أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بودهان - الأمازيغية والمرأة ضحيتان لعنصرية واحدة














المزيد.....

الأمازيغية والمرأة ضحيتان لعنصرية واحدة


محمد بودهان

الحوار المتمدن-العدد: 4386 - 2014 / 3 / 7 - 14:07
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


بمناسبة عيد المرأة
جاء في كتاب "نفح الطيب" لأحمد بن محمد المقري التلمساني (تحقيق الدكتور إحسان، الجزء 3، دار صادر ـ بيروت 1988، صفحة 412) ان الشاعر الأندلسي السميسر، المتوفى في 480 هجرية، قال في هجاء الأمازيغيين البيتين التاليين:
رأيت آدم في نومي فقلت له ** أب البرية إن الناس قد حكموا
أن البرابرة نسل منك قال إذن ** حواء طالق إن صح الذي زعموا.
لن أقف عند المعنى الظاهر الخارجي، والذي يفهمه كل من قرأ البيتين، هذا المعنى الذي يعبر فيه الشاعر العربي عن أفظع وأبشع صورة للعنصرية تجاه الأمازيغيين. إذا اكتفينا بهذه القراءة "الخارجية" للبيتين، فإن العنصرية ضد الأمازيغيين تصبح أمرا شخصيا مرتبطا بالشاعر والظروف التي قال فيها شعره.
هناك شيء آخر غير هذا المعنى الجزئي الظاهر و"الخارجي" الذي يربطه الشاعر بآدم ـ آدم العربي طبعا ـ الذي رفض أن يكون "البرابرة" من صلبه ونسله رغم أنه أب كل البشر! هناك معنى آخر أعمق وأصدق لأنه يجعل من احتقار الأمازيغيين ظاهرة عامة توجد في كل زمان ومكان توجد فيهما الإيديولوجية العروبية، وليس أمرا لحظيا ناتجا عن انفعال الشاعر ومقصورا عليه وحده، وفي منطقة محددة بالأندلس، وفي تاريخ معين من القرن الثالث عشر أو الرابع عشر.
إلا أن الجانب الأكثر أهمية ودلالة ـ لكن لا يمكن إدراكه من خلال القراءة "الخارجية" للبيتين ـ هو أن الذي يؤدي ثمن وجود الأمازيغيين هي حواء وحدها، التي هي رمز للمرأة. وبما أن آدم لا يعترف بانتساب الأمازيغيين إليه، فهذا يعني أن حواء "زانية"، وأن الأمازيغيين "لقطاء" وأبناء غير شرعيين لأنهم ثمرة للخيانة الزوجية ولعلاقة جنسية خارج بيت الزوجية. نلاحظ إذن انسجاما في فكر الشاعر الذي وظف خيانة المرأة/حواء بجانب الأمازيغيين الذين لا زال لهم "ارتباط" بالخيانة عندما يستحضر "الظهير البربري" ويقال بأن الاستعمار استعملهم لضرب الإسلام والوحدة الوطنية. ولهذا فإن في البيتين من الاحتقار للمرأة/حواء أكثر مما فيه من الاحتقار للأمازيغيين ما دام وجود هؤلاء ناتجا عن خيانة حواء/المرأة التي جاءت بنسل لقيط لتدنس النسب "الشريف" لأبناء آدم. فآدم لم يطلق حواء لأنها كانت سبب عصيانه لأمر إلهي وإقدامه على أكل الفاكهة المحظورة، وما نتج عن ذلك من عقاب له بطرده من الجنة وإنزاله إلى الأرض حيث تنتظره المعاناة التي لا تنتهي، وهو ما كان سيعتبر مبررا مقبولا ومعقولا لفسخ رابطة الزواج، لكنه قرر تطليقها إن كانت أما للأمازيغيين. فـ"الخطيئة الأولى" Le péché originel للمرأة/حواء ليست هي تحريض آدم وإغواؤه على الأكل مما نهى عنه الله، كما في المسيحية، بل "الخطيئة الأولى" للمرأة تصبح هنا هي إنجابها لأمازيغيين.
هكذا تكون المرأة مصدرا للخيانة والشر ("الخطيئة الأولى" المتمثلة في أنها أم لأمازيغيين). ولذلك فهي "عورة" لا يمكن سترها إلا بالوأد، سواء في شكله القديم (الجاهلية) أو العصري (الحجاب). هذه النظرة المهينة للمرأة عند العرب هي التي تفسر لماذا لم يصدقوا ولم يفهموا، عند غزوهم لشمال إفريقيا، كيف أن امرأة ـ الملكة الأمازيغية "ديهيا" ـ تحكم شعبا وتقود جيشا وتخرج لمواجهتهم. فهذا شيء لم يألفوه لأنه يتنافى مع نظرتهم إلى المرأة التي كانوا يدفنونها حية لغسل العار الذي تسببه ولادتها. لهذا فسروا هذه الظاهرة ـ ظاهرة "ديهيا" الملكة المحاربة ـ الفريدة من نوعها بالنسبة إليهم على أنها سحر لأنها شيء خارق للعادة، ولذلك سموا "ديهيا" بـ"الكاهنة"، أي الساحرة. البيتان يبينان كذلك، وبوضوح، أن العداء للأمازيغيين والأمازيغية قديم قدم الإيديولوجية العروبية بشمال إفريقيا والأندلس، وليس وليد "الظهير البربري" في 1930، مثله في ذلك مثل احتقار المرأة في المجتمع العربي الذي يرجع إلى ظاهرة الوأد الجاهلية.
المفارقة الصارخة هي أن العرب استعملوا الإسلام، الذي جاء ليساوي بين بني البشر ويرد الاعتبار للمرأة، لإقامة لامساواة بينهم وبين الشعوب الأخرى، وتبرير هيمنتهم على هذه الأخيرة وإقناعها بأنها أدنى منهم مرتبة وشرفا ولغة، ولإعطاء المشروعية الفقهية لاحتقار المرأة واعتبارها عارا وعورة.
إن ما يتضمنه البيتان من عنصرية ضد الأمازيغيين، ومن إهانة للمرأة شيء لا زال قائما وسائدا يعاد تكراره وإنتاجه. فالوضعية الدونية التي تعيشها الأمازيغية، مقارنة مع العربية المدلّلة، هي نفسها الوضعية التي توجد فيها المرأة مقارنة مع ما يتمتع به الرجل من امتيازات وحقوق هي محرومة منها. وهذا يعني أن رد الاعتبار للأمازيغية ومساواتها بالعربية لا ينفصل عن رد الاعتبار للمرأة ومساواتها بالرجل لأنهما ضحية نفس الإيديولوجية الأمازيغوفوبية ونفس الذهنية الذكورية. فالأمازيغوفوبية والميزوجينية Misogynie (عداء المرأة واحتقارها) نتاج واحد لتفكير واحد وعقلية واحدة. وليس صدفة أن الشاعر العنصري ربط بين الأمازيغية والمرأة/حواء لأنهما قضيتان مترابطتان أصلا منذ وصول العرب إلى شمال إفريقيا والأندلس.
فهل ستفهم المرأة المغربية أن الدفاع عن الأمازيغية هو دفاع عنها أيضا فتنضم إلى جبهة الحركة الأمازيغية؟



#محمد_بودهان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هم الناطقون بالدارجة في المغرب؟
- -التضبيع- في تجريم -التطبيع-
- هل هو موقف جديد لحزب الاستقلال من الأمازيغية؟
- بين -ديوناني- الفرنسي والمقرئ أبوزيد المغربي
- -عريضة المطالبة بالاستقلال- تكرّس إقصاء الأمازيغية
- المقرئ الإدريسي أبوزيد أو -الأمازيغوفوبيا- بلا حدود
- الرسام الأمازيغي موحند سعيدي يغادرنا إلى الأبد
- عبقرية اللغة الأمازيغية وسر صمودها
- فرنسا تواصل سياسة التعريب التي بدأتها منذ احتلالها للجزائر و ...
- الدارجة و-لاتاريخانية- الأستاذ العروي
- الحاجة إلى ثورة «كوبرنيكية» مغربية
- متى يعترف المغرب بالفرنسية كلغة وطنية؟
- العدالة والتنمية، هبة من السماء للنظام المخزني
- رِفْقا باللغة العربية أيها التعريبيون، رجاءً لا تقتلوها بتعر ...
- المجانية والتعريب أو ألة تدمير التعليم العمومي بالمغرب
- خطْب (بتسكين الطاء) الجمعة
- وما هو الحلّ لإصلاح التعليم بالمغرب؟
- لماذا وصف مصري مساند ل-لإخوان- المغربَ ب-ملجأ اللقطاء-؟
- عندما يكون الغلو في الانتماء إلى العروبة دليلا على الانتماء ...
- لمَ الخوف من الدارجة المغربية؟


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بودهان - الأمازيغية والمرأة ضحيتان لعنصرية واحدة