أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى صريفق - الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية، بين تحديات التغير الاجتماعي وبناء الوعي.















المزيد.....



الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية، بين تحديات التغير الاجتماعي وبناء الوعي.


منى صريفق

الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 18:23
المحور: الادب والفن
    


ملخص
لقد اهتم المفكرون والفلاسفة في مختلف العهود برصد التحولات التي تطرأ في مجال الحياة الاجتماعية . فكتب عن ذلك فلاسفة اليونان ، ومن بعدهم فلاسفة العرب المسلمين، ثم جاء دور مفكري عصر التنوير ومن أتى من بعدهم . ومثلت أعمال هؤلاء العلماء رصيداً للمتخصصين في مجال العلوم الإجتماعية المعاصرين . وتطور النظر لأسباب وحجم الظاهرة ونتائجها عبر الزمان، ويظهر هذا بوضوح في استخدام المفاهيم التي تعبر عن الظاهرة في محاولة لدراستها مثل التقدّم والتطوّر والارتقاء و التغير الاجتماعي الذي يعد –حسب عديد العلماء- ظاهرة صحية تتميز بها كل المجتمعات منذ القديم.هذا من جهة ، و من جهة أخرى إذا حاولنا أن نقرن هذه الظاهرة التي تنضخ حيوية مع ظاهرة الادب فان الامر سيستشكل علينا الحصر أيما استشكال.ذلك ان الظاهرة الادبية في العموم كائن جيني يتشكل و ينحت في بيئة اجتماعية مهما كانت درجة التأثير إلا أننا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننفي تواشجهما في عديد النقاط.
لقد تناول العلماء موضوع الأدب والمجتمع منذ عقود خلت ،جازمين في أمرهم أن للأدب علاقة وطيدة بالمجتمع الذي يتكون فيه باعتبار أن الأدب تعبير نابع من كاتب تحكمه التجليات الاجتماعية التي تتعالق مع غيره من أفراد الجماعة من جهة ،والظواهر الاجتماعية من جهة أخرى. هذا ما يجعلنا نستقصي أهم منعطفات العلماء و المفكرين الذين تتبعوا الأدب، باعتباره احد أهم الرموز التي تتجلى فيها مختلف الطبوع الاجتماعية. فقد كان في نظر العديد منهم وثيقة تسجل أهم الأحداث و المتغيرات الاجتماعية التي تحدث داخل ا لكينونة المجتمعية في حقب متتالية ،أبرز ما يميزها أنها تتعاقب لتحمل لنا نوعا من التمظهرات الجلية لأهم الأحداث الواقعة.
ومما ساعد على إزالة الضبابية عن هذه العلاقة القائمة بين الأدب و المجتمع ،ظهور فرع من فروع علم الاجتماع الذي يولي الأدب اهتماما شديدا و ذلك بوصفة نتيجة طبيعية لإبداعات كائن اجتماعي و الذي يعرف باسم "سوسيولوجيا الأدب "،إذ يعتبر أساس الدراسة الكلية التي يتحراها العلم الذي تفرع عنه منذ نشوئه. و قد اتفق كثير من مؤرخي الأدب و النقد و علم الاجتماع على حسب ما ورد في كتاب "فضيلة فاطمة دروش" الموسوم بـــــ:"سوسيولوجيا الأدب و الرواية " إلى كون كتاب الإيطالي :"جيا مبا تيستا فيكو"-;---;--المعنون بـــــــــــ :"العلم الجديد "و الذي نشر أول مرة سنة 1725،أول عمل بارز في الفكر الاجتماعي الأدبي .والذي بدوره فتح الباب لعديد المؤلفات و المناقشات بهذا الصدد بعد ذلك إلى غاية وقتنا الحاضر هذا وقد قدمت لنا "فضيلة فاطمة دروش" سردا عميقا يبين لنا المبادرات الأولى لنشوء هذا العلم، أهم النقاط التي تعطي لعلم اجتماع الأدب الحق في تحليل الأدب على ضوء ما يحدث في أحد أهم مراكزه البحثية ألا وهو المجتمع في قولها :"إن اعتبار الأدب ظاهرة اجتماعية بحيث لا يمكن فهمه بعيدا عن السياق التاريخي ،وعدم استبعاد الأنساق السياسية و الاقتصادية ،و الاجتماعية التي سادت خلال فترة إنتاجه .كانت بمثابة الخطوة الأولى،و الاعتراف المبدئي بشرعية التحليل الاجتماعي للظاهرة الأدبية " و نفهم من هذا القول إن الاستنتاجات التي قدمها علماء الاجتماع أثناء دراستهم لموضوع الأدب ،باعتباره أحد أهم المنتجات التي تصدر عن الكائن الاجتماعي (الإنسان /المبدع ).أنه -و بعد تحديدهم و تشديدهم- لا يمكن دراسة الأدب بعيدا عن أهم التمظهرات النسقية السوسيولوجية داخل المجتمع . فالحضور الفعلي للمجتمع في الأدب أصبح لابد منه، فهذا "رينيه ويليك"-;---;-- يرى في الأدب مؤسسة اجتماعية أداتها اللغة.و من هذا نستنتج أن الأدب ظاهرة اجتماعية و نتاج داخل مجتمع يكتب المجتمع و ينكتب داخله،هو ذلك الحضور الغياب الذي لا مفر منه .
وكما يطرح حسين الواد في كتابه:"في تاريخ الأدب .مفاهيم و مناهج "،أهم البراهين التي اعتمدها المؤرخون في تأكيد فكرة أن للأدب علاقة جدلية واضحة المعالم مع المجتمع ،فأولها :يعتمد الأديب في كتابة تجربته الإبداعية متوسلا اللغة،و اللغة ظاهرة اجتماعية في كثير من الأحيان تعتمد الاصطلاح و الموافقة من جماعة و بالتالي فالتأثير موجود .ثانيها :إن الأديب كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده فهو يتفاعل يتأثر و يؤثر في الوسط الذي يبدع فيه،و لذا كانت له مجموعة من العوامل التي تؤثر و يتأثر بها المبدع و العمل الإبداعي على السواء .ثالثهما :إن الأديب يتبع الحياة الاجتماعية التي يعايشها فهو ملزم بطريقة أو أخرى بان يكتب عن ما هو موجود في وسطه الذي يعيش فيه،ففي كثير من الملاحظات بهذا الصدد نجد المبدعين يتوسدون من الأحداث التي تتمظهر في مجتمعاتهم المادة الحيوية التي تضيف خصوبة إلى أعمالهم الأدبية. فالتغيير الحاصل في المجتمع باعتباره بينية نسقية تشكلت منذ آلاف العصور، ينتج لنا تغيرا ضروريا و منطقيا على مستوى الظاهرة الإبداعية . و يسمي علماء الاجتماع ظاهرة التغير -التي ذكرناها آنفا- بالتغير الاجتماعي الذي يعد من أهم الظواهر المصاحبة للمجتمع الإنساني،بل هو في حقيقة الأمر أهم خصائصه.فالمجتمعات البشرية دائمة التطور والتغيير،لان ذلك وحده هو الذي يكتب لها البقاء و الاستمرار و النمو،و المجتمعات التي تفقد قدرتها على التغير الكافي و الملائم للظروف التي تواجهها،و تعايشها لا تستطيع آن تقف طويلا أو تتنافس باقتدار وتكافؤ مع حركة المجتمعات.
ولا يمكن لنا أن نطرح مفهوم التغير الاجتماعي كمفهوم دون رصد أهم الحيثيات التي ينشا فيها،ففي خضم العالم الذي نعيشه حاليا ؛عالم التطور المستمر،عالم التكنولوجيات و الكوزمزبوليتية كمنعطف حاسم في التغير الجذري للإنسان المتمدن،و العولمة التي تفرض علينا أنماطا جديدة من حيث الأنساق الثقافية التي أتت بها أو من حيث التمظهرات الجلية التي باتت واضحة المعالم . ما يجعلنا لا ندحض التطور السريع الذي مس كافة المجالات، كما انه مس كافة جوانب حياة الإنسان بوصفه احد أهم العناصر التي تتمحور حولها التطورات السياسية و الاجتماعية و الثقافية .حسب نظرنا يدخل في بلورة التعريفات التي ستقدم لاحقا للتطور و التغير الاجتماعي،من حيث هو تغير في حد ذاته، ومن حيث علاقته بالأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية . تقديمنا لمفاهيم عديدة في هذا التمهيد النظري ،ينبئ بأن الموضوع الذي نبحث فيه موضوع خضب يحتاج الكثير من المداخل الأساسية التي تساعدنا على فهمه. و لهذا جعلناه ينفتح على أراء لمختلف العلماء في مختلف التخصصات.كعلم الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم الاجتماع الادبي والأدب وغيرها من التخصصات التي تمس الموضوع في الصميم.
1/ مهاد نظري حول تبلور المفاهيم
-مفهوم التغير الاجتماعي :
أ/لغة:تدل كلمة التغير في اللغة العربية،على معنى التبدّل و التحول.فتغير الشيء هو تحوله وتبدله.
وقد جاء معنى كلمة التغير في القاموس الفرنسي كالأتي:
Changer: "remplacer une personne ou une chose par une autre."
" É-;---;--changer..rendre different..modifier..transformer.changement c’est l’action de modifier. .."
كما ورد في القاموس الانجليزي فكلمة التغير كانت كما يلي:
Change ":became´-or-make different.go from one to other".
Change over ":change from one système to another".
يتبيّن لنا من التعريفات السابقة إن معنى التغير في اللغة الفرنسية قد ارتبط بالفعل والحركة، بمعنى التبدل وإعادة تمظهر الشيء من حالة إلى أخرى.كما نلاحظ أيضا في التعريف الانجليزي للمفردات انها تعني التغير من منظومة إلى أخرى.
ب/اصطلاحا:
لقد اهتم المفكرون والفلاسفة في مختلف العصور برصد التحولات التي تطرأ في مجال الحياة الاجتماعية ،فكتب عن ذلك فلاسفة اليونان ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر "هيريقليطس" -;---;--الذي يقول:"إن التغير قانون الوجود،والاستقرار موت وعدم ".ومن بعدهم فلاسفة العرب المسلمين،ثم جاء دور مفكري عصر التنوير ومن أتى بعدهم.
*تفسير العلماء لظاهرة التغير الإجتماعي:
ويرى علماء الاجتماع أن التعريف الشامل والكامل للتغير الاجتماعي مازال بعيدا عن متناول أيديهم؛وذلك لما يتميز به حقل اشتغاله من صيرورة و حركية دائمة،تجعل منه صعبا على الثبات في كثير من الاحيان.
ومن هذا نرى أن التغير الاجتماعي ظاهرة صحية تتجلى كصفة متلازمة في كل المجتمعات، تتفاوت من مجتمع إلى آخر حسب قدرته على التطور والانتاج.فالتغير ليس أمرا عرضيا طارئا،و إنما هو صفة الوجود والحياة، بالاضافة إلى ما ذكر تجدر بنا الاشارة إلى أن مصطلح التغير الاجتماعي قد استخدم لأول مرة في كتابات "آدم سميث" في كتابه "ثروة الأمم" في القرن 18، لكنه لم ينتشر هذا المصطلح إلا بعد نشر عالم الاجتماع الامريكي "اوجبرن" كتابا يحمل هذا العنوان و ذلك سنة 1922، والذي كان يرى إن التغير ظاهرة عامة ومستمرة و متنوعة لا لزوم لربطها بصفة معينة وهو لا يرتبط بصفات موجبة ولا سلبية.هذا ما جعل علماء يتفقون و اجبرن ،وآخرين يخالفونه وهذا ما نتج عنه التعدد المفهومي لمصطلح "التغير الاجتماعي".و من أهم الأفكار التي تؤسس لمصطلح التغير الاجتماعي هي آراء " ولبر مور""Welbert moore"-;---;-- الذي يفرد قائلا :" إن ظاهرة التغير الاجتماعي ليست ظاهرة حديثة، إذ أن هناك درجات و أنواع من التغير حدثت
في الخبرة الإنسانية و لكن الاهتمام بالتغير و سرعته يرجع إلى السرعة التي حدثت بها في تلك المجتمعات." و من القول الذي يقدمه لنا "ولبر مور" نستنتج أن التغير الاجتماعي ظاهرة قديمة، أو لنقل لم يصادف ظهورها حديثا.ذلك أنها ظاهرة ملازمة للمجتمعات فهي احدى البنيات الاولى المؤسسة لمجتمع ما.و بهذا كان للتغير أنواع و درجات تتحكم فيها سرعة و ديناميكية المجتمعات في حد ذاتها. فنجد"جيرث" و "ميلز" يذهبان إلى أن التغير الاجتماعي:"هو التحول الذي يطرأ على الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها الأفراد،وكل ما يطرأ على النظم الاجتماعية وقواعد الضبط الاجتماعي في مدة زمنية معينة"أما العالم "بوتوكوز" فيعرّف التغيير الاجتماعي على أنه"تغير يحدث في البناء الاجتماعي،متضمنا التغييرات في حجم المجتمع أو في النظم الاجتماعية خاصة أو العلاقات بين هذه النظم الذي يمكن ان يكون جزء من التغير الثقافي.
وبهذا نعدل برأي وسطي توفيقي نجمل فيه ما سبق تقديمه:التغير الاجتماعي هو ذلك التغيير الحاصل على مستوى بنيات المجتمع المختلفة:الاجتماعية و السياسية والثقافية.و التأثر فيه لا يقاس بالايجابية أو السلبية. بل نسبة الارتفاع أو الانخفاض ومدى تأثير هذا التغير على طبقات المجتمع و ما ينتجه المجتمع خلال مرحلة معينة، إلا انه لا يمكن لنا أن نعمم تقارير النتائج لأنها ذات حركية دائمة، تصّعب علينا عملية التعميم والإثبات و بالتالي اللاقطعية في أمرها.وما يلاحظ على التعريف أنه غالبا ما يقترن بمصطلحات هي كالآتي: التقدّم، التغيير الثقافي، التطور، التحديث.

2/ عوامل و مصادر التغيير الاجتماعي:
القراءة في مختلف المراجع المتخصصة في مجال التغيير الاجتماعي تفضي بنا إلى التمييز بين النوعين من العوامل و المصادر للتغيير الاجتماعي فهناك عوامل تعلقت بمحور أساسي هو الانسان بوصفه الكائن الاجتماعي الذي ترتبط به كل التغييرات الجذرية،و بالتالي يمكن لنا أن نصطلح على هذه العوامل:العوامل الذاتية أو الشخصية المرتبطة بالذات البشرية.في حين أن النوع الثاني من العوامل و المصادر هي ذات طابع عام يرتبط ارتباطا وثيقا بهيكلة المجتمع أي المقومات المادية و السياسية و الثقافية التي تعطينا لمحة أكثر شمولية من الأولى.
النوع الأول:المصادر الذاتية:
و قد فصلت في ذكرها مجلة العلوم الاجتماعية عن كلية الآداب و العلوم الانسانية والاجتماعية،سكيكدة؛ إن التغير الاجتماعي لا يحدث اعتباطا أو تلقائيا، بل غالبا ما تكون وراءه مصادر قوية قاهرةو مؤثرة بشكل مستمر و هادف في التحول و الأنتقال من حال إلى حال و عليه فالمصادر تكون كالاتي:
1- الصراع الاجتماعي:و يتشكل هذا الصراع نتيجة عدم اتفاق أفراد المجتمع في وجهات نظرهم،و بالتالي نجد تغييرا على مستوى الجماعة في حد ذاتها.لينتج أخيرا تغييرا على مستوى السياسات الفعلية بين الافراد على نطاق واسع ،و بين فردين على نطاق أضيق(الزوجين)
2- الحروب:مصدر آخر للتغير الاجتماعي ويشكل أحد أهم المصادر وأبشعها تمظهرا في الوسط الاجتماعي، فهذا "رايت ملز" يرى أن الصراعات الحربية توّلد تغييرات اجتماعية هائلة،و ضرب مثالا على ذلك بالحرب الباردة بين الكتلة الشرقية والغربية.
3- الحركات الاجتماعية:تعمل على تغيير البناء الاجتماعي وهي كما تسمى جمعيات اجتماعية تشكل لديها وعي و اقتنعت بمجموعة من الافكار،في كثير من الاحيان هذه الافكار لا تتوافق والمنظمات السياسية داخل المجتمع فتطمح هذه المؤسسات للتغير الاجتماعي ومن أحسن الأمثلة التي تضرب بهذا الصدد "مجموعة 22" التي عملت على تغيير الاوضاع المزرية التي كان يعيشها الشعب الجزائري إبان الاستعمار الفرنسي الغاشم.و ذلك بالعمل على تفجير الثورة.
4- العقائد الايديولوجية:طرح "ماكس فيبر"في كتابه"القيم البوتستانتية و روح الرأسمالية" فاهتم بأهمية الفكر و القيم في تفسيره بظهور الرأسمالية أي أنه ربط بين الرأسمالية كنمط حياة عقلاني جديد بتحول في الأفكار و القيم الدينية.
5- القائد الملهم(الكاريزما):و هي تحيي مقولة البطل المجتمعي ، اي هناك فرد من أفراد المجتمع يملك طموح التغيير والتفرد في تقديم المشاريع الجديدة التي تساهم في إعادة هيكلة المشاريع المستقبلية.و أحسن مثال على ذلك هو الأنبياء و المرسلين الذين بعثووا ليقدموا مشاريع لتنمية البشرية و تخليصها من نمط و نسق تفكير معين.
النوع الثاني:العوامل العامة:
1) المؤثرات البيئية المادية : وهنا نلحظ مدى أهمية البيئة الجغرافية في رسم مسارات ذات آثار واضحة على تطور المجتمعات الإنسانية فالإنسان ينظم و يسخر كل قوته لتتواءم مع الطبيعة من أجل اشباع حاجاته وهذا ما عزز رؤية "كارل ماركس"التي تقول أن العمل صراع الانسان ضد الطبيعة.
هذا وقد تطور "ابن خلدون" في كتابه المشهور "المقدمة" إلى أهمية العنصر البيئي في التغيير الاجتماعي
في التأثير في قيام المجتمعات، و لكن هذا لا يعني أن العنصر البيئي في عملية التغير الاجتماعي يفرض على الإنسان التمركز أين كانت الطبيعة سهلة توفر له كل شيء بل العكس من ذلك، لأن الإنسان بمقدوره أن ينمي ثروات إنتاجية في مناطق ذات بيئة قاسية نسبيا.
2) المؤثرات الاقتصادية والمعرفية : لقد أدى التصنيع في المجتمعات الحديثة إلى تحقيق مستويات عالية من التطور و التغير الاجتماعي.خاصة و ان الرأسمالية تشجع على أساسيات الترابط التقدمي في الدولة السياسية طبعا؛وذلك لأن أهم مرتكزات الهيمنة الاقليمية و الدولية هي القوة الاقتصادية.و هذا ما جعل تغيرا اجتماعيا يمس المجتمع على كافة الأصعدة.و عندما تسللت الوسائل التكنولوجية في تسيير الموارد الاقتصادية دخل العالم مرحلة ما بعد الرأسمالية"المعلوماتية".فالذي يدّل على تكامل الاقتصاد والأفكار والمعلومات وأشكال المعرفة أي ما يعرف بـــــــ" اقتصاد المعرفة" فأضحى للمجتمع آفاق جديدة توسعت و انتشرت عبر العالم و هذا إن دل على شيء إنما يدل على أن المجالات الاخرى ستكون تحت وطأة التغير الاجتماعي باعتباره ظاهرة صحية و إلزامية لأوضاع مشابهة.
3) المؤثرات السياسية : تزداد أهمية العامل السياسي في إحداث التغيير الاجتماعي في المجتمعات الحديثة، إذ إن السياسة هي محور التنمية و هذه الأخيرة تقاس بها .فالأنظمة الديمقراطية هي الأكثر تطورا، ذلك لتمتعها بالشرعية القانونية.و بمكن لنا أن نضرب مثالا بسيطا في هذا المجال بين أمريكا كدولة مستقلة حققت بكافة السبل التطور و التقدّم على عكس من الوطن العربي الذي نجد فيه دائما شعارات التنمية و التجديد في حين العمل الفعلي فيه غياب ملحوظ و هذا ما جعل هذه المجتمعات عموما تفتقد الاحساس بآلامها المزمنة على حد تعبير " مالك بن نبي".
4) المؤثرات الثقافية : من جملة العوامل الثقافية التي أثرت في عملية التغير الاجتماعي ظهور مفاهيم الحرية
والتعبير و المواطنة ساهمت في نشوء الفكر النقدي الذي يؤسس لمنظومات فكرية جديدة و بالتالي التغيير الشامل على كافة الأصعدة.

و إذا اسلمنا القول إن ظاهرة التغير الاجتماعي من أهم الظواهر التي تعتري المجتمعات، وتعطيها دائما تلك البدائل المفصلية في تحدي أهم المشاريع التي تتبناها القيم والمؤسسات الفكرية.فإنه علينا إلزاما عرض أهم المراحل التي يمر بها التغير الاجتماعي، فقد بينتها مجلة العلوم الاجتماعية-سكيكدة- قائلة إنه يمر عبر مراحل تدريجية على النحو الآتي:
1- مرحلة التحدي:و هي نقطة البداية في كل عملية تغير، و هي تتم من قبل المجتمع التقليدي، وكلما ازدادت حدة التمسك بالقيم كان التحدي اقوى.
2- مرحلة الانتقال:حيث تتم هذه العملية بالتدريج، وذلك لبقاء الصراع المشتد بين الواقع و التغيير و هذه المرحلة تعتبر من أخطر المراحل التي قد يمر بها أي مجتمع و ذلك لأنه مرحلة انتقالية تنقل الكثير من الايديولوجيات الجديدة على القيم السائدة في المجتمع و قد تغير للأحسن أو الاسوأ.
3- مرحلة التحويل:و هي المرحلة التي يتم فيها إعادة التنظيم الجذري للبناء المتغير من جميع جوانبه.
4- مرحلة تطبيق الافكار الجديدة(المرحلة المتطورة)و هي المرحلة الجديدة التي آل إليها التغير الاجتماعي،و هي مرحلة تجسيد الأفكار على الواقع و اقامة التنظيم على أسس جديدة نابعة من عملية التغير الحاصل.
و ان كنا قمنا بطرح مجموع العوامل الذاتية و العامة، و أهم مراحلة التي تلعب دورا هاما في إيضاح الصورة الاجمالية للظاهرة السوسيولوجية" التغير الاجتماعي" وتبسيط مفهوم التغير الاجتماعي فانه يجب علينا تبين ذلك التغير الذي حدث في الجزائر و كيف استطاع أن يؤثر في مجموع القيم التي تسود المنظومة الانسانية الجزائرية.
فالجزائر كأي بلد من البلدان التي تعرضت للاستعمار-على رأي العديد من علماء الاجتماع –فقد قدمت خطة تنمية مرحلية و بعيدة المدى لتجنب اثار المستدمر الذي خلف بلدا جاهلا تنعدم فيه ابسط شروط الحياة الكريمة.هذه الخطة التي قدمتها الجزائر لا تهمنا ناحية نجاحها او فشلها بقدر ما يهمنا المفهوم في حد ذاته
وعلاقته بالتغير الاجتماعي."وبهذا تصبح التنمية بمفهومها العام مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتغير الاجتماعي من حيث كونها أسلوبا وعملية لتحقيقه وتوجيهه ، كما يرى البعض أن كل تنمية تشهدها المجتمعات النامية تعتبر عملية تحول وتغير من أسلوب انتاج إلى آخر ومن بناء اجتماعي إلى بناء اجتماعي مغاير" . من هنا نفهم من القول إن التنمية هي مشروع يحمل في طياته تغيرا اجتماعيا يسري في كل بنيات المجتمع.
*العلاقة بين التغير الاجتماعي والأدب:
من المعروف أن فهم التغير الاجتماعي وإدراك عوامله وتتبع مساراته وتحليل نتائجه اختلط بالمذاهب والإيديولوجية ذات المنحى الفلسفي والفكري على السواء،وعلى الرغم من الصعوبات والتعقيدات التي صاحبت المجتمع الجزائري نحن مضٌطرون لتقبل طرق وعناصر ثقافة جديدة لمواجهة هذه القيم الجديدة.وهذا فعلا ما يخلقه الأدب في تشكلات بنيته النصية لينتج لنا نصوصا تنقل ذلك التغير و مختلف تجلياته في المجتمع الذي هو النقطة التي يرتكز عليها (الروائي /المحلل) للظاهرة التي يريد استكشاف كنهها دوما .فهي تستشكل عليه بخصوصيتها عامة فما بالنا بخصوصية التجربة الجزائرية مع الاستدمار و لغته التي الحقت بنتاج أدبي زاخر لا يمكن لنا التغاضي عنه في أي مرحلة من المراحل التي مر بها المجتمع الجزائري.
و إذا أردنا احصاء تلك النقاط التي تربط بين الأدب والتغير الاجتماعي فإننا لا نستطيع حصرها لأنها ذات تكوين هيولي ومتغير ومستمرة تصعب علينا عملية التثبيت التي تجعل منها ظاهرة مقيدة وهي على العكس من ذلك.
ولهذا نحاول أن نرصد مظاهر يصفها الأدب يمكن أن تكون بسبب التغير الاجتماعي كالتغير الطبقي والزواج والدولة الاشتراكية و الرأسمالية .....فكل هذه المظاهر تعتبر تغيرا في بنيات المجتمع.
فهذا باسم شيث في احدى الدراسات السوسولوجية حول التغير الاجتماعي نجده يقول:" إن أيّ عملية تغيير يجب أن تبدأ بتأجيج الصراع الطبقي ليكون صوته أعلى من أصوات التفرقة داخل الطبقة العاملة، هذه العملية تبدأ أيضا باعتراف إننا ضمن نظام رأسمالي وتقسيم طبقي. لذا، فإن الصراع الطبقي موجود، وإن الطائفية والعنصرية والتفرقة الجنسية هي من صلب النظام الرأسمالي ومن ضمن خصائص الدولة الحديثة، وليسوا خطأً في تكوّنها يمكن تصحيحه".ومن هذا القول نستنتج أن كل الصراعات المجتمعية ما هي إلا تلك البذرة التي تحرض على التغير من أجل التجديد ولكن الأهم أن التغير يكون عن سابق تخطيط.
المهاد التطبيقي النص وتجلياته السوسيولوجية
1- النص الثوري:1830-1962
2- 1/1- تمظهرات التغير الاجتماعي في البنيات السردية:
إن المتتبع للحركة الإبداعية في الجزائر يجد نفسه أمام الكثير من التجليات العميقة لمرادفات الكتابة على مستوى الكتابة واللغة المستعملة في حد ذاتها.فقد انبنت الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية على أبعاد وآفاق فيها زخم لا يمكن حصره في قراءة فردية ذات بعد ايديولوجي أو سوسيولوجي فقط.بل هي تجربة متميزة مرت بمراحل مهمة ساعدت في بلورة هذا الأدب بشكل عام ، وهذا ما ناقشه أحمد منور في كتابه الأدب الجزائري باللسان الفرنسي ؛فبيّن لنا أربعة مراحل جرى فيها معظم التطور الظاهر على هذا الأدب :
1-مرحلة ما بين الحربين/2-مرحلة ما بين الحرب العالمية الثانية و01 نوفمبر 1954/3-مرحلة الثورة/4-مرحلة ما بعد الاستقلال.أما "فرانس فانون" فقد ناقش الفكرة أيضا في كتابه معذبو الارض "Les damnés de la terre"،فذكر ثلاثة مراحل أولها يصف المثقف فيها بذلك المنقاد للمستعمر لينال إعجابه . وثانيهما المثقف الذي يتذكر ذاته وبالتالي الرجوع إلى الأنا.وثالثهما تحوّل المثقف إلى نبراس يوقظ الشعب من الغفلة،فهو ينتج أدب معركة بامتياز.
وقد حددنا في موضوع دراستنا هذا أن نختار رواية من فترة الثورة المنحصرة بين 1830/1962، و هذه الرواية هي رواية مولود فرعون-;---;-- الموسومة بـ " نجل الفقير le fils de pauvre" التي صدرت سنة 1952،وسنرصد فيها مختلف مظاهر التغير الاجتماعي الذي جسدته الكتابة الروائية في الرواية المذكورة آنفا؛ مناقشين في خضم ذلك أهم المقولات التي جاءت بها الرواية.
إن المتصفح لروايته (ابن الفقير) يجدها بمثابة سيرة ذاتية لحياته فهو يروي فيها حقيقة وطبيعة الرجل القبائلي .وكيف يواجه معترك الحياة قصة الطفل "فورولو" مولده ونشأته والقرية تيزي التي عاش فيها والتي كانت تحافظ على موروث الأجداد أخلاقهم وأنماط معيشهم عاداتهم ومعتقداتهم ,وإيمانهم بالقدر ثم كيف انتقل للتعليم في ثانوية فرنسية بعيدة عن ثقافته ولغته فكان الصراع من أجل النجاح والخوف من الإخفاق في معركة كان فيها وحيدا.
تظهر الكثير من التجليات الحضارية في ثنايا الرواية.فها هو يفتتح روايته بوصف لتلك المدينة الريفية التي يزورها الأجانب فيقول: "آلاف الأعذار تسكن السيّاح القادمين للمرور بتلك المدينة إنهم يجدون تلك الروعة في بساطتها التي تناديهم و تنتظرهم منذ العتبة الأولى لدخولهم". تحمل لنا الرواية الكثير من تضاريس الطبيعة القبائلية الريفية.لتوصف لنا البيئة التي حوت مختلف المظاهر السوسيولوجية الشائعة آنذاك.يوجهنا إلى طبيعة القبائلي الذي يصفه بقوله" نحن نملك كل الأسباب المتشابهة للعيش لأن كل القبائليين الذين يعيشون هذا الجبل يتتبعون سبيلا واحدة في نمط الحياة... لا يوجد غني أو فقير" تتمظهر لنا في الرواية منعطفات كثيرة في حياة الإنسان القبائلي "فورولو" الذي يدخل معترك العمل مع الأجانب الفرنسيين في عهد الثورة ويحاول بكل ما يملك أن يحافظ على هويته من الضياع، إلا أن له مرونة أو لنقل ضرورة تحتم عليه الكلام باللغة الفرنسية في كثير المواقف التي تُحدثنا عنها الرواية .فتلك الحقيقة الاجتماعية التي يعيشها هو على أساس إنه قبائلي تغيرت بتلك الجملة التي يسردها النص الروائي بالتدقيق « Fouroulou entra à l’école Normale et y passa trois ans(…).Il accorde une telle importance à ces trois ans(…)il y entra jeune homme.on y fait de lui un homme et un instituteur. Il sait bien que n’importe ou il serait devenu un homme, même dans son village, mais un homme tout à fait différent »
دخل فورولو للمدرسة العادية و أمضى ثلاث سنوات لم تكن بالسنوات البسيطة، فقد دخلها شابا، لنجعل منه رجلا و أستاذا قديرا يعرف جيدا أهمية كونه رجلا راشدا، و هذا لم يتغير فيه حتى بعد عودته الى قريته البسيطة"
من هذا الموضع نستنتج من المقولة الأخيرة: سنجعله رجلا مختلفا رغم كل شيئ ،تلك الحروب غير المعلنة التي تشنها فرنسا ضد الشخصية العربية في عقر دارها تؤسس لكثير من الدعاوي الاستعمارية التي يتغلب عليها البطل "فورولو". ومن أهم المظاهر التي نجدها تعبر عن تغير اجتماعي هو مسيرة الطفل فورولو منراد في سبيل تحقيق ذاته مع الفرنسيين.و كتابة السيرة الذاتية في حد ذاتها كانت اكبر تحد يخطه لنا محمد فرعون في ساحة العدو الادبية فقد تعلم في مدارسهم ليحاربهم .تعلم السيرة ليكتب ان ذلك الشرخ الذي ارادوا له ان يكبر بينه و بين وطنه و قيمة الوطنية فيه إلتأم و انتهى الامر .انا اكتب ادن انا موجود، هذا ما قاله مولود فرعون الذي يتطابق في كثير من مواقف السارد و المؤلف والشخصية في روايته "نجل الفقير" المميزة.
-النص المعاصر و تواشجات البنية السوسيولوجية المتغيرة
2/1 تغيرات البنية الاجتماعية في الرواية المعاصرة:
النص الروائي المعاصر المكتوب بالفرنسية، من النصوص التي تحوي فسيفساء تزخر بألوان تحيلنا في كثير من القراءات الى وعي مثقل بالتجارب الانسانية التي تخلت عن الوصف الذاتي للعناصر الحياتية في وجود الإنسان بل العكس من ذلك لأننا نجد جل الكتاب –إن لم نخطئ القرار- يحملون لنا قيما متجددة تحمل بين ثناياها التغير الاجتماعي على أصوله.
وكما ذكرنا سابقا ان التغير الاجتماعي يحدث على مراحل سنحاول تطبيق هذه النظر على احدى الروايات المعاصرة التي جاءت بعنوان "الممنوعة " للكاتبة الروائية "مليكة مقدم"-;---;-- التي صدرت ترجمتها لمحمد ساري سنة 2008.عن منشورات الاختلاف الجزائر في الطبعة الاولى.
تتحدث الرواية عن السيرة الذاتية لكاتبة معبرة في خضم العديد من التقلبات الحدثية عن مأساة اجتماعية كان أبطالها: سلطانة الطبيبة التي غادرت الجزائر لتستقر في فرنسا بالتحديد في مونوبولييه، لكنها تعود من جديد للجزائر لسماعها خبر وفاة صديقها"ياسين" الذي أحبته في ماضيها الجريح، حنينا رجعت لأرض الوطن لتبدأ حياة جديدة ملؤها التحويرات الاجتماعية في نسق التفكير والهيئة العامة لكل ما يمكن له أن يكون ذا طابع جمعوي، الخروج ، السهر ، التحدث إلأى الرجال ، التحرر النسوي كان من أهم المواضيع التي عالجتها حينما سردت لنا قصة روحها المشتتة بين عالم تريد العيش فيه بتمرد مخيف و بين عالم تود له الأفضل و قد بالتحديد في فترة التسعينيات التي احتدمت فيها الكثير من الآراء المتناقضة في الجزائر حول عديد القضايا من بينها السلام و التحررو الدين والمرأة. بالإضافة إلى سلطانة نجد صديق ياسين "صالح" وحاكم القرية السيد بكار و تابعه على مرباح من جناح الإسلاميين اللذان يرفضان تواجدها في جنازة "ياسين".دون أن ننسى مكان حدوث هذه الأحداث ألا و هو عين النخلة في الجنوب الجزائري، تتحدث سلطانة مع صالح في مرة من المرات و هي تتذكر ماضيها و عادات و تقاليد موطنها فيقول :" نعم كي نسمم أنفسنا من المنبع ،لم نتوقف عن قتل الجزائر شيئا فشيئا ، امرأة بعد امرأة. إن طلبة جﯿ-;---;--لي من الذكور، ساهموا كثيرا في المذبحة، ظللنا أنفسنا في الكذب والمكر، كل أشﯿ-;---;--ائنا مزيفة، مﻼ-;---;--بسنا الماوية، وغرورنا الثوري بعد إنهاء دراستنا وضعناها جانبا مع خرافات خرقنا، أهملنا أولئك الفتيات الﻼ-;---;--ئي كان لهنّ التهور لﯿ-;---;--قعن في حبنا داخل أسوار الجامعة. بعد نهاية الدراسة ارتدينا برنوس التقاليد لتذوق العذارى الجاهلات الﻼ-;---;--ئي اختارتهن عائﻼ-;---;--تنا، ولكن بمجرد سكوت طبول العرس تظهر لنا زوجاتنا ساذجات بلا طعم ، عندئذن نهرب من بيوتنا، نتردد على الحانات، يصﯿ-;---;--بنا وسواس الخيانة" هي تسخر من عادات بالية وبكل مكر تحاول أن تسرد مليكة مقدم روايتها على لسان بطلتها سلطانة مجاهد وفانسان، بحيث يتناوبان على الحكي في سﯿ-;---;--اق مفتوح على الخوف و اللاأمن ، والمستقبل الغامض،ومعركة الحرية التي لن تتحقق بسهولة. وفضلت أن تختم روايتها ببارقة أمل، فحﯿ-;---;--نما يحرق حاكم القرية بيت خالد،يقوم نساء القرية بإحراق مركز البلدية الذي يترأسه. بداية وعي جديد، أم أمل خافت في تغيير ممكن الحصول ! عادت سلطانة لتخلص نفسها من ماضيها البعيد، لتجد له حﻼ-;---;--ً في الحاضر، وفوجئت بأن أشﯿ-;---;--اء كثﯿ-;---;--رة تغﯿ-;---;--رت، لكن الحال العامة بقيت على شكلها اﻷ-;---;--ول سوداء...، سوداء.

و من هذا التلخيص للرواية نستخرج أهم البذور التي شجعت على التغير الاجتماعي داخل طبقات الوعي في النص الأدبي:
1- مرحلة التحدي: وهنا تأتي مع البطلة سلطانة التي حملها الشوق والحنين لأن ترجع لبلدها وهي بذلك قد فتحت باب الصدام بين قيميتين ( الغرب/الشرق) (التقدم/التخلف) ( القيم الانسانية العربية الاسلامية المتطرفة/القيم الانسانية الغربية الشاذة)...و هي مرحلة مبدئية تفتح المجال للمراحل الاخرى التي تليها.
2- مرحلة الانتقال: و هي المرحلة التي تتم فيها مهاجمة البطلة سلطانة من قبل حاملي القيم الشرقية المتطرفة-على حسب مليكة مقدم- رفضها و عدم الاقرار بوجودها الشرعي في موطنها و بيئتها التي عاشت فيها أكثر من خمس عشرة سنة .
3- مرحلة التحويل: و هي المرحلة الماقبل النهائية التي تسربت فيها الرؤية التي اتت بها سلطانة من بلد الغرب و هي فكرة تحرر المرأة الشرقية التي هي في نظرها تحت حكم قاهر و يحتاج الى قوة كبيرة لإسقاطه .
4- مرحلة تطبيق الافكار: و هو ما تمثل في احراق النسوة لبيت الحاكم.و تشجعهم على فعل ما يجب فعله للتحرر حسب الكاتبة.الا ان نهاية الرواية حملت لنا امالا و افاقا للتحرر الجدي الذي عنون بنهاية مفتوحة لم تبين لنا عن كيفية تغير الاوضاع و ذلك لان هناك تغيرات ستحدث اكيد لا يمكن حصرها في نهاية فهي بداية جديدة في حد ذاتها.
خـــــــــــاتـــمــــة
بعد هذا العرض البسيط لأهم الأفكار التي تُمهد لمبحث التغير الاجتماعي والأدب نجد أنفسنا أمام مجموعة من النتائج المهمة والتي نلخصها فيما يلي:
-;---;-- فعل التغير الاجتماعي من أهم الخصائص التي تتميز بها المجتمعات في كل العالم.فهو ظاهرة صحية تستدعي منا أن نهتم بها كثيرا.
-;---;-- لا يمكن لنا بأي حال من الاحوال ان ننفي تلك العلاقة التي توجد بين المجتمع و الأدب .فهما يشكلان كلا متكاملا لا يمكننا الاستغناء عن أي طرف منهما.
-;---;-- الملاحظ أيضا على النصوص التي قمنا بالتطبيق عليها أن لها نقاط التقاء و نقاط اختلاف هي كالاتي :*النص الثوري نجد أنه دائما يدعو الى تغير من نوع خاص يكون في مطلق الاحوال عبارة عن مناداة لتغيير القيم الاستعمارية السائدة آنذاك،
* إلا أن النص المعاصر بكل تجلياته ينادي بتجديد مغاير تماما؛ فهو يبحث في الوجود عن انساق محورية نحارب بها التخلف و النظرة الدونية الاسلامية العنيفة لحقوق المرأة. والتتابعات السياسية المخجلة التي تعطينا نوعا من التخوف الشديد على مصير طبقة واحدة هي طبقة المواطنين الذي يجب عليهم المحاربة لآجل العيش في خضم هذه التصورات التقليدية المعتمة للفكر.
-;---;-- التغيرات التي طرأت على المجتمع المعاصر هي تغيرات جينية في بنية التفكير أكثر منها تغيرات حضارية مادية كما في السابق.
-;---;-- التغيير الحاصل في بنية المجتمع الجزائري يحتاج الى كثير من الدراسات الجادة التي تعطيه أهمية قصوى؛ ذلك أن بنية المجتمع تكون متجاوبة مع مجموعة من الظروف التي تجعل منها سهلى التغير و التطور في أقصر وقت ممكن.
هوامش المقال
عالم ايطالي ولد سنة "1668" و توفي في سنة "1773".مؤلفه المعنون بــــــــ"العلم الجديد " تناول فيه تحليلا مقارنا لتاريخ الثقافة الإنسانية ،و الذي عالج فيه أهم العناصر التي تشكل المحيط الذي ينتمي إليه الإنسان، بوصفه كائن اجتماعي .ليخلص في دراسته حسب "فضيلة فاطمة دروش " إلى أنه لكل مرحلة تاريخية اللون الأدبي الذي يتناسب مع طبيعة الأنساق الاجتماعية السائدة "

ينظر فضيلة فاطمة دروش "سوسيولوجيا الأدب و الرواية " دار أسامة للنشر و التوزيع ،عمان الطبعة الأولى سنة 2013 .ص 35 /45.

المرجع السابق نفسه،ص 35.

-;---;-- يرى ضرورة أن يدرس الأدب المقارن كله من منظور عالمي، ومن خلال الوعي بوحدة التجارب الأدبية والعمليات الخلاقة، أي أنه يرى أن الأدب المقارن هو الدراسة الأدبية المستقلة عن الحدود اللغوية العنصرية والسياسية، وهو يعيب على المدرسة الفرنسية أنها تحصر الأدب المقارن في المنهج التاريخي، بينما تتسع الرؤية الأمريكية لتربط بين المنهج التاريخي والمنهج النقدي، باعتبارهما عاملين ضروريين في الدراسة المقارنة.كما يطرح فكرة الأدب و المجتمع على أساس أن الأدب ظاهرة اجتماعية لا يمكن لنا فصلها عن القارئ الذي ينتمي بدوره إلى مجتمع،و لا يمكن فصله عن مجموع الرموز و التقاليد النسقية داخل المجتمع التي تعاد صياغتها على هيئة إبداع لقارئ لا يمكن إخراجه من الواقع .

ينظر حسين الواد ."في تأريخ الأدب مفاهيم و مناهج"،المؤسسة العربية للدراسات و النشر ،بيروت ط2،سنة 1993.ص74/75.

Larousse:dictionnaire de français.par l’imprimerie MAURY-EUROLIVRES a MANCHECOURT.Juin 2002.cherche le mot changer.
Oxford Dictionary .OXFORD UNIVERSITY PRESS.second edition page 63.see word:change.
هرقليطس :فيلسوف يوناني قبل سقراط قال بالتغير الدائم،لقب بالفيلسوف الغامض.و هو أول من قال باللوغوس. -;---;--
-;---;--"WELBERT MOORE (1914-1987): عالم اجتماع امريكي حصل على شهادته العليا من جامعة هارفرد سنة 1940، حاول دراسة فكرة الاحتياجات العضوية "Fonctional necessity" و قد حدد أهم سمات التغير الاجتماعي بما يلي:
يطّرد التغيير في أي المجتمع أو ثقافة و يتسم بالاستمرارية و الدوام.
يطول التغير كل مكان، حيث تكون نتائجه بالغة الاهمية.
يكون التغير مخططا مقصودا، او نتيجة للآثار المترتبة على الابتكارات المستحدثة المقصودة.
تزداد قنوات الاتصال في حضارة ما بغيرها من الحضارات بازدياد امكانية حدوث مستحدثات جديدة.
تكون سلسلة التغيرات التكنولوجية المادية و الجوانب الاجتماعية المخططة منتشرة على نطاق واسع على الزغم من الجنوح السريع ببعض الطرق التقليدية.

ينظر خالد حماد، المدخل إلى علم الاجتماع جسور للنشر و التوزيع –الجزائر- ط 1، 2008.ص 147/151.

Balendiére : sens et puissance, Paris P U F,M .A.R.A, Recensement des coopératives de la révolution agraire .Alger1971,p 120
ينظر احمد منور، الادب الجزائري المكتوب باللسان الفرنسي، نشأته و تطوره و قضاياه، ديوان المطبوعات الجامعية، سنة 2007، ص 127/128.

-;---;--مولود فرعون:كاتب جزائري باللغة الفرنسية (1913-1962)، كتاب ( أيام قبائلية) ويتكلم فيه عن عادات وتقاليد المنطقة
*إبن الفقيرle fils de pauvre رواية كتبها في شهر - أفريل سنة1952م
*الذكرى- رواية تشير إلى الظلم الواقع الشعب الجزائري .
*الدروب الصاعدة les chemains qui montent- رواية تتحدث عن محنة الشعب الجزائري .
*الأرض و الدم la terre et le sang– رواية تروي مأساة الشعب الجزائري .

Mouloud feraoun, le fils du pauvre.casbah edition –alger-p 12.
I Bid p 16
-;---;-- مليكة مقدم: كاتبة جزائرية من مواليد 5 أكتوبر 1949 بالقنادسة ولاية بشار في الجنوب الغربي من الجزائر ، درست الطب في جامعة وهران ثم في باريس و تخصصت في أمراض الكلى ، انتقلت إلى مدينة مونبوليي الفرنسية عام 1979 ,
توقفت عن ممارسة مهنة الطب عام 1985 تفرغا للأدب ، و حصلت عام 1991 على جائزة "ليتر" الفرنسية ، و هي جائزة عريقة تأسست عام 1963 ، و تمنح تتويجا للأعمال المكتوبة باللغة الفرنسية . // مؤلفاتها :
1- الرجال العابرون ((ramsay 1990)، 2- قرن الجراد ((ramsay،1992 ))، 3- الممنوعة ((grasset ،1993 )) ، 4- احلام وقتلة (( grasset ،1993 ))، 5- ليلة الكراك (( grasset ،1998 ))، 6- نزيد (( seuil ،2001 ))، 7- انخطاف العصاة (( grasset ،2003))، 8- رجالي ((grasset،2005 )) ، 9- ادين بكل شيئ للنسيان ((grasset،2008)) ، 10- الرّغبة ((grasset،2011 )) .



#منى_صريفق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تماهيات الذات المغتربة بين لغة التشكيل السردي وحدود المعنى.
- قراءة مفهومية في-مقالة هويتي، إنتماءاتي- ضمن مقالات الهويات ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى صريفق - الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية، بين تحديات التغير الاجتماعي وبناء الوعي.