أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريمة مكي - لن أبيع لحمي -9-














المزيد.....

لن أبيع لحمي -9-


كريمة مكي

الحوار المتمدن-العدد: 4343 - 2014 / 1 / 23 - 20:29
المحور: الادب والفن
    


في الحقيقة ما يزال موعد وصول قريبتي بعيدا لكنني اخترت أن أخرج حاملة قلمي و أوراقي لأكتب في السيارة حكاية سناء التي هزتني و جعلتني أشعر في صباح السبت هذا أنني لست إلا حيال بداية لنهاية أسبوع أحزن من الحزن لذلك فلن يكون لي من طريق للخروج منها إلا الخروج حالا من البيت و الشروع فورا في كتابتها و لو في السيارة.

لكم أرجو الآن أن تتأخر حافلة قريبتي أكثر حتى أنتهي من كتابة أحزان هذه الشابة الصابرة الجميلة فإن لم أكتبها الآن فربما لن أكتبها أبدا و يكون بذلك حالها كحال أحزان كثيرة عبرت يوما برأسي ثم تلاشت لكسلي في إسكانها على الورق في حينها أما الآن فإنني مقرة العزم على الانتهاء منها قبل وصول قريبتي خاصة و أنه يتوجب علي أن أتفرغ لها في يوم زيارتها الأول على الأقل و إلا فإنها ستعتبر انشغالي عنها بالكتابة يوم حلولها عندنا نوعا من الاستقبال البارد القابل لتأويل واحد و هو ما قد ينذر بمشكلة أسرية لست الآن بالذات بمستعدة لها ثم أنه حتى على فرض أن قريبتي تركت لي وقتا لأكتب و هي التي تعلم بعلّة الكتابة التي اشتدت عليّ في الكبر فإن أكثر ما أخشاه هو أن لا أتمكن من كتابة شيء يذكر إذا ما قامت إدارة الكهرباء بقطع النور عن المنزل هذا المساء بعد أن تراخيت في خلاص الفاتورة و أنا أتلذذ حزنا بسماع حديث سناء و خاصة حديث قلبها الغض المكسور و لقد كان حديثا من أروع و أحزن ما أحسست...حديث قلب من الكريستال لم تعكر صفو صفاءه خدوش الزمان القاسية بل قل هي لم تزده إلا عزما على ممارسة طقوس فريدة في الإخلاص للحبيب الواحد و الإيمان القاطع بعودة الأمل الغائب.
هذا حديثها بعد أن حذفتُ منه صوتي و دمعي و أسئلتي... و لقد تكلمتْ كثيرا و سألتها أكثر و بكت طويلا و أبكتني أطول و كنت أراها و هي تتحدث حزنها كممثلة على مسرح تجوب طول الركح و عرضه و تدفع أمام مشاهديها بعربة أوجاعها صارخة على ظلم أسود، معاندة لقدر أحمق ، مبتسمة للأمل الأرحب:
عرفته في الكلية في سنتي الثالثة عندما التحق بنا من كلية أخرى قادما من مدينة سوسة... كان شديد التميز عن سائر الطلبة: حضور بارز، ثقة لا متناهية بالنفس و طريقة في الكلام أكثر من آسرة. لم يكن أبدا وسيما تلك الوسامة المتعارف عليها و لا كان يملك حتى بعض وسامة بل ربما كان إلى القبح أقرب لكنه كان يملك ذلك السحر الذي يجعل منه رجلا تخِرّ الأنوثة تحت قدميه دون كبير عناء.
منذ قدومه إلى الكلية و هو حديث الجميع و خاصة الطالبات و لكنه لم يجلب انتباهي حقا إلا حين كنا مع مجموعة من الطلبة ذات مرة في نقاش مع أحد الأساتذة خارج إطار الدرس و وقتها فقط أبهرتني جرأته و أعجبت أيما إعجاب بفكرته رغم أني ما كنت لأوافق عليها لو لم يكن هو قائلها و لقد أدركت حينها أنني سقطت صريعة صوته و طريقة كلامه و كل شيء فيه...
لقد كان واثقا حد الغرور من تأثيره الساحر على جنس النساء حتى أنني سمعته أكثر من مرة يأمر هذه و تلك بالسكوت إذا ما حدث و قاطعنه أثناء الكلام و لا رأيت منهن من تحتج أو من تتحداه و كيف لهنّ ذلك و الواحدة منهن لا تملك إلا أن تصمت في وجل الأنثى التي تستجيب طائعة لأوامر الرجولة الحقة.
كان ذلك أكثر ما أزعجني فيه- و إن كان بالضبط ما أبهرني و شدّني كالمغناطيس إليه- فتحاشيت التقرب منه حتى لا يعتبرني في عداد معجباته الكثيرات رغم أنني كنت من داخلي أتحرق شوقا إليه و ربما لذلك اكتفيت لشهور باتخاذ مكان لي بالقرب من مجلسه سواء في المدرج أو في ساحة الكلية دون أن أثير انتباهه فقط حتى أشبع سمعي من حديثه و خاصة من صوته الذي أعشقه عشقي لصوت "الكمان". و لكم كنت أحسد البنات المحيطات به و أتمنى لو في لحظة أقدر أن أمحوهن بعصا سحرية لأبقى بجانبه لوحدي...لقد كان نصفي المفقود فعلا و لكنه ظل مفقودا مني حتى بعد أن وجدته.

-يتبع-



#كريمة_مكي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- و خلف الشفاه...
- دعاء الإنتقام
- لن أبيع لحمي -8-
- لن أبيع لحمي -7-
- لن أبيع لحمي -6-
- لن أبيع لحمي -5-
- لن أبيع لحمي -4-
- إذا مات القلب جوعا...
- لن أبيع لحمي -3-
- لن أبيع لحمي -2-
- لن أبيع لحمي -1-
- بدم النساء
- أيدُ الجراح كيَدُ الإلاه؟!
- دنياك ليست في الحواسيب
- ألا فاهدأ...
- و لكل حاكم...امرأة يخشاها
- اللهم زدنا عشقا...
- في الحب تستوي النساء.
- كيدُها و كيدُ الهوى...
- العاشقة تحرّر الرهينة


المزيد.....




- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...
- هل تنجو الجامعات الأميركية من تجميد التمويل الحكومي الضخم؟
- كوكب الشرق والمغرب.. حكاية عشق لا تنتهي


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريمة مكي - لن أبيع لحمي -9-