أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جوزيف بشارة - ترشيح السيسي: يوم حداد على المجتمع المدني في مصر















المزيد.....

ترشيح السيسي: يوم حداد على المجتمع المدني في مصر


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 00:19
المحور: المجتمع المدني
    


ثلاث سنوات مرت على أحداث 25 يناير 2011 شهدت فيها مصر أحدثاً جساماً لم تعرف خلالها طعم الهدوء أو الاستقرار أو الأمن. حكم مصر خلال هذه السنوات ثلاثة أنظمة هي المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوي، ثم الإخوان المسلمون من خلال دميتهم بالقصر الجمهوري محمد مرسي، وأخيراً النظام الانتقالي الذي يظهر في واجهته المستشار عدلي منصور وتديره من خلف الستائر القوات المسلحة بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي. قادت السنوات الثلاث الماضية المصريين للكفر بالتيارات السياسية والمدنية والأحزاب. والحقيقة أن المصريين معذورون لأن القوى المدنية لعبت الدور الأبرز في ما آلت إليه مصر من وضع مترد لا يمكن أن يقبل به المرء. ولم يكن أمام المصريين إلا التشبث بشعاع الأمل الذي جلبه لهم قائد الجيش عبد الفتاح السيسي عندما أيد ثورتهم في الثلاثين من يونيو وعزل نظام الإخوان الفاشستي.

لم يتخذ السيد عبد الفتاح السيسي قراره بالترشح لرئاسة الجمهورية إلا بعد أن قام الرئيس المؤقت عدلي منصور بترقيته من رتبة الفريق أول إلى رتبة المشير التي تعرف بأنها الرتبة الأعلى على الإطلاق بين صفوف قادة القوات المسلحة. برأيي أن لقرار الترقية أهمية قصوى سيعيها المصريون في الفترة المقبلة. لم تكن الترقية مكافأة للسيسي على ما قدمه لمصر، ولكنها تشير إلى أن السيسي ينوي الاحتفاظ بنفوذه ووجوده داخل القوات المسلحة بعد انتقاله إلى القصر الجمهوري. الرجل أراد أن يكون الأعلى رتبة بين قادة القوات المسلحة بعد رحيله عنها حتى يبقى القادة على طاعتهم وولائهم له. هذا يعني أن السيسي لن يكون رئيساً مدنياً خالصاً وأن مصر سيحكمها عسكري حالي وليس عسكرياً سابقاً. ورغم السلبيات التي يحملها وجود نفوذ كهذا للسيسي داخل القوات المسلحة بعد رئاسته للجمهورية، إلا أن في الوقت نفسه لا يمكن إنكار أن هذا ربما يساعده في ضبط إيقاع العسكر ويضمن عدم حدوث انشقاق داخله.

لم يكن ترشيح السيد عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية اليوم قراراً مفاجئاً، بل كان متوقعاً على نطاق واسع بعدما حصل الرجل على شعبية لم يتمتع بها قائد سياسي في مصر منذ جمال عبد الناصر. القضية هنا لا تتعلق باستحقاق السيسي بالتأييد الشعبي الساحق الذي حصل عليه من عدمه. الأمر المؤكد أن الرجل قدم للمصريين ما لم يقدمه زعيم أخر منذ محمد علي. نجح السيسي في فضح وإبطال مؤامرات الإخوان ضد مصر. يضاف إلى هذا أنه تحمل كل التبعات السياسية والأمنية لقراره بتأييد ثورة الثلاثين من يوينو. كما أظهر الرجل صلابة في مقاومة الضغوط الاجنبية على مصر. غير أنه إذا كان دور السيسي في إسقاط نظام الإخوان من الأسباب التي أدت بالمصريين للاقتناع بقدرة الرجل على قيادة مصر، إلا أن هناك سبباً أخراً مهماً وراء تعلق المصريين به. السبب هو يأس المصريين من ظهور سياسين مدنيين لديهم القدرة على قيادة مصر.

جرّب المصريون الكثيرين من السياسيين في السنوات الثلاث الماضية كمحمد البرادعي وحمدين صباحي وأحمد شفيق وكمال الجنزوري وحازم الببلاوي وغيرهم، ولكنهم جميعهم فشلوا فشلاً زريعاً. لم يستطع أحدهم إقناع المصريين بشخصيته كما فعل وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. ظهر البرادعي وصباحي مترددان ولم يمتلكا شعبية حقيقية في الشارع. وبالنسبة لأحمد شفيق فقد اتهم بأنه صنيعة نظام مبارك ما أضعف فرصه. واقتصر دور الجنزوري على المجال الاقتصادي، وأصبح وجهاً مكرراً ملّه المصريون. أما بالنسبة للببلاوي فهو لم يستطع تحقيق أية انجازات في الشهور السبعة التي قضاها كرئيس للوزراء. ولعل فشل السياسيين المدنيين يبرز المعضلة التي تواجه مصر اليوم وفي المستقبل التي تتعلق بإفلاس مؤسسات مصر وعدم قدرتها على صناعة قيادات قوية ذات شخصيات نافذة ومؤثرة، إذ باستثناء القوات المسلحة، لا يبدو أن مؤسسات مصر، بما فيها الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، قادرة على إيجاد قيادات قادرة على اجتذاب المصريين حولها.

إذا كان ترشيح السيسي لرئاسة الجمهورية يحمل بعض الإيجابيات مثل قبول المصريين به وتأييدهم له، إلا أنه بدون شك نقطة بالغة السلبية في تاريخ مصر. تأييد المصريين لترشيح لرئاسة الجمهورية من جديد يعني أن المجتمع المدني المصري قد مات. إعتلاء عسكري سدة الحكم في مصر يجب أن يكون مناسبة لإعلان الحداد على كل القوى السياسية والمدنية التي نضبت قدراتها على إنجاب القادة. إعلان موت المجتمع المدني اليوم يعني أن قادة مصر في العقود القليلة القادمة سيكونون من صناعة القوات المسلحة، إذ لست أعتقد بأن السيسي سيقوم بتسليم السلطة إلى مدني بعد ثماني سنوات في القصر الرئاسي. وبهذا ستنتقل المسئولية من عسكري إلى أخر إلى أخر إلى أن ينبعث المجتمع المدني من جديد وينجب لمصر قادة أكفاء قادرين على إدارة البلاد. ومن المهم هنا التأكيد على أن انبعاث المجتمع المدني من عدمه سيتوقف على مدى الدعم الذي سيتلقاه من نظام السيسي وخلفائه.

إن وصول السيسي ربما سيحمل على المدى القريب بعض الطمأنينة للمصريين القلقين على أوضاعهم الأمنية، ولكنه على المدى البعيد لن يضمن تحوّل الحلم بالديمقراطية والدولة المدنية إلى واقع، أو تحسن الأداء الاقتصادي، أو استئصال من مصر التطرف الديني، أو قيادة مصر إلى الأمام كما يتوقع الكثيرون. مرة أخرى القضية لا علاقة لها بما قدم عبد الفتاح السيسي لمصر في الماضي، ولكنها ترتبط بكونه عسكرياً وأيضاً بما يقدر على تقديمه لوطنه في المستقبل. المتغيرات التي يشهدها العالم من حولنا تلعب دوراً مهماً في رفض وصول العسكر إلى الحكم. من الصعب اليوم أن يقبل المجتمع الدولي بقيادة عسكرية لمصر أو أي دولة أخرى. هذه ليست حقبة الخمسينيات التي قاد فيها عبد الناصر مصر، نحن نعيش في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين حيث يستحيل أن تعيش مصر بمعزل عن العالم ويستحيل أيضاً أن يؤيد العالم نظماً غير ديمقراطية وليدة.

لذلك تقع على السيسي مسئولية إقناعنا وإقناع العالم ببطلان المخاوف من وصول عسكري إلى السلطة، وبقدرته على إدارة مصر سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وبأنه سيعمل بكل طاقته إعادة بعث مصر وقواها السياسية عبر برنامج رئاسي يهتم بالتعليم والثقافة والحرية والديمقراطية والمساواة.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يجب أن نعبأ بغياب الشباب عن الاستفتاء في مصر؟
- مرسي -يتابع- مجازر الأقباط
- عمر البشير وموعد مهم مع العدالة
- محاكمة اليوم الواحد تخذل مباديء ثورة الياسمين
- رفيق حيبيب وتجميل وجه حزب الإخوان
- وهم دولة الإسلاميين المدنية
- أزمة إمبابة بين عجز وفشل المجلس العسكري وإرهاب وكذب السلفيين
- صول-أطفيح وشرع الله ومصر المأسوف عليها
- القوات المسلحة وشرعية الميدان وهيبة الدولة المصرية
- لماذا استبعدت جورجيت قليني من التعديل الوزاري؟
- العمرانية... الشرارة الأولى لثورة شباب مصر
- مذبحة كنيسة القديسين طائفية جذورها داخلية
- آلام مسيحيي العراق في عيد الميلاد
- مأساة العمرانية دليل إدانة للحكومة المصرية
- الجريمة في مصر والضحايا في العراق
- لماذا تنكر الحكومة المصرية مذبحة نجع حمادي الطائفية؟
- نفي المسيحيين في أوطانهم
- دور حركة حماس في المغامرات الإسلاموية في الدول العربية
- أحداث غزة بين المحرقة الحمساوية والإعلام العربي المضلل
- وسام الحذاء بين الحرية المنشودة والوعي الغائب


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جوزيف بشارة - ترشيح السيسي: يوم حداد على المجتمع المدني في مصر