذكرات رحلتي الى العراق
- أنصفونا قبل أن - تدمقرطونا-
- أوربا صار لها رئيسا ،فمن هو...؟
- تركيا والسلوك السياسي المزدوج.
- الإنتخابات العراقية وصراع الأقطاب
- عطش في وادي الرافدين!


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مسلم الحسيني - الاسلام السياسي عند العرب : نجاح أم فشل؟