أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عائشة مشيش - المحاولة الثانية لنبش الداكرة ..















المزيد.....

المحاولة الثانية لنبش الداكرة ..


عائشة مشيش

الحوار المتمدن-العدد: 4341 - 2014 / 1 / 21 - 21:42
المحور: الادب والفن
    



المحاولة الثانية لنبش الذاكرة ...!!
بين طفولة غازلت الأحلام و ثنايا الذاكرة و أوراق الصبا تتبعثر مابين حلم تحقق وبين حلم على حافة الانتظار، على رفوف الذاكرة وجوه تنظر إلي برجاء، تتوهج الأحاسيس و يغزو الأسى عالم البراءة.......الثلوج تتساقط فوق القمم تأتي الشمس لتذيب بعضا منها فتبعث في النفس الشعور بالحرية, تلك الحرية التي لها طعم المرارة في دنيا التعساء, والوجوه الشاحبة
في تجويفات هذه الحياة تتسابق الكلمات لتأخذ مكانها بين أحرف الحكاية.. في هذا العالم الذي ينضح بالحياة ...
لا أدري لماذا خاصم النوم جفوني هذه الليلة ؟ مع أنني كنت متعبة بعد مرض كتم أنفاسي وكاد أن يقتل الإنسانة داخلي ..ليحل محله فراغ ورتابة قاتلة ..تساءلت مع نفسها وهي تنظر إلى اشراقة الشمس من وراء النافذة ...
غابت بفكرها بين أمواج الحياة تتقادفها لتبعدها مسافات و مسافات إلى مكان قصي محاولة طمس ذاكرتها وكتم صوتها الذي كان يتأجج داخل صدرها
وما لبثت أن استرجعت حروفها في أسئلة لا تنتهي ....؟؟
أيامي فقدت حرارتها و قدسيتها و أصبحت تتعاقب كوحدات السبحة في يد رجل دين تعود التسبيح كما تعود تناول إفطاره كل صباح ، بطيئة، خاضعة لنظام في التعاقب يجهز على كل أمل في بزوغ بصيص مفاجأة أو جديد...
ربما خاصمني النوم و صاحبني السهاد هذه الليلة لأنني في حاجة إلى كل ثانية تأخذني على بوارق الذكريات
أدشن و أكتشف عوالم و مواطن طوتها رفوف الذاكرة و زرعتها في كل أحجار و أغوار هذه الحياة ..تردد مع نفسها ...
انتهى بها المطاف أخيراً في مدينة النور ..ومرت سنوات على رحيل معبرها إلى الوجود ..
لكم عاهدوني على متابعة السير لنعيش لحظات نختطفها من ذاكرة الأماكن التي سكنتها ضحكاتنا و آهات حزننا وحكايات ليالينا القمرية..تعاهدنا على العودة لأول الطريق ..نقيم المسيرات ونقف على منعرجات الحلم والأمل ..
وها أنا أعود وحدي مع بريق الأمل يأكله الحزن ويرسم على ملامحه أشجار الخريف الآتي في غير موعده وشبح الموت المخيف.....

انطلقت في محاولة النسيان المستميتة ..نثرت ضحكاتها في كل زاوية من زوايا المدينة ..جعلت من أيامها نقطة انطلاق يومية وكأنها تبدأ من جديد كل يوم وكل لحظة..أصبحت الأولى في كل شيء
أصبحت زعيمة دون إرادتها ..غرقت في المسرح والرقص والرسم وكل مناحي الحياة رغماً عن الحياة ذاتها..
كانت تردد بينها وبين نفسها...
سأعلن تمردي .. سأخرج عن المألوف وسأشق عصا الطاعة، سأثور على سلطتهم..لن أتركهم وسائط له ليأمروني به ويحملوني أكثر مما أتحمل..لن أجعلهم يمررون أفكارهم وغيبياتهم من خلالي ..
بل سيكونون هم أنفسهم موضوع سردي وأبطال حكاياتي ..
حققت نجاحات شتى بقدر سنوات عمرها الصغير ..كانت تحس بالحب يلفها في أعين أصدقائها وأحبائها ..
سافرت كثيراً وتعلمت وعرفت أن العالم أوسع وأن الحقيقة لا توجد في أي بقعة من هذه البقع الفسيحة بل هي بعض الحقائق التي تحدفك على حقائق وتترك لديك ألف سؤال وسؤال ...لتبدأ رحلة البحث من جديد ..
فتحت آفاقاً لنفسها وحددت معالمها وبدأت في زرع بستانها..أزهاراً شتى ..مختلفة الألوان إلى أن فاجأتها رياح لاهبة ..وكأن الصحراء تتنفس الصعداء فتبعث ببعض لهيبها إليها وكأنها تمن عليها ببعض الراحة في أحضان الهواء المعتدل التي تعيش فيه ...
تنهدت وهي متكئة على حافة النافذة..شاردة الذهن، زائغة البصر ، تتلمس طريقها نحو الذاكرة ، لا تكاد تتلمس من معالم المدينة والجبال المحيطة ..سوى صورته .. بملامحه الحزينة ونظراته العميقة.. وأول لقاء به على جدار الزمن ..
كانت خالية الذهن عازمة على المضي قدماً نحو ما خططته لنفسها من أحلام غافلة عن انتهاكات الزمان .. حين التقت به في حديث عابر ..ثم مضت لا تلوي على شيء ..؟
تكرر اللقاء وتكرر ذلك الوخز في صدرها.. لم تكن تدري أن ذلك إنذارٌ لها ..حتى تبتعد أو تقترب ..؟
كان الحديث يتقطع ثم يتصل في ارتباك وخجل وتعثر ..ثم ينطلق ..
بدأ الحنين يتجمع حين يتأخر ..ويشتد حين يغيب ..ويرقص حين يقبل ..كان حباً يولد بين ضلوعها ..
ميلاد حب جديد ..لشد ما كانت بحاجة إليه .. نسيت همومها وبعض المناوشات التي كانت تعتقدها حباً ..
وانطلقت مشرعة ذراعيها للحب ..أحسست به يتغلغل في مسامها .. يصبح إدمانها الذي تسلل اليها دون استئذان ....

حبها له حقيقة متنصلة ثابتة لا تحتاج لدارسة حالة او مراجعة قوانين ومعدلات الحياة الفانية ..هو قدرها المختبئ خلف كواليس حياتها ..يراقبها من بعيد متلهف على حفظ تفاصيلها وكل حركة تقوم بها ...
ياله من مجنون ..قالت لنفسها ..
عربي مثقف يؤمن بالحرية ويقيدها بحبه ..؟
كيف له هذه المقدرة العجيبة على احتوائها واحتواء مشاعرها الثائرة وقصصها المبعثرة ودموعها الصاخبة صباحاً مساءً..؟
مابين شفتيها تقف كلمة أحبه ..وفي وسط عينيها دمع يعكس طيفه ليصنع منها صورة له ..
ولكن ..هناك دائماً " لكن " في حياتها ..
هناك صفعة ..نزلت على جانب رأسها ..شتت توازن تفكيرها ..جعلتها تقف لبرهة في دهشة ..
ماذا هناك ..؟ تساءلت ....؟
ألم تكن الحياة ماضية في طريقها وقد عاهدتني أن تنظر في اتجاه آخر غافلة عني حتى ألتقط أنفاسي قائلة ..استمحيك عذرا ..مشدودة أنا بالرغم عني أليك ..شاء القدر أو شاء الحظ أن أجاورك هي الحياة ....
في دورتها تغيب عنك تارة وتجاورك تارة أخرى ..فعذراً صغيرتي ..
لمعت عيناها بدمع عصي ..ثم تحسست بيديها موطن الألم في صدرها ..سعال يأبى أن يفارقها ، ضيق في تنفسها ، ترى أي حياة هذه تحكمنا ؟! ..قالت ..
أي مشيئة هذه التي تعاندها فلا تبتعد عنها لتتركها تكتب قصائدها وتنسج من الحنين حاكياها ؟ ..لمَ لا تلبث أن تحيل الأرض الخضراء إلى أرض كالحة ؟! ...
قال الطبيب وقال آخر ..لم تكن تستمع ولا تصدق أن هذا الصدر الذي لطالما تنسم عبير الزهور وعبق الريحان أن يصاب بموت محقق ..نافذة أمل كبيرة كانت أمامها للمستقبل ..أتبعتها وسافرت وراءها عبرت البحار وفي عينيها إصرار المحارب ..
لكن تحكمنا الحياة ونحن في حركة ..قالت وإحساس الظلم يغامرها ..إلى أين أسافر ..؟ إلى أين أمضي ..؟ إلى أين أهرب ..؟ حل طيفه على مخيلتها وهي تعاتب الدهر ..فجأة ...
نقطع دروباً لنلتقي ولكن تأبى الحياة إلا أن تبعدني عنه وتبعده عني ..؟
كان هو وذلك الشيء في صدرها متفقين عليها ..لما لم يختارا وقتاً أكثر مناسبة ليعزفا على قيثارة وجعها ..هو أبى إلا أن يخاصمها في ليلة كانت الحد الفاصل في مقاومتها ..
والحياة أبت أن تعطيها مهلة لتضيء شمعة داخل نفق في نسغ الأرض ولتغني أغنية لقلب أهتدى فما ضل بعدما عرف حبه ...؟
الحياة جنون ..وبعض جنون الحب كعطر القرنفل ..كقبس نار يشعلها خوفنا ..كحبات الزهر نفترشها
فنغدو كيمام يطير ليلملم بعضا من حزننا..
مررت يديها على صدرها وتنهدت ..لا عدالة ..؟ لا الله عادل ..ولا خليفته عادل ..كلاهما نسيج من واحد...
لو كان العدل في السماء لانتشر على الأرض ..
أحسست بوخز وآخر في صدرها ..سعال متقطع ..ضيق في التنفس ..صوت كان يغرد مع لارى فابيان أصبح خافتاً مبحوحاً ..
انطفأ وهج العينين .. وحان وقت الاستسلام إلى يدي رحيمة تعالج ما أفسدته الحياة التي تحكمنا بقسوة ..
في طريقها إلى قدرها ..كانت تفكر به ..هل كان عليه الغضب لباولو كويلو وقد مضى ..ولم يكن عليه الغضب لأجلها ..؟
لعله ..؟ وربما ..؟ ويمكن ..؟ كان هذا سلاحها ضد الثورة عليه ..؟ ضد بتره ..؟ وربما كانت تعرف ان بتره هو بتر لما بقي من الحياة داخلها....
نظرت إلى صورته التي لا تفارق عينها ..وهمست ...
حبيبي ...
كن كالريح ..كن كالجنون ..كن كالحروف التي تبعث الوحي حيا من رماد..كن همسا وتسلل الى نبضي
وامنحني لحناً أسطورياً يخلدنا معاً ..
امنحني أملاً يجعلني منتصرة ..لا منهزمة ...؟
نهضت من نومها مذعورة ..استمعت إلى صوت الرياح وزخات المطر تطرق باب النافذة ..نهضت متثاقلة ..نظرت الى أضواء المدينة ..والى ثلج يكسو المكان بلونه الأبيض ..أحسست بقشعريرة لرؤيته فقد أوحى لها ببرد هو بعيد عنها ..أصغت السمع الى صوت أنفاس أختها ..نظرت بحنو إليها ..ثم أرخت جفونها وراحت تقلب سنوات عمرها القصير..فهالها ما رأت ..؟ كان عمراً طويييييلاً ...؟
يا إلهي كم هو طويل ..؟ مع سنواته القصيرة.. هل العمر يقاس بسنواته أم بأحداثه ..؟ شعرت بانصهار الحياة من جبينها ..خيط الليل يلفظها في هوة الوحدة ..وأنين دمع يكسو محياها .
كأن الكل يعلن الحداد على وأد أنوثة هذا الجسد .. وشبح الموت يقف عاجزاً أمامها ..فهي بقدر ما تملك من حزن ..تملك من الأمل ..
تلقفت الدمع مكفكفة بيديها ..ثم نهضت الى مرآتها ..نظرت مليا إلى وجهها ..مسحة من الجمال لازالت تصارع المرض ..مشطت شعرها ثم عقفته وراء رأسها ..أخدت قلم الكحل مررته في عينيها ..أخذت قلم روج وضعت بعضه على شفتيها ..ثم ابتسمت ..لازالت تعرف كيف تبتسم ..؟
هاهي شمعة على ضعفها وتلاعب أنفاسها تنير لها الطريق .. كانت شمعتها تضيء المكان الى جانبها ..
حين راحت عيناها صوب الشمعة ..متمعنة في معنى الاحتراق الذي تمارسه على ذاتها..لتنير لها درباً في ليلة مظلمة ..
أحسست وهي تنظر إليها أنها تتعلم درساً ..كان درساً بليغاً .. ابتسمت في ثقة وتذكرت أن عليها أن
تكتب ورقة نقدية عن قصيدة البحيرة للشاعر العظيم لامرتين ....؟
أطفأت شمعتها ثم نامت مبتسمة .......
عائشة مشيش..



#عائشة_مشيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة النبش في الذاكرة ...
- الحرية .. الحلم الدائم .
- شهرزاد والحكاية ..


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عائشة مشيش - المحاولة الثانية لنبش الداكرة ..