جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 19:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من المعروف جيدا أن للتجار قلوب قاسية وإن لم يكن أغلبهم يتمتعون بقلوب قاسية فإنهم على الأغلب لا يؤمنون إلا في واحد زائد واحد يساوي اثنان(1+1=2) ,وحتى اليوم يمتازون بقليلٍ من الاحترام بين الناس, وهم لا يتواضعون لأحد ولا يحنون رؤوسهم إلا للذهب والفضة والنساء, وهم لا يعطون بالمجان,وإن سنحت لهم الفرصة ليأخذوا بالمجان نجدهم لا يفوتون على أنفسهم مثل هذه الفرصة, وفي الأيام الصعبة ينحاز التاجر إلى حزب المال ولا ينحاز إلى ضميره, ويستطيع التاجر أن يعيش بدون ضمير ولكنه لا يستطيع أن يعيش بدون مال وذهب وفضة.. وليس لديهم قلوب تعطف وتحن وتحب وتعشق, فهم لا يفكرون إلا في المصلحة الشخصية, وكانت معظم شعوب العالم البدائية وغير البدائية لا يحترمون التجار كثيرا كونهم أصحاب قلوب لا تشعر مع الناس ولا يهتمون إلا بغلاء الأسعار, ومن صفاتهم القميئة أنهم يخبئون البضائع وينكرونها لحين ارتفاع أسعارها مما يؤثر في المجتمع المحلي وحركة التداول جراء عمليات الاحتكار التي تعيق تدفق وحركة رؤوس الأموال, وانظروا معي وتخيلوا كيف كان يعمل أو كيف كان تعامل المسيح مع التجار والعشارين وجباة الضرائب, لقد تخلى جابي الضرائب عن مهنته ووزع كل ما لديه من أموال على الفقراء واتبع المسيح الحق, المسيح الذي لا يؤمن بالتجارة وصفات التجار, وتعالوا معي وانظروا في محمد وصحابته كيف أنه أولا كان تاجرا وكيف صحابته كانوا تجارا, ومن بعد ذلك كسبوا التجارة مع الناس وخسروا التجارة مع الله وتحولوا إلى خلفاء وملوك يوزعون ما لديهم من أموال على أقربائهم مثل الخليفة عثمان بن عفان الذي منح أخيه من أمه,المرتد, (عبدالله بن السرح) الكثير من المال حيثُ ولاه على مصر, وعبد الرحمان بن عوف....إلخ ..والقائمة تطول ولا حصر لها.
لقد كانت عقلية محمد عقلية تجارية وانعكست هذه التجارة على سلوكه في الصلاة وفي الأدعية وفي التضرعات, الصلاة في المسجد الحرام تساوي كذا ألف ركعة, والنار تهوي فيها الناس سبعون خريفا...وكل شيء عبارة عن آلاف في آلاف مضاعفة, والله يضاعف لمن يشاء, وقوة الرجل الجنسية في الجنة تساوي 40 رجلا...إلخ, أما المسيح فلم ينظر لأبيه السماوي من هذه الزاوية مطلقا, بل نظر إليه من باب الأبوة النافعة الروحية وغير الروحية, أضاف للحياة طعما, وجعل أصحابه تلامذته يتركون الدنيا ولا يقبلون عليها, فالذي يُقبِلْ على الرب لا ينسى أوجاع الدنيا وحسب وإنما ينسى أوجاع الدنيا ومغرياتها, ينسى الوجع والألم وينسى الأشياء التي تفرح الإنسان, إنه ينسى تذوق السعادة التي تتحقق بالمال وبالنساء وبالأطايب.. بالإقبال على الرب يتحول الإنسان من طماع وتاجر إلى إنسان يعطي بالمجان دون أن ينتظر من أحد أي شيء.
محمد كان مهتما جدا بما لذ وطاب من أطعمة ومن نساء ومن عطور, والمسيح لم يكن يوما مهتما بالنساء, إنه فارق طعم التلذذ بالنساء وتركها لغيره, واستجاب لصوت الأب في السماء, إنه يمنحنا الحياة بالمجان لأننا أخذنا بالمجان, لذلك قال: أخذتم بالمجان فأعطوا بالمجان, أنا متأكد بأن عقلية التاجر لا يمكن أن تخدم الناس في الأمور الروحانية, التجار معظمهم طماعون وغشاشون يغشون الناس في أي شيء يبيعونه وفي أي شيء يشترونه, النجار لا يهتمون بآلام الناس وقت العسرة بل هم ينظرون فقط إلى أكياس المال وكيفية زيادتها ويهتمون بملء جيوبهم بالمال وبالذهب وبالجواهر وبالكنوز, وتبقى عقليتهم عقلية تجارية , لا يأخذون بالمجان ولا يعطون بالمجان, وأظن ويكادُ أن يكون ظني صحيحا بأن الله لا يختار التجار ليكونوا أنبياء ورسل , إنه يختار أصحاب القلوب الرقيقة وأصحاب العقول الذين يمنحون الناس بالمجان ويعطون بالمجان لأن الرب أعطانا بالمجان لذلك يجب أن نعطي الفقراء بالمجان , والمحتاجون بالمجان , حتى اليوم ينفر الناس من التجار الذين يرشحون أنفسهم للانتخابات الرئاسية والبرلمانية , فأغلبهم يعطون الناس وهم يقولون بالمجان ولكن بعد فترة يطالبون الفقراء بتسديد فاتورة العطاء التي كانت بالمجان ليذوب الثلج ويظهر المرج وليذوب الملح وتظهر الأرض تحت الملح, فالذي تحت الثلج والذي تحت الملح ليس بالمجان وإنما من أجل مصلحة أخرى, ثم حين يكسب التجار الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية يسرقون من خزينة الدولة وجيوب المواطنين لتعويض ما أعطوه للفقراء, وبعد ذلك يصبح أغلبهم شركاء لدولة في سرقة المواطنين ليتضح لنا أن التجار طماعون لا يعطون أبدا بالمجان.
يسوع لم يكن في أي يوم من الأيام تاجرا ينتظر أن يصبح وزيرا أو قاضيا, حتى أنه رفض المناصب, يسوع لم يكن ملكا ولا رئيسا للجمهورية, يسوع لم يكن طماعا ولم يكن تاجرا يتاجر بأحلام الشعوب ولقمة خبز الفقراء, يسوع لم يكن بشرا عاديا لم يكن مدير بنك ولم يكن من الصيارفة الذين يخرجون من المغارة كاللصوص, أولاد الأفاعي الذين جوعوا الناس كرههم يسوع وكره دنياهم, لم يكن يسوع لصا أو متاجرا بأماني الناس, لم يعد الناس ببرنامج سياسي أو تصحيحي, لم يكن يسوع إلا ابنا يخاف على مصالح الأب, أعطى الناس بالمجان وكان يشفي الناس بالمجان, يسوع لم يكن لديه دكانا أو لم يتاجر بالربا, يسوع لم يكن حانوتيا ولم يكن مديرا لشركة ولم يكن رأسماليا, وتلامذته كانوا كلهم مثله , عاشوا فقراء وماتوا فقراء, لم يكونوا كأصحاب محمد في كل سنة يطلقون زوجة ويتزوجون بأخرى, ماتوا ولديهم الكثير من النساء والمال, فعبد الرحمان بن عوف مات وترك وراءه من الذهب ما يعادل اليوم 4 ملايين دولار, لم يكن تلاميذ يسوع يطلقون النساء ويتزوجوهن , لم يكن يسوع يطمع لا بالدنيا ولا بكل المغريات الدنيوية, لم يكن يسوع جبارا في الأرض ولم يخزن تلامذته بضاعتهم صيفا ليبيعونها شتاء أو لم يخبئوا بضاعتهم شتاء ليبيعونها حين ترتفع الأسعار, لم يكن يسوع جابي ضرائب أو عشّارا, لم يخزن الذهب لا هو ولا تلامذته, يسوع لم يرفع أي سلاح في وجه منافسيه ذلك أن يسوع كان وما زال ليس له منافس , لا أحد يستطيع أن ينافس يسوع لأنه من المستحيل أن تجد له شبها على الأرض.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)