|
التحرش الجنسى وارتباطه بالموروث الثقافى والموروث الدينى
سلمى مهنا
الحوار المتمدن-العدد: 5810 - 2018 / 3 / 9 - 01:19
المحور:
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2018 - أسباب وخلفيات ظاهرة التحرش الجنسي، وسبل مواجهتها
انا اشفق على نفسى اننى امرأة ولدت فى دولة عربية لا تحترم حقوقى كانسانه ويتم تصنفى فى القانون وشغل الوظائف والحياة الاجتماعية تبعا لنوعى ،كم تمنيت ان اكون رجلا يستطيع ان يفعل كل ما يريد ،له الحق ان يخطىء ويبرر له المجتمع اخطائه،يسافر ولا يخاف عليه احد ان يدور على حل شعره !!،يخرج ويعود متى شاء ،يتزوج ويطلق ولا ينظر له المجتمع على انه عاهر وفرصه سانحة او لقمة صائغه يسهل التلاعب به ،يمشى فى الشوارع ليل نهار ولا يخاف ان يغتصب او ان تتحرش امرأة به او تحملق فى جسده ،لا يسمعة احد الفاظ خارجة او اباحية تعبيرا عن رغبتة فية ،يرتدى ما يريد ولا يعاقبة احد على ذلك،ولكن هل يعاقبنا المجتمع على اننا ولدنا اناث؟فيضعنا فى مرتبة اقل من الذكور . مجتمعنا المريض نفسيا يستبيح ذكوره اجسادنا،ثم يتهمنا بالعهر ،يبيح لهم تحسس الاثداء والمؤخرات والفروج ويطلب منا الصمت !!!!!!،وكانهم يقولون لنا دعونا نتحرش بكم فى هدوء ،دعونا نغتصبكم دون ادنى مقاومه منكم ،فاجسادكم ملك لنا ،هكذا يعاقبنا المجتمع على ما نحن عليه حسب موروثه الدينى والثقافى . اكثر ما يثير دهشتى ليس موقف الرجال منا بل موقف المرأة عدوة المرأة التى لم تحسن تربية ذكورها . حسب الموروث الثقافى العقيم الرجل ذنبه مغفور فهو فريسه لاغراء جسد الانثى ،لذلك لا عجب من ان يتبجح الرجال ويبررون لانفسهم التحرش بفتاة عقابا لها على ما ترتديه وللاسف تسانده المراة عدوة المراة التى لا ترى فى نفسها غير جسد وظيفتة الوحيده افراغ شهوة الرجال فيه !!!!!،مقالى هذا نتيجة حوارات سابقه مع رجال ونساء عن التحرش الجنسى الذى اصبح مثل السرطان ينتشر فى مجتمعنا ،ولم نجد رادع قانونى له ولا نشر وعى وثقافه مغايره لما تربينا عليه ،لذلك سوف اعرض وجهة نظرى فى نقطتين ،الاولى الموروث الثقافى المتمثل فى العادات والتقاليد ،اما النقطة الثانيه فهى الموروث الدينى المتمثل فى الاحاديث والروايات التى شوهت افكار شبابنا ،ولكنى افضل ان اناقض النقطة الثانية فى مقال منفصل .
1-الموروث الثقافى . لقد تربينا على ان الفتاة حمل ثقيل من يوم مولدها الى ان تكبر وتصبح شابه مكتملة الانوثى ،شرفها اكثر ما يؤرق والديها ولا يريحهم من خوفهم الا بتزويجها ،فينتهى الخوف من وقوعها فى المحظور وفقد اعز ما تملك ،ولكن كيف يربى الوالدين الفتاة ؟،يفرضون قائمة طويله من المحظورات ،ليس لها الحق ان تضحك بصوت عالى والا اعتبرها الاخرون فتاة سيئة السمعه ،ليس من حقها ان تحب او ان تخرج مع من احبت حتى لا يغويها ويفقدها غشاء بكارتها ،فالشاب الذى يخرج مع فتاة وتسمح له بلمسها لا يتزوجها ،كما جرت العاده الشاب يعتقد ان الفتاه التى تسمح له بتقبيلها وتحسس جسدها قد تسمح او سمحت لغيره بفعل ذلك، جسدها عورة فيجب عليها ان تخجل منه وتخفيه ،يجب عليها ان تتعلم كيفية ادراة شؤن المنزل حتى تكون خادمة فى منزل زوجها،فمهما تعلمت المراة مكانها الوحيد هو بيت زوجها!!!. الوالدين هنا يربيان الفتاه على انها جسد فقط ،ويربون الشاب على ان هذا الجسد مرتع لشهواته،فنجده يبرر لنفسه التحرش بجسدها ومن اقذر التبريرات ملابسها الضيقه التى تفصل مفاتنها ،انها حقا نظرة دونية تبدأ بجسد المراة وتنتهى ايضا به. لذلك عندما تخبر الفتاة والديها بان شاب تحرش بها نجد ان رد ابويها كالاتى ،ايه اللى مشاكى فى الشارع ده ؟،ما تبيقيش تروحى هناك تانى ؟وهذا ايضا رد الزوج على زوجته عندما تخبره بانه تم التحرش بها يلومون المراة ولا يساندوها ،ولا يعلموها ايضا كيفية الدفاع عن نفسها ،يكتفون فقط بالقاء اللوم عليها ،واذا استنجدت باحدهم ليتصدى للمتحرش تجده ايضا يتحرش بها وسط الزحام وقد تجد امراة تبرر ذلك بانها فتاة سيئة وترتدى ملابس مثيره ،وكانها دعوى للتحرش عندما ترتدى ما تريد،هذا ما عانينا منه اثناء الثورة الى الان ،حتى ان النساء شكلن رابطه للدفاع عن مثيلاتهن من ضحايا التحرش الجنسى .
*الاعلام العربى يلعب الاعلام دور مهم جدا فى تشكيل ثقافة الشعوب ،ولكن اعلامنا العربى عديم الفائده،يطرح المشكلات الاجتماعيه المختلفه ولا يوجد لها حلول يكتفى بالشجب والاعتراض فقط ،ولا يقدر احد ان ينكر دور القنوات الدينية فى ترسيخ النظره الدونيه للمراة ،وتشجيع الشباب على التحرش بالفتيات الغير معتنقات الاسلام ومعاقبة الفتاة المسلمة التى ترتدى ملابس ضيقه ،مدعين ان التحرش فقط يطال هذه الفئه من النساء ،ولكن فى الحقيقه ان النساء المنتقبات ايضا ومن يرتدون الملابس الفضفاضه يتم التحرش بهم ،اذا الملابس ليس لها علاقه بالتحرش ولكن ماذا تفعل مع الاصولين ؟،فهم لا يفكرون الا بنصفهم السفلى فقط .
*الاغانى. الاغانى ايضا تلعب دور اخر فى ترسيخ ثقافة المجتمع الذكورى ،فهى تربى فى الرجل ان رفضه شىء مستحيل، وان النساء جميعهن خائنات ،عندما استمعت لاغنية تامر حسنى انا سى السيد وما تحويه من رسالات مناهضه لحرية المراه ،لقد وصف المراة التى تطالب بمساوتها بالرجل انها (مسترجله )،وانوثة المراة تكمن فى خضوعها وضعفها امام الرجل !!،وهناك ايضا اغنية بعنوان (رئيسة جمهورية قلبى)تحدد دور المراة فى المجتمع المقتصر على المنزل وتربية الصغار ،واذا فكرت فى العمل فقد تتعرض للتحرش من صاحب العمل (انا لا اقول ان هذه اكذوبه هى حقيقه ولكن ليس الحل ان نمنع المراة من العمل بل ان نمنع الرجال من التحرش)،ودور الرجل ان ينفق عليها ،كيف لنا ان ننتظر التغير ؟!.
*الافلام. كانت الافلام العربيه قديما تعالج مشاكل المجتمع فى سياق الدراما او العمل الكوميدى ،وكانت تعطى صورة واضحه عن مشاكل المراة المجتمعيه ،ونظرة المجتمع والرجل لها ،ولكن فى ايامنا هذه الافلام تبنت جسد المراة المثير للغرائز وضعف الشباب الذى لا له حول ولا قوة امام اغرائها ،فتجد افلام من نوعية (الراقصه والبلطجى )انتشرت فى السينيما ،هذه ايضا ثقافة غريبه على مجتمعنا تعكس نظرة الرجال لنا ،فلا نتعجب من وجود متحرشين فافلامنا تحرض على التحرش الجنسى .
*القانون . لا يوجد قانون رادع للمتحرشين جنسيا ،ولكن اذا تم تشريع قانون يعاقب به المتحرشون هل سيتم تطبيقه ؟،انا لا اعتقد ذلك لان القائمين على تنفيذ القانون ايضا بتحرشون باللمس وباللفظ بالفتيات ،اذكر ان من فترة كان هناك منشور على احد الصفح التابعه للشرطى على الفيس بوك يتحدث عن متظاهره من مؤيدى مرسى تقف امام جندى وتقول له انت مش راجل ،رد عليها المجند وقلها هو انت جربتى علشان تعرفى ؟!!!!!!!!!،وهناك اكثر من واقعه عن تحرش ظباط ومجندين بفتيات ،انا لا اهاجم السلطه التنفيذيه و لكنى اهاجم المبدا الذكورى فيه ،فالرجل لا يفرق معه وظيفتةولا ثقافته ،فهى مجرد ثقافة نظرية فقط لا تمت للحياه العمليه بصله.
اذا كنتم تعتقدون ان التحرش بسبب الحرمان الجنسى فهذا اعتقاد خاطىء تماما ،فالمتحرش لا يقيم علاقه كامله مع الضحيه وبالتالى لا يفرغ شهوته ،اذا اين الاستفاده مما يفعل ؟ولماذا نجد الرجال المتزوجين يتحرشون بفتيات يصغرهن فى السن ؟،ولماذا يتحرش صاحب العمل بالعاملات عنده ،وقد يصل الامر الى ان يطلب من امراة ان تقيم علاقه معه فى مقابل عملها عنده فى شركتة ،اذا فهو مرض ليس له علاقه بالشهوه ولكن له علاقه باستضعافنا ،جدير بالذكر موقع التواصل الاجتماعى الذى يتخذه الشباب وسيله للتحرش بالنساء عليه واقامة علاقات من خلاله ،وما نشاهده عليه من سخافات وفضائح ما هو الا انعكاس لعقول متخلفه ،ربوا ابنائكم اولا ،فاذا كنتم عاجزين عن تربية ذكوركم فانتم عن النساء اعجز.
#سلمى_مهنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاراجوز وكلاب الحاكم
-
رجل فقد وطنه
-
مشاعر انثوية
-
ردة حضاريه
-
حريات مهجورة
-
مدينة الخوف
-
افكار حره
-
الحياة الابدية بين الدين والمنطق
المزيد.....
-
بعد انتقاده استيراد ورق -الفويل- والشوكولاتة.. السيسي يدعو ل
...
-
تهديد نتنياهو بـ-حرب طويلة- في لبنان وواقعية -التخلص من حزب
...
-
سورية بتركيا وسودانية في مصر.. قصة جين وندى حتى جائزة -نانسن
...
-
عاجل: الجيش الإسرائيلي يعلن ارتفاع عدد الإصابات إلى 67 إثر ا
...
-
رفض مصري وسوداني لاتفاقية عنتيبي: نهر النيل يمثل شريان الحيا
...
-
-في إطار سلسلة عمليات خيبر-..-حزب الله- يعرض مشاهد من استهدا
...
-
-حزب الله-: كمنا لسريّة إسرائيلية واشتبكنا معها من مسافة صفر
...
-
-حزب الله-: استهدفنا معسكر تدريب للواء غولاني في بنيامينا ج
...
-
إيران وحزب الله.. قدرات تتحدى إسرائيل
-
مشاهد من مكان اصطدام قطار ركاب بجرار في جنوب مصر
المزيد.....
المزيد.....
|