أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - اضغطوا بالمقلوب كي يتحقق المطلوب!















المزيد.....

اضغطوا بالمقلوب كي يتحقق المطلوب!


فيصل القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1241 - 2005 / 6 / 27 - 05:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نظراً لأن بعض الأنظمة العربية الحاكمة تبدي تحسساً هستيرياً من الضغوط والمطالب الأمريكية المتعلقة بالإصلاح الديمقراطي في العالم العربي بحجة الحفاظ على "السيادة الوطنية" ومن شأنها أن تفعل العكس عادة كي تغيظ الأمريكيين، أرى أنه يتوجب على الإدارة الأمريكية من الآن فصاعداً، إذا كانت فعلاً صادقة في انتشالنا من براثن التخلف والاستبداد والديكتاتورية، أن تغير لهجتها ومطالبها من الدول العربية، لا لشيء إلا لأن بعض أنظمتنا على ما يبدو تطبق الأمور بالمقلوب نكاية بأمريكا. فبدلاً من أن تقول الإدارة الأمريكية لحكوماتنا عليكم إصلاح نظامكم السياسي والاقتصادي وتحريرهما من الفساد والمحسوبية والاحتكار القبلي والعشائري والطائفي والعائلي، يجدر بإدارة الرئيس بوش أن تطلب من أنظمتنا العربية العكس تماماً لأن الأخيرة كما تزعم ترفض "الإملاءات الخارجية المشبوهة" وتفضل أن تفعل عكسها بدافع حماية "القرار الوطني المستقل" المشكوك بوجوده أصلا في ظل الانصياع الكامل للرغبات والإملاءات التي يبدو أن الديمقراطية والإصلاح هما الخطوط الحمر الوحيدة في هذه المعمعة الإصلاحية المزعومة.

نريد من قوى الضغط العالمية أن تقول لحكوماتنا: "حذارِ أن تتخلي عن نظام الحزب الواحد والقائد الواحد والاقتصاد الواحد والاستبداد والقهر الواحد! حذارِِ أن تسمحي لأي جماعة أو حزب آخر أن يشاركك في العمل السياسي أو اتخاذ القرارت! إياكِ أن تسمحي بتعدد الأحزاب وحرية التعبير والتنظيم! إياكِ أن تفككي أحزاب المعارضة الشكلية التي تمتلكينها وتزايد عليك في همروجة الوطنية والفذلكات الثورجية! حذارِ أن تتخلي عن مجالس الشورى والبرلمانات المعينة بهذا المرسوم أو ذاك القرار! إياكِ أن تسمحي بتشكيل نقابات حرة تعبر عن المجتمع المدني بكافة أطيافه ومكوناته! إياكِ أن ترخي قبضتك التي تمسك بخناق كل الهيئات والمنظمات الشعبية التي تمتلكينها وتديرنها كما يحلو لك! لا تتنازلي حتى عن التحكم بمصلحة الصرف الصحي! إياكِ والخصخصة الاقتصادية فإنها تسحب البساط من تحت قدميك وتجعلك بلا سلطة وعندها لن يكون بإمكانك أن تحكمي على طريقة:جوّع كلبك يتبعك! إياكِ أن تتخلي عن احتكار الأرض وما عليها! إمضي في غيك الشمولي والله يرعاكِ!"

"حذارِ أن ترفعي أحذية أجهزتك الأمنية عن رقاب العباد والبلاد! إياكِ أن تقتلي كلابك البوليسية المدربة على نهش أجساد المعارضين وتفريق المتظاهرين وتخويف المساجين! حذارِ أن تتخلي عن أساليب فقء العيون، وقضم الأذن، ونزع الأظافر وقطع الأصابع، وقص الأيدي والأرجل بالمنشار الكهربائي، وكسر عظام الجسد، وسكب ماء النار على الجلد، ووضع الملح على الجراح الملتهبة، والصلب على الخازوق وجرجرة الجسد بعربة صحراوية فوق أحجار الصوان المتناثرة، وصندوق الفلقة والعض والنهش بأنياب الكلاب السلوقية الجائعة المسعورة، والكرسي الكهربائي، وغرفة الغاز السام، والحقن بالهواء والوباء، والجلوس على فوهة أكبر زجاجة عرفتها مصانع المشروبات! لا ترأفي بحال العباد! عامليهم دائماً على أنهم أعداء جديرون بكل أنواع الأسلحة الفتاكة ووسائل التعذيب الحديثة التي تستوردينها من "عواصم الحضارة" كلندن وباريس وواشنطن!"

"إياكِ ثم إياكِ أن تلبي أياً من مطالب الناس العادلة! إياك أن تنزلي عند رغباتهم! جوّعيهم دائماً كي يكونوا تحت إمرتك كالكلاب المطيعة والقطط الوديعة! حاربيهم بلقمة عيشهم وحليب أطفالهم! إجعليهم دائماً خائفين منك كما نصح ماكيفيلي سيده في كتاب "الأمير"! لا تسمحي لهم بمجرد الشكوى حتى من ارتفاع سعر الطماطم أو الفجل!"

"إياكِ أن تزيلي القوانين الاستثنائية التي تكبل حركة الشعوب والأوطان وتجعلها تتخلف عن ركب الحضارة! إياكِ أن تسمحي لأي من رعيتك المستسلمة بأن يفتح دكاناً لبيع الساردين والأكواب البلاستيكية والبيجامات النسائية إلا بعد الحصول على ألف إذن وإذن! إياكِ أن تقضي على الروتين القاتل الذي يفتك بالناس ويجعلهم عبيداً أذلاء على باب هذا الموظف الحقير أو ذاك! نكـّلي بهم ليل نهار كي يتعلموا الأدب والخضوع التام وأن السلطة حق!"

"إياكِ أن تتقربي من الشعوب وتصالحيها! إياكِ أن تـُفرجي عن المساجين السياسيين وأن تفصحي عن مكان المفقودين! إياكِ أن تسمحي بعودة المهجّرين والمنفيين!"


"إياكِ أن تسمحي بوسائل إعلام حرة! إياكِ أن تسمحي للشعب بأن يعبر عن رأيه حتى في حرارة الطقس! إياك أن تسمحي للمثقفين أن يقولوا رأيهم في أي موضوع! لا تترددي أن تقذفي بهم خلف القضبان حتى لو كانوا من خيرة العربان! إياكِ أن تتخلي عن شعاراتك وأفكارك البائدة!"

"إياكِ أن تعيني الشخص المناسب في المكان المناسب! إياكِ أن تتخلي عن شعار الولاء قبل الكفاءة! إياكِ أن تقربي أصحاب الكفاءات إليك! إبقيهم دائماً إما مهمشين في الداخل أو مهاجرين في الخارج!"

"إياكِ أن توزعي الثروة بشكل عادل بل إبقيها في أيدي الأزلام والمقربين! إياكِ أن تزيلي الاحتقان الداخلي وتفرّجي عن هموم الشعب الاقتصادية والمعاشية! إياكِ أن تهتمي بقضايا الشعوب اليومية كالمشافي ومياء الشرب النظيفة والطرقات الخالية من الحفر والمطبات! إياكِ أن تبني مدارس محترمة وجامعات مستقلة! إياكِ أن تخفضي الأسعار وتقللي من الضرائب! إياكِ أن تحاربي الفساد والمفسدين!"

باختصار "لا تتوقفي عن مراقبة شعبك ليل نهار! راقبيه على طريقة الأخ الأكبر في رواية "مزرعة الحيوانات" لجورج أورويل ولا تترددي في التجسس عليه حتى وهو يقضي حاجته في دورات المياه! إرهبيه بصور الزعيم في كل مكان حتى يصبح مثل ظله يلاحقه حيثما ذهب على الطريقة الأورويلية!"


"حذارِ من بناء أوطان قوية ومنيعة ينعم فيها الناس بالحرية والديمقراطية لأن في ذلك لعباً بالموازين القائمة على إبقاء شعوب بالحضيض والقاع ورفع شعوب أخرى مدللة لعنان السماء."

لكن أرجو من القارئ رجاءً حاراً ألا يستشف من كلامي أن أمريكا متلهفة لإصلاح أنظمتنا وأوضاعنا العربية وأن حكوماتنا تتحدى إملاءات العم سام وتضرب بها عرض الحائط. معاذ الله، فطلبات البيت الأبيض أوامر في كل المجالات ما عدا مجال الديمقراطية والحكم الصالح، فهذه منطقة محرمة على الأمريكيين كما حُرّمت التفاحة على آدم وحواء.

إن مشكلة الأنظمة العربية مع أمريكا تذكرني بمشكلة "أبو جنزير". و"أبو جنزير" هذا عاش في إحدى القرى وكان شخصاً كريماً للغاية مع مختار القرية وبقية وجوهها وأعيانها، فكان يعطيهم كل ما يطلبونه منه بسخاء عز نظيره، لكنه كان يجن من الغضب وتثور ثائرته عندما يحاول أحدهم التدخل لمنعه من ضرب أولاده ضرباً مبرحاً والتنكيل بهم شر تنكيل. لقد كان "أبو جنزير" يقول: "اطلبوا مني ما تشاءون، لكن إياكم أن تمنعوني من التصرف بالأولاد كما يحلو لي حتى لو حولت حياتهم إلى حجيم مقيم وجعلت أجسادهم تقطر دمراً من شدة الجـَلد والرفس". وهكذا أمر معظم حكوماتنا العربية صاحبة الكرم الحاتمي والتسامح المفرط مع الغير وذات القبضة الحديدة القاتلة مع شعوبها. فهي وحوش كاسرة ترتعد وتنتفض وتزمجر وتزأر لأتفه الأسباب أمام شعوبها، فيما تتحول إلى حملان وغزلان وادعة ومسالمة أمام الجوارح والضواري فيما وراء الحدود والمحيطات. إنها مستعدة لأن تتنازل للآخرين عن الأرض وما عليها مقابل ألا يـُفسدوا عليها هوايتها المفضلة ألا وهي قمع الشعوب وتضييق الخناق على رقابها. كل التنازلات المتنوعة للأمريكيين لا تضر بالسيادة والقرار الوطني المستقل والأمن القومي. أما أن تتسامح مع شعبك وتتوقف عن التعامل معه كالأنعام فهذا أخطر انتهاك للسيادة!!

زد على ذلك أن الضغوط الأمريكية من أجل الإصلاح الديمقراطي انتقائية جداً وموسمية وقد تكون حقاً يراد بها باطل، هذا إذا كانت صادقة أصلاً، ناهيك عن أن وصفات صندق النقد والبنك الدوليين كانت كارثية خاصة أن التجارب الأخيرة في دول جنوب شرق آسيا أثبتت أن كل الدول التي عملت بعكس نصائح الهيئات الاقتصادية الدولية المدارة أمريكياً قد نجحت في إعادة الحياة لاقتصادياتها التي كانت على وشك الانهيار بسبب التدخلات والتعليمات والضغوط الغربية. كما لا نرجو أبداً أن تلجأ واشنطن إلى إصلاحنا على الطريقة العراقية، فحملة "تطوير الفلوجة" "الإصلاحية" جعلت أشد المعارضين للأنظمة العربية الحاكمة يفكرون ألف مرة قبل أن يستبشروا خيراً بأي تحرك أمريكي.

نرجو فقط أن يقصر العم سام جهوده على الضغط على أنظمتنا العربية "بالعكس" (من باب الفكاهة طبعاً) كي تلتزم بالتحذيرات و"الحذاريات" المذكورة أعلاه لعل وعسى أن تفعل نقيضها نكاية بالأمريكان طالما أنها تتذرع بالسيادة الوطنية. باختصار على الأمريكيين أن يضغطوا على حكوماتنا بالمقلوب كي يتحقق المطلوب. وعيش يا كديش ليطلع الحشيش!



#فيصل_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكاية بأمريكا سنبقى متخلفين!
- أنسنة الإعلام العربي
- السلام الدائم شعارٌ يصلح لأبواب المقابر
- السلاميون العرب الجدد:مغفلون أم يستغفلون؟
- باي باي مناشير
- إعلام تدجيني Counter-Revolutionary
- الروتين تنكيل منظم بالشعوب العربية
- عندما يصبح -الشعب- خطراً على الديموقراطية والعالم
- تنازل أكثر تحكم أطول!
- كم أنتِ ناكرة للجميل أيتها الصهيونية!
- الانطفاش الإعلاماواتي الحنكليشي
- الحرس القديم .... يادادا
- الحاكم العربي وعُقدة كوريولانوس
- تدويل العرب!
- بلادي وإن جارت علي لئيمة!
- فيفا أوكرانيا...فيفا أوكرانيا!
- الصفر الوطني والصفر الاستعماري
- باي باي إصلاحات
- متى نتخلص من عقدة القائد التاريخي


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - اضغطوا بالمقلوب كي يتحقق المطلوب!