|
غثيان أنثوي..
روان الصوراني
الحوار المتمدن-العدد: 4386 - 2014 / 3 / 7 - 08:35
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
حين اتخذ قلمي قرار البوح ،تلعثمت كلماته المكبوتة ، وتململت خجلة .لا لعلة فيها ،أو لعطب طال قدرتها التعبيرية ، بل كونها تعاني _ومن فترة_ غثيانا نفسيا ، مصاحبا بعجز صامت ،وله أعراض مزمنة أبرزها :ازدواجية المعايير ،التشييء،العيب والحرام،ستر العورة،الاستعباد،التبعية .. وحرصا مني على تحرير كلماتي – التي أصابها الجمود- ، سأنضو عنها ثوب الصمت ،بعقل ناقد ،وفكر واع مركز خطابه الإنسان ، وقوامه الدعوة إلى حرية الإنسان ،ومحدداته بث الوعي الثائر الرافض للأمر الواقع والتبعية للذكر ؛ فكوني أحيا في مجتمع يمجد الذكورة لا يعني تسليمي لهذا الخطأ وتعاملي معه وكأنه الأصل . وعليه فإن الخوض في الحديث عن المرأة لا بد وأن ينطلق من كونها أصل لا فرع منبثق عن أصل ، وهذا المفهوم لن تمتلكه المرأة سوى إن امتلكت الوعي الكافي الذي يؤهلها لانتزاع هذا الحق الذي يضعها هي والذكر في مرتبة واحدة ؛ فلا وجود في الحقيقة لفطرة أنثوية ، وأخرى ذكورية ،وإنما المجتمع ومفاهيمه وثقافته هم من صنعوا من الذكر أصل ، ومن الأنثى تابع. ذاك التقسيم الذي أحل للرجل ممارسة ما يريد دون رقيب ، وتحريم أي حق لها باعتباره عيبا يمس سمعة العائلة ويهدم أعمدتها الأخلاقية . فازدواجيتنا الشرقية تحلل للشاب الذكر الخوض في قصة حب واثنتان وعشر ، كون ذلك يثبت نجاحه كصائد ماهر للفريسة "الأنثى " ، في حين إن فكرت الأنثى –الإنسان- بالحب فتكون قد ارتكبت كبيرة الكبائر ،وأساءت لجذور العائلة العريقة ،وتجد أول من يقاوم مشاعرها ويحجبها عن العالم أنثى مثلها ، وهنا تخترق عقلي علامة تعجب كبيرة ! كيف بي أن انتزع لكِ حقك وأنت من تمارسين الظلم على ذاتك ، فالحقوق ليست هبة إنما اجتثاث من واقع شعور بالظلم والألم ، فإن أنتِ أيتها الأنثى لم تعِ حقك في الحياة سواء بالقول أو الممارسة وتدافعين عن حق الأنثى من كانت تكون ، إن لم يتحقق لك القدرة على اختيار شكل حياتك ومسارها – الذي تقررينه لا الذي يرسم لكِ مسبقا- ، إن أنت لم ترفضي تجسيدك كونك سلعة للإثارة والمتاجرة ،فلن تتحرك مسيرتك التحررية شبرا الى الأمام وستظلين مجرد ظِّل لذاك الذكر سواء أكان أبا ،أخا ، زوجا .بل وسيسلح المجتمع الذكوري كله قواه لطمس ملامحك وتقييد إرادتك . وبناءا عليه تقف الأنثى اليوم على حافة هاويتين سواء من وجهة النظر الرجعية ، أو ضمن معطيات العالم الرأسمالي، فالهاويتين اتفقتا على تشييء المرأة ، ولكن أولهما شيأها بالتستير ، والآخر شيأها بالتعرية ، فهي إما سلعة مغطاة لأهداف دينية ،أو سلعة مكشوفة لأغراض تجارية .وهذا يكشف خطورة التحديات التي تقف في وجه أنثانا كي تدحض مفهوم تشييئها ، وتنتزع بالوعي والإرادة الحرة مسار حياتها ،قاتلة -بالتسلح بالوعي الناضج- فكرة كونها أنثى قاصر تابع ،فرع ، وناقص ،ومثبتة كونها إنسان واع حر قادر على الاختيار وإثبات الذات ، مع إدراكي التام - وعدم تجاهلي-، إلى أن تحقيق ما تصبو إليه الأنثى من ثبيت لمفهوم الأنسنة للمرأة، وطمس مفهوم التشييء ليس بالأمر السهل، لأنه ارتبط بوعي الناس وممارستهم في مجتماعات مشوهة المظهر والجوهر ؛ فالتحرر من الظلم والتغيير سواء فيما يخص المرأة أو ما يتعلق بأصحاب القضايا العادلة لن تُحصد زهوره سوى بوثبة ثقافية ، يُهدم خلالها الموروث المقدس ، ويتحرر من تقاليده الزائفة ، بالتفكير الإبداعي الناقد ، والعقل الحر ، وهذا كله مشروط بتحقيق العدالة الاجتماعية التي لا يمكن لتحرر المرأة الانفصال عنها ،او تحقيقها دون الوصول إلى مجتمع خال من الظلم والاستغلال .
#روان_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غثيان أنثوي..
المزيد.....
-
مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب
...
-
“لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي
...
-
“القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد
...
-
السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام
...
-
شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
-
عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
-
“مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
-
وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية
...
-
الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي
...
-
ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|