المغرب مطالب بالإنسحاب لحماية شبابه في المهجر

محمد مقصيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4356 - 2014 / 2 / 5 - 02:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

ردا على مقال مصطفى الزوفري : المغرب مطالب بالتحرك لحماية شبابه في المهجر .
" هذه مبادئي، إذا لم تعجبك .. فعندي غيرها . ماكس غروشو "
وبعد أن قلت طيلة كتلة باردة من الوقت بأنني لا أريد أن أكون كحارث المياه في مستنقعات السياسة وأن الواقع ليس سوى إبن كلب .. وبعد أن غسلت يدي من القيل والقال , ومن كل تلك العلاقات المتسخة بالخيانات والطعن والطعن المضاد وبكل أمراض العصر الذهبي أجدني أتبع الكلمات مرة أخرى إلى حيث تقودني .. مقام هذا الكلام , ما قرأته قبل أيام على إحدى الجرائد الإلكترونية , وما كان لي أن أدلي بدلوي لولا أنني مقيم الآن ببروكسيل . ذات صباح قرأت حوارا لأحد الأشخاص الذي يبدو أنه فنان تشكيلي أو شيئا من هذا القبيل , ولم أكن أعرفه قبل هذا الحوار , لقد قدمه المحاور باسم مصطفى الزوفري , وأنه ناشط وفاعل جمعوي بإحدى الجمعيات .
لست هنا بصدد تشخيص لحالة المجتمع المدني المغربي المريض بأمراض مزمنة ومستعصية أحيانا " سواء داخل أو خارج المغرب " , كما أنني لا أريد الدخول في تفاصيل وبنية مكونات هذا المجتمع المدني المساهمة حتى النخاع إلى جانب النظام المغربي في ما وصلنا إليه من إفلاس فكري وتنظيمي . ربما سوف يأتي الوقت للحديث عن كل هذا بتفصيل , وكلنا نعرف أن الشيطان يسكن في التفاصيل . ما يهمني هنا , ليس الإطار التنظيمي الذي ينتمي إليه مصطفى الزوفري , ولا توجهاته السياسية , لأن كل ذلك يبقى مسألة قناعات شخصية , وله كامل الحق في إطار الأخلاق الديموقراطية ومنطق الصراع السياسي أن يوجد موقعا له . إذ , بإمكانه أن يكون مدافعا حتى النخاع عن البنية المحافظة للنظام السياسي المغربي أو العكس . لكن ما يهمني هو ما سأشير إليه فيما سيأتي من سطور .
تحت عنوان عريض كتب : " المغرب مطالب بالتحرك لحماية شبابه بالمهجر " . ولا أعرف هل مصطفى تناهى إلى علمه أن النظام المغربي ليس فقط لا يحمي شبابه داخل الوطن , بل هو المسؤول الأول عن ما يدفعهم قهرا إلى الهجرة للأسباب التي نعرفها جميعا .. فكيف يتوجه إليه بهذا الطلب الغريب ؟ هل هو عدم وعي السيد مصطفى بطبيعة هذا النظام وأدوات إشتغاله , أم أن الأمر يتعلق بشيء آخر ؟ وعندما يقول المغرب مطالب , ماذا يعني بكلمة مغرب ؟ هل هي المؤسسات القائمة للنظام , إذ سوف يذكرها أكثر من مرة في الحوار , وأعني مجلس الجالية والوزارة المكلفة بالهجرة , وهذا ما يجعلني أطرح أكثر من علامة إستفهام . هل بقبول الوزارة ومجلس الجالية بدعوة السيد مصطفى وجمعيته إلى الجلوس معهم سوف تحل مشاكل المغاربة بالخارج وتنمحي أزمة الإشكاليات الكبيرى كالهوية والإندماج وعلاقة المهاجرين بالوطن الأم ...يدهشني حد الإلتباس هذا التبسيط الذي يسقط فيه رجل مارس أكثر من ثلاثة عقود داخل المجتمع المدني . ثم المغرب سيحمي مهاجريه مماذا وممن ؟ هل ضد التطرف الإسلامي ؟ ضد الإستيلاب ؟ ضد الفقر ؟
النقطة الأهم , كيف لفنان من المفروض أنه ينتج الإبداع والخلق أن يخلط بشكل صارخ طيلة الحوار بين مفهوم الثقافة في أبعادها الشمولية والتي تبدأ من مجمل العادات والآعراف والتقاليد واللغات إلى الرقص والطبخ , وهذه الثقافة هي ليست جامدة , بل دينامية تنتج ذاتها بذاتها بعيدا عن المؤسسات , وبين الثقافة كمفهوم ضيق بمعنى الإنتاج الأدبي والفني كالشعر والرسم والسينما , وهنا أيضا لا يمكن أن تنتج لنا المؤسسات الرسمية إلا ثقافة مسيخة وهجينة تخدم مصالحها السياسوية . هذا الخلط بين المفهومين جعل السيد مصطفى يقول أحيانا كلاما لا معنى له ويبدو شبيها بطلاسم , وأسوق هنا كمثال :
الهدف من جمعية ابن سينا هو العمل مع الشباب المغربي و البلجيكي حول كل ما هو ثقافي، خصوصا ما يرتبط بالثقافة الأصلية، وثقافتنا التي يجب أن نبدع فيها كجالية مقيمة بالخارج.. خلال 33 سنة من عمر الجمعية حققنا الكثير، منها المقر الذي يتوفر على قاعات رياضية ومستودعات ملابس، و ورشات في الطابق الأول، ومقهى كفضاء استقبال ..
لقد وجدت نفسي طيلة الحوار أمام الكثير من الكلمات التي لا تقول شيئا في نهاية المطاف . إنها فقط كلمات من أجل الكلمات ..
لا بد قبل أن أنهي كلامي , أن أقول للسيد مصطفى أن النظام المغربي له أجندة واضحة يشتغل عليها , ويسوق قطاره بالطريقة التي يراها مناسبة لذلك . المشكلة بالأساس , ترتبط بمؤسسات المجتمع المدني التي تريد أن تأكل مع الذئب وتبكي مع العنزة .

#محمد_مقصيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات