أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - معتز حيسو - قراءة أولية في ظاهرة التضخم















المزيد.....

قراءة أولية في ظاهرة التضخم


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4378 - 2014 / 2 / 27 - 14:37
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


اعتبر أصحاب النظرية النقدية ومنهم ملتون فريدمان بأن التضخم ظاهرة نقدية تحدث حين تتزايد كمية النقود المعروضة بسرعة تتجاوز سرعة زيادة كمية الإنتاج. ويمكن أن يكون التضخم ظاهرة جزئية يعاني منها قطاع إنتاجي محدد. وفي هذا فإن زيادة عرض النقود تحفّز التضخم قبل ارتفاع معدل الدخل الاسمي والناتج القومي الاسمي الإجمالي، ويرغب المالكون خلالها في التخلص من أرصدتهم النقدية الفائضة، ليتبعها في مرحلة لاحقة نمو إنتاجي يترافق مع ارتفاع في الأسعار، وارتفاع تكاليف المعيشة، وانخفاض القدرة الشرائية. وقد ظهرت الأبعاد المحددة للتناسب بين عرض النقود وحركة الأسعار بعد انهيار معيار الذهب. ويتركز ضغط الزيادة في النقود بشكل دائم على مستوى الأسعار بينما التسارع أو التباطؤ النقدي فإنه يؤثر على وتيرة النشاط الاقتصادي.
ويحدد أصحاب النظرية النقدية الوسائل المضادة للأزمة بـ : تخفيض معدل الفائدة، زيادة عرض النقود، تحفيز الطلب الفعال، زيادة الاستثمار الحكومي. لكن حين ينمو العجز في ميزان المدفوعات فإن الحكومة تضطر إلى: رفع معدل الفائدة، تقييد عرض النقود، تقليص الطلب في السوق، إنقاص الإنفاق الحكومي. والنقدويون على صواب عندما يلفتون الانتباه عند تحليل قضية التضخم إلى تزايد العجز في الميزانيات الحكومية والتوسع الهائل في النقود والائتمان والأوضاع المختلة المتشكلة في بعض البلدان في ميدان الأسعار وصرف العملات .
ويلعب التضخم دوراً مهماً في إعادة توزيع الدخل وفي زيادة الاستثمار والنمو العام في الطلب في ظل استخدام كامل يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسرعة تتجاوز نمو الأجور، فيتغير توزيع الدخل لصالح الأرباح وتنخفض حصة العمال من الدخل، ويميل الادخار من الأرباح إلى الزيادة ، وبالعكس فإن تقلص الاستثمارات وانخفاض الطلب الإجمالي يؤدي إلى هبوط في الأسعار بنسبة تتجاوز هبوط الإجور فيتغير توزيع الدخل لصالح العمال وتنخفض الإدخارات. وتؤدي زيادة الاستثمارات إلى: ارتفاع سعر الصرف للعملة الوطنية، ارتفاع أسعار الأصول العقارية، زيادة معدلات التضخم، زيادة الاستهلاك.. بينما يؤدي هروب الاستثمارات وبالتالي انخفاض التوظيف إلى: زيادة العجز في ميزان المدفوعات، فقدان ثقة المستثمر في السوق الوطنية، استنزاف الاحتياطات الدولية للبلد وخاصة إذا حاول البنك المركزي الدفاع عن سعر الصرف.
لكن التضخم ليس ظاهرة نقدية بحتة، فهو يعبّر عن عمليات اقتصادية أكثر عمقاً تميز مجمل عوامل الإنتاج والتوزيع والتبادل والتداول. ويمكن تحديده بأنه فيض الطلب بالنسبة للعرض. وبديهي إن النمو طويل الأمد للأسعار ينطوي على زيادة الموازنة في العلاقة بين عرض النقود والناتج العيني الإجمالي، وليست كل زيادة في النقود تقود إلى التضخم. فقد يتم توظيف فائض النقود في تأسيس أو تطوير المشاريع التنموية الإنتاجية.
وقد تبنى آراء هيلر وردد صداها جون هيكس الذي اعترض على التفسير الكلاسيكي للتضخم وبخاصة النقدويين. وقد رأى بأن جذور التضخم لا تكمن في آلية الميدان النقدي / أي العلاقة بين الكتلة النقدية والدخول ومعدل الفائدة / بل تكمن في الأصول التي تولّد: التضخم الناجم عن شدة الطلب، والتضخم الناجم عن ارتفاع التكاليف. وإذا كانت سرعة النقود تفوق حجم الإنتاج، وارتفاع الأسعار لا يتوافق مع المخطط النقدوي، فإن دعاة هذا المبدأ يكتفون بافتراض عام مفاده وجود فجوات زمنية تفصل مراحل تطور العملية التضخمية.
وقد كشفت أزمتا ( 1969 ـ 1971 و 1973 ـ 1975 ) عن عقم منحى فيلبس الذي يرى من خلاله بعض الاقتصاديون إن أفضل مضاد للتضخم هو البطالة المتزايدة، لكن بعض البلدان شهدت تزايد التضخم و البطالة في آن واحد، ويتحمل التضخم مسؤولية سياسة التمويل بالعجز. ويجدر بنا التنويه بأن أزمة الستينيات التضخمية في الولايات المتحدة كان من أسبابها تصعيد الحكومة الأمريكية لعملياتها العسكرية في الهند الصينية.
وقد تجلّت التحولات المرضية في الاقتصاد الأمريكي والعجز عن معالجة التضخم، خلال أزمة ( 1969 ـ 1971 ) الاقتصادية التي انفجرت أثناء حرب فيتنام. فكانت أول أزمة في تاريخ الولايات المتحدة تستمر الأسعار خلالها بالارتفاع لفترات طويلة، كما تجلى الاضطراب العميق في آلية إعادة الإنتاج أثناء الانتعاش الاقتصادي الذي بدأ ( 1973 ـ 1975 ) وتحول إلى ازدهار تضخمي. ففيما كانت الأسعار تتصاعد بقفزات سريعة أخذت المؤسسات الكبرى تراكم مخزونها من الوقود والمواد الخام والسع الأخرى بإفراط، مما أدى إلى حدوث انخفاض كبير في عرض كثير من السلع،وإلى تفاقم أزمة الطاقة والمواد الخام، وقاد هذا بدوره إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، وإلى إفلاس المنشآت المتوسطة والصغيرة.
ويفسّر >كينز< النمو التضخمي للأسعار، بوجود فائض في الاستثمار قياساً بالادخار، وهو أمر ناتج عن انخفاض الفائدة إلى مستوى يقل عن المستوى المتوازي، ويؤكد أيضاً بأن السبب الرئيسي للتضخم هو افتقار الخزينة للتعدد، ومحاولتها اللجوء لضريبة تضخمية،ويعتبر التضخم ناتجاً عن العلاقة بين الأسعار النقدية والأسعار. لكن من المعلوم بأن التضخم يرتبط أيضاً بنقص الطلب الفعال. ويرى الليبراليون بأن التضخم هو نتيجة زيادة النشاط الاجتماعي / الاقتصادي للدولة لتخفيض نسب البطالة دون معدلها الطبيعي، لذا فإن الأداة الحاسمة لمكافحة التضخم هو الحد من النشاط الحكومي وتخفيض الإنفاق الحكومي، ووضع المزيد من الضوابط النقدية والائتمانية، وتخفيض الإنفاق الاجتماعي، والحد من نشاط المنظمات النقابية والأحزاب السياسية اليسارية التي تعمل من أجل رفع معدل الأجور والمشاركة العمالية في القرار السياسي وإعادة التوزيع بما يضمن العدالة الاجتماعية. ويؤكد فريدرك أوكوست فون هايك بأن دور الدولة التدخلي الهادف إلى تحفيز الاقتصاد يقود إلى زيادة حدة التضخم، وهذا بدوره يقود إلى تبني نظام سيطرة شاملة وتخطيط مركزي، ويرى بأن زيادة التكاليف ( الأجور ) هو سبب التضخم. لذلك يطالب البرجوازيين وممثليهم بتقليص الحقوق السياسية للمنظمات العمالية .
ولأن التضخم ظاهرة اقتصادية يتسم بها الاقتصاد الرأسمالي، فإن الدول الرأسمالية المركزية والشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للقومية، تعمل على تصدير أزمتها التضخمية إلى البلدان الأخرى. لذا فإن عجز الحكومات الوطنية في ضبط التضخم ونتائجه، هو نتاج عوامل التبعية الاقتصادية إلى الرأسمالية المركزية وانفتاحها عليها .
لقد كانت أزمة الكساد الكبير بين ( 1929 ـ 1933 ) من أشد الأزمات التي مرت على الاقتصاد العالمي والتي ترافق فيها التضخم مع الكساد و فيض الإنتاج و زيادة معدلات البطالة وتراجع معدلات الاستثمار وظهور فائض مالي ... وقد اصطلح على تسمية هكذا أزمة بالتضخم الركودي .وقد ظهرت على إثرها، النظرية الكنزية التي يمكن اختصارها بتوسيع دور الدولة بهدف التخفيف من حدة التضخم الركودي، وقد بقيت النظرية الكنزية في حيز الممارسة حتى نهاية السبعينيات من القرن العشرين.
وقد دشن كلٍ من ريغان وتاتشر في نهاية السبعينيات من القرن الماضي الليبرالية الجديدة على أثر أزمة (1973 ـ 1974 ) التي ارتبط فيها النمو السريع لمستوى الأسعار بارتفاع أسعار الطاقة ( الفورة النفطية الأولى ) والمواد الغذائية وتخفيض سعر الدولار، ورغم ذلك كان يُعتقد بأن التضخم نتيجة لتجميد الأسعار والأجور. وقد نتج عنها: انخفاض معدلات النمو الاقتصادي نتيجة تباطؤ محدود في العملية التضخمية. وبالرغم من فرض بعض القيود على التوسع النقدي والزيادة الملحوظة في البطالة والانخفاض الكبير في الطاقة الإنتاجية المستغلة، ظلت عملية التضخم تنمو بسرعة. وكان زعماء المدرسة النقدية في شيكاغو: ملتون فريدمان ، كارل برنر، ف . أ .هايك، من أبرز المروجين لليبرالية الجديدة. وكانوا يرون بأن تنظيم الحكومة للأسعار سيكون له آثار مميتة على حوافز النشاط الاقتصادي، وقد حمّلوا النظرية الكنزية المسؤولية عن الأزمات الاقتصادية. وقد دشنت التاتشرية والريغانية مرحلة اقتصادية جديدة تتميز بالحرية التجارية والمنافسة وفرض سياسية السوق وإطلاق الحرية المطلقة لرأس المال ولشركات الاستثمار، اعتماداً على مؤشر ساي للأسواق والذي يرى بأن الأسواق تخلق الطلب المساوي لها، وتقوم السوق بتصحيح الإختلالات الآنية التي تحدث عبر قوانينه الذاتية. ويرى الليبراليون الذين يعتمدون مؤشر ساي في تحليلهم، بأن الإختلالات التي تحصل في الأسواق هي نتيجة تدخل الدولة, لذلك يفترض عدم تدخل الدولة وترك السوق يعمل وفق آلياته وقوانينه الذاتية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة الإعمار مدخل إلى النهب النيوليبرالي في سوريا
- المثقف السوري زمن الأزمة
- إلى أن يحين موعد الجولة الثانية من «جنيف 2»
- الاقتصاد المنزلي وأهميته في الأزمة السورية
- ... و«الائتلاف» المعارض يذهب وحيداً
- آفاق المستقبل القادم
- خريطة طريق لما بعد «جنيف 2»
- حتى لا تنكسر إرادة الشعب... السوري
- إشكالية الشباب السوري
- محطات في تطور الاقتصاد السوري
- ... وهل نحتاج إلى اقتصاد الحرب؟
- الفكر العلماني: مقاربة للواقع السوري
- السوريون وجهاً لوجه أمام مؤتمر «جنيف 2»
- بخصوص الدولة المأزومة
- وطنية السوريين في مواجهة قوى الاستكبار العالمي
- تحولات المشهد السوري
- الأزمة السورية وإشكالية الوعي الجديد
- مستنقع الاقتصاد الحر( النموذج السوري).
- إشكالية الهوية السورية في سياق الأزمة الراهنة
- المعارضة السورية من أجل ذاتها تدور حول ذاتها


المزيد.....




- جلفار تبيع صيدليات زهرة الروضة في السعودية بـ444 مليون ريال ...
- مؤشر الأسهم الأوروبية يسجل أسوأ أداء شهري في عام
- السعودية توقع مذكرات تفاهم بـ51 مليار دولار مع بنوك يابانية ...
- موديز: الاستثمارات الحالية غير كافية لتحقيق الأهداف المناخية ...
- منها حضارة متعددة الكواكب.. ما أسباب دعم ماسك ترامب بملايين ...
- هاتف شبيه الآيفون.. مواصفات وسعر هاتف Realme C53 الجديد.. مل ...
- القضاء الفرنسي يبطل منع مشاركة شركات إسرائيلية في معرض يورون ...
- لامين جمال يوجه سؤالا مثيرا لنجمة برشلونة بعد تتويجها بالكرة ...
- وزارة الكهرباء العراقية وجنرال إلكتريك ڤ-يرنوڤ-ا ...
- عملاق صناعة السيارات فولكسفاغن وأزمة الاقتصاد الألماني


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - معتز حيسو - قراءة أولية في ظاهرة التضخم