أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلمان رشيد محمد الهلالي - المجتمع العراقي بين الشروكيه والانكشاريه (القسم الثالث)















المزيد.....

المجتمع العراقي بين الشروكيه والانكشاريه (القسم الثالث)


سلمان رشيد محمد الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 20:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد كل هذه الحملات المتعددة و السهام الموجه من قبل السلطات الحاكمة و الجوقة الانكشارية المؤيدة لها.كان من المفترض على النخب الثقافية الشيعية او المتعلمة منها ان يردوا على هذا التجاوز بتجاوز اخر, او على الاقل نقده اجتماعيا و ثقافيا و فضح الاداء الطائفي الذي نسجته بمهارة و ذكاء تلك السلطات الحاكمة على قاعدة عميقه استخلصها ميشيل فوكو في دراساته الاركيولوجيه وهى : ان كل سلطة تفرز مقاومة.و كل خطاب للسلطة يقابله حتما خطاب اخر للمعارضة . الا ان هذا لم يحصل في العراق الذي اعتادت القوانين الطبيعية فيه ان تعطل و القوانين الكونية ان تؤجل , والسبب في ذلك هو عقدة الخصاء عند المثقف الشيعي او الجنوبي امام الاب الحاكم الاوحد. فالاخرهو شرط الهويه , والاخر عند الشيعي في العراق ليس هو (السني ) او (السلطة الحاكمة المستبدة) بل هو المخالف له في الايديولوجيا عند الاوساط المثقفة المتعلمة و المخالف له في العشيرة او المدينة او المحلة عند الاوساط الشعبية. فالشيعي العراقي هو عابر للهوية و الطائفة .فهو ماركسي و قومي و اسلامي و ليبرالي او يميني او يساري او وجودي اولا ثم ساعدي و ربيعي وخزاعي وركابي و موسوي ثانيا.فلا توجد اطلاقا هوية شيعية في العراق و لن توجد في الايام من الايام , لانهم اغلبية البلد و هويته الوطنية و الانسانية و الاجتماعية و الانعكاس الحقيقي لتاريخه الحضاري المتعدد و هم ليسوا طائفةالا بمقدار ان قلنا ان المسلمين السنة في مصر طائفة او الشيعة في ايران طائفة .بل اذا شئنا الدقة نقول ( وهذا الكلام قد يصدم الكثيرين ) :ان الشيعة في العراق هم ليسوا فعلا شيعة (كهوية فاعلة لها طموح سياسي و ثقافي) ( ولااقصد هويه دينيه بدائيه ) بل هم شيعة في طور التكوين او التكامل , و ربما نستطيع القول انهم (شيعة) و لكن على طريقتهم الخاصة او وفق نظامهم المعرفي و تكوينهم الاجتماعي المحدد , او شيعة في طور النقاهة بعد العمليات الجراحية الهائلة التي تعرضت لها لازالة اورام الايديولوجيات النضالية الوافدة و غدد الصراعات السياسية المتعددة و الاختراقات الحكومية الفاعله , وتشظي الولاءات العشائرية المختلفه والمتخلفة .فالانقسامات الافقية و العمودية ضربت باطنابها في الهيكل العام للطائفة , و خلخلت البنية الاجتماعية للهوية الشيعية بصورة لا مثيل لهافي التاريخ و خلفت ندوبا و جراحا عميقة من التشتت والتشظي و الاغتراب عن الذات حتى اصبح التعافي منها او التعاطي معها بايجابيه ومسؤليه هو من الصعوبة ان لم يكن من الاستحالة بمكان ..
وقد ارجع الباحث (حنا بطاطو ) ضعف الهويه الشيعيه في العراق ( لم يذكر مفردة الهويه الشيعيه بالاسم الصريح وانما بالمعنى والمضمون ) الى حداثة عهد القبائل في الجنوب بالتشيع ,الذي ارجعه العديد من الباحثين استنادا الى بعض المخطوطات ــــــ وبالطبع على رأسهم في ذلك الدكتور علي الوردي ــــــ الى 200 -300 عام مضت , بحسب الفرضيه التي وضعها والتي تؤكد ان القبائل العربيه ماان تدخل السهل الرسوبي في الجنوب وهى ( سنية المذهب ) وعلى نسق البداوه حتى تبدأ تدريجيا بالتحول الى المذهب الشيعي بحكم الاوضاع الاجتماعيه والسياسيه والدينيه السائده في الجنوب . ولكن هذا الراي ليس السبب الوحيد او الاساسي ــــــ كما يبدو لي ـــــ (اقصد راي حنا بطاطو حول ضعف الهويه الشيعيه في العراق ) فالهويه هى الاحساس بالذات او التماهي مع الجماعه , وهى تعبر عن صفات الجماعه او صفات الانسان الجوهريه التي تميزه عن غيره , وبالتالي فان طغيان الاغلبيه الاجتماعيه للشيعه على البلاد لاتشكل او تبلور ذلك التماهي مع الجماعه , فالاغلبيه لاتشكل هويه متراصه مطلقا , لان (الاخر) يكون على الدوام في مابينها ,او من خلال صفوفها ونسيجها , والتناقض يكون في المنظورات الثقافه التي تؤسسها , والاستهداف يندرج ضمن الهويات الفرعيه التي تتكون منها ,(فالديالكتيك عندها يعمل نحو الداخل) , فتعدد الولاءات السياسيه والتيارات الفكريه وسطوة القبائل المندرجه تحت لواءها وهيمنة المفاهيم المتداخله يحجب (الاخر ) المختلف في الهويه والثقافه الذي هو في الاصل منعزل جغرافيا , ويأتي تحت ستار وقناع الدوله ومشروعيتها السياسيه وليس تحت مسار الطائفيه وسلطتها .
واما مانلاحظه في السنوات الاخيره التي اعقبت مرحلة التغيير في العراق عام 2003 من انبعاث الهويه الشيعيه في جانبها الديني والطقوسي كتزايد المواكب الحسينيه والزيارات المليونيه والفضائيات البكائيه وغيرها , فانها لاتعد انعكاسا حقيقيا للهويه او معبرا اصيلا عنها , فهى اقرب الى الممارسات العاطفيه والتوجهات الشعبيه وطلب الوجاهه الاجتماعيه و(الفلكلور في الاصل لايصنع الهويه ) فاذا كان ميشيل فوكو يقول (ان الدين عقل ..... لمجتمع بلا عقل ) فاني اعتقد (ان الدين هويه ..... لمجتمع بلا هويه ) فالمجتمع الشيعي في العراق وعندما افتقر للهويه (الاحساس بالذات والتماهي مع الجماعه) والاشخاص المعبرين عنها او الناطقين باسمها ولاسيما الطبقه المثقفه (الانتلجنسيا الشيعيه)التي برزت الى الوجود بقوه بعد الحرب العالميه الثانيه ,جعل الهويه تتخذ موقف النكوص والتراجع المستديم نحو الماضي (وكل نكوص نحو الماضي يجد مبرراته الشرعيه في احباطات الحاضر) وهو الموقف الذي جعل (الكهنوت)( رجل الدين) و(الخطيب الحسيني) و(السيد النسبي) هو المستفيد الاول من هذا الفراغ طارحا نفسه (المخلص) او(المنقذ) والحامي الاوحد (لسدنة الهيكل المقدس) للمجتمع الشيعي في العراق .
فيما نجد ـــــــ وبوضوح ـــــــ ان باقي الهويات الفاعله الاخرى كالموارنه في لبنان والسنه في العراق تراجعا ظاهرا لموقع رجل الدين والكهنوت في قيادة الطائفه او التحدث باسمها بسبب تصدي الفئه المتعلمه والمثقفه لمسؤلياتها في الدفاع التام عنها والتبني المطلق لهذه الجماعه والتكفل بمهاجمة (الاخر)المختلف في الهويه والثقافه, وعدم نقدها او مسها من قريب او بعيد . والعكس من ذلك نجد ان المتعلمين والمثقفين من ذوي الاصول الشيعيه (ولاسيما من تماهى مع الايديولوجيات الرفاقيه الوافده كاليساريه والقوميه) ما ان يحصل على حظ قليل من الثقافه والعلم والادب , حتى يبدا بالترفع على مجتمعه البائس, و والتسامي على هويته الكسيحه , والهجوم على تاريخه المشوه , والنيل من رموزه العرجاء (بحسب الانطباع النفسي في داخله) . ويعود سبب اتخاذ المثقفين والمتعلمين لموقف الترفع والتسامي ــــــ ان لم يكن الهجوم والتحامل ــــــ على الهويه الشيعيه التي ينحدرون منها قسرا الى موقفين :
1- موقف نفسي : وهو الاحساس بالنقص والدونيه والضعه امام (الاخر) المختلف في الهويه والثقافه , بسبب انحدارهم وانتسابهم الى جماعه الصقت بها كل سلبيات الكره الارضيه , وجميع مفردات الانتقاص في التاريخ ولاسيما بعد القرون الطويله من التشويه والترويض التي قامت بها السلطات الحاكمه والطائفيه لنفوسهم المدجنه من خلال مسارات الاعلام والتربيه القوميه والمعسكرات والمناهج الدراسيه وغيرها . يقول الشاعر :
وعادة الناس للاصنام تعبدها لا............ من رفعة الصنم ولكن من ضعة الناس
2- موقف وظيفي : وهو الرغبه بالحصول على مكانه في الدوله الطائفيه الحاكمه في العراق قبل عام 2003 التي لاتقبل في صفوفها الا من كان متجردا من اصوله ونازعا لجلده او ماهيته ان لم يكن مهاجما لهويته واصوله , والتبني الكامل والمطلق السلطه ومقولات الحكومه حتى وان كانت بالضد من رؤى وقيم الهويه او تطلعات ابناء المجتمع الشيعي في العداله والحريه (فايديولوجية الفئه الحاكمه تصبح بمرور الزمن .... ايديولوجية المجتمع باسره) .
لذا فالاتقاد الجازم او القائم هو : ان من يريد تنوير الهويه الشيعيه في العراق والرفعه بها الى قيم الحداثه والعصرنه والاصلاح ومن يطالبها بالتسامي عن الطقوس الدينيه والبدائيه والبكائيه (والدين عصاب جماعي) –كما يقول فرويد – لايكون بالهجوم عليها والبراءه منها , لان ذلك يفسح المجال كليا لرجل الدين بالسيادة عليها والهيمنة على مقدراتها واعطائهم المبرر الشرعي في القياده والزعامه ,بل يكون من خلال تصدي التنويرين والليبراليون والمدنيون لمسؤلياتهم في التعبير الباطني عن مالآت الجماعه وحمايتها وتنويرها والاخذ بناصيتها الى مصاف التنوير والاصلاح والتحديث .
وكما ان القاعده الفيزيائيه تقول (ان الطبيعه تكره الفراغ) فكذا الهويه (تكره الفراغ) , لذا فكل هويه تبحث عما يجول في خاطرها من هواجس وامال , وتعبر عن نفسها او ذاتها من رموز وتطلعات واغتراب , فاذا وجدت ذلك عند الانسان العصري والمثقف والفاعل في مسارات الفكر والسياسه والادب فانها تلازمت مع اطروحاته وتماهت مع مقولاته , واذا حصل العكس ووجدت بدلا من ذلك الجحود والبراءه والتعالي , ان لم يكن الهجوم والاستهزاء ارتكست وارتدت نحو الماضي والطقوس والاصول والبدائيه .
وبما ان السياسه هى التمظهر الاخير لصيرورة الهويه وحركتها عبر التاريخ –بحكم رغبتها بازالة الاغتراب والتشظي والضياع – كما اثبت ذلك هيغل في ظاهريات الروح- فان الرغبه في السلطة والحكم والطموح السياسي هو معيار او مقياس قوة وحيوية اي هوية في التاريخ . فكلما كانت الهوية فاعله ومتحدة اكثر كانت الاجدر على تسلم السلطة , او المشاركة في الحكم في الانظمه الديمقراطيه , والسلطه رمز الوجود والحياة والكرامه –كما يقول السيد هاني فحص – والعكس, فكلما كانت الهويه مرتبكه ومتشظيه ومغتربه عن الواقع , كانت تفتقر للطموح السياسي والرغبه بالسلطه والمشاركه في الحكم , ومن ثم العيش في الخوف والعبوديه والمنزله الادنى في السلم الاجتماعي والسياسي والثقافي للدوله او المجتمع.
لقد كان (غرامشي) يردد : بان كل شيء في الوجود هو سياسي بامتياز. و بما ان السياسة هي ( ذلك العالم الوحشي الذي لا يرحم ) - حسب تعبير لينين -.فان التطبيقات العملية و النظرية للسلطات السياسية و الحكومات الطائفية في العراق قد انتجت دلالات خاصة على تلك المفاهيم و المفردات التي ادرجناها سابقا. قد تكون مستترة في بعض الاحيان و قد تكون علنية . فكل سلطة هي عنف رمزي . و كل سلطة يجب ان تطال ليس فرض دلالات محددة على المجتمع فحسب. بل تطال فرضها على ان تلك الدلالات شرعية او بديهية (كما اثبت ذلك بورديو في دراساته). فالسلطات السياسية جعلت الاقليم الجنوبي الشيعي (وهو العراق الاصلي) وريث الحضارات السومرية والاكدية و البابلية و الارامية و موطن الهوية الحضارية لبلاد ما بين النهرين في العصور القديمة و الاسلامية و الحديثة. و بؤرة الثقافة و المثقفين و صانع الادباء و المفكرين و مستقر المراكز الثقافية والحوزات العلمية و المكتبات الجامعة و منبع المناهج الفلسفيه و المدارس اللغويه و الفرق الدينيه و المذاهب الادبية و العرفانية و الحركات والتيارات السياسية والفكريه المعاصرة و سكان البلاد الاصليين, كل هذه الدلالات والمعطيات الايجابية والحضاريه جعلتها السلطة في خانة الاستهداف و التشويه و الانتقاص, فهم في نظرها الذي استحكمت فيه الانساق الاعرابية و العثمانية(شعوبيون و صفويون او شروكيون و اعاجم ). فيما عملت العكس من ذلك مع المقربين منها و الموالين لها في المنطقة الغربية, فرغم افتقارهم للثقافه و الادب و الفكر, و التماهي مع العسكرتاريه و البداوة و العثمنة, نجد ان السلطة جعلتهم في خانة الوطنية و السيادة و العروبة و الاصالة ( فالديانات السياسية على اي حال تهب الطبقات المقربة منها و المحظوظة ربوبية لامتيازها )ـــــ كما يقول ماكس فيبرــــــ مستغلة في ذلك مقدرات الدولة العراقية الهائلة في ترسيخ تلك الاكاذيب او الخطابات واعتبارها من الحقائق المسلم بها من خلال الترغيب بالاموال او الوظائف و المناصب العليا فضلا عن الاعلام والنشر والترويج لها بالتكرار و الايحاء في التربية و التعليم العالي و التوجيه السياسي و المناهج الدراسية و غيرها.و بما ان القاعدة الساسية تقول (لا بد للكذب من سيف يحميه) فقد صاحب عملية الترغيب تلك عمليات اخرى للترهيب لكل من يتجرا على رفض او نقد او فضح تلك الممارسات الخطابية و الاكاذيب المعلنة سواء اكان بالسجن او الاعتقال او حتى بالتصفية والاغتيال . و يبدو ان بعض المثقفين و المنظرين الشيعة قد احسوا بهذه المفارقة متاخرين و تيقتوا ان فضح او نقد تلك الممارسات و الاكاذيب لا يكون من خلال الدفاع عن النفس فقط , لان ذلك ما تريده السلطات الحاكمة حتما , وهو البقاء في موضع الاتهام و التبرير و الدفاع الذي لا ينتهي و لا يثبت شيئا من البراءة. و انما من خلال الهجوم المباشر على تلك العقليات العثمانية الانكشاريه و المقولات الرعناء الزائفة و تفكيك الخطابات الاقصائية , و بيان دور السلطة في صناعتها و ترسيخ اقوالها و انماطها على مدى العقود الاخيرة . والتحذير بان من كان بيته من زجاج فلا يجوز عليه حتما رمي بيوت الاخرين بالحجارة .
ظهرت اولى طلائع الرد و الهجوم على تلك الممارسات و الاكاذيب التي سوقتها السلطة على مدى عقود طويلة الى مطلع التسيعينات من القرن الماضي , وهو تاريخ متاخر جدا بالقياس الى تلك الممارسات التي تعود الى بداية نشوء الدوله العراقيه الحديثه , او بالقياس الى نشر كتاب النصولي ( الدوله الامويه في الشام ) او كتاب عبد الرزاق الحصان (العروبه في الميزان ) و بالتحديد بعد الانتفاضة الشعبانية المجيدة عام1991 التي دقت اول مسمار في نعش الحكم البعثي الطائفي بعد كسرها حاجز الخوف و التردد عند اغلب العراقيين و تمحورت تلك الكتابات على استعراض الترابط و التلاحم العفوي بين السلطات و الحكومات العراقية في العهدين الملكي و الجمهوري و بين اسلافهم في السلطة العثمانية سواء اكان في مجال النسب و الثقافة و التاريخ والجغرافية.و ان العقلية الحاكمة و القاعدة الاجتماعية التي تستند عليها في المنطقة الغربية هي امتداد طبيعي للسلطة الانكشارية في العراق العثماني حتى و صل الحال بهم ان وصفوا المثلث السني بالمثلث الانكشاري للدلالة على ترسيخ و هيمنة تلك المفاهيم الاستبدادية على هذه المنطقة.علما ان الدكتور الوردي سبق ان ذكر هذا التلاحم و الترابط العضوي بين حكام العراق و العقلية الانكشارية و العثمانية في العديد من مؤلفاته و هو بذلك يكون اول من تطرق الى هذا التلازم الخطير الذي انعكست ملامحه في النظام الطائفي السياسي و احتقار اغلبية العراقيين ان لم يكن الحقد عليهم فقال في كتابه (خوارق اللاشعور)(ان جلاوزة العراق و من لف لفهم من المتزلفين و انصاف المتعلمين ينظرون الى ابناء الشعب الفقير نظرة ملؤها الاحتقار و الاستصغار.و لعلهم لا يشعرون بهذا الاحتقار الذي يكنونه لابناء الشعب.اذ هو احتقار كامن في اغوار اللاشعور...حيث ورثوا ذلك وراثة لاشعورية من اسلافهم العثمانيين) و علق قائلا في الهامش: نقصد بالجلاوزة هنا معنى يقارب ما يقصده العامة عندنا من لفظة( الجندرمة) و الواقع ان عددا لا يستهان به من افراد الطبقة الحاكمة في العراق هم بقايا (الجندرمة)الذين ابتلي الشعب العراقي بهم و العهد العثماني البائد ابتلاءا عظيما.
ثم تابعه في ذلك الباحث الامريكي حنا بطاطو في كتابه «العراق» عندما نظر فكريا و سيوسولوجيا في استعراض دور الانكليز في ترميم الطبقات العثمانية القديمة و ادماجها في النظام السياسي الجديد الذي اقيم عام 1921.و قد فصل باطراد الاصول العثمانية و الانكشارية للعوائل البغدادية السنية الحاكمة في الفصل الثاني من الكتاب الاول بعنوان(ارستقراطية المسؤولين القديمة) الذي سيشكل عند القارىء العراقي صدمة و حزنا حول كيفية تحول اولئك الوافدين مع الحملات التركية و بقايا احفاد الانكشارية الى عراقيون اصلاء و عروبيون اجلاء من احفاد(عدنان و قحطان).فيما القى| ابناء البلد الاصليون من اهالي الوسط و الجنوب في زوايا النسيان وضمن اركان الاهمال.الا ان كتاب (حسن العلوي )(التاثيرات التركية في المشروع القومي العربي في العراق)يبقى من اهم المؤلفات التي اطنبت في ادراج و استعراض التاثيرات العثمانيه على الدوله العراقيه الحديثه التي رفعت الشعارات القوميه لاغراض سياسيه و برغماتيه و التعميم الذي قام به ساطع الحصري في المناهج الدراسيه على الشعوبيه التركيه التي كانت منتشره بصوره كبيره جدا في الدوله العثمانيه والتي تمثلت بسياسة التتريك و احتقار العرب و اذلالهم فضلا عن تهميشهم عن الاداره و الحكم ان لم يكن اعدامهم و تصفيتهم ,و يبدو ان القوميين العرب من اصحاب الميول العثمانيه قد احسوا بخطورة هذا الكتاب و الاراء التي ذكرها (حسن العلوي) و لا سيما مركز الدراسات الوحدة العربيه الذي يراسه خير الدين حسيب الذي وصفه في ندوة عن العلاقات العربيه ــــ التركيه بالشعوبي.
والانكشاريه في اللغه التركيه العثمانيه تعني ( الجنود الجدد ) , وهم مجموعه او فئه عسكريه من المشاة نظمتها السلطنه العثمانيه منذ عهد اروخان الاول عام 1324 من السبايا الاطفال المسيحيين الذين يأخذون من عوائلهم في مناطق البلقان وارمينيا وجورجيا والقوقاز وغيرهم , ثم يعزلون في معسكرات او مدارس داخليه تعلمهم الدين الاسلامي ( الحنيف طبعا ) ومفاهيم الولاء المطلق للسلطان والسلطنه , الا ان الملفت للنظر هو تعرض هؤلاء الى اعتداءات جنسيه خلال تواجدهم وتربيتهم في تلك المدارس تصل الى درجة الشذوذ ,خاصة بعد قرار منعهم من الزواج حتى مرحلة الشيخوخه . وبعد تخرجهم ينقسمون الى ثلاث اقسام :
المجموعه الاولى : وتعمل في القصور السلطانيه العثمانيه مع الجواري والحريم , و يتعرضون قبل ذلك الى عملية الخصاء .
المجموعه الثانيه : وتعد لشغل الوظائف والمناصب الاداريه الكبرى في السلطنه العثمانيه .
المجموعه الثالثه : وتعد لتشكيل فرق المشاة العسكريه في الجيش العثماني , والذين عرفوا (بالانكشاريه ).
ولقد زودت السلطنه العثمانيه كل الولايات التابعه لها ومنها العربيه بقوات من الانكشاريه , كان اكثرها في ولايتي بغداد والموصل بحكم الاندماج المذهبي والاجتماعي , والقرب من السلطنه , حيث استقر منهم الالاف في هذا الاقليم واندمجوا مع السكان المحليين من الكرد وبقايا المغول والسلاجقه الذين تعربوا لاحقا واختاروا اشهر الانساب الاعرابيه من حمير وصعصه وزبيد وغيرها.



#سلمان_رشيد_محمد_الهلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع العراقي بين الشروكيه والانكشاريه (القسم الثاني)
- المجتمع العراقي بين الشروكيه والانكشاريه (القسم الاول)
- ( سنة العراق ) من فقه الطاعه الى فقه العصيان (القسم الرابع )
- ( سنة العراق ) من فقه الطاعه الى فقه العصيان (القسم الثالث )
- ( سنة العراق ) من فقه الطاعه الى فقه العصيان ( القسم الثاني ...
- (سنة العراق ) من فقه الطاعه الى فقه العصيان ( القسم الاول )
- المثقفون العراقيون ....... والطائفيه (التابو الاخير)(القسم ا ...
- المثقفون العراقيون ....... والطائفيه (التابو الاخير)
- حفريات في الاستبداد (قراءة في كتاب سبق الربيع العربي)
- هل كان علي الوردي برغماتيا ؟


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلمان رشيد محمد الهلالي - المجتمع العراقي بين الشروكيه والانكشاريه (القسم الثالث)