أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجدولين الرفاعي - لحظة ضعف..














المزيد.....

لحظة ضعف..


ماجدولين الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1235 - 2005 / 6 / 21 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


عندما نتمادى في أخطائنا نتصور أن ضمائرنا قد ماتت تماما!

لكن المأساة هي حين يغادر ضميرك دهاليز السبات، وينطلق نحو اليقظة بلا تردد، ويبدأ بمحاسبتك على كل ما اقترفته يداك من آثام وأخطاء!

دموعه المنسربة على تجاعيد وجهه الحزين الغائر في متاهات السنين لم تبعث في نفسي الحافز للولوج في بوتقة أحزانه.. وبما أنني طبيبه النفسي، كان علي أن أصغي باهتمام لكل تفاصيل حياته ودقائقها.. بشكل حيادي.. ولا يحق لي، طبعاً، محاسبته على أخطائه مهما حصل.

استلقى على الكرسي المتحرك باسترخاء كما طلبت منه تماما..

أغمض عينيه. وبدأ بسرد الوقائع التي تحولت إلى كابوس يقلقه ليل نهار..

عزا سبب انتسابه لسلك المخابرات إلى الفقر المدقع الذي كان يعيش فيه هو وأسرته..

ورغم أن الراتب الذي كان يتقاضاه زهيد.. فإنه كان مهما لتأمين بعض احتياجات أسرته..

أخلص لعمله الذي أمّن له، إلى جانب الراتب، مكانة اجتماعية مرموقة نوعا ما.. فالكل يهابه بسبب قلمه المفخخ بالتقارير الاستخباراتية! حتى أولاد عمومته لم يسلموا من تقاريره النارية التي تودي بصاحبها في غياهب السجون.. بل إلى الإعدام أحيانا!

كنت أتساءل مع نفسي، وأنا أحدق فيه: هل يولد الإنسان ساديا وعدائيا؟! أم أنها صفات مكتسبة من البيئة التي تحيطه؟!

بحثت كثيرا بين طيات الكتب التي امتلأت بها أدراج مكتبتي المتواضعة حتى حظيت بإجابة تشفي فضولي لمعرفة الأسباب والنتائج.. ...

حدثني كيف تسبب بمأساة لجاره كلّفته عشر سنوات من عمره قضاها في المعتقل ..

لم تكن الأسباب أمنية أو سياسية.. إنما مشاكل خاصة بين زوجته وزوجة جاره الذي هدده كثيرا بالمسدس الذي لطالما تفاخر به..

سرد لي تحت دهشتي الكبيرة طريقة عمله عندما استلم فرع التحقيق.. وكان عليه واجب انتزاع الاعترافات من أصحابها..

لم يكن مهما أبدا إن هم قاموا بفعل تلك الأشياء أم لا.. المهم اعترافهم بها ولو تحت التعذيب!

صرخات الألم كانت تصم أذنه.. لكنه كان لا يأبه لها.. وكان يقنّع وجهه بابتسامة مزيفة وخبيثة في نفس الوقت، أمام مسؤوله المباشر.. قائلا :

ـ سيدي! لقد اعترف ابن الكلب أخيراً.. ولكن لا ادري عن حالته! هل نطلب له الإسعاف؟!

ـ دعهم يصبون على رأسه بعض الماء البارد، فيصحو...

حدثني عن صديق له كان قد اختلف مع زوجته وخرج من المنزل غاضبا.. متوجها نحوه ليشكو له ما آل إليه حاله بعد المشاجرة.. ربّت على كتفه الأيمن موجها له دعوة لزيارته.. للتخفيف عن معاناته. قائلا له:

ـ تعال لتشاهد معي (فلما مثيرا).. ينسيك زوجتك وخلافاتها..

بعد جلسة كهربائية لموقوف تحت التعذيب.. جحظت عيناه وشهق شهقات لا يحتمل سماعها بشر..! بينما جسده ينتفض!

أغمي على صديقه الذي كان يشاهد قسوة التعذيب في ذلك الفلم! وبعد أن استيقظ من إغماءته قطع صلته به تماما.. واعتبره مخلوقا حقيراً لا يستحق حتى المصافحة..

كان دائم الشعور بالرضا من عمله.. فاقدا لإنسانيته... فهو محبوب لدى مرؤوسيه لما يقوم به من عمل (شريف لصالح الوطن)..!

تفترش وجهه تلك البلاهة المشوبة بالرذيلة..

عندما جاء إلي طالبا العلاج استبشرت خيرا وقلت: لابد أن ضميره مثقل ولم يعد قادراً على الاستمرار في ظلم الآخرين وأنها بداية تحول في حياته.. والندم علامة من علامات الخروج من ثوب الرذيلة والرجوع إلى السبيل القويم.. عسى أن يسامحه الناس على ما اقترفت يداه!

على أية حال، فوجئت بطلبه وهو يحدثني عن هواجسه الضاربة أركان ضميره الغافي على أشواك المصائب والمكائد.. بعد أن زادت أحماله وفاض بئر همومه..

ـ كلف بمهمة سرية في بروكسل لتصفية احد المواطنين الخارجين عن قانون الدولة بتهمة انه عميل لجهة ما..

وكان عليه، قبل تصفيته، مراقبته مراقبة حثيثة من خلال زرع السماعات في أنحاء منزله وسيارته لتسجيل وقائع خيانته..

استمرت مراقبته ستة أشهر متتالية.. كان يعدّ على الرجل وعائلته أنفاسهم وحركاتهم.. حتى همهمات الزوجين في غرفة نومهما كان يسمعها! وصوت تدفق الماء في حماماتهم.. أحاديث أطفاله معه ومع زوجته.. ضيوفهم وثرثرات جارتهم حين تجلس ساعات تشكو زوجها...

لكنه لم يستطع تسجيل خيانته ولا بأي طريقة! وأدرك براءته!

لكن الأمر جاءه أخيرا لتنفيذ المهمة وقتل الرجل والعودة من المهمة!

هنا بدأت مأساته وأعراض مرضه.. فقد تسللت الطيبة إلى قلبه بعد أن عايش الأسرة الطيبة شهورا.. فرفض تنفيذ المهمة التي نفذها زميله بيسر وسهولة..

لم يكن ساخطا على العقوبة التي وقعت عليه.. إنما كان ساخطاً على نفسه! وعلى ضعفه وطيبته! فما كان منه إلا أن قرر القدوم إلى عيادتي لأساعده على..... استئصال مكامن الضعف عنده!


خاص: "نساء سورية












































































































#ماجدولين_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والتحرر .. إستدراك
- ليس دفاعا عن المرأة .. مع هدى أبلان يداً بيدْ
- ديمقراطية الاغتصاب
- نجوتُ وحدي .. لأحدِّثِك/رقم 2
- الزواج الثاني للمرأة
- نجوتُ وحدي .. لأحدِّثِك
- آخر ورقة في التقويم
- قلادة الدهشة
- تأهيل المراة المطلقة
- جئتكَ بالحب
- صدر كاريكاتوري
- نهاية الخدمة
- أسماء النساء بألوان السيارات
- حينما كنتُ أسكبُ فناجين القهوة..
- مطالبة المراة بالمساواة بين التطرف والاعتدال
- هل يغار الرجل من تفوق زوجته؟
- البايوجيومترى هل هو طب حديث؟؟؟؟؟؟
- الحرية النفسية..
- الحرية النفسية للمراة
- أولادنا ومفاهيم خاطئة


المزيد.....




- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجدولين الرفاعي - لحظة ضعف..